الأقصى في رمضان: هل يتجدد الطوفان؟


تاريخ الإضافة الأربعاء 13 آذار 2024 - 9:58 ص    عدد الزيارات 2431    التحميلات 131    القسم تقدير موقف

        


الأقصى في رمضان: هل يتجدد الطوفان؟

ورقة موقف صادرة عن مؤسسة القدس الدولية

إعداد: زياد ابحيص 

ملخص:

انطلقت معركة طوفان الأقصى من قلب محاولة التصفية الصهيونية التي اتخذت من القدس والأقصى مركزاً لها، لتنقل المواجهة من مرحلة الدفاع الاستراتيجي لمنع التصفية إلى الهجوم الاستراتيجي لفرض التراجعات، وتقف حربها اليوم عند مرحلة استعصاء يمكن للتصدي للعدوان على المسجد الأقصى أن يشكل عنواناً متجدداً لاختراقه باستنهاض قوىً وساحات إضافية لتكسر الاستفراد عن غزة، وأمام محاولة الصهاينة اتخاذ الأقصى عنواناً لتفريغ الطوفان من معناه بحصاره ومحاولة إعادة تعريفه كمقدس، وإطلاق يد مستوطنيه لاستعراض الطقوس التوراتية فيه وجنوده لاستعراضه كعنوان للحرب الدينية على شعب فلسطين، فإن التصدي لهذا الخطر يحمل في طياته فرصة تجديد مكانة الأقصى كعنوان لاستنزاف القوة الاستعمارية الصهيونية وهو الاتجاه المستمر منذ أربعة عقود.

 

وأمام التهديد بحصار الأقصى طوال رمضان، وعدوان المساخر العبري في عشرته الثانية، واحتمالية فرض طقس التطهر برماد البقرة الحمراء في 10-4-2024 الذي يوافق غالباً يوم عيد الفطر، تقترح الورقة خطاً عاماً للتحرك على مستوى فلسطين ومحور المقاومة والأمة في مجابهة هذه الأخطار لعلها تشكل فرصة لاختراق حالة الاستعصاء وتجديد طوفان الأقصى.

 

أولاً: خلفية:

انطلقت معركة طوفان الأقصى في ذروة محاولة الحسم الصهيونية التي بدأت في 6-12-2017 وكانت حينها تكمل عامها السادس، والتي كانت تستهدف إنهاء قضية فلسطين كقضية سياسية وإعادة إنتاجها في صيغة تعاقدية: الأمن مقابل التمويل، مع السعي إلى إنهاء قضية اللاجئين عبر تصفية الأونروا، والسعي إلى إنهاء أي شكلٍ من التمثيل السياسي للفلسطينيين بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية رغم توقيعها على أوسلو وتعديل ميثاقها، ومحاولة إنهاء الشكل السياسي للسلطة الفلسطينية رغم إعادة تأهيل أجهزتها الأمنية ومؤسساتها البيروقراطية وفق كل ما اشترط من شروط صهيونية وأمريكية، والتطبيع مع العالم العربي دون أي شروط تتعلق بالحق الفلسطيني. في القلب من مرحلة التصفية هذه كانت القدس التي شكّل الاعتراف الأمريكي بها كعاصمة للكيان الصهيوني نقطة الانطلاق.

 

كان الإحلال الديني في الأقصى العقدة المركزية لهذا الحسم في استراتيجية تيار الصهيونية الدينية، ورغم الحرص على تجنب تقديم خطاب سياسي علني مفصل حوله، إلا أن الممارسة كانت تفصح عن حقيقة نظرتهم إلى المقدس باعتباره عقدة الحسم الأصعب، ما يجعل حسمه مقدمة لحسم كل ما دونه، وهو ما يتوافق مع المقولة الإحلالية المضافة التي قدمها هذا التيار على مستوى الدين إلى جانب الإحلال الجغرافي والسكاني، وانطلاقاً من ذلك أخذ يعمل على تغيير هوية المسجد الأقصى المبارك من مقدسٍ إسلامي خالص إلى مقدس مشترك تمهيداً لتحويله إلى مقدسٍ يهودي خالص؛ ومرت هذه المحاولة منذ 2003 بثلاثة مشاريع مرحلية أساسية هي: التقسيم الزماني، والتقسيم المكاني، والتأسيس المعنوي للهيكل بفرض الطقوس التوراتية فيه.

