الموقف العربي الرسمي من طوفان الأقصى والعدوان على غزة: الدلالات والتداعيات
الثلاثاء 2 كانون الثاني 2024 - 6:32 م 937 105 آخر الإصدارت |
شكلت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة "حماس" في 2023/10/7، محطة بارزة على طريق العمل المقاوم في فلسطين، وتذرّع الاحتلال بالعملية التي أثارت الأسئلة حول قدراته الاستخبارية، ليشنّ عدوانًا همجيًا على قطاع غزة، مدعومًا بالدرجة الأولى من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية التي تبنّت بداية رواية الاحتلال برّرت عدوانه تحت عنوان "حقّ الدفاع عن النفس".
واستتبعت العملية والعدوان الذي شنّه الاحتلال مواقف عربية رسمية تراوحت بين التعبير عن القلق من التصعيد وتمدد الصراع ليصبح صراعًا إقليميًا، والدعوة إلى وقف "العنف"، وإلى ضبط النفس، وأبدت دول عدم معارضتها هدف الاحتلال في القضاء على "حماس" وحركات المقاومة، وإن كانت قلقة من أنّ ذلك سيستغرق سنوات، وعقد قادة عرب قممًا ولقاءات وأجروا اتصالات لكنها لم تحمل في مجملها موقفًا قويًا يمكن أن يضغط على الاحتلال وداعميه لوقف العدوان، ووجهت الدول العربية مطالبات إلى دول العالم من دون أن تعمل، بما تملكه من قدرة على الضغط والحراك، على فكّ الحصار إو إدخال المساعدات أو وقف العدوان.
وتسلّط هذه الورقة الضوء على الموقف العربي الرسمي، مع التركيز على الدول التي كان لها مواقف بارزة طغت على تشكيل هذا الموقف ورسم إطاره العام.
وترى أنّ الاحتلال يأمل إطالة أمد الحرب على غزة أملاً في تحقيق أيّ إنجاز يمكن أن يقدّمه للإسرائيليين ليغطّي على إخفاقه الأمني والاستخباري في عملية طوفان الأقصى، وسعيًا لتحقيق أيّ من الأهداف التي أعلن عنها لبدء العدوان والمضيّ به، كما أنّ إصراره على مزيد من القتل والدمار يهدف إلى إيجاد ضغط هائل على الحاضنة الشعبية لتنقلب على المقاومة، ما يتيح له فرض شروطه في أيّ عملية تفاوض أو وساطات تقوم بها جهات مختلفة.
ويشكل الموقف العربي الرسمي أحد العوامل التي تساعد الاحتلالَ على إطالة أمد العدوان الذي أظهر تباينًا كبيرًا في العالم العربي بين الموقف الرسمي والشعبي، فيما بدا واضحًا أنّ مسار التطبيع لم يفتح بابًا لحلّ القضية الفلسطينية، بل ساهم، من بين عوامل أخرى، في تهميش القضية الفلسطينية وتشجيع الاحتلال، بعد عام 2020، عام "اتفاقات أبراهام"، على تصعيد وتيرة عدوانه على الأقصى والأسرى، والاستمرار في مخططات التهويد والاستيطان.
وتخلص الورقة إلى القول إنّ حالة عرقلة المسار وغياب الأفق في ما يسمى العملية السياسية وانقضاض الاحتلال على الفلسطينيين وممارسة مزيد من العدوان بحقّهم يجعل مقاربة القضية الفلسطينية بالأدوات ذاتها غير ذات فائدة، وإن كان لا بدّ من إنجاح العملية السياسية فلا بدّ من موقف قويّ وأرضية متينة، تنطلق من الحق الفلسطيني وتستند إلى قوّة تحميه، لأنّ الاحتلال لن يتراجع عند استجداء الأمم المتحدة وطلب الحماية من دول العالم، بل بضغط حقيقي يجبره على التراجع، وإنّ مقاومة الاحتلال حقّ كفله القانون الدولي، وإنجازات المقاومة تعزّز الحق الفلسطيني وتدعمه، ما يحتّم دعمها والوقوف بصفّها، لا التنصّل من فعلها الذي يشكل عامل قوّة وضغط يمكن الاستفادة منه لتفعيل المسار السياسي وتحقيق ما يمكن تحقيقه عبره.