استهداف المؤسسات الداعمة للقدس سياسة إسرائيلية للاستفراد بالقدس والمقدسات


تاريخ الإضافة الجمعة 20 تشرين الثاني 2015 - 9:47 ص    عدد الزيارات 14667    التحميلات 3585    القسم ورقة معلومات

        


 ورقة معلومات 
استهداف المؤسسات الفلسطينية الداعمة للقدس:
سياسة إسرائيلية للاستفراد بالقدس والمقدسيين والمقدسات


إعداد: إدارة الأبحاث والمعلومات
مؤسسة القدس الدولية
2015/11/19

 

 

لماذا يستهدف الاحتلال الإسرائيلي المؤسسات العاملة من أجل القدس؟


منذ احتلال كامل القدس عام 1967 تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تعزيز توحيد شطرَي المدينة الشرقيّ والغربيّ في سبيل جعل "القدس الموحّدة عاصمة أبدية لدولة إسرائيل". تعامَل الاحتلال مع الوجود الفلسطيني في شطر القدس الشرقيّ المحتل عام 67 على أنه عبء وحجرُ عثرة أمام مخططات ضمّ هذا الشطر وتوحيد القدس، فعمل على ضرب هوية الوجود المقدسي، وربطِ المقدسيين بشكل كامل بمنظومته الاقتصادية والمعيشية والحياتية المختلفة. وفي هذه المعركة وقف الاحتلال بأجهزته ومؤسساته ومخططاته وميزانياته وجهًا لوجه مع المجتمع المقدسي الأعزل إلا من الانتماء لمدينته والإيمان بحقه. وبعد اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي عام 1993 تعززت لدى المقدسيين قناعة بأنهم وحدهم في هذه المعركة التي يخوضها الاحتلال بهدف اقتلاعهم وطردهم. غياب السلطة الفلسطينية منذ عام 1993 إلى اليوم عن القدس بحكم أوسلو دفع المقدسيين للبحث عن مظلة تعوضهم عن هذا الغياب، فأسسوا مئات المؤسسات والجمعيات الأهلية التي تنوعت اختصاصاتها ومجالات عملها في محاولة لتشكيل بديل عن الدور الرسمي الفلسطيني في القدس. وبالفعل، شكلت هذه المؤسسات شبه حكومة ظل في القدس، وبات المقدسيون يلجأون إليها في شؤونهم وبات من الصعب تصور المجتمع المقدسي من دون مؤسسات أهلية تدعم صموده بما تيسر.


وبالإضافة إلى المؤسسات الأهلية داخل القدس تأسست عشرات المؤسسات الداعمة للقدس وللمقدسيين والمدافعة عن الأقصى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، واستغلّ فلسطينيو الداخل وضعهم القانوني كحَمَلة هوية إسرائيلية ليبنوا جسورًا للتواصل والدعم مع القدس والأقصى كون هذا الوضع يجعل وصولهم إلى القدس والأقصى أسهل من غيرهم من الفلسطينيين. وشكلت الحركة الإسلامية على مدار عقود ماضية الجهة الرئيسة التي تبنت قضية الدفاع عن الأقصى في الداخل الفلسطينيّ، فانبثقت عنها عشرات المؤسسة والهيئات المختصة بنصرة القدس والمسجد الأقصى، واستطاعت الحركة الإسلامية خصوصًا وباقي القوى الفلسطينية في الداخل الفلسطيني عمومًا تحريك الجماهير الفلسطينية نحو القدس والأقصى، وتُرجم ذلك على شكل مسيرات شدّ الرحال ومسيرات البيارق التي يشارك فيها فلسطينيو الداخل بهدف الرباط في الأقصى وإعماره ومن ثمّ التجوّل في أسواق القدس والتبضع منها والتسوق فيها بهدف دعم اقتصاد المقدسيين.


هذه المقدمة توضح دور المؤسسات الفلسطينية في القدس والأراضي المحتلة عام 1948 في دعم المقدسيين، والدفاع عن المقدسات لا سيما المسجد الأقصى، وتبيّن لماذا يستهدف الاحتلال هذه المؤسسات بالإغلاق والحظر وفرض الضرائب الباهظة وغير ذلك.


