اعتداءات الاحتلال بحق المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك
الثلاثاء 6 تشرين الثاني 2018 - 12:38 م 5530 0 مقالات |
علي ابراهيم
باحث في مؤسسة القدس الدوليةاعتداءات الاحتلال بحق المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك
إفراغ المكون البشري في الأقصى (2)
في المقال السابق أوردنا أبرز اعتداءات الاحتلال بحق دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، في سياق إضعاف إدارة الأوقاف للأقصى، والتدخل الدائم في عملها، وفي هذا المقال نتناول جزءًا آخر من سياسة إفراغ المكون البشري الإسلامي في الأقصى، التي تستهدف المصلين والمرابطين في المسجد، وتسلط الضوء على أبرز اعتداءات الاحتلال في هذا المجال.
يأتي استهداف المصلين والمرابطين في إطار استبدال المكون الاستيطاني اليهودي بالمكون البشري الإسلامي، عبر تكثيف الاقتحامات للأقصى، وعرقلة دخول المصلين إلى المسجد، من خلال عدد من الإجراءات، وهي مقدمة لتحقيق التقسيم المكاني للأقصى، لتحويل الوجود اليهودي في جنباته من وجودٍ طارئ إلى وجود دائم، مع ما يتصل بذلك من تقسيم لأوقات المناسبات والأعياد بين المسلمين والمستوطنين اليهود، في استرجاع لتجربة تقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل.
يصعد الاحتلال من وتيرة اعتداءاته بحق المصلين في المسجد الأقصى، وتتنوع هذه الاعتداءات القمعية ومن أبرزها:
عرقلة دخول طلبة مدارس الأقصى
من القيود التي يفرضها الاحتلال على أبواب الأقصى عرقلة دخول طلاب مدارس الأقصى، ففي 27 أغسطس (آب) 2017 أخضعت قوات الاحتلال طلاب الأقصى إلى تفتيش استفزازي خلال دخولهم إلى مدارسهم داخل المسجد الأقصى. وفي 20/9/2017 وضعت قوات الاحتلال حواجز حديديّة أمام أبواب المسجد، وعرقلت دخول المصلين والطلاب، خاصة طلاب المرحلة الثانوية، ولم تسمح للطلاب بالدخول إلا بعد تفتيش حقائبهم بشكلٍ دقيق، ومصادرة بعض الكتب الدراسية بحجة صدورها عن السلطة الفلسطينية. وفي 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 منعت قوات الاحتلال دخول عدد من طلبة مدارس مقدسية إلى المسجد الأقصى المبارك؛ بحجة وضع علم فلسطين على ملابسهم الكشفية.
احتجاز هويات المصلين
تحتجز قوات الاحتلال هويات المصلين أمام أبواب المسجد، خاصة فئة الشباب، في سياق تقييد وجودهم في المسجد بأوقات الصلاة فقط، وعدم السماح لهم بالبقاء في المسجد أوقات طويلة، ففي 1 فبراير (شباط) 2018 احتجزت قوات الاحتلال بطاقات عدد من المُصلين من فئة الشبان على أبواب المسجد الأقصى خلال دخولهم للصلاة فيه. وهي من الاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال بشكلٍ شبه يومي.
اعتقال المصلين والمرابطين
يأتي اعتقال المصلين في إطار فرض إدارة الاحتلال للأقصى، وفرض القبضة الأمنية داخل المسجد، بالإضافة إلى كونه إجراءً عقابيًا يرافقه أذى جسدي ونفسي. ففي 15 مارس (آذار) 2018 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أحد الشبان خلال خروجه من الأقصى المبارك، من جهة باب القطانين، وتم نقله إلى أحد مراكز التوقيف والتحقيق التابعة للاحتلال في القدس القديمة.
وصعدت قوات الاحتلال من الأسباب التي تتحجج بها لاعتقال المصلين، ففي 5 يونيو (حزيران) 2018 وخلال شهر رمضان المبارك، اعتقلت قوات الاحتلال 15 مصليًا من أمام المصلى القبلي في الأقصى، بحجة تلاوة المصلين للقرآن الكريم بصوتٍ مرتفع خلال اقتحام المستوطنين باحات المسجد، واعتدت على المعتقلين بالضرب والدفع.
وفي 27يوليو (تموز) 2018 وخلال إغلاق قوات الاحتلال المسجد الأقصى اعتقلت قوات الاحتلال عشرات الشبان من المصلين الذين اعتصموا في المسجد، واعتدت عليهم بالدفع والضرب قبل إخراجهم إلى ساحات المسجد، وقيدتهم بشكلٍ استفزازي وتركتهم مكبلين في ساحة الأقصى.
الإبعاد عن المسجد الأقصى
يعد الإبعاد عن الأقصى إجراءً عقابيًا ومحاولةً لضبط سلوك المصلين تجاه المستوطنين، بالإضافة إلى كونه هدفًا بحد ذاته يستهدف المرابطين والناشطين في الدفاع عن الأقصى، وأظهرت معطيات الرصد إبعاد الاحتلال لمصلين من جنسيات مختلفة، ففي 24 ديسمبر (كانون الأول) 2017 أبعدت سلطات الاحتلال ثلاثة مواطنين أتراك عن الأقصى مدة 20 يومًا، ومن ثم أصدرت قرارًا بترحيلهم إلى تركيا مباشرة.
وعلى أثر الاقتحامات الأمنية للمسجد الأقصى، تصدر سلطات الاحتلال قرارات إبعاد بحق المعتقلين من المصلين، ففي 28/7/2018 أفرجت سلطات الاحتلال عن عددٍ من الشبان اعتقلتهم في اليوم السابق، وسلمت 21 شابًا منهم قرارات إبعاد عن الأقصى مدة 15 يومًا وفرضت على كل واحد منهم غرامة مالية 5 آلاف شيكل.
وأبرز تقرير عين على الأقصى الثاني عشر أن عدد المبعدين عن المسجد الأقصى بلغ نحو 130 مبعدًا من القدس المحتلة والمناطق الفلسطينيّة الأخرى، وبحسب تقرير حال القدس السنوي عام 2017 بلغ عدد المبعدين عن الأقصى عام 2017 نحو 170 مبعدًا، وفي عام 2016 بلغ عدد المبعدين نحو 258 مبعدًا. ولا يعني هذا الانخفاض بالضرورة تراجعًا لاعتداءات الاحتلال في الأقصى، أو تراخيًا لقبضته الأمنية، ولكن جوهر هذه الأرقام تؤكد استمرار سياسة الاحتلال في استهداف الأقصى من خلال ضرب العنصر البشري الإسلامي، ورفع الضغط الذي يستهدف وجودهم في جنبات المسجد.
ويسعى الاحتلال عبر قرارات الإبعاد إلى تكريس نفسه المرجعية الإدارية التي تتحكم بالمسجد الأقصى وتديره، حيث تقوم بإدخال من تريد وإخراج من تريد إليه، وتخويف المصلين والمرابطين من مغبة مواجهة مخططاته التهويدية في الأقصى، والعقوبة التي تبدأ بالإبعاد عن المسجد، وتصل إلى الاعتقال وما يرافقه من تعنيف بدني ونفسي، بالإضافة إلى إزالة العناصر الأكثر نشاطًا وتصديًا لعناصر لمقتحمي المسجد الأقصى.
المصدر: ساسة بوست