المشهد المقدسي أيار/مايو 2015


تاريخ الإضافة الجمعة 15 أيار 2015 - 4:43 م    عدد الزيارات 21496    التحميلات 1356    القسم المشهد المقدسي

        


المشهد المقدسي
أيار/مايو 2015

 

مقدّمة:


تصارع القدسُ اليوم جبهتين أولاهما الاحتلال ومشروعه التهويدي الذي لم يتوقّف، والأخرى غياب الموقف السياسي والدعم العربي والإسلامي لمصلحة انتعاش التطبيع مع "إسرائيل" والتنسيق معها. وفي مقابل ذلك، اكتسب التململ الهادئ حيال الاحتلال بعدًا جديدًا مع بدء الحراك الشعبي في القدس بعد قتل مستوطنين الفتى المقدسي محمد أبو خضير في تموز/يوليو 2014. وفاجأ المقدسيون الاحتلال بانتهاج نمط العمليات الفردية من دهس وطعن لمستوطنين، الأمر الذي أقلق الاحتلال ودفع إلى تشديد الإجراءات الأمنية والاستخبارية للانقضاض على هذه العمليات ومحاولة منعها قبل تنفيذها.


ولا يخفى على المتابع للشأن المقدسي تراجعُ الاهتمام بقضية القدس على المستوى العربي والإسلامي، إلا أنّ التحولات التي شهدتها المنطقة العربية جعلت التستر بالخطر الأمني عذرًا مقبولاً للانصراف العلني عن القدس والقضية الفلسطينية. وكان الأمر واضحًا في القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ في آذار/مارس 2015 حيث طغى عليها الهاجس الأمني وغابت القدس عن إعلانها الختامي، في مقابل بروز مساعٍ ناشطة لاحتواء الحراك كيلا ينمو ويتمدّد.


على المستوى الفلسطيني، لا تزال السلطة عاجزة عن خوض أي "انقلاب" على الاحتلال ومشروعه، وهي غير قادرة على وضع استراتيجية لمواجهة مشروع التهويد. فالحلّ الذي قدّمه عباس في القمة العربية الأخيرة، وهو تجديد الدّعوة إلى زيارة القدس، يشي بشيء من الانفصال عن الواقع وعما تحتاج إليه القدس لا سيما مع اقتران هذا الحل مع استمرار السلطة في التنسيق الأمني مع الاحتلال، وبدء عمل الشرطة الفلسطينية في ضواحي القدس، والتهديد غير الجاد باللجوء إلى الجنائية الدولية، وطمأنة الاحتلال إلى عدم السماح باندلاع انتفاضة في الضفة الغربية، بما فيها القدس. أمّا الفصائل الفلسطينية، فهي وإن كانت واقعة في رتابة التصريحات والمطالبات والدعوات إلى حماية القدس والأقصى إلا أنها تفترق عن السلطة في مباركتها الحراك الشعبي في القدس والدعوة إلى تعزيزه، ودعمه، والبناء عليه.


على المستوى الإسرائيلي، كان الانشغال الأكبر خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2015 بالانتخابات العامّة المبكرة ومن ثم بتشكيل الحكومة التي ينظر إليها كحكومة هشّة قابلة للتهاوي عند أي خلاف بين مكوناتها. لكن الانشغال بالانتخابات لم يصرف الاحتلال عن القدس فاستمرّت عمليات التّهويد لتطال المدينة وأهلها ومقدّساتها، بالتّوازي مع حالة من الترقب للانقضاض على أي ملامح قد تعني توسّع الحراك الشعبي وخروجه عن السّيطرة.


أمّا الموقف الدولي فواقع بين أمل إحياء العملية السياسية وعودة المفاوضات، وبين التنديد من حين لآخر بأعمال الاستيطان التي لن تتوقّف، ليس فقط لغياب الموقف الحاسم، بل أيضًا لكونها جزءًا من سياسة الاحتلال والعقيدة الصهيونية.


أولاً: القدس في عين التهويد:


القدس في العقيدة الصهيونية هي في صلب مشروع التهويد الذي يطال معظم أراضي فلسطين التاريخية الواقعة تحت الاحتلال. والمشروع التهويدي في القدس هو تهويد للثقافة والعمران والديموغرافيا، ومحاولات لطمس هوية المدينة الدينية والثقافية، العربية، الإسلامية والمسيحية، وعمليّة مستمرّة منذ احتلال عام 1948 لتغيير واقعهاـ وأدوات المشروع اعتداء على المقدّسات، واستيطان، وجدار، وسحب هويّات، وهدم بيوت، وإجراءات للتّضييق على المقدسيّين ومحاصرتهم في اقتصادهم وشتّى نواحي حياتهم.