إغلاق وحظر مؤسسات القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48:


في 17/11/2015، أعلن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) عن مرسوم وقّعه وزير جيش الاحتلال موشيه يعلون يقضي باعتبار الحركة الإسلامية –الجناح الشمالي اتحادًا خارجًا عن القانون الأمر الذي يترتب عليه جملة من النتائج منها أن من يتبع هذا التنظيم أو ينتمي إليه أو يعمل في إطاره يرتكب بذلك مخــالفة جنائية عقوبتــها السجن، بالإضافة إلى إمكانية مصادرة أي أملاك تعود للحركة. وزعم بيان الحكومة أنّ الحركة قادت على مدى سنوات حملة من التحريض تحت شعار "الأقصى في خطر" متهمة "إسرائيل" –بالسعي إلى التعرض للأقصى وتغيير الوضع القائم فيه. وقرار حظر الحركة الإسلامية-الجناح الشمالي ليس الأول وهو يأتي ضمن مسلسل من استهداف مؤسسات أو جهات، وحتى أفراد، يضطلعون بدور ريادي ومتقدم في الدفاع عن القدس والأقصى والتصدي لمخططات الاحتلال التي تستهدف المسجد والمدينة وأهلها. كما أنّ هذا القرار الأخير يذكر بقرارات الإغلاق التي اتخذها الاحتلال بحق مؤسسات فلسطينية تعمل في القدس وذلك منذ استكمل احتلال المدينة عام 1967، وإن دلّ ذلك على شيء فهو يظهر مدى إصرار الاحتلال على كسر أي محاولة للتصدي لسياساته ومخططاته أو تشكيل حالة داعمة للوجود العربي والإسلامي الأصيل في القدس والأقصى، كما أنّ عمليات الإغلاق التي طالت مؤسسات القدس كانت تهدف إلى منع أي وجود لمؤسسات فلسطينية يمكن أن يلجأ إليها المقدسيون ليضطروا عوضًا عن ذلك إلى الاعتماد بشكل كامل على مؤسسات الاحتلال ما يجعلهم أسرى ادعاءات السيادة الإسرائيلية على كامل القدس المحتلة.


ومن أبرز الجهات التي لحقتها قرارات الحظر أو الإغلاق، وهي مرتبطة إلى حد كبير بدعم المسجد الأقصى وعمارته والرباط فيه، خلال عامي 2014 و2015:


• في 3/9/2014، أصدر وزير الجيش موشيه يعلون قرارًا بإغلاق مؤسسة عمارة الأقصى والمقدسات بالناصرة وداهمت قوات الاحتلال مكاتب المؤسسة وصادرت محتوياتها من حواسيب وملفات وغيرها. وعقّبت الناطقة باسم جيش الاحتلال على القرار بالقول إن "المؤسسة قامت، بالمشاركة مع حركة حماس في منطقة القدس، بإجراء نشاطات مختلفة في حيز الحرم القدسي سعيًا وراء تعزيز وجود المسلمين بالحرم، إضافة إلى مراقبة نشاطات اليهود الزائرين وتحركاتهم في المكان ومنع السيطرة اليهودية".


• في 12/1/2015، أعلن جهاز الأمن العام (الشاباك) إغلاق 3 مؤسسات عربية إسلامية في الناصرة المحتلة، وكان وزير الجيش موشيه يعلون أعلن حظر المؤسسات الثلاث في كانون أول/ديسمبر 2014. والمؤسسات المحظورة هي أبطال الأقصى، ومؤسسة مسلمات من أجل الأقصى، ومؤسسة الفجر للثقافة والأدب. وقالت سلطات الاحتلال إن المؤسسات هذه دفعت أموالًا لاستخدام "العنف الشفهي بل والجسدي ضد زوار الحرم القدسي" بهدف "إثارة المشاعر. وترعى مؤسسة مسلمات من أجل الأقصى مجالس علم النساء ونشاطاتها ثقافية اجتماعية تسعى إلى تعزيز الوجود الإسلامي في المسجد أما مؤسسة أبطال الأقصى فهي منظمة إعلامية حرفية وتركز على الأحداث في الأقصى.


