رؤساء الهيئة الإسلامية العليا ببيت المقدس يقودون مقاومة الاحتلال: الشيخ الدكتور عكرمة صبري أنموذجًا
الثلاثاء 22 أيلول 2020 - 2:36 م 2604 381 مختارات |
ملخص
بعد أن أقيمت الدولة الصهيونية بالقوة على مساحة 78% من أرض فلسطين في العام 1948، وفعلت أفعالها من حيث محو الشعب الفلسطيني وجودًا وذكرًا وحضارةً وإنشاء كيانها المصطنع على أنقاض الشعب الذي تم تشريد نحو 85% من أفراده، شنّت هذه الدولة في 5 حزيران (يونيو) 1967 حربًا تمكنت خلالها من احتلال ما تبقى من فلسطين. وبعد يومين من القتال دخلت القوات المحتلة الجزء الشرقي من مدينة بيت المقدس التي كانت تحت الحكم الأردني منذ نكبة 1948. امتثالاً لأحكام الفقه الإسلامي الحنيف، القاضي بوجوب مبادرة المسلمين لتولى شؤونهم الدينية كافة، ومنع غير المسلمين من التدخل في الشؤون الإسلامية، وذلك بالاستدلال الشرعي والاستنباط الفقهي، فقد تنادى جمع من العلماء، ورجال البلاد، وأصدروا بيانًا تاريخيًا في 24 تموز (يوليو) 1967، تضمن الإعلان عن تشكيل الهيئة الإسلامية العليا ببيت المقدس، التي تتولى جميع صلاحيات مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، والإشراف على المحاكم الشرعية، ولجنة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة. لقد انطلقت الهيئة الإسلامية العليا، منذ ذلك التاريخ، كهيئة إسلامية مستقلة، ومركزها بيت المقدس، يقودها من ارتضى به الأعضاء الذين هم نخبة من القضاة الشرعيين، والمفتيين، ومدراء الأوقاف، والسياسيين والمحامين والشخصيات الاعتبارية. وكان أول رئيس للهيئة الإسلامية سماحة المرحوم الشيخ عبد الحميد السائح، الذي لم يمكث سوى شهرين؛ إذ أبعدته سلطات الاحتلال إلى الأردن. ثم تتابع على رئاستها، عدد من العلماء المقدسين وصولا إلى رئيسها الحالي سماحة الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صبري. تبين من الدراسة أن اللحظات الأولى لتأسيس الهيئة قد شكّلت تحديًا حقيقيًا للاحتلال وأربكت خططه وإجراءاته على الأرض، كما أنها أسست لما أصبحت عليه الهيئة بعد ذلك من أهمية في إدارة الشأن المقدسي بشكل خاص والشأن الفلسطيني على وجه العموم. لقد سلطت الدراسة الضوء على الحقبة التي قاد فيها الشيخ الدكتور عكرمة صبري الهيئة منذ العام 1998 حتى تاريخه؛ وهي الحقبة الأكثر حرجًا وتعقيدًا وذلك بعد اتفاقات أوسلو ومباحثات واي ريفر وغيرها، وشهدت على الانتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني عام 2000 واستشهاد ياسر عرفات القائد التاريخي للشعب الفلسطيني عام 2004، كما شهدت أحداثًا دولية كبرى كغزو العراق وإخراجه من معادلات الصراع في المنطقة. ففي هذه الظروف شهدت بيت المقدس مستوى أعلى من الشراسة من قبل الاحتلال الذي تنكر لجميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية، وأخذ يتجه نحو تهويد المدينة والقضاء على الهوية العربية والإسلامية لها الممتدة في عمق التاريخ. الأمر الذي وضع الهيئة الإسلامية العليا ورئيسها أمام مسؤوليات تاريخية، تتطلب التيقظ والمتابعة الحثيثة، مما خلق حالة من الصدام المباشر مع الاحتلال الذي أخذ يراقب تحركاته ويسعى، بين الحين والآخر إلى الحد من أنشطته وفعالياته على مختلف الصعد.
المصدر: مجلة دراسات بيت المقدس؛ 2020، 20 (1)، 155-188