استنزاف اقتصاد دولة الاحتلال مع استمرار العدوان على غزة
الثلاثاء 20 آب 2024 - 8:39 ص 364 0 مقالات |
علي ابراهيم
باحث في مؤسسة القدس الدوليةلم يتوقع الاحتلال أن تستطيع المقاومة الفلسطينية الصمود طيلة الأشهر الماضية، وقد أدى استمرار العدوان «الإسرائيلي» إلى خسائر فادحة، إن من حيث الخسائر العسكرية المباشرة في قوات الاحتلال، أو من حيث الآثار الكارثية للحرب على اقتصاد دولة الاحتلال.
ونسلط الضوء في هذا المقال على جملة من المعطيات التي تكشف هشاشة الاقتصاد في دولة الاحتلال، وحجم الخسائر التي تكبدتها قطاعاته المختلفة، التي وصفتها مصادر عبرية في بداية العدوان بأنها «غير مسبوقة»، خاصة بأن تكلفة الحرب تجاوزت 60 مليار دولار، وتشمل هذه الأرقام النفقات العسكرية والمدنية، وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة داخل «إسرائيل».
ويُشير خبراء في الاقتصاد «الإسرائيلي» إلى أن المساعدات الغربية تتركز عند الدعم العسكري، ولا تتجه إلى الاقتصاد، الذي شهد خسائر ضخمة قدرها المصرف المركز «الإسرائيلي» بنحو 260 مليار شكيل (71 مليار دولار) حتى مارس 2024م.
تفاقم عجز الموازنة وتراجع النمو وانهيار الشيكل:
منذ بداية العدوان بدأت سلطات الاحتلال المالية بالتلويح بأن موازنتهم ستعاني، ففي 2 نوفمبر 2023م أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريش عن ارتفاع عجز الموازنة من 1.5%، إلى 4% مع نهاية عام 2023م، على أن يصل العجز إلى 5% في عام 2024م، وقد انعكست بشكل مباشر على التصنيف الائتماني للاحتلال، فقد خفضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال إلى «إيه 2» مع نظرة مستقبلية سلبية، أما وكالة «ستاندرد آند بورز» فقد توقعت بأن العجز الحكومي لدولة العدو سيتسع خلال عام 2024م إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ5.5% في عام 2023م، وأعلنت عن تغييرها من «مستقرة» إلى «سلبية»، وأشارت الوكالة إلى أن استمرار الحرب سيعني تأثيراً أوسع وأكثر وضوحاً.
أما الشيكل فقد شهد منذ بداية العدوان خسائر كبيرة، ففي الأيام الأولى للحرب خسر نحو 10% من قيمته، حتى وصل إلى أدنى مستوى له منذ 8 أعوام، وأشارت هذه المصادر إلى أن الحفاظ على سعر الصرف، وتحسنه بشكلٍ طفيف في الأيام التالية لانطلاق العدوان على غزة، ناتجٌ عن تخصيص المصرف المركزي «الإسرائيلي» ما يناهز قيمته 30 مليار دولار من العملات الأجنبية لبيعها في السوق، في محاولة لدعم الشيكل، وقد انعكس هذا التذبذب في أسعار السلع وحياة المستوطنين.
آلاف الشركات «الإسرائيلية» في مهبّ الطوفان:
ربما تكون الشركات «الإسرائيلية» الضحية الثانية لاستمرار العدوان على القطاع، فمن جهة أثر عليها استدعاء جنود الاحتياط وتوقف أعمالها بشكل كليّ أو جزئي، إضافة إلى تأثرها بتطورات المشهد إن في «الجبهة الشمالية» وتوقف الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وغيرها من التطورات، وبحسب معطيات شبه رسمية، فقد أغلقت 726 ألف شركة «إسرائيلية» أبوابها منذ بداية العدوان على غزة، وتتوقع هذه المصادر وصول عدد الشركات المغلقة إلى 800 ألف في نهاية عام 2024م.
ويشكل القطاع التكنولوجي واحداً من أبرز القطاعات الاقتصادية في دولة الاحتلال، ومع استدعاء نحو 300 ألف من قوات الاحتياط في بداية العدوان، كشفت المعطيات بأن ما بين 75 و100 ألف جندي من بينهم من العاملين في شركات التكنولوجيا المحلية، وهو ما يشكّل ما بين 15% إلى 20% من مجمل العاملين في هذا القطاع؛ ما ضرب قدرة القطاع على استمرار عمله، ومع تراجع قدرة هذه الشركات على إيجاد التمويل اضطرت أكثر من 70% منها إلى تأجيل أو إلغاء مشاريعها.