 

انطلقت عملية طوفان الأقصى في ذروة محاولة التأسيس المعنوي للهيكل، حيث سبقها نفخ البوق في موسم الأعياد ذاته الذي انطلقت فيه والذي ابتدأ في يوم الأحد 17-9 واستمر حتى فجر السبت 7-10 لحظة انطلاق الطوفان، وقد شهد المسجد الأقصى خلالها أسوأ عدوان ديني في تاريخه الحديث منذ احتلاله إذ حوصر وأغلق بشكل يومي على مدى صلوات الفجر والظهر والعصر، ونُكّل بالمرابطين والمرابطات فيه وعلى أبوابه، وشهد أداء الطقوس الصاخبة وبصوتٍ عالٍ على أبوابه في استراتيجية هيمنة صوتية على الأقصى سمحت بأداء الطقوس العلنية داخله؛ إلى حد جعل الداخل للأقصى في نهار أي يوم من أيام الاقتحامات لا يكاد يسمع صوت صلاةٍ أو ترتيل قرآنٍ أو دعاء، بل إن كل ما يسمعه هي الطقوس التوراتية الصاخبة.

 

جاءت عملية طوفان الاقصى لتنطلق من قلب القلب، من محاولة الإحلال الديني بفرض الطقوس التوراتية في موسم الأعياد، لتجهض محاولة الحسم في مركزها الذي هو القدس، وتحول الدفاع الاستراتيجي في مواجهة الحسم إلى هجومٍ استراتيجي يفرض التراجعات، وكان هذا جزءاً مركزياً من عبقريتها ومن التفاف الأمة حولها.

 

ثانياً: الأقصى والوضع الحالي للحرب:

تقف الحرب اليوم عند مرحلة استعصاء، حيث يفشل المحتل في فرض أهدافه المعلنة بالقوة فيفشل في التهجير رغم القصف والاحتلال وإنهاء مقومات الحياة، ويفشل في اجتثاث المقاومة عسكرياً رغم حجم النيران الهائلة، ويفشل في نزع سلاحها كذلك، ويفشل في استعادة أسراه بالقوة، لكنه بالمقابل يتمكن من وضع القاعدة المدنية لغزة تحت سيف ترهيبه في ظل تمكنه من الحفاظ على تمركزه في المفاصل التي تقطع أوصال غزة، وفي ظل حصار مطبق بهدد بالمجاعة مترافقاً مع حرب بيولوجية عمادها تقويض النظام الطبي والمراهنة على الأمراض والأوبئة والمياه الملوثة، في حرب إبادة تنهل من أحط التجارب الاستعمارية، وأمام عجز الأمة عن القيام بواجبات الحد الأدنى التي كانت متحققة في الحروب السابقة مثل إدخال المساعدات وإخلاء الجرحى، تمسي عذابات الحاضنة المدنية في غزة خاصرة رخوة للمقاومة تقودها نحو التفاوض لوقف الحرب.

 

هذا الاستعصاء هو ما يدفع الصهاينة وحلفاءهم الأمريكان لأخذ المعركة من المركز إلى الأطراف؛ من صلب المجابهة العسكرية إلى محاولة خلخلة الأمن والتعويل على الجوع ودفع بعض النخبة الفلسطينية إلى تقديم البدائل ودفع قادة محور الاعتلال العربي إلى ممارسة الضغوط على المقاومة لعلهم يأخذون بمكائد السياسة ما عجزوا عن أخذه في الميدان، وهنا ترد المقاومة بصلابة الموقف والتمسك بالحق وبالحقائق التي فرضها الميدان، وبتعزيز جبهتها بالفعل المقاوم الآتي من جبهتي جنوب لبنان واليمن، والذي أخذ يتصاعد بالتزامن مع تحول التركيز الصهيوني والأمريكي نحو الأطراف، فأضفى شيئاً من الاتزان على المعادلة، يعززه الحراك الشعبي العالمي المتصاعد والتحرك أمام محكمة العدل الدولية.

 

فتح جبهات جديدة هو أهم وسيلة ممكنة لاختراق حالة الاستعصاء، ومن هنا فإن المسجد الأقصى يمسي بوابة انفجارٍ شعبي محتمل يمكن له –إن حصل- أن يحدث اختراقاً يعجل بنهاية الحرب، سواء جاءت هذه النهاية بتراكم الضغوط للحد من الهزيمة أو انتهت عند نقطة الاستنزاف الصهيوني. وسواء انتهت المفاوضات الحالية إلى وقفٍ لإطلاق النار أو هدنة طويلة أو إلى استمرار الحرب –وهو المرجح؛ فإن فتح معركة شعبية في الضفة الغربية أو القدس أو الداخل المحتل أو أي من هذه الساحات من شأنه يقلل من قدرة الصهاينة على التركيز في جبهة غزة، وأن يضيف بُعداً جديداً إلى ما لحقهم من استنزاف في العملية البرية، وبالتالي أن تشكل اختراقاً يسمح بكسرٍ نسبي لحالة الاستعصاء.