• في 8/9/2015، أصدر وزير الجيش موشيه يعلون قرارًا اعتبر بموجبه ما أسماه "تنظيمي المرابطين والمرابطات" مجموعة خارجة عن القانون. وكان وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان أوصى في 24/8/2015 باعتبار المرابطين والمرابطات مجموعة خارجة عن القانون، وقال إن الاقتراح حازت موافقة كل من الشاباك والمستشار القضائي لحكومة الاحتلال. وكانت صحيفة "هآرتس" كشفت في تشرين ثانٍ/نوفمبر 2014 أن وزارة الأمن الداخلي وفروعًا أخرى من وزارة الجيش الإسرائيلية سيتقدمون بمشروع قانون لتجريم المرابطين الذين يمنعون دخول اليهود إلى الأقصى. وهو الأمر الذي ناقشه وزير الأمن حينها يتسحاق أهرونوفيتس مع المستشار القضائي للحكومة يهودا فينشتاين، وإن لم يتحقق خلال أيم توليه الوزارة فإن وزراء الحكومة اللاحقة تولوا الموضوع وأوصلوه إلى خواتيمه كجزء من مخططات المؤسسة الاحتلالية لاستهداف مقومات الصمود في الأقصى.


وقرارات الحظر والإغلاق لا تقتصر على هذين العامين الأخيرين، كما أنها لا تقتصر على جهات عاملة في الأراضي المحتلة عام 1948 فقد قام الاحتلال منذ عام 1967 بإغلاق ما يزيد على 100 مؤسسة فلسطينية في القدس منها مؤسسات صدرت بحقها قرارات إغلاق متكررة، ضمن مدد تتراوح بين عدة أيام أو أشهر وصولاً إلى سنة أو أكثر، ومن هذه المؤسسات ما لا يزال مغلقًا إلى اليوم.


ولعل من أهم المؤسسات التي طالتها قرارات الإغلاق بيت الشرق الذي أغلقه الاحتلال عام 2001. وكان لبيت الشرق دور مهم في دعم المقدسيين عبر اضطلاعه بجملة من النشاطات الاجتماعية والقانونية، وقد أسّس 3 أقسام مهمة، وهي دائرة الخرائط والأراضي، والحقوق المدنية المتعلقة بإلغاء حق الإقامة (سحب الهويات)، وقسم ثالث لمتابعة قضايا هدم المنازل من قبل بلدية الاحتلال وترميم البلدة القديمة.


كما أغلق الاحتلال، على سبيل المثال، جمعية الدراسات العربية (2001 وقبلها عام 1988)، ونادي الأسير (2001)، والغرفة التجارية والصناعية العربية (2001)، ومركز أبحاث الأراضي (2002)، ومجلس السِّياحة الأعلى (2002)، ولجنة الزَكاة في العيزرية (2006)، ولجنة زكاة الرام (2008)، ومؤسسة القدس للتنمية (2011-2013-2014) وغيرها.


ويمكن استقراء جملة أهداف تقف وراء اتجاه الاحتلال إلى قرارات الحظر والإغلاق، أهمها:


1. تحجيم دور فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، ومنع تواصلهم الوطني والنضالي والجغرافي مع القدس والمناطق الفلسطينية المختلفة. وربما يكون هذا القرار مقدمة لقرارات أكثر تطرفًا تطال الوجود الفلسطيني في الداخل وربما يكون التهجير والترحيل والخنق من أبرز عناوينها.


2. تقييد جهود الدفاع عن القدس والأقصى، خاصة أن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 يملكون هوية إسرائيلية ما يتيح لهم دخول الأقصى بسهولة. وبهذا القرار تطمح سلطات الاحتلال إلى إزالة عقبة من أكبر العقبات التي تقف أمامها في طريق فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.


3. محاولة إجهاض انتفاضة القدس من خلال توجيه ضربة لحاضنتها الفلسطينية، فقادة الحركة وعلى رأسهم رئيسها الشيخ رائد صلاح ونائبه الشيخ كمال الخطيب شكّلا بخطاباتهم الوطنية عاملًا مهمًا لإشعال الانتفاضة ودفع الشباب الفلسطيني للدفاع عن قدسه ومقدساته.


4. منع الوجود الفلسطيني المؤسساتي في القدس وإبقاء الاحتلال مرجعية وحيدة للمقدسيين كعنوان لإخضاعهم لسيادته وسياساته.

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »