الأقصى في 28 رمضان: هل تنجح دعوات المستوطنين إلى اقتحامه أم يفشلها الاعتكاف والرّباط؟
السبت 1 حزيران 2019 - 1:37 م 3771 0 مقالات |
براءة درزي
باحثة في مؤسسة القدس الدوليةلم تتوقف اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى منذ بدء شهر رمضان، وهي بطبيعة الحال مستمرة على مدار العام، إلّا أنّ اعتداءات رمضان تأخذ بعدًا إضافيًا مع ما يرافقها من جهود إسرائيلية لمحاربة الشعائر المرافقة للشهر، لا سيّما الاعتكاف في المسجد، إذ تلجأ سلطات الاحتلال إلى منعه ومحاولة حصره في العشر الأواخر من الشهر ليكون الأقصى خاليًا من المسلمين في الصباح، ومتاحًا أمام الاقتحامات من دون أن يتصدّى المعتكفون للمستوطنين، ولتمرّ محاولاتهم أداء الطقوس التّلمودية في المسجد بهدوء. وقد عملت شرطة الاحتلال على منع الاعتكاف وطردت المعتكفين من المسجد في أكثر من 10 ليالٍ كان يعقبها في اليوم اللاحق اقتحامات للمستوطنين، من بينها اقتحامان قادهما كل من الحاخام المتطرف يهودا غليك، وأوري أرئيل.
في شهر رمضان من هذا العام، يصادف احتفال المستوطنين بذكرى استكمال احتلال القدس، أو ما يسمونه "يوم توحيد القدس"، في 2/6 وفق التقويم العبري، أي يوم غد في 28 رمضان؛ ما وضع الاحتلال في مأزق: فمن جهة أولى لا يمكنه منع الاعتكاف في العشر الأواخر - حتى وإن كان يرغب في ذلك (في الاعتكاف ومنعه تفصيل ليس هنا محلّه)، ومن جهة ثانية فهو يمنع الاقتحامات في العشر الأواخر من شهر رمضان، وإن كان يعمد في السنوات الأخيرة إلى السماح بها ليومين أو ثلاثة، في محاولة لكسر هذا المنع وجسّ نبض المسلمين ومدى قبولهم بهذا الاعتداء. وبالفعل، فقد سمحت الشرطة بالاقتحامات هذا العام مع بداية العشر الأواخر، لكنّها عادت وأعلنت منعها يومي 29-30/5/2019، وما يفصلها عن يوم الأحد يومان، هما الجمعة والسبت وكلاهما الاقتحامات فيهما ممنوعة أساسًا. وعلى الرّغم من هذا المنع إلا أنّ منظمات "الهيكل" استمرت في الدعوة والتحشيد لاقتحام الأقصى يوم غد.
ويقود نشطاء "الهيكل" جهودًا ليمنعوا إغلاق الأقصى في وجه الاقتحامات "يوم توحيد القدس"، وتتركّز دعواتهم على الحشد ليقتحم الأقصى 1000 مستوطن على مدى ثلاث ساعات. وفي حال منع الاقتحامات ستكون هذه المرة الأولى التي يمنع فيها المستوطنون من اقتحام المسجد بالتزامن مع "يوم توحيد القدس" منذ حوالي 30 عامًا إذ صادفت الذكرى عام 1988 في العشر الأواخر من رمضان. وعلاوة على ذلك، فإنّ منعها هذا العام سيعني أنّ الاقتحامات ستكون ممنوعة في هذه المناسبة على مدى الأعوام الثلاثة القادمة إذ إنّها ستحلّ في العشر الأواخر من شهر رمضان كذلك. وقال عساف فريد، الناطق باسم منظمات "الهيكل"، إن عددًا من المنظمات والنشطاء يبذلون أقصى الجهود حتى تفتح الشرطة باب المغاربة يوم الأحد. وتوقّع فريد أن قرار الشّرطة بخصوص السّماح بالاقتحامات أو منعها سيكون في اللحظات الأخيرة، بناء على تطوّرات الوضع في المسجد، وأشار في الوقت ذاته إلى أنّ الفلسطينيين والأوقاف يتجهون إلى فرض وقائع على الأرض كما فعلوا منذ بضعة أشهر، في إشارة إلى تطورات هبّة باب الرحمة التي بدأت في شباط/فبراير الماضي، وكان من نتيجتها استعادة باب الرحمة والصلاة فيه بعدما أغلقه الاحتلال على مدى 16 عامًا منذ 2003.
وبصرف النظر عن حقيقة أنّ فريد، بما يمثّله من أفكار منظمات "الهيكل"، يتحدّث عن المسلمين كأنّهم معتدون على المسجد، إلّا أنّ تصريحه يشير إلى أنّ نشطاء "الهيكل" يدركون أنّ ما يحول بينهم وبين المزيد من التّمادي في اعتداءاتهم على الأقصى هو الردع الجماهيري، وقدرة المسلمين على أن يفرضوا على الاحتلال التّراجع، حتى عندما يشعر أنّ تراجعه ينعكس سلبًا على مزاعمه بالنسبة إلى السيادة الإسرائيلية على المسجد، ذلك أنّ ما يمكن أن تفرضه الجماهير سيؤدّي إلى تآكل ما حقّقه من "إنجازات".
وعليه، فإنّ الحشود التي أمّت المسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان وصلّت فيه الجمعة والتراويح، وأحيت فيه ليلة القدر هي من سيحدّد ما سيكون عليه قرار الشرطة، وقد وجهت دعوات واسعة إلى إفطار كبير في الأقصى يوم السبت، وأداء صلاة التّراويح فيه، والاعتكاف فيه ليلاً والرباط داخله وخارجه، لا سيّما يوم الأحد، والحرص على الاحتشاد في ساحات المسجد وليس مصلّياته، لإفشال الاقتحام.
لقد أسقطت الجموع في هبّة باب الأسباط مشروع البوّابات الإلكترونية وأجبرت الاحتلال على التّراجع، وفي هبّة باب الرحمة استعادت حقّ المسلمين بمصلّى باب الرحمة، ولم يستطع الاحتلال منعها من الوصول إلى الأقصى يوم أمس الجمعة أوالاستمرار في إغلاق المسجد بعد عملية الطّعن في القدس؛ وهي قادرة على أن تقول كلمتها وتقطع الطريق على منظمات "الهيكل" واقتحاماتها.