ولم تقف الآثار عند الشركات «الإسرائيلية» فقط، فقد تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 40%، من 25 مليار دولار في عام 2023 إلى 15 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024م، وأشارت المعطيات إلى أن العديد من الشركات العالمية انسحبت من دولة الاحتلال بشكل كامل أو جزئي.
هل تأثرت حياة المستوطنين ومعيشتهم؟
لا شك بأن المعطيات السابقة وما يتصل بها من خسائر في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والطاقة والبنوك والسياحة، أضرت بالظروف المعيشيّة للمستوطنين، فقد ارتفعت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، فارتفع معدل البطالة من 4.5% في يناير 2024 إلى 6.2% في يوليو 2024م، وهذا يعني فقدان مئات الآلاف من الوظائف.
أما نسب الفقر فقد تصاعدت هي الأخرى بشكل كبير، فبحسب المصادر الاقتصاديّة تُعاني نحو 85.1% من الأسر في دولة الاحتلال من نقص في الطاقة، ويعاني 81.8% من هذه الأسر من الديون المتراكمة، أما معدلات الفقر فقد ارتفعت من 22.7% في عام 2023، إلى 25.3% في منتصف عام 2024م، وتُشير هذه الأرقام إلى أن أكثر من ربع السكان في دولة الاحتلال (لا تُشير هذه المصادر إلى الفروق ما بين المستوطنين والفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال)، يعيشون تحت خط الفقر، وهو ما أسهم بتصاعد في معدلات الجريمة، والتي وصلت إلى 7%.
أخيراً، وأمام هشاشة واقع دولة الاحتلال، فقد أسهمت هذه المعطيات والتفاصيل، إلى جانب شعور المستوطنين بانعدام الأمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمغادرة المستوطنين للأراضي المحتلة، لتشكل واحدة من أبرز نتائج عملية «طوفان الأقصى»، فقد كشفت مصادر عبرية بأن 470 ألف مستوطن غادروا الأراضي المحتلة، منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى بداية ديسمبر 2023م، بينما تُشير مصادر عبرية أخرى إلى أن هناك أكثر من 600 ألف مستوطن غادروا قبل السابع من أكتوبر لقضاء العطلة خارج الأراضي المحتلة، وقرروا تمديد عطلاتهم بعد اندلاع المعركة.
وتُشير هذه المصادر إلى أن هناك أعداداً كبيرة من الجنود الشبان رفضت العودة للمشاركة في العدوان على القطاع.
وتُظهر البيانات انخفاضاً كبيراً في عدد المهاجرين اليهود إلى دولة الاحتلال، الذي بلغ نحو 50% مقارنة مع المدة نفسها في عام 2023م؛ وهو ما يؤكد مجدداً أهمية عملية «طوفان الأقصى»، ودورها الكبير في رفع سوية المواجهة مع العدو، في تأكيد جديد على أن المعركة مع الاحتلال لا تقف عند جانب بعينه، وأن الإنجازات الميدانيّة في غزة تعضدها إنجازات أخرى، في العديد من المجالات والنواحي، قد تصل إلى تبديد فكرة «الأرض الآمنة» للمستوطنين في العالم.
______________________
1- الغد، 9/10/2023. https://bit.ly/3SkNqNG
2- روسيا اليوم، 9/10/2023. https://bit.ly/47gX1sZ
3- الجزيرة نت، 2/11/2023. https://bit.ly/3u1K4VJ
4- The business standard، 25/10/2023. https://bit.ly/47bDNVy
5- وكالة الأناضول، 15/10/2023. https://bit.ly/46UDDCd
6- ترجمة إيكاد، 30/10/2023. https://bit.ly/40lGp10
7- موقع صفر، 27/10/2023. https://bit.ly/49kFBxu
8- الجزيرة نت، 12/10/2023. https://bit.ly/3QqlYeI
9- روسيا اليوم، 2/11/2023. https://bit.ly/3QlG4qt
10- ميدل ايست مونيتور، 7/12/2023. http://tinyurl.com/4ze4mwmp
11- وكالة الأناضول، 17/12/2023. https://tinyurl.com/yc2xcbaz
12- الجزيرة، 25/5/2024. https://tinyurl.com/y52xaydf
13- الجزيرة، 9/8/2024. https://tinyurl.com/5ahpjr3x