من عزلتي في الكورونا
الثلاثاء 13 تشرين الأول 2020 - 5:39 م 1868 0 تدوينات |
هشام يعقوب
رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدوليةمريض كورونا يُناجي الأسير ماهر الأخرس الذي يخوض إضرابًا عن الطعام لنيلِ حريتِه منذ نحو 80 يومًا
كانتْ صورتُك هي الأكثر التصاقًا بمخيّلتي وأنا أقاسي أوجاعًا محمولةً جرّاء الكورونا.
ماهر...ماهر، هل تسمعني؟ أمْ أنّ جوعَكَ القاسي أفقدَكَ حاسةَ السمعِ وحواس أخرى؟
نحن – مرضى الكورونا – نفقدُ أحيانًا حاسّتَي الذوق والشمّ مؤقتًا، ولكننا نأكل ونشربُ ونسمع.
نحن في عزلةٍ، ولكننا بين أهلِنا وأحبابِنا، مغمورون باللطفِ، والحنانِ، وكلِّ أنواعِ المساعدة لنتجاوزِ المرض،
حدثني عن عزلتِك في المشفى! حدثني عن مناجاتِك لمَلكِ الموتِ! الموت الذي تراه وتتحسّسُ شكلَه ولونه وطعمه كلّ لحظة!
نحن نعدّ الأيام القليلة المتبقية لنخرج من عزلتنا معافين بعون الله، أما أنتَ، فمتى تتوقعُ أنْ يتوقفَ نزيفُ جوعِكَ؟ آه من هذا الجوع الطويل!
ماذا عن زوجتِكَ وأبنائِكَ؟ هل بقيَ من جسدِكَ النحيلِ ما يصلحُ لعناقِهم؟ هل بقيتْ في جوفكَ كلماتٌ تداعبُهم بها؟
أما نحن فأقصى ما نعانيه حرمان مؤقت من طَبعِ قُبلةٍ على خدودِ أطفالِنا، على الرغم من أننا نرسل لهم مئات القبلات يوميًّا عبر الهواء على بعد متريْن عن بعضنا فقط، فهل أنتَ أقربُ لتقبيلِ أبنائِك أم أقربُ إلى صمتٍ طويلٍ طويلٍ؟
نحن يا ماهر، بسبب الكورونا، نأكل ما لم نكنْ نأكله سابقًا من طعام لتقويةِ أجسامنا ضد المرض، فحدّثني عنكَ، متى تسللتْ لقمةٌ إلى أمعائكَ آخرَ مرة؟
نحن في جَنة كورونا – رغم الحُمّى والآلام – بخيرٍ وأملٍ بالشفاء، فهل لديكَ أملٌ بالانتصارِ وكسرِ القيود؟
أخيرًا، أنت لستَ بجائعٍ يا ماهر، أنت شبعان جدًّا، شبعان من الكرامة، والبطولة، والعزيمة، وانظر إلى أولائكَ الذين يملأون بطونَهم من الأعرابِ المطبِّعين، انظر إليهم كيف يئنون تحت جوع الكرامة والإرادة!
من عزلتي في الكورونا
هشام يعقوب
13-10-2020
#انقذوا_ماهر_الأخرس