1. تطور مشروع التهويد:
يعيش حوالي 75% من المقدسيين تحت خط الفقر نتيجة لسياسات الإفقار والحصار التي تتبعها سلطات الاحتلال من حيث الضرائب والقيود التي تجعل الاقتصاد المقدسي تابعًا لذاك الإسرائيلي ومعتمدًا عليه. كما تعمد سلطات الاحتلال إلى سياسة تشريد المقدسيين عبر هدم منازلهم التي شيدوها من دون ترخيص يعتبر الحصول عليه من المشقّات أو المستحيلات في القدس. وقد هدم الاحتلال عام 2014 ما يزيد على 214 منشأة، منها 87 منزلاً أدت إلى تشريد حوالي 200 فلسطيني. كما أن سحب الهوية المقدسية هو من الأمور الثّابتة في مشروع التهويد الديموغرافي حيث سحب الاحتلال حوالي 14,309 بطاقة إقامة ما بين عامي 1967 و2013. كما فرض الاحتلال حدودًا جديدة في القدس بموجب جدار الفصل العازل الذي أخرج ما يزيد على 100,000 مقدسي إلى خارج حدود بلدية الاحتلال. وتطال إجراءات الاحتلال وممارساته كل أهل المدينة، مسيحييها ومسلميها، كما مقدساتهم، وكل نواحي حياتهم.


2. الاستيطان: "من حقّنا البناء في أي مكان في القدس"
يعتبر الاستيطان في القدس، وفي الضفة الغريبة بشكل عام، أولوية بالنسبة إلى دولة الاحتلال وهو الأمر الذي كان واضحًا عام 2014 من خلال تمسك نتنياهو وحكومته بالاستيطان كجزء من "حق اليهود في البناء في أي جزء من الدولة العبرية ولا سيما في القدس العاصمة". وقد شهدت الحكومتان اللتان شكّلهما وترأّسهما نتنياهو ما بين عامي 2009 و2014 أرقامًا غير مسبوقة على صعيد النشاط الاستيطاني مقارنة بما كان الأمر عليه في عهد غيره من رؤساء حكومات الاحتلال. ووفقًا لتقرير منظمة "السلام الآن" ارتفعت نسبة الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة 40% عام 2014 فيما تركّز معظم النشاط الاستيطاني في القدس المحتلة. وعلى الرغم من كبح مشروع توسيع مستوطنة "هار حوما" (جبل أبو غنيم) لاعتبارات تتعلّق بعدم المبالغة في إغضاب الولايات المتحدة، فإنّ العمليات الاستيطانيّة التي يمكن أن تمرّ من دون إثارة ضجّة كبيرة لا تزال مستمرّة في وقت لا تبدو فيه حكومة نتنياهو الجديدة ذات مزاج بعيد عن الاستيطان ليس لأنّها حكومة يمينية بل لأن الاستيطان جزء أساسي من السياسات الحكومية إلى اليمين انتمت أو إلى اليسار.


3. استهداف المسجد الأقصى
تتوالى اقتحامات الأقصى على مستوى المتطرفين كما على المستوى الرسمي والأمني والديني، وقد زادت نسبة الاقتحامات ما بين عامي 2009 و2014 بحوالي 92% وفق تقرير للشرطة الإسرائيلية فيما اقتحم الأقصى حتى أواخر نيسان/أبريل من عام 2015 ما يزيد على 4000 متطرف وعنصر من القوات الخاصة والمجنّدين. كما عقدت لجنة الداخلية في الكنيست ما يقارب 15 جلسة خلال عام 2014 للتباحث في "تأمين حق اليهود في الصلاة في جبل المعبد" ودور الشرطة في حماية الاقتحامات وتسهيلها. كما شهد العام الماضي 2014 تشكيل لجنة فرعية في الكنيست للنظر في فحص التزام الشرطة بتطبيق قرارات حكومات الاحتلال بشأن الساعات المخصصة لاقتحامات المستوطنين. ولا يختلف المشهد في الأقصى خلال الأشهر الأولى من عام 2015 كثيرًا عن عموم المشهد في الأعوام السابقة من اقتحامات وتحريض على اقتحام المسجد ودعوات تطلقها "منظمات المعبد" لتأمين صلاة اليهود في الأقصى، بالإضافة إلى اعتراض بعض أعضاء الكنيست على أعمال الصيانة التي تقوم بها دائرة الأوقاف في المسجد، غير أن سياسة الاعتداء على المرابطات، ومحاولات إبعادهن عن الأقصى ضمن مخطط عرقلة حركة الرّباط بشكل عام، تزايدت بشكل كبير وملحوظ منذ بداية عام 2015، خاصة بعد إعلان سلطان الاحتلال عن تشكيل "وحدة الشرطة النسائية الخاصة" الموكل إليها اعتقال المرابطات في الأقصى، وتنفيذ سياسات التضييق عليهنّ بعدما أثبتن دورهنّ الرائد في الدفاع عن الأقصى.