 

من هنا فلا بد أن يُنظر إلى التهديدات الصهيونية على المسجد الأقصى في رمضان ليس بوصفها خطراً فحسب، بل بوصفها خطراً يحمل في طياته فرصة مصدرها قدرة هذا الخطر على استنهاض أسباب المواجهة الشعبية، وتجديد المواجهة على جبهاتٍ تؤازر قطاع غزة وتعزز الاستنزاف الصهيوني وتعمق الغضب العربي والإسلامي الذي لا بد أن تنضج ظروف تفجره شيئاً فشيئاً، فحالة التحالف مع الصهيونية التي مارسها بعض النظام الرسمي العربي مع استمرار المجازر والمجاعة وطول أمد الحرب وتغييب الصوت الجماهيري تؤسس لاحتمال انفجار موجة ثوراتٍ عربية قريبة قد يكون عنوانها موقف الأنظمة من المقاومة ومن مواجهة الصهيونية.

 

ثالثاً: الأقصى خلال الطوفان:

في الخط العام، يُفهم من الممارسة الصهيونية أن الاحتلال ينظر إلى الأقصى في معركة الطوفان يوصفه أحد عناوين تفريغ المعركة من مضمونها، ومحاولة ضرب جدواها وزرع بذور الشك فيها وإظهارها كـ"تضحية عبثية"، بأنه وبعد مئة ألف شهيد وجريح ومفقود وبعد الدمار والآلام والمجاعة، يطلق يد مستوطنيه فيه ليؤدوا طقوسهم ويستعرضوا حضورهم الديني العلني في الأقصى؛ وهو من حيث يحاول استعراض هذه النكاية التكتيكية يلحق بنفسه خسارة استراتيجية مركزية إذ يحافظ على المسجد الأقصى بوصفه عنوان استنزاف متجدد للقوة الصهيونية، وهو الذي انطلقت لأجله ولأجل القدس ثمانية مواجهات ما بين هبات وحروب على مدى السنوات العشر الماضية، بمتوسط فارق 14 شهراً بين المواجهة والأخرى، وكان العنوان المركزي للانتفاضة الكبرى التي سبقت ذلك، وحتى لهبتها التحضيرية في 1996: أي أنه يشكل عنوان استنزاف القوة الصهيونية بشكل متصل منذ 28 عاماً من الزمن، وهو الخط الناظم الذي لا بد للمقاومة والأمة من خلفها من البناء عليه وتعزيزه.

 

حاول المحتل اتخاذ الأقصى عناواناً لتفريغ الطوفان من معناه عبر ثلاث خطوط رئيسة:

الأول: حصار المسجد الأقصى المستمر على مدى 22 أسبوعاً منذ بدء الطوفان وحتى كتابة هذه السطور، إذ لم يزد عدد المصلين في صلوات الجمعة في الأسابيع العشرة الأولى منها عن أربعة آلاف مصلٍّ، وكانت قوات الاحتلال خلال هذا الحصار تركز على تمكين قاطني البلدة القديمة من دخوله، وهو ما يستبطن محاولةً لإعادة تعريف مكانة المسجد الأقصى الدينية بقوة السلاح باعتباره "مسجد الحي" وليس باعتباره مسجداً مركزياً يسمو في مكانته على كل مساجد الأرض أسوة بشقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي، وبأنه لا شد رحال ولا اعتكاف ولا فضائل، بل مسجدٌ كبقية المساجد، وهذا العنوان يجعل مواجهة حصار المسجد الأقصى عنواناً متفجراً كما سيفصل أدناه.

 

الثاني: إطلاق يد المستوطنين لأداء طقوسهم التوراتية بشكلٍ أكثر علنية وحضوراً مما قبل الطوفان رغم أن متوسط عددهم لم يكن يصل إلى 100 مقتحمٍ يومياً طوال الشهور الثلاثة الأولى للحرب، كما أنه أطلق يد جماعات الهيكل لتوزع زياً خاصاً لمرشديها داخل الأقصى وكأنهم طاقم إداري يهودي موازٍ للطاقم الإسلامي في المسجد، وهو ما كان يخشاه ويمنعه قبل الحرب.

 

الثالث: إطلاق يد جنود الاحتلال من تيار الصهيونية الدينية لاستعراض حربهم الدينية على الشعب الفلسطيني مصطحبين معهم رايات الهيكل المزعوم على دباباتهم، وليرسموا الهيكل المزعوم على جدران مباني غزة قبل تدميرها، وليرسلوا رسائل دمارٍ عنوانها أن هدم غزة اليوم إيذانٌ بهدم الأقصى غداً وتأسيس الهيكل في مكانه، وهو اتجاه كان الجيش الصهيوني يحرص دوماً على كبحه ومنع استعراضه علناً خوفاً من توسيع جبهة أعدائه في العالم الإسلامي، لكنه يبدو اليوم غير مبالٍ بذلك.

