طاهر النمري... في رثاء مرابطٍ أصيل
الثلاثاء 29 كانون الأول 2020 - 8:28 م 2544 0 تدوينات |
زياد ابحيص
باحث متخصص في شؤون القدس
فقدَت القدس اليوم أستاذاً ومربياً فاضلاً، رجلاً عمل بصمت وطالما كان يبحث عن أن تكون القدس بوصلة الجميع مهما اختلفت بينهم الأفكار والرؤى.
جمعتنا معه الشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس، والتقينا مراراً في بيروت ودمشق والدوحة. كان في تلك المحطات حاملاً هم القدس وعاتباً على قلة ما يمد أهلها من أسباب الدعم رغم صمودهم وثباتهم، مستعداً لتذليل الصعاب في سبيل ذلك.
في احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية عام ٢٠٠٩ وأمام توقعنا بأن تحظر سلطات الاحتلال أي احتفالٍ في القدس، بادر إلى اقتراح مقام النبي موسى عنواناً للاحتفاء بقيمة القدس الحضارية، فهذا المقام كان رمزاً لتحرير القدس ولجعلها مركزاً سنوياً للرباط ولتشكيل النسيج الاجتماعي المتماسك لفلسطين بحضور الوفود من كل البلاد في وقت عيد الفصح المسيحي، وكم هي محزنة المفارقة بأن يرحل اليوم والمقام ذاته موضوع عدوان فلسطيني على حرمته.
في نيسان ٢٠٠٩ كان إطلاق الفعاليات الأهلية للاحتفالية في حفلٍ متزامن يستحيل نظيره اليوم، بين القدس ودمشق وبيروت... حملة ترأسها الراحل الكبير الدكتور إسحاق فرحان، وتولى رئاسة مكتبها التنفيذي المثقف الفذ الدكتور أسامة الأشقر، وكان الأستاذ طاهر النمري أحد أعمدتها المجهولين.
طاهر النمري المربي الأصيل كان معنياً دوماً بالوقوف في وجه أجندة إفساد الشباب المقدسي فكان راعياً وداعماً لمشروعات معالجة الإدمان على المخدرات، وبرامج التوعية والوقاية من انتشار تلك الآفة اللعينة.
في آخر سنوات حياته خاض الأستاذ طاهر معركة حقوقية مريرة رغم كبر سنه، لمنع بلدية الاحتلال من السيطرة على "أرض الأميم" التي حاولت وضع اليد عليها بذريعة تحويلها إلى حديقة، فخاض الأستاذ طاهر معركة استنقاذها وتمكن من استعادتها، فوضَعها بتصرف مركز برج اللقلق المقدسي الذي حولها إلى متنفسٍ لأهالي حي باب حطة وشبابه؛ ثم أتم الراحل رسالته بوقف تلك الأرض وقفاً إسلامياً صحيحاً.
في يوم رحيلك أستاذنا طاهر النمَّري نسأل الله أن يتغمدك بالرحمة والمغفرة، وأن يلهم أهلك وطلابك وأحبابك جميل الصبر.