نقاط وفواصل: معركة الأقصى
من المؤلم حقّاً أنّ استذكار الأقصى والدفاع عنه أصبح مرتبطاً بالحفريات والمؤامرات (الإسرائيلية)، التي تصبّ في هدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم، وهذا يعني أنّ الأمة كلها لا تملك خطّةً لتحرير الأقصى، ولا للدفاع عنه، ولا حتى لإجبار الكيان (الإسرائيلي) على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، التي تمنع المحتل من تغيير جغرافية المناطق المحتلة.
السبب الرئيسيّ هو تأجيل بحث مصير القدس واللاجئين والحدود والمياه والمستعمرات إلى المرحلة النهائية كما نصّتْ أوسلو، فهذه الاتفاقية أعطَتْ العُذْر للبعض ممّنْ نسوا أنّ فلسطين قضية عربية مقدسة، وأنّ القدس جزءٌ من العقيدة الإسلامية.
هذا الواقع أطلق يد العصابات الصهيونية لتعبث استيطاناً وخراباً في الأقصى والقدس، تارةً بحجة التنقيب عن الآثار والبحث عن الهيكل المزعوم، وأخرى بشقّ الأنفاق تحت المسجد مما يساهم في تقويض أساساته، وهذان الهدفان يقودان إلى نتيجة واحدة وهي هدم المسجد.
ما قام ويقوم به العدو (الإسرائيلي) من تدميرٍ وتدنيسٍ وتهويدٍ للمقدسات الإسلامية ومن تغييرٍ في جغرافية الأرض وخاصةً في القدس، يحتّم على العرب جميعاً والسلطة الفلسطينية أنْ تجعل من إنقاذ الأقصى والقدس أولى أولوياتها، ومحور مباحثاتها مع واشنطن، فليس معقولاً أنْ يبقى الحديث يدور حول كيفية تنفيذ خريطة الطريق فيما جرافات العدو تهدِم أسوار المسجد وأبواب المسجد، مما يستدْعي موقفاً عربياً موحّداً، بعيداً عن الاستنكار والشجب والإدانة، بعدما ثبت أنّ العدو لا يقيم وزْناً لنداءٍ أو استنكار، ولا يحترم اتفاقاً ولا عهداً ولا وعْداً، وما جرى خلال الأيام الماضية حينما أصرّ الإرهابي أولمرت على تنفيذ خطة هدم تلة باب المغاربة وطريق المغاربة واستمرار الحفريات يؤكّد ما أشرنا إليه، وهذا ما يستدعي من الأمة موقفاً جادّاً، بعد أنْ وصلت السكين إلى العظم، وبعد أنْ ثبت أنّ الإدارة الأمريكية ليست معنية بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً، إنما معنية بتهدئة الأوضاع بزيادة جرعة المهدّئات للأنظمة العربية، ريثما تتمكّن من الخروج من مستنقع العراق.
في ظلّ هذا العجز العربيّ، نذكّر باقتراحٍ لأمين عام الجامعة العربية قبل مدة وجيزة، بوضع الملف الفلسطيني برمّته بين يدي الأسرة الدولية، بعدما ثبت أنّ العدو الصهيوني وأمريكا يستغلان خريطة الطريق لفرض الأمر الواقع وتهويد الأرض والقدس.
وأخيراً.... نتمنى على حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية أن تنجح في ترتيب أوضاع البيت الفلسطينيّ، وتعيد للمقاومة اعتبارها كلغةٍ وحيدة يفهمها العدو، ولا يفهم غيرها.