إغلاق منازل شهداء القدس وسياسة العقاب الجماعي
الأربعاء 8 تموز 2015 - 10:53 ص 24971 0 مقالات |
خاص لموقع مدينة القدس
نابلس في 8 تموز 2015
مع تزايد عمليات الطعن الفردية التي ينفذها المواطنون المقدسيون ضد العدو في القدس، بسبب الحياة القاسية التي يفرضها الاحتلال عليهم، والمضايقات المستمرة من قبل المستوطنين، برزت سياسة العقاب الجماعي التي ينفذها الاحتلال بحقهم عن طريق إغلاق منازلهم ومنازل عائلاتهم.
وصل عدد المنازل المغلقة بأمر من الاحتلال إلى أكثر من 93 منزلًا، يتركز معظمها في القدس والخليل، بعضها يصبح غير صالحًا للاستخدام بعد سكب الاسمنت المسلح فيه، فيما يتحول بعضها الآخر إلى بؤر استيطانية يصادرها المستوطنون لاحقًا، وبذلك تكون "إسرائيل" قد ضربت بعرض الحائط قرار مجلس الأمن الدولي الذي دعاها فيه إلى الالتزام بعدم الاعتداء على المنازل والممتلكات خلافًا لأحكام القانون الدولي والإنساني.
عقاب جماعي
الاحتلال الإسرائيلي وبكل قوته لم يستطع بسياسته تلك منع المقدسيين من المقاومة والدفاع عن أنفسهم، ورغم أنه يعتقد أنها سياسة ناجحة لردعهم عن المقاومة، إلا أن العمليات لا زالت مستمرة.
في المقابل، يستمر الاحتلال بسياسة إغلاق المنازل التي بدأ فيها منذ عام 1967 كإجراء عقابي جماعي لعائلات الشهداء، رغم أن هذا الإجراء مجرّم حسب القانون الدولي والإنساني، ويعتبر اعتداءً صارخًا على مبدأ شخصنة العقوبة، وهو ما أكدت عليه المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة في نصها على أنه لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على مخالفة لم يقترفها هو شخصيًا، كما وضح المحامي المختص في شؤون القدس خالد زبارقة.
يؤكد زبارقة على أن الهدف من قيام الاحتلال إغلاق منازل الشهداء هو منع التكاثر الفلسطيني في القدس وتغير الميزان الديموغرافي للمدينة، وهي بالتالي سياسة لردع المقدسيين عن القيام بعمليات مقاومة ضد المستوطنين، الأمر الذي يجعل الفلسطيني يفكر بمصير عائلته إن قام بمثل هذه العمليات.
ترهيب وإغلاق
عائلة أبو جمل من العائلات المقدسية التي عانت مؤخرا من سياسة إغلاق منزلها الكائن في حي جبل المكبر بعدما نفذ غسان وعدي أبو جمل عملية ضد كنيس يهودي عام 2014. فبعد استشهاد غسان وعدي بدأ الاحتلال بتنفيذ عمليات ترهيب بحق العائلة بهدف ترحيلهم عن القدس، واقتحم منزلهم ودمر الجنود محتوياته ومن ثم قاموا باعتقال 12 فردا من العائلة، أفرج عنهم لاحقا.
لم تقف الأمور عند ذلك، فبعد اقتحام قوة كبيرة من الوحدات الخاصة لمنزل الشهيدين ولمرات متتالية، والقيام بتصوير مداخله والأطراف المؤدية إليه ومرافقه الداخلية، قام الاحتلال بإغلاق منزل عدي أبو جمل بسكب أكثر من 120 كوب من الباطون المسلح داخل المنزل بطول 220سنتمتر، مما أدى إلى تحويل المنزل إلى كتلة إسمنتية كبيرة كما أفادت عائلة الشهيد عدي أبو جمل.
"البيت القديم الذي عاش فيه عدي وأشقاءه طفولتهم وشبابهم، والذي حمل كل ذكرياتهم، أصبح كتلة إسمنتية لا معالم لها" هذا ما خنق أم الشهيد عدي عندما تحدثت إلينا عن تفاصيل حياتها في ذلك المنزل. تقف الآن خارجه، تجمع ما استطاعت جمعه من فراش وملابس قبل أن يقوم الاحتلال بإغلاق المنزل، وتفكر في مأوى جديد لها ولعائلاتها.
ترحيل
نادية زوجة الشهيد غسان أبو جمل لم تكن أحسن حالا، فقد أصدرت محكمة الاحتلال قرارا يقضي بترحيلها من مدينة القدس وحرمانها من أطفالها وحقوقهم، وذلك بعد رفض المحكمة العليا طلب مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد" بعدم ترحيلها.
سكنت نادية قبل ترحيلها داخل غرفة مع أطفالها في منزل عائلة زوجها، بعدما قضت محكمة الاحتلال بهدم منزلها الكائن في حي جبل المكبر، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد حرم الاحتلال أطفالها من العلاج في المراكز والمستشفيات في الداخل الفلسطيني المحتل ومن مستحقات التأمين، مع العلم أن ابنها الأكبر وليد (6 سنوات ) مريض بالقلب، فيما يعاني محمد (3 سنوات) من أمراض في الأعصاب. وفي سياق متصل، الأمر لا يختلف كثيرا عند عائلة الشهيد معتز حجازي الذي حاول اغتيال الحاخام المتطرف يهودا غليك، فقد قامت قوات الاحتلال بمداهمة منزله عدة مرات وتصويره، ومن ثم قررت المحكمة العليا بإغلاق غرفة الشهيد معتز وهي ضمن منزل العائلة.
تستمر إسرائيل بإحكام الخناق على المقدسيين، في الوقت الذي يؤكد فيه المحامي خالد زبارقة أن الحل الوحيد هو التوجه للمحاكم الدولية من أجل معاقبة الاحتلال وإجباره على الكف عن سياسة العقاب الجماعي التي يتبعها ضد المقدسيين بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام، وإلا فإن الاحتلال باستهتاره بكل المواثيق والقوانين الدولية، سيظل يتبع هذه السياسية التي من شأنها إفراغ القدس من مواطنيها العرب.
عندما لم يعد للمقدسيين القدرة على تحمل كل تلك الانتهاكات اليومية والجرائم التي تُرتكب بحقهم وبحق مقدساتهم الإسلامية التي يسعى الاحتلال لتهويدها، أجبروا على الدفاع عن أنفسهم بتنفيذهم عمليات ضد المستوطنين وجنود الاحتلال .