 

رابعاً: الأقصى ورمضان:

يدرك الاحتلال ورعاته الاستعماريون المعادلة القائلة بأن العدوان على الأقصى قد يشكل فرصةً لكسر حالة الاستعصاء واختراقها بفتح جبهة أو جبهات شعبية تساند غزة، ولذلك كانت الولايات المتحدة تدفع نحو فرض هدنة طوال أيام شهر رمضان وعيد الفطر لتبدو كبادرة إنسانية لكنها ترتبط في جوهرها بتجنيب الكيان الصهيوني هذه الاحتمالية.

 

ولا يغيب هذا الاحتمال عن قادة مجلس الحرب الصهيوني المصغر الذين أوصوا في 28-2-2024 بسحب الصلاحيات الأمنية على المسجد الأقصى من وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير الذي هو عضو مركزي في جماعات الهيكل المتطرفة، ويتخذ من تغيير هوية المسجد الأقصى أحد عمادين مركزيين لبرنامجه السياسي الذي جاء على أساسه إلى هذه الوزارة، والذي سبق له أن أعلن قيوداً على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى يشمل المنع التام لأهل الضفة الغربية وتحديد الأعمار بمن هم دون 70 عاماً لأهل الداخل المحتل والقدس؛ لكن معضلة مجلس الحرب هو أن ما يقدمه في هذا الشأن هي توصية لا بد أن تناقش في الحكومة المصغرة حتى تصبح قراراً، وتضم هذه الحكومة المصغرة بن جفير نفسه وزميله في قيادة تيار الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، وهو الخلاف الذي حاول نتنياهو حله بمروغته المعهودة حين صرح الثلاثاء 5-3-2024 بأن الاحتلال "لن يقلل من أعداد المصلين المسموح لهم بالوصول إلى جبل الهيكل في الأسبوع الأول من رمضان عن ما كان في السنوات الماضية"[1]، فهذا التصريح إلى جانب أنه ينصب الاحتلال في موقع من يسمح أو يحجب الصلاة عن المسلمين، وبالإشارة إلى المسجد الأقصى بوصفه "جبل الهيكل"؛ فإنه يتناول الأسبوع الأول من رمضان الذي يزعم الاحتلال أن أعداد المصلين قليلة فيه أساساً، أي أنه في التطبيق سيكون إعادة إنتاج لقيود بن جفير لكن بقالب أسهل تسويقاً.

 

أما محطات التصعيد الأساسية المرتقبة في رمضان فيمكن إجمالها بما يلي:

أولاً: حصار المسجد الأقصى مع بداية رمضان:

وهو الذي تنبئ به اقتراحات وزير الأمن الداخلي بن جفير، والذي تتجاوز سيطرته الصلاحيات المباشرة على قرار شرطة الاحتلال إلى اختراق شرطة الاحتلال في عدد من المواقع القيادية المتركزة في القدس حيث أن قادة تلك القطاعات باتوا من تيار الصهيونية الدينية، ما يعطي ذلك التيار تأثيراً دائماً في سلوك شرطة الاحتلال. وأمام رؤية تيار الصهيونية الدينية للحرب كفرصة نهائية لفرض مشروع التصفية، فإنهم يتطلعون إلى فرض مقولاتهم التصفوية خلالها وهو ما سيجعل هذا التيار مصمماً على عزل المسجد الأقصى ومستعداً لمناكفة أي قرار يفرض عليه بتخفيف القيود عن المسجد الأقصى المبارك.

 

في مواجهة ذلك، لقد كان رمضان الماضي عنواناً لمعركة الاعتكاف التي انطلقت في محاولة شرطة الاحتلال التحكم بهذه الشعيرة وفرض أوقاتٍ لها تتناقض مع قدسية المسجد الأقصى ومكانته، وكانت تلك المعركة تجربة أولية لاشتباك ساحات متعددة في معركة الأقصى التي تُرجمت إلى معركة طوفان الأقصى اليوم؛ وإذا كان منع الاعتكاف عنوان استنهاض معركة لأجل الأقصى فإن منع الوصول إليه والصلاة فيه مرشح لأن يكون فتيلاً أشد انفجاراً، فالمعركة هذه المرة هي على الوصول إلى المسجد بحد ذاته وعلى الصلاة بحد ذاتها.

 

ثانياً: عيد المساخر (البوريم) في الأسبوع الثاني من رمضان (11-15 رمضان):

ويوافق هذا العيد التوراتي أيام 21 و23 حتى 25 من شهر 3-2024 [2]، وعادة ما كان هذا العيد هامشياً في جدول العدوان على المسجد الأقصى المبارك، ويُتخذ منصة للتحضير لعدوان الفصح التوراتي أحد أعياد الحج الثلاثة وعنوان تقديم القربان في الأقصى والذي تقاطع مع رمضان على مدى عامي 2022-2023، إلا أن طبيعة هذه العيد باعتباره مناسبة للسخرية من أعداء اليهود ترشح تحويله اليوم في التطبيق إلى عيد مركزي في العدوان على المسجد الأقصى.

 

وحتى تتضح الصورة أكثر فإن هذا العيد يخلد الأسطورة التوراتية التي تتحدث عن محاولة الوزير الفارسي هامان أن يكيد لليهود لدى الإمبراطور الفارسي أحشويرش ويقنعه بخيانتهم له ويقنعه بالتالي بالانتقام منهم بمجزرة، إلا أن إستير اليهودية محظية أحشويرش من بين خليلاته تتعاون مع ابن عمها ومربيها موردخاي على إفشال مكيدة هامان فينتهي الأمر بإعدام هامان في نفس اليوم الذي كان يخطط لذبح اليهود فيه وبتعيين موردخاي وزيراً مكانه[3]، في سخرية للقدر من أعداء اليهود، وبأن الرب سيجعل من أعداء اليهود فداءً عن شعبه.

 

بإدراك هذه الخلفية التوراتية، والطبيعة الساخرة والصاخبة لاحتفالات هذا العيد فمن المتوقع أن يستثمر كعيد للنكاية بالفلسطينيين والمقاومة، وبأن يكون استهداف المسجد الأقصى أحد العناوين المركزية لهذه النكاية، ومن المتوقع بالتالي أن يشهد المسجد الأقصى شكلين من العدوان خلاله: الأول اقتحام المسجد الأقصى خلال النهار واستعراض الطقوس التوراتية فيه، والثاني أداء الطقوس التوراتية الصاخبة حول المسجد الأقصى وعلى أبوابه بدءاً من غروب الشمس في كل تلك الأيام.

 

ثالثاً: الموعد التوراتي لذبح البقرة الحمراء وإجراء طقس التطهير يوم عيد الفطر:

تشكل البقرة الحمراء حاجة مركزية عند تيار الصهيونية الدينية وجماعات الهيكل المنبثقة عنه، إذ أن ذبح هذه البقرة وتطهير اليهود من نجاسة الموتى هو الشرط الحاخامي الذي يمنع اليهود المعاصرين من اقتحام المسجد الأقصى، وذبح هذه البقرة والتطهر برمادها في الطقس التلمودي المسمى "حَطات חַטָּאת" هو المدخل لتطهير هؤلاء اليهود وليحققوا الشرط المطلوب لاقتحام المسجد الأقصى، وحينها فإن عدد مقتحمي الأقصى سيصبح أضعافاً، وسيمسي الطريق إلى تأسيس الهيكل ممهداً مع اقتحام آلاف اليهود له بشكلٍ يومي.

 

وبما أن تيار الصهيونية الدينية تيار خلاصي في أساسه، فإنه ينظر إلى تأسيس الهيكل باعتباره البوابة لتحقيق الشرط الإلهي المطلوب لإرسال المخلص وفق نظرية "أعمال الرب" التي يؤمن بها هذا التيار، أو نسختها الأكثر تطرفاً "توريط الرب"، فإن كل هذا المسعى لتأسيس الهيكل مصدره تحويل الكيان الصهيوني إلى "مملكة الرب" بما يدفعه إلى التدخل المباشر في حركة التاريخ بإرسال المخلص والتجلي بمعجزاته وقدرته بما يحسم الصراع، وهذا يعني بأن أتباع هذه الرؤية يرون في ذبح البقرة الحمراء إحدى المقدمات العظمى لتحقيق هذه الرؤية ومجيء المخلص.

 

هذه الطبيعة الفكرية لتيار الصهيونية الدينية الذي يشكل 16% من جماعة المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة (يقدر عددهم بنحو 1,1 مليون يهودي)[4]، تعني بأن أتباع هذا التيار سيصبحون أكثر سعياً لاستنزال هذا التدخل الإلهي في مجرى التاريخ كلما شعروا بالخطر وباستعصاء مواجهة التحديات أمامهم بالأدوات المادية الأرضية، أي أن معركة طوفان الأقصى شكلت محطة فاصلة ستزيدهم تمسكاً بذبح البقرة الحمراء وبتأسيس الهيكل وبذبح قربان الفصح ونفخ البوق من المسجد الأقصى المبارك، باعتبارها في مجموعها الأعمال التي تجلب المعجزة لتحسم المعركة، وهو نقيض التفكير العقلاني الذي يفترض أن يبتعد عن توسيع رقعة العداء وأن يتجنب المسجد الأقصى كمركز استنزاف للقوة الصهيونية، والواضح أن هذا التوجه الخلاصي بات مؤثراً ومتغلباً في القرار السياسي الصهيوني، وربما تزيده الحرب تغلباً باعتباره الملاذ الأخير لكل الجماعة الاستيطانية الصهيونية في فلسطين.

 

البقرة الحمراء المطلوبة لتحقيق هذا التطهير التلمودي لها مواصفات فريدة تجعل ظهورها بحد ذاته أقرب إلى معجزة، فهي يجب أن تكون حمراء ليس فيها شعرتان من لونٍ مخالف، وأن لا تُركب ولا تحرث ولا تجر ساقية ولا يربط في رقبتها حبل، وأن لا تنجب ولا تحلب، وأن تكون قد وصلت عمر ثلاث سنوات وخالية من كل العيوب الظاهرة[5]، وهو ما جعل عملية البحث عنها عبر أربعة عقود تمر بمسارات مختلفة بدأت بالبحث العادي ثم بزراعة الأجنة لتنتهي اليوم إلى توظيف الهندسة الجينية في خمس بقرات استجلبت في طائرة خاصة من ولاية تكساس الأمريكية في شهر 10-2022 واستقبلت باحتفالات رسمية لتجري تربيتها في مزرعة خاصة في بيسان مع مراقبة 24 ساعة بالكاميرات[6]، وقد بلغت كل هذه البقرات العمر المحدد لها، ولم يصدر أي إعلان بظهور علامات تبطل ذبحها، بل إن الحاخام إسحاق مامو رئيس منظمة "بناء إسرائيل" التي تشرف على مشروع استجلابها قد أكد في 5-3-2024 أن كل ما تبقى "هي فحوص طهارة بسيطة" قبل أن تصبح البقرات مهيأة للذبح، وأن "هذا الطقس قد يحصل في أي يوم"[7].

 

وأمام توفر كامل الشروط لتطبيق هذا الطقس، بما في ذلك استحداث طبقة الكهنة وتدريبهم، وتوفير قطعة أرض على جبل الزيتون[8] حيث يفترض أن يتم الذبح وفق الشروط التلمودية وانتظار الموعد المناسب فقط، فقد جرى البحث في التاريخ المحدد تلمودياً لهذا الذبح ليتضح أنه في الثاني من نيسان العبري، حيث تقول المشناه بأن الذبح قد جرى ما بين 7-9 مرات في تاريخ اليهود القديم[9] وأن الذبح الأول على يد النبي موسى –عليه السلام- قد كان في اليوم التالي لبناء "خيمة الاجتماع"، أي في الثاني من نيسان العبري[10]، وإذا ما عدنا إلى النظير الميلادي لهذا التاريخ في العام الحالي فإنه يوافق يوم 10-4-2024[11] أي في اليوم الذي سيصادف في الغالب يوم عيد الفطر.

 

لم ترصد حتى الآن عند جماعات الهيكل أية دعوات لفرض هذا الطقس، أو للدعوة إليه خصوصاً وأن تجمع أعداد كبيرة مطلوب لإنجازه، ذلك لا ينفي إمكانية التحضير السري له مع تأجيل وقت الدعوة، فهذا السلوك كان غالباً على جماعات الهيكل فيما خص عيد الفصح التوراتي وموسم الأعياد الطويل في العام الماضي 2023، ورغم ذلك شهد الأقصى في كل منهما ذروة عدوان لم يشهدها منذ احتلاله، وبالتالي لا بد من التعامل مع محاولة فرض طقس التطهر بالبقرة الحمراء على جبل الزيتون يوم 10-4-2024 باعتباره قائماً حتى يثبت العكس، مع استمرار الرصد الحثيث لأي تحركاتٍ تحصل على جبل الزيتون تحديداً وخصوصاً في العشر الأواخر من رمضان، حيث يبدأ عزل الكهنة واستعدادهم لطقس التطهر قبل سبعة أيام من إجرائه.

 

خامساً: الخط العام المقترح للتحرك:

أمام هذا التشخيص باتخاذ المسجد الأقصى مدخلاً لتفريغ معركة طوفان الأقصى من معناها واعتباره مركزاً للنكاية بالمقاومة والشعب الفلسطيني وعموم الأمة، وأمام حالة الاستعصاء الذي تمر به الحرب والذي يمكن للمسجد الأقصى فيه أن يشكل عنوان معركة شعبية تخترقه، وبعد تشخيص المحطات الثلاث للعدوان والتصعيد المرتقبة على المسجد الأقصى في رمضان القريب، فإن الخط العام المقترح للتحرك هو:

 

التعامل مع العدوان على المسجد الأقصى المبارك في رمضان باعتباره خطراً يحمل في طياته فرصة استنهاض المواجهة في ساحات تكسر الاستفراد عن غزة، بحيث يكون كسر حصار المسجد الأقصى عنوان الأسام العشر الأولى من رمضان، والتصدي لعدوان المساخر العبري عنوان العشرة الثانية، واليقظة تجاه محاولة ذبح البقرة الحمراء وتجديد التأكيد على أن التحرير هو وحده ما ينقذ المسجد الأقصى حتى لا يبقى تحت سيف الأساطير التوراتية عنواناً لعشرته الثالثة حتى عيد الفطر.

 

العشرة الأولى: كسر حصار المسجد الأقصى: وذلك باعتباره تصدياً للمحاولة الصهيونية لإعادة تعريف مكانة المسجد الأقصى، وباعتباره تكريساً للحق الإسلامي الخالص والمطلق بشد الرحال إليه والصلاة فيه وفرض الاعتكاف فيه باعتباره شعيرة إسلامية لا يمكن للاحتلال أن يقرر زمانها ومكانه، ولا بد من التنبه هنا إلى إعلان الأوقاف الإسلامية المؤسف يوم الأحد 3-3-2024 بأنها ستعود لبرنامج العام الماضي للاعتكاف كما فرضه الاحتلال باعتباره أيام الخميس والجمعة والعشر الأواخر، ضاربة عرض الحائط بمعركة الاعتكاف وكل تضحياتها ونتائجها، وهو ما يتطلب التحرك تجاهه بخطاب علني يحافظ على الاعتكاف كمساحة اشتباك لاستعادة هوية المسجد الإسلامية الخالصة.

 

الوسائل المقترحة هنا هي دعوة أهل القدس والداخل المحتل وأهل الضفة الغربية إل شد الرحال لكسر حصار المسجد الأقصى منذ اليوم الأول، والتعامل مع العشر الأولى من رمضان وكأنها العشر الأخيرة، مع إصدار فتوى ونداء علمائي عالمي بهذا المعنى، وتوضيح معنى محاولة الاحتلال إعادة تعريف مكانة الأقصى كمقدس، والدعوة إلى الصلاة على الحواجز في حال إغلاق الطرقات، والتوجه للاشتباك المحلي في البلدات والمدن في حال منع الحافلات من التحرك. ترافق ذلك دعوة شعوب الأمة الإسلامية إلى قيام الليل الجماعي والاعتكاف في الساحات العامة في كل ليلة جمعة في الساحات العامة باعتباره اعتكاف كسر حصار الأقصى، واعتكاف الأقصى عنوان التحرير، من الجمعة الأولى لرمضان وحتى الجمعة الأخيرة.

 

ولا بد هنا من ربط حصار الأقصى وحصار غزة باعتبارهما حصار واحد، منشؤه إرادة غزة بالانتصار للأقصى وخوض معركته لمنع وهم الحسم الصهيوني والانتقال إلى فرض التراجعات، وأن واجب الأمة هو أن تلتحق بغزة، طليعتها في خوض هذه المعركة.

 

العشرة الثانية: التصدي لعدوان المساخر: بالتصدي للاقتحامات نهاراً، وللطقوس الليلية الصاخبة المتزامنة مع الإفطار وصلاة التراويح، مع تجديد الوعي بالمخطط الإحلالي الديني في الأقصى ومعناه السياسي، والخطط المرحلية لتحقيقه من تقسيم زماني ومكاني وصولاً إلى محاولة التأسيس المعنوي للهيكل بفرض الطقوس التوراتية فيه، بما يجدد معنى طوفان الأقصى ووعي الأمة به.

 

الوسائل الأساسية المقترحة هي دعوة المرابطين للاعتكاف والتصدي للاقتحامات باعتبار الاعتكاف المدخل الأساسي للتصدي لأي اقتحام، ولشد الرحال الكثيف ودعوة قوى المقاومة والتنسيق معها لرفع مستوى الاشتباك انتصاراً للأقصى وتعزيزاً للبعد القيمي الجامع للمعركة، ودعوة الأمة إلى التظاهر والتحرك في الميادين العامة دعماً للمرابطين.

 

العشرة الثالثة: اليقظة لأي محاولة لفرض طقس التطهر برماد البقرة الحمراء: والذي تتوفر جميع مقدماته، ووقته المقرر توراتياً عند الإقدام عليه هو الثاني من نيسان العبري الذي يوافق يوم 10-4-2024 والمرجح أن يوافق عيد الفطر، باعتبار فرض هذا الطقس يشكل خطراً مركزياً يمكن أن يقلب وقائع معركة الأقصى، وأن يضاعف أعداد مقتحميه، وهو ما يفرض ضرورة التصدي له ومنعه بكل الوسائل.

الوسائل المقترحة هنا هي نشر الوعي بهذا الخطر وارتباطه بالعقيدة الخلاصية للصهيونية الدينية، وتفعيل الرقابة والحضور المباشر على جبل الزيتون، واتخاذ ذلك كعنوان تعبئة مركزي للانتصار للمسجد الأقصى وتحريره من الاحتلال من أساسه حتى لا يبقى تحت سيف هذه الأساطير التوراتية، مع التأكيد على أن هذا الوعي استباقي قائم على توفر جميع الظروف الموضوعية لكن جماعات الهيكل ما تزال تحافظ على الغموض التام تجاهه.

 

 

[1] Times of Israel, 5-3-2024: https://www.timesofisrael.com/netanyahu-temple-mount-access-on-ramadan-to-be-the-same-as-previous-years/

[2] Jewish Calendar 5784 (Israel), Hebcal: https://www.hebcal.com/hebcal?v=1&year=5784&yt=H&i=on&maj=on&min=on&nx=on&mf=on&ss=on&mod=on&o=on&lg=s&D=on&F=on&c=off&geo=none

[3] المسيري، عبد الوهاب، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، الجزء الخامس: المفاهيم والفرق، (القاهرة: دار الشروق: 1999)، ص266-268.

وكذلك:

The Book of Esther: Full Text, The Jewish Virtual Library: https://www.jewishvirtuallibrary.org/esther-full-text

[4] Hermann, Tamar. 2022. The Religions Zionist Sector at Bay, Religions 13: 178. https://doi.org/10.3390/rel13020178

[5] وردت هذه الأوصاف التفصيلية في التوراة، سفر العدد، الإصحاح 19.

[6] أنظر ورقة سابقة للمؤسسة: ابحيص، زياد، أسطورة البقرة الحمراء: كيف تهدد الأقصى، (بيروت: مؤسسة القدس الدولية، 2023):

https://qii.media/index.php?s=items&id=1944

[7] تقرير لمحطة سي بي أس الإخبارية الأمريكية، 5-3-2024:

https://www.cbsnews.com/news/israel-war-hamas-red-heifers-from-texas-jerusalem-jewish-temple-al-aqsa/

[8] قطعة أرض استولت عليها قبل 12 عاماً مؤسسة "ابنوا أورشليم" التي ينشط فيها الحاخام المتطرف إسحاق مامو الذي يتولى في الوقت عونه مشروع استجلاب البقرات الخمس الحمراء من تكساس والإشراف على تربيتها، وسبق لوزارة شؤون القدس الصهيونية أنها قد خصصت موازنة لتطويرها، أنظر: عير عميم، راية حمراء: عن انخراط السلطات الإسرائيلية في العصر المسيحاني بالمساهمة في إحضار البقرة الحمراء لتأسيس المعبد، تموز 2023، ص6، باللغة العبرية: https://www.ir-amim.org.il/he/node/2956

[9] الترجمة الإنجليزية للمشناة:

Meshnah, Parah, Chapter 3, Sentence 5: https://www.sefaria.org/Mishnah_Parah.3.6?lang=bi

[10] الموقع الرسمي لجماعة "حباد" اليهودية:

https://www.chabad.org/calendar/view/day.asp?hdate=1/2&mode=j

والنص الأصلي الذي يجري تأصيل هذا التاريخ بالعودة له هو من كتاب "نظام العالم العظيم" الفصل السابع (ج)، وهو أحد النصوص المقدسة اليهودية وإن كان أقل حجية من الكتب المتفق عليها، وجرت مراجعة الترجمة الإنجليزية لنصه العبري:

Seder Olam Rabbah, Chapter 7: https://www-sefaria-org.translate.goog/Seder_Olam_Rabbah.8.1?lang=he&_x_tr_sl=iw&_x_tr_tl=en&_x_tr_hl=en&_x_tr_pto=wapp&_x_tr_hist=true

[11] Jewish Calendar 5784 (Israel), Hebcal: https://www.hebcal.com/hebcal?v=1&year=5784&yt=H&i=on&maj=on&min=on&nx=on&mf=on&ss=on&mod=on&o=on&lg=s&D=on&F=on&c=off&geo=none

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »