تقاسم المسجد الأقصى قبل إقامة الهيكل
يتواصل الاستهداف الصهيوني الحاقد لمدينة القدس بما تمثّله من أبعادٍ حضارية للأمة دونما اعتبار لأيّة مواثيق دولية وتسارع في تهويد وتزوير المدينة على كافة الصّعد من جهة الأرض والديموغرافيا والبناء والتاريخ، مستخدمةً كل الوسائل الممنوعة والمحرّمة دولياً لتحقيق أهدافها، كما سخّرت القوانين لأسرلة وتهويد المدينة وتفريغها من أصحابها الشرعيين والحقيقيين.
فقد تعرّضت وما زالت تتعرّض مقدّساتنا الإسلامية في فلسطين إلى أشدّ ألوان الانتهاك بعد إعلان المؤسسة "الإسرائيلية" السياسية والدينية الحرب الشرسة عليها قاصدةً من خلال هذه الحرب قلع الجذور التاريخية للشعب الفلسطيني في هذه البلاد, حيث ارتكبت جريمتها الأولى عام 1948 (عام النكبة) بأنْ هدمت ما يزيد عن 1200 مسجد وجرفت مئات المقابر ووضعت القوانين التي تحيل ملكية المقدسات الإسلامية إلى أيدٍ خبيثة.
وها هي تشتدّ الحملة على المسجد الأقصى لتهويده وإحكام السيطرة عليه وذلك بهدف إكمال مسلسل الإجرام بحقّ ما تبقّى من مقدسات ومعالم إسلامية، حيث يعمل اليهود ليل نهار في السر والعلنية ويخطّطون في الظلام، ويأخذون بنظام الخطوة خطوة للنيل من المسجد الأقصى المبارك.
نعم هكذا يسيرون وعلى نارٍ هادئة لتحقيق حلمهم المزعوم في إقامة هيكلهم غير الموجود، بدليل فشلهم المرة تلو الأخرى لإثبات ذلك، ولو عبر قطعة خزف، أو معدن على الرغم من حفرياتهم المتواصلة فوق الأرض وتحت الأرض. إنّ السلطات "الإسرائيلية" تحفر وتعمل في الخفاء في جميع أرجاء المسجد الأقصى تمهيداً لتهيئة المناخ المناسب لإقامة الهيكل المزعوم وذلك من خلال العديد من المخططات ومشاريع التهويد التي تمسّ بأساسات المسجد الأقصى ومن خلال تهويد المدينة بأكملها جغرافياً وديموغرافياً والانتهاء عند لحظة الإعلان عن بناء الهيكل المزعوم.
فقد حذّر الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، من أنّ الحفريات الصهيونية أسفل المسجد الأقصى بلغت مرحلةً خطيرة جداً؛ فقد ظهرت وثائق جديدة تؤكّد عزم الاحتلال إقامة "الهيكل المزعوم" على أنقاض "الأقصى"، حيث رصدت ملايين الدولارات لذلك.
وكشفت مصادر صحافية عربية داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، النقاب عن وثائق ومخططات يهودية لإقامة "الهيكل" المزعوم داخل الحرم القدسي الشريف في مدينة القدس وذلك من خلال إجراءاتٍ عدّة من بينها شقّ طُرُقٍ وإقامة برج مراقبة داخل الحرم نفسه.
وقالت صحيفة "العنوان الرئيسي" العربية، التي تصدر في الناصرة في عددها الصادر الإثنين (10/12): "إنها حصلت على وثائق تكشف عن مخططٍ رُصِد ميزانية من أجل تنفيذ خطّة إقامة الهيكل المزعوم تبلغ قيمتها 44 مليون دولار"، وأكّدت الوثائق أنّ الخطة تقضي بشقّ ثلاثة طرق إلى المسجد الأقصى: الأول من المدخل الجنوبي، والطريق الثاني من المدخل الغربي، حيث سيوصل إلى قبة الصخرة والثالث يوصل إلى المسجد الأقصى.
وحسب الخطة؛ فإنّ الزّوار اليهود إلى ساحة الحرم القدسي سيعملون في البداية من أجل إقامة برج مراقبة في ساحة الحرم لمراقبة الأوضاع داخل المسجد حسب العقيدة اليهودية وتأمين دخولهم وخروجهم، ولكنْ في حقيقة الأمر فإنّ المشروع يهدف إلى إقامة المعبد اليهودي.
وأوضحت الصحيفة العربية أنّ "المعبد نفسه سوف يُقام في نهاية الأمر بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة في مكان المصلّى المرواني"، مشيرةً إلى أنّ مشروع إقامة البرج قد نال مباركة رئيس وزراء دولة الاحتلال إيهود أولمرت والذي يُخفي من خلفه إقامة "الهيكل" المزعوم، وذلك من أجل عدم إثارة العالم العربي والإسلامي.
واستكمالاً لهذا المخطط فمن المتوقّع أنْ تسبق لحظة الإعلان عن بناء الهيكل المزعوم أنْ تقوم السلطات الصهيونية بتقاسم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود كما حصل في الحرم الإبراهيمي لكي يصبح لليهود موطئ قدم داخل المسجد الأقصى.
وهذا ما حذّر منه رئيس مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، من نية السلطات "الإسرائيلية" تنفيذ مشروع جديدٍ في المسجد الأقصى، يتمّ من خلاله تقسيم المسجد, مبيّناً أنّ ذلك يأتي في إطار وضع اليد عليه كأمرٍ واقع على الأرض. وقال رئيس مؤسسة الأقصى: "إنّ مشروع التقسيم يجري عن طريق حفر نفقٍ جديدٍ من المصلّى المرواني يتيح دخول اليهود من خلاله إلى المسجد الأقصى مباشرة"، مشيراً إلى أنّه قد تمّ رصد المبالغ اللازمة لتنفيذ هذا المشروع.
يا أيها المسلمون، يأيها العرب نحن أقرب ما يكون من استيلاء اليهود على المسجد الأقصى، فاليهود يريدون تقاسم المسجد الأقصى كما تقاسموا الحرم الإبراهيمي، فهم يريدون تهويده ولا يريدون تدميره.