حال القدس السنوي 2021


تاريخ الإضافة الأربعاء 30 آذار 2022 - 8:39 ص    عدد الزيارات 6280    التحميلات 709    القسم حال القدس السنوي

        


تُنْبِئُنا الأحداثُ والتطوراتُ التي حفلَت بها القدس، والتي وثَّقَها وحلَّلَها تقرير "حال القدس" السنوي هذا، بأنَّ عام 2021 كان مميزًا لسببيْن أساسيَّيْن:

 

الأول: أنَّه حمل تطوراتٍ وأرقامًا قياسيَّة جديدةً في المساريْن المتناقضيْن المتصارعيْن: مسار التهويد، ومسار مقاومة الاحتلال الإسرائيليّ والتصدي لخططه التهويدية.

 

الثاني: أنه رسَّخ متوالية الهبَّات الفلسطينيَّة التي اندلعت منذ عام 2014 على الأقل، وتكررت كل سنتيْن تقريبًا.

 

على مستوى الأرقام، واصل الاحتلال الإسرائيلي شقَّ طريقه التهويديِّ العدوانيّ في القدس صعودًا، وحقق في كثيرٍ منْ محطاتِ طريقه هذا الكثيرَ منَ المكاسب التي تخطَّت رقميًّا ما حقَّقه سابقًا. وما أن انتهى عام 2021 إلا وقد جنى الاحتلال حصيلةً قياسية في أعداد مقتحمي الأقصى من المستوطنين المتطرفين، وقرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى، واعتقال المقدسيين، والاستيطان بناءً وتخطيطًا وترويجًا، وغزو المدارس الفلسطينية بالمنهاج الإسرائيليّ. والملاحظ أنَّ غلَّة التهويد الوازنة هذه حصَّلها الاحتلال على الرغم من استمرار تفشي فايروس كورونا الذي يُفترَض أنَّه أعاق حركة الحياة في فلسطين وغيرها في العالم، وعلى الرغم من اضطراب المشهد السياسي الإسرائيلي الذي أفضى إلى انتخابات إسرائيلية مبكرة أنتجَت الكنيست الرابعة والعشرين في آذار/مارس 2021، وأدت إلى استبعاد بنيامين نتنياهو من رئاسة الحكومة التي شغلها منذ 2009 إلى 2021، وفوز تحالف يائير لابيد ونفتالي بينيت في الانتخابات، وتنصيب بينيت رئيسًا للحكومة مدة عامين، على أن يعقبه لابيد في العامين التالييْن، علمًا أنَّ تحالف لابيد - بينيت وسائر الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الجديد لا يملك سوى أغلبية ضئيلة هشة هي 61 عضوًا في الكنيست من أصل 120، ولا يجمع أحزاب هذا الائتلاف سوى هدف إبعاد نتنياهو؛ فهي متباينة في التوجهات والخيارات. وما يهمنا في هذا الصدد إدراك أنَّ ثمَّة ماكينةً تهويديّةً ضخمةً تواصل عملها وفتكها في الفلسطينيين، وأراضيهم، وبيوتهم، ومقدساتهم بمعزل عن التخبط السياسي في كيان الاحتلال، وهذه الماكينة مستقرة الخطط، والميزانيات، والآليات، وفِرق العمل.

 

على مستوى التطورات، هيمن على المشهد تطوران أساسيَّان في عام 2021، الأول محاولات الاحتلال إخلاء حي الشيخ جراح شمال البلدة القديمة، والثاني تقدُّم مستوطنيه في مسار فرض الصلوات اليهودية العلنية الجماعية في المسجد الأقصى، واستمرار السعي إلى كسر القواعد، وتشكيل معادلات جديدة تقوم على اقتحام المسجد الأقصى في أعياد المسلمين ومناسباتهم الدينية، ولا سيما في رمضان. وهذه التطورات مجتمعةً أشعلت فتيل معركة "سيف القدس" في أيار/مايو 2021.

 

هذا من جهة الاحتلال ومستوطنيه، أمَّا من جهة الشعب الفلسطينيّ ومقاومته، فقد نجحا في خطِّ طريقٍ موازٍ ومناهضٍ لخطِّ الاحتلال، ومستوطنيه، وسياساته. وشهد هذا الطريقُ تحقيقَ تطوراتٍ وأرقامًا قياسيَّةً لا تقلُّ أهميةً عن تلك التي حققها الاحتلال الإسرائيلي، بل يمكننا القول إنَّ ما حققه الفلسطينيون من مكاسبَ أهمُّ مما حققه الاحتلال ومستوطنوه. فقد نجحَ الفلسطينيون في تحقيق أرقامٍ قياسية في عدد العمليات في القدس والضفة الغربية باعتراف جهاز "الشاباك" الإسرائيليّ، وتنوعت هذه العمليات بين إطلاق النار على جنود الاحتلال ومستوطنيه، والدهس، والطعن، والعبوات الناسفة، وإلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة، والمواجهات مع قوات الاحتلال في الأحياء الفلسطينية. وبحلول نيسان/أبريل 2021 كانَ الفلسطينيون يصنعون نصرًا جديدًا على الاحتلال الذي كان يريد فرض سيطرته على ساحة باب العمود في سور البلدة القديمة الشمالي، عبر الحواجز الحديدية، ومنع الفلسطينيين من التجمع فيها، وتمكين المستوطنين من استباحتها. ولكنَّ السحر انقلبَ على الاحتلال الذي ارتدَّ خاسرًا بعدما تمكَّن الفلسطينيون من إزالة الحواجز الحديدية، واستعادة الساحة، والتصدي للمستوطنين.

 

هبة باب العمود، ومحاولات الاحتلال إخلاء حي الشيخ جراح، وتهديد المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى في 28 رمضان، مهَّدت الطريق أمام المقاومة الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة لتدخل بجدارة على خطِّ المواجهات مع الاحتلال، فبادرت إلى قصف مستوطنات الاحتلال في القدس المحتلة، وأشعلت معركة "سيف القدس" في وجه الاحتلال في أيار/مايو 2021، وأعادت الاعتبار لمعادلة حاول الاحتلال تفكيكها على مدار العقود الماضية، وهي معادلة الهوية ممثلة بالقدس والأقصى، والمقاومة ممثلة بفصائل المقاومة في قطاع غزة، وشرائح الشعب الفلسطيني المختلفة التي شاركت من كل المناطق الفلسطينية في معركة "سيف القدس". والحقيقة أنَّ الاحتلال الإسرائيلي وقف مذهولًا أمام مبادرة المقاومة إلى قصف مستوطناته، تنفيذًا لتهديدات قادتها، وأمام هبة عارمة قادها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 أربكته كثيرًا، وأمام تحركات وفعاليات على الحدود الأردنية واللبنانية مع فلسطين المحتلة وصلت إلى حد إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه فلسطين المحتلة. وكل هذه التطورات على صعيد مقاومة الاحتلال جعلته يخشى مزيدًا من تفجر الجبهات الداخلية والخارجية في وجهه.

 

هذه أبرز ملامح خَطَّي المواجهة في القدس، وقد فصَّل تقرير "حال القدس" السنويّ لهذا العام في الكثير من محطات المواجهة، وحاول استشراف التطورات في عام 2022، وقدَّم جملة توصيات لمختلف الأطراف المعنية بشأن القدس.

 

هشام يعقوب

محرِّر التقرير ورئيس قسم الأبحاث والمعلومات

في مؤسسة القدس الدولية

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »