ورقة علمية: مركزية القوة في إدارة التفاوض السياسي الأمريكي
الثلاثاء 2 تموز 2024 - 11:00 ص 1078 مختارات |
إعداد: أ. د. وليد عبد الحي
مقدمة
من غير الممكن عزل مكونات منظومة القيم في أي مجتمع من المجتمعات عن بعضها ومحاولة تأصيل ظهورها وتطورها كلّ على انفراد، فمنظومة القيم نسيج متداخل يتطور بتفاعل صامت بين التاريخ والجغرافيا وآليات نشوء وارتقاء البنية الاجتماعية بمعناها الواسع ومن منظور دارويني أحياناً ومنظور هيغلي جدلي أحياناً أخرى، ثم ثالثاً من منظور خلدوني من زاوية نقل منظومة القيم بين وحدات المجتمع من أفراد وجماعات وتنوعات عرقية ودينية…إلخ.
>> ورقة علمية: مركزية القوة في إدارة التفاوض السياسي الأمريكي
لكن لكل منظومة قيمية في أي مجتمع من المجتمعات سُلَّمٌ قيمي فيه تراتبية للقيم العليا والقيم الوسطى والقيم التابعة، وتتحكم القيم العليا في السلوك العام عبر الوعي العقلي أو تستبطنها الروح العامة بالمنظور الفرويدي.
نزعم في هذه الدراسة أن القوة (بشقيها الخشن والناعم) والبراجماتية (الفكرة صحيحة بمقدار النفع المترتب عليها) هما سنام منظومة القيم الأمريكية، وهو ما يستوجب معه إدراك أن المفاوض أو السياسي الأمريكي يتصرف مع الآخرين وهو مسلح، في وعيه ولا وعيه، بهاتين القيمتين، وهو يفهم القيم الأخرى ويخضعها لتأويلات تجعلها متسقة مع قيمه العليا، وهو الأمر الذي يغيبه المفاوض العربي الرسمي عند التفاوض مع الأمريكيين، ونموذجه المعاصر جولات التفاوض الحالية حول تداعيات طوفان الأقصى.
وسنحاول أن ندلل في هذه الدراسة على فرضيتنا بأن القوة هي القيمة العليا في منظومة القيم الأمريكية، وسيتم ذلك من خلال مؤشرات متعددة تفسر لنا أن السلوك السياسي الأمريكي، خصوصاً مع المنطقة العربية، ليس منفصلاً عن بنية هذه المنظومة القيمية، وهو ما يستوجب مراعاته عند التفاوض مع الأمريكي، ولا يجوز إسقاط منظومتنا القيمية على توقعاتنا للسلوك الأمريكي، بل يجب فهم السلوك الأمريكي الظاهر والباطن من خلال حضور القوة والبراجماتية في منظومته المعرفية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2024/7/1