ثانيًا: الحراك الشعبي في القدس: انتفاضة على استمرار الاحتلال وعبثيّة المفاوضات


عام 2014 كان عام المقاومة العسكرية والشعبية مع حضور لافت للقدس التي استُهدفت بصواريخ المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في تموز/يوليو 2014 كما شهدت حراكًا شعبيًا على شكل مبادرات فرديّة ومواجهات شبه يومية مع الاحتلال في غير نقطة ساخنة. وقد كان للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية، دور كبير في عرقلة الحراك ومنع تمدده إلى الضفة الغربية من دون أن يقضي على جذوته حيث عاد إلى الظهور عام 2015 مع كل مرة تمكّن في المقدسيون من تجاوز الإجراءات الأمنية، خصوصًا أن الحديث هنا هو عن عمليات فردية أو ما يسميه التقرير الاستراتيجي السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي لعامي 2014-2015 بظاهرة "الذئب الوحيد"، وهي عمليات تتمّ من غير تنسيق أو حاجة إلى التشاور مع المجموعة، ويحدد فيها ساعة الصفر منفذ العملية نفسه وفق ما يتناسب مع الظروف الميدانية.

وقد رفعت هذه الظاهرة مستوى التأهب عند الإسرائيلي الذي كان مطمئنًا إلى أن القدس خارج دائرة التحركات الشعبية، فارتفعت أعداد المعتقلين من المقدسيين عام 2014 إلى حوالي 1500 فيما بلغ عدد المعتقلين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015 حوالي 400 معتقل. ووجد الإسرائيلي نفسه ملزمًا برفع مستوى مراقبة المقدسيين، حتّى على وسائل التواصل الاجتماعي لرصد ما يدل على اتجاه إلى تنفيذ عملية فردية، فيما عمد مؤخرًا إلى نصب أعمدة أمام محطات الحافلات في القدس خوفًا من عمليات الدّهس.


ولئن بدأ الحراك الشعبي في القدس بعد خطف مستوطنين للفتى المقدسي محمد أبو خضير في وقت تشن "إسرائيل" جولة جديدة من الحرب على غزة المحاصرة، إلا أن هذا الحراك كان رسالة واضحة بأنّ الاحتلال لم "يدجّن" المقدسي الذي لا يزال يرفض الاحتلال كما التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" التي استدرجت السلطة مؤخرًا إلى مزيد من التنسيق عبر السماح لقوات الشرطة الفلسطينية بالعمل في بعض ضواحي القدس، لـ "ملاحقة المجرمين وتجار المخدّرات".


ثالثًا: المواقف الدولية والعربية والإسلامية:


1. على المستوى العربي والإسلامي:
الأولوية اليوم ليست لإنهاء الاحتلال ، وهي ليست لإنقاذ القدس التي يكاد يبتلعها مشروع التهويد، بل للتصدي للهاجس الأمني، وحماية الحدود، وحفظ العروش، ولو اقتضى ذلك التعاون مع "إسرائيل" والتنسيق معها، وحتى الانقلاب على الشعب الفلسطيني وشيطنة المقاومة واستهدافها، وإحباط أي محاولات فلسطينية للفكاك من الاحتلال وتغوّله.


أ‌. السلطة الفلسطينية: يمكن القول إن أداء السلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة كان كارثيًا بشكل ملحوظ فقد وافقت السلطة على العودة إلى المفاوضات في صيف 2013 ضمن شروط نتنياهو ليستمر الأخذ والرد العبثي حتى نيسان 2014 وإعلان توقف المفاوضات. لم يوقف نتنياهو الاستيطان في القدس خلال أشهر المفاوضات التسعة، والسلطة التي ذهبت إلى التفاوض ضعيفة خائبة خرجت أكثر خيبة، تلوّح بمقاضاة الاحتلال أمام الجنائية الدولية وصولاً إلى تقديم مشروع قانون "إنهاء الاحتلال" في الأمم المتحدة في كانون أول/ديسمبر 2014 في ظل شبه تنازل عن القدس بعد إيراد بند يتحدث عن أن القدس هي العاصمة المشتركة بين "الدولتين". ممارسات الاحتلال المتمادية وجرائمه المستمرة بحق الفلسطينيين عمومًا والمقدسيين خصوصًا لم تدفع عباس إلى "إلقاء غصن الزيتون"، فهو مؤخرًا خيّر الحكومة الجديدة بين الاستيطان والسلام، ولن يكون من الصعب التكهن بخيار الاحتلال، والردّ الذي يحضره عباس للمواجهة.


ب‌. الفصائل الفلسطينية: تحاول الفصائل أن تعوض عن غياب السلطة عن القدس عبر خطاب مكرر يؤكد التمسك بالقدس ويدعو إلى حماية الأقصى. وهي، بخلاف السلطة، اتخذت موقفًا إيجابيًا من العمليات التي فذت في القدس ومن الحراك الشعبي في المدينة ودعت إلى احتضان هذا الحراك وإن كانت ليست قادرة بعد على تحريك الشارع والعمل ضمن مساحة واسعة.


ت‌. الأردن: قالت الخارجية الأردنية في 20/4/2015 إنّ لجنة العلاقات الخارجية في المجلس التنفيذي لدى اليونسكو تبنّت قرار الأردن وفلسطين المدعوم من المجموعة العربية والإسلامية حول فلسطين المحتلة، والذي يؤكد التعريف الأردني والإسلامي التاريخي الثابت بأن الأقصى هو كامل الحرم القدسي الشريف وان منطقة طريق باب المغاربة جزء لا يتجزأ من المسجد. لكن دور الأردن في حماية الأقصى يظل ناقصًا في ضوء استمرار التطبيع مع الاحتلال سواء من خلال عودة السفير الأردني إلى "تل أبيب" في شباط/فبراير 2015، أو التوقيع على اتفاقية المياه والغاز مع دولة الاحتلال، وغير ذلك من مظاهر التطبيع التي تعزّز الدور الإسرائيلي في المنطقة وتساهم في استمرار عملية التهويد التي تطال الأقصى والقدس المحتلة.

 

2. على المستوى الدولي:
أ‌. الولايات المتحدة: الموقف الأميركي ثابت حيال القدس لجهة ترك تقرير المصير السياسي للمدينة لما تقرره الأطراف المعنية بشكل مباشر. وهو أيضًا ثابت لجهة انتهاج سياسة الانتقاد والتنديد بالبناء الاستيطاني لما يعنيه ذلك من ضرب لحل الدولتين ولعملية التسوية. ولا يمكن الحديث عن اتجاه جدي لدى الإدارة الأميركية لاتخاذ خطوات عملية، أقله في ما عنى الاستيطان، حيث يبقى الأمر مقتصرًا على التهديد الذي لا يلبث أن يتلاشى. ويبدو أن الإدارة الأميركية مشغولة حاليًا بالاتفاق النووي مع إيران حيث تحاول دفع فرنسا إلى تأجيل طرح مشروعها المتعلق بالتسوية السياسية في الأمم المتحدة ريثما تنتهي من الاتفاق النووي مع إيران.


ب‌. الاتحاد الأوروبي: ينطلق الاتحاد الأوروبي في موقفه حيال القدس من التمسك بحل الدولتين وحدود 1967. ويرفض الاتحاد الأوروبي الاستيطان في القدس لمخالفته القانون الدولي، وقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاع درجة المطالبة باتخاذ خطوات عملية تجاه الاستيطان من دون أن يقترن ذلك بأي إجراء على الأرض. وقد أشار تقرير البعثات الأوروبية الأخير في توصياته إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ضد الاستيطان، لا سيما المقاطعة الاقتصادية لمنتجات المستوطنات، بالإضافة إلى وضع لائحة بالمستوطنين الأكثر تطرفًا وإيذاء لمنعهم من دخول الاتحاد الأوروبي.


رابعًا: احتمالات المرحلة القادمة:


- شهدت مرحلة ما قبل الانتخابات الإسرائيلية العامة انضباطًا تكتيكيًا بالنسبة إلى الطروحات المتعلقة بالأقصى فحالة الغليان التي تشهدها القدس لا يمكن إشعالها بطروحات من هذا القبيل في وقت الأولوية فيه هي لتأمين إجراء الانتخابات، ومن بعده لكل كنيست وحكومة حديث. أما وقد تمّت الانتخابات وتشكلت الحكومة، وهي حكومة هشة، إلا أنها تجمع المتربصين بالأقصى وهي مؤهلة بامتياز لدعم المزيد من الاعتداءات على المسجد وعلى القدس، فإن المرحلة المقبلة ستشهد على الأغلب اعتداءات متصاعدة على الأقصى، ومحاولات أكثر جدية لتشريع تقسيمه، وتشريع تخصيص أوقات لليهود "للصلاة في جبل المعبد".


- على الرغم من إجراءات الاحتلال للسيطرة على الحراك في القدس في أواخر عام 2014 إلا أن هذه الإجراءات، مترافقة مع التنسيق الأمني مع السلطة، قد تنجح في عرقلة الحراك إلا أنها لا يمكن أن تقضي عليه. وبالفعل، فإنّ بعض العمليات الفردية نفذت بداية عام 2015 على الرغم من الإجراءات الأمنية، ويظلّ احتمال تكرارها واردًا في المدى المنظور. وتبقى احتمالات اندلاع هبّات شعبية في وجه الاحتلال قائمة طالما وجدت أسبابها.


- على الرغم من أن السلطة هددت بمراجعة التنسيق الأمني مع الاحتلال، كما باللجوء إلى الجنائية الدولية لملاحقة جرائم الاستيطان، إلا أنها لم تثبت نيّة جادّة في تنفيذ أي من الأمرين، ويبقى الاحتمال الأقرب عودتها إلى المفاوضات إذ تبقى هذه هي رغبة الولايات المتحدة التي تعطّل أي محاولة لطرح القضية في الأمم المتحدة وتفضّل الاتفاق بين الطرفين ولو شمل ذلك التنازل عن القدس.

التّوصيات:


- لعلّ الخطر الأكبر على القدس ليس في مشروع التهويد بل في غياب المشروع الذي يتصدى له ويسعى إلى إنهاء الاحتلال سواء على المستوى الفلسطيني أو حتى المستوى العربي والإسلامي الأوسع. ولذلك، فمن الضرورة بمكان استدراك التأخر في إعداد استراتيجية شاملة لمواجهة التهويد ودعم المقدسيين وإنهاء الاحتلال عوضًا عن حالة الاستغراق في حالة التقاتل في الدول العربية.
- من الواضح أن التهديدات الدولية بمعاقبة "إسرائيل" لا تأخذ منحى عمليًا كما أنها سرعان ما تتلاشى إما لعدم توافر الرغبة الدولية أو لنجاح دولة الاحتلال في امتصاص هذه التهديدات، ولذلك، فمن المهم تشكيل قوى ضاغطة يمكن أن تؤثر بشكل خاص على صانع القرار الأوروبي ولا سيما أن الاتحاد الأوروبي طرح خطوات عملية في مجال الاستيطان لكن من دون الاتجاه إلى تفعيلها.


- على السلطة الفلسطينية أن تعي حجم الخطر المتأتي من تعاونها مع الاحتلال ضد مكونات الشعب الفلسطيني وهي أمام مسؤولية وطنية كبيرة تحتّم عليها أن تتمسك بإنهاء الاحتلال كأولوية بدلاً من الانجرار وراء استرضاء الاحتلال والمجتمع الدولي. ولذلك، فهي مطالبة بتوفير الحاضنة والدعم للحراك الشعبي في القدس على أنه خطوة حقيقية على طريق التحرير واستعادة الحقوق.


- لا يمكن استبعاد خيار المقاومة من دائرة الوسائل المتاحة لمواجهة الاحتلال وتعطيل مشاريعه وعلى ذلك فإن فصائل المقاومة مطالبة باستعادة زمام المبادرة في التصدي للاحتلال وإعادة فرض نفسها في معادلة الدفاع عن القدس والمقدسات.


- على المؤسسات العاملة لأجل القدس الدفع باتجاه حالة التفاف شعبي ورسمي حول القدس، وهنا يمكن الحديث عن دور لهذه المؤسسات التي ينبغي أن تكون في صدارة حملة التصدي لمخططات الاحتلال حيث لا تكفي الإشارة إلى مكامن الخطر وأوجه التهويد وتحديد حال المشروع الصهيوني أو استشراف مآلاته في المدينة المحتلة، ووضع الخطط لمواجهة الاحتلال بل لا بد من اعتماد خطوات وآليات تضع الخطط موضع التنفيذ لإنتاج حراك شعبي وتحرك رسمي باتجاه الدفاع عن المدينة وأهلها ومقدساتها.

 

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »