تركيب الكاميرات الأردنية في المسجد الأقصى المبارك
الخميس 24 آذار 2016 - 3:32 م 24239 5083 تقدير موقف |
تركيب الكاميرات الأردنية في المسجد الأقصى المبارك
تقدير موقف صادر عن مؤسسة القدس الدولية 24/3/2016
ملخص
تأتي محاولة الأردن تركيب كاميراتٍ في المسجد الأقصى المبارك تنفيذاً لتفاهمات كيري التي أعلنها في 24/10/2015 وبعد محاولاتٍ إسرائيلية متكررة لوضع الكاميرات في خدمة الأهداف الإسرائيلية كجزءٍ مكملٍ للشبكة الأمنية الإسرائيلية، أو معزز لرصد تحركات المرابطين. وبينما تنحصر إيجابيات تركيب الكاميرات في إمكانية نقل صورة ما يجري في المسجد على نطاق شعبي عربي وإسلامي واسع يمكن التعويل معه على توسع الضغوط الشعبية على الحكومات للتدخل لحماية المسجد، وفي تجنب أزمة سياسية أردنية-إسرائيلية؛ فإن سلبيات هذا الإجراء تبدو أكبر ومن بينها تمكين "إسرائيل" من إعادة تعريف مصدر الأزمة بوصفها خلاف حول "مصدر الاستفزاز" مغطيةً على حقيقة أن اقتحامات المتطرفين اليهود ومحاولة التقسيم الزمني تشكل الفتيل الحقيقي للتوتر في المسجد، كما أنه يأتي في سياق سوء نية إسرائيلية واضحة ستجعل السعي الإسرائيلي لتحويل الهدف من الكاميرات خطراً دائماً حتى بعد تركيبها، علاوة على أنه يأتي في توقيت استبق الإعلام الإسرائيلي المطالبة بتركيب الكاميرات فيه بوصفها عنصر حماية إضافية للمقتحمين اليهود في عيد الفصح اليهودي القريب، ما سيسهم في ضرب مصداقية الأوقاف الأردنية ودورها، وقد يشكل رادعاً لتصدي المصلين المرابطين لاقتحامات المتطرفين اليهود خوفاً من توظيفٍ إسرائيلي للكاميرات، انتهاءُ بكونه يأتي في سياق انتفاضة فلسطينية انطلقت على خلفية محاولة تقسيم المسجد وما تزال مستمرة فيغفل إمكانية الاستفادة منها ويسهم في إلحاق ضررٍ كبير بالصورة الإيجابية للوصاية الأردنية الهاشمية على المسجد. تتلخص الاحتمالات في ثلاثة سناريوهات: إصرار الأردن على التركيب متحملاً مخاطر وتداعيات كبرى، أو منع الاحتلال تركيب الكاميرات ومتابعة محاولته فرض شروط على تركيبها لوضعها في خدمة أجندة التقسيم والاقتحامات، أو تراجع الأردن عن تركيب الكاميرات بناء على قراءة موضوعية، وبينما يبدو الثاني الأكثر احتمالاً فإن الثالث هو المفضل لكونه الأكثر تحقيقاً للمصالح الاردنية والأكثر حمايةً للمسجد.
أولاً: خلفية:
طرحت فكرة تركيب كاميرات في التفاهمات التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 24/10/2015 ضمن مجهودٍ دبلوماسي لاحتواء الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية والتي شكلت محاولة فرض التقسيم الزماني على المسجد الأقصى المبارك السبب المباشر لانطلاقها وهي ما تزال مستمرة حتى كتابة هذا التقدير. قال كيري في إعلانه لتلك التفاهمات من عمان إن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وافق على اقتراح الملك عبد الله الثاني بـ"توفير" تغطية مصورة على مدار 24 ساعة لكل المواقع داخل المسجد الأقصى، ما يوفر سجلاً "شاملاً وشفافاً" لما يحصل فيه، وهذا قد يثبط كل من يحاول تشويه قداسة المكان. وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على التفاهمات بما فيها مقترح الكاميرات في 25/10/2015، معتبراً أن تركيب الكاميرات "مصلحة إسرائيلية".
حاولت الأوقاف تركيب تلك الكاميرات في اليوم التالي للاتفاق في 26/10/2015 إلا أن سلطات الاحتلال منعتها، معتبرةً تركيب الكاميرات في الموقع من صلاحيات السلطات الصهيونية، وحاولت الضغط على الأوقاف الأردنية لتتركز كاميراتها في المباني المسقوفة كالمسجد القبلي والمصلي المرواني وقبة الصخرة، محاولةً تحويل شبكة الكاميرات الأردنية إلى شبكة متممة لكاميرات الرقابة الأمنية الإسرائيلية المنتشرة حول أسوار المسجد وتراقب كل ساحاته وأبوابه لكنها لا تتمكن من رصد ما يجري في أبنيته المسقوفة، وقد تحدثت تقارير صحفية في 6/11/2015 عن رفض الأردن لهذا المقترح.
حاولت الأوساط السياسية والإعلامية الصهيونية الحفاظ على فكرة تحويل الكاميرات الأردنية إلى كاميرات مراقبة مكملة للشبكة الإسرائيلية حتى شهر 2/2016، وقدمته كـ"إنجاز" إسرائيلي في تقارير وتصريحات متكررة، على اعتبار أنها ستنجح في نقل ما يضطر المرابطون إليه من تمترس واستخدام للحجارة والزجاجات الفارغة للدفاع عن أنفسهم وعن حصرية المسجد الإسلامية في أيام الإغلاق الإسرائيلي الشامل، فتكسب بذلك الإساءة إلى صورة التقديس الإسلامي للمسجد، وتستغلها في مهاجمة الحصرية الإسلامية له، وتبرر بالتالي سياسات تقسيمه، كما سيساعدها في رصد المعتكفين والقبض عليهم والتنكيل بهم بعد أيام الاعتكاف. في المقابل، حافظ الأردن على اعتبار أن تركيب تلك الكاميرات واختيار مواقعها هو مسؤولية أردنية بحتة، وبأنها لن تشمل المباني المسقوفة.
عادت قضية تركيب الكاميرات إلى الواجهة مع نهاية شهر 2/2016 مع اقتراب احتفالات عيد البوريم اليهودي-الذي يصادف أيام 23-24/3/2016، والتي تسبق عيد الفصح اليهودي بشهرٍ واحد، ودعوة بعض الأوساط الحكومية الصهيونية للضغط على الأردن لتركيب الكاميرات قبل عيد الفصح تمهيداً لمعرفة "مثيري الشغب" وكشف هوية المعتكفين. وكانت قضية الكاميرات قد تراجعت عن واجهة التداول بحكم فترة انقطاع الأعياد اليهودية والتي تتكرر سنوياً بين نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام وحتى بداية شهر آذار/ مارس من العام الميلادي التالي، والتي استغلها نتنياهو لثلاثة مراتٍ متتالية حتى الآن للترويج لـ"التزام" إسرائيل بالوضع القائم، ومحاولة إظهار مشهد تراجع مؤقت في أجندة التقسيم لامتصاص الغضب الشعبي الفلسطيني والرسمي الأردني والعربي والإسلامي، لكنه في حقيقة الأمر يشكل تمهيداً للعودة من جديد إلى استئناف أجندة التقسيم مع بداية موسم الأعياد في العام التالي انطلاقاً من أجواء أكثر راحةً واسترخاءً.
ثانياً: إيجابيات تركيب الكاميرات:
1. لعل الإيجابية الأبرز لتركيب الكاميرات هي إتاحة الصورة المباشرة من المسجد الأقصى المبارك للمسلمين في شتى أنحاء العالم، بشكلٍ قد يثير إدانتهم للاقتحامات اليهودية المتتالية ويسهم في بناء رأي عام عربي وإسلامي مضادٍ للاقتحامات. يستبطن ذلك تعويلاً أردنياً على أن تُشجع تلك الصور حالة حراكٍ واحتجاج شعبي عربي وإسلامي يوسع دائرة الضغوط ولا يتركها محصورة في الإطار الفلسطيني والأردني فقط. وقد ركزت التصريحات الرسمية الأردنية الممهدة لتركيب الكاميرات أيام 19 و20/3/2016 على هذه الإيجابية بصفتها الأثر الوحيد المترتب على تركيب الكاميرات.
2. يأتي تركيب الكاميرات تطبيقاً لتفاهمات كيري التي جنبت الأردن أزمة محدقة مع إسرائيل بعد محاولة نتنياهو فرض التقسيم الزماني للمسجد الأقصى أيام 13-15/9/2015 وأيام 27-30/9/2015، إذ أن الجهة التي تدير المسجد وتتولى صيانته وإعماره هي الأوقاف الأردنية، ما يجعلها وجهاً لوجه مع أية محاولات إسرائيلية لتغيير الوضع القائم العائد لعام 1967. لعل هذا يشكل الدافع الأساسي لحرص الأردن على متابعة تفاهمات كيري وتطبيق الكاميرات أملاً في تجاوز أي أزمة محتملة في العلاقات مع إسرائيل، في وقتٍ تقرأ فيه دوائر القرار الأردنية أنها بحاجة للاقتراب أكثر من إسرائيل في محاولة لتجنب شظايا الانفجارات المتعددة في الإقليم. القراءة الموضوعية على أي حال تنبئ بأن أثر تفاهمات كيري لن يتجاوز تأجيل الأزمة، إذ أن حكومة نتنياهو الحالية التي يحتل رموز من جماعات المعبد 7 مقاعد وزارية فيها انطلاقاً من صعود اجتماعي تاريخي لليمين وللتيار القومي-الديني الصهيوني، ستواصل سعيها نحو تغيير الوضع القائم في الأقصى ضمن أجندة تدريجية ستنتقل من التقسيم الزماني إلى التقسيم المكاني؛ وإذا كانت الكاميرات تشكل مخرجاً من مواجهة فرض التقسيم الزماني، فإن التقسيم المكاني سيشكل أزمةً أعمق وأصعب ستكون تداعياتها على المسجد الأقصى وعلى الدولة الأردنية أكبر بكثير.
ثالثاً: سلبيات تركيب الكاميرات:
1. ستشكّل الكاميرات منطلقاً لرواية إسرائيلية تعيد تعريف الأزمة: إذ أن الهدف سيكون البحث عن "مثيري الشغب"، وعن "مصدر الاستفزاز، في حين أن اقتحامات المتطرفين اليهود هي بحد ذاتها العدوان الأساس الذي يستجلب الرد، لكونه يحاول نقل المسجد الأقصى من حيز الملكية الإسلامية الخالصة إلى حيز الملكية المشتركة مع اليهود. ستمهد الكاميرات لرواية إسرائيلية تقدم الأزمة على أنها تشنج وتطرف إسلامي في "رفض المشاركة" مع اليهود، وستسغل الصورة لتقول بأن المقتحمين اليهود هم مجرد زوار آمنين –وهو نص مهد له كيري في التفاهمات- وأن ردود فعل المصلين المسلمين هي مصدر التوتر والأزمة. إن تفوق "إسرائيل" النوعي على العرب في بناء الرواية الإعلامية –بالذات في الإعلام الغربي- هو معطى سابق على قرار تركيب الكاميرات، وليست "اكتشافاً" سيصل إلى المدارك بعدها، ولا يمكن أن يبرر قرار تركيب الكاميرات بالتعويل على تفوق عربي إعلامي على إسرائيل في بناء الصورة، لأن هذا غير متاحٍ موضوعياً قبل تركيب الكاميرات.
2. يأتي تركيب الكاميرات محاطاً بتمهيد إسرائيلي يشي بسوء النية في تطبيق التفاهمات، من منع الأردن بداية من تركيبها ومحاولة الاستحواذ على التركيب والشبكة، مروراً بمحاولة توظيفها كشبكة أمنية مكملة للشبكة الإسرائيلية وصولاً إلى محاولة فرض وقت تركيبها ليأتي وكأنه في سياق خدمة وتأمين اقتحامات عيد الفصح القادم في 23-25/4/2016. هذا يعني أن السلطات الإسرائيلية لن تدخر جهداً لتحويل الهدف من الكاميرات لتخدم أهدافها ومصالحها قبل التركيب أو بعده، ما يحيلها إلى مصدر خطرٍ مستمر على صورة الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى التي ما تزال حتى الآن تحمل سجلاً حافلاً بإنجازات الإعمار والصيانة والترميم والحفاظ على المسجد، ولعل هذا يفرض تقييماً دقيقاً لمدى الحاجة لمثل هذا الإجراء، ومدى سلامة تنفيذه.
3. يأتي التوقيت الحالي لتركيب الكاميرات متفقاً تماماً مع الاستباق الإسرائيلي الذي حاول أن يقدم الكاميرات الأردنية كوسيلة تأمين وحماية للاقتحامات وردع للمصلين عن مواجهتها؛ وإن كانت هناك نوايا أردنية في استثمارها لمواجهة تلك الاقتحامات فإن استباقها إسرائيلياً بهذا الشكل لن يترك مساحةً لتحقيق الأهداف الأردنية أو حتى بيانها، وسيبقي تركيبها حبيساً لظلالٍ كثيفة من الشك في الشارع المقدسي والعربي والإسلامي.
4. قد تشكل هذه الكاميرات وتخوف المصلين من توظيفها إسرائيلياً رادعاً للمرابطين والمصلين عن التصدي للاقتحامات، مما يسهّل مهمة المقتحمين اليهود ويكثف وتيرة اقتحاماتهم، وستفسر الكاميرات في حال حصول ذلك –لا سمح الله- كتواطؤ أردني مع "إسرائيل" على تقسيم المسجد، وقد صدرت في الإعلام الإسرائيلي تقارير عديدة خلال الشهور الماضية تحاول أن تصور تركيب الكاميرات في هذه الخانة، وهو سلوكٌ يمكن أن يقرأ أنه يهدف لضرب مصداقية إدارة الأوقاف الأردنية للمسجد تمهيداً لتغيير شكل وطريقة إدارة المسجد.
5. يأتي تركيب الكاميرات في ظل انتفاضة فلسطينية شعبية بذلت فيها دماء أكثر من 200 من الشهداء، انطلقت على خلفية محاولة تقسيم المسجد الأقصى المبارك، وتمرير مفاعيل تفاهمات كيري بهذه الطريقة سيلقى استهجاناً فلسطينياً واسعاً في ظل هذه البيئة، ويغفل حقيقة موضوعية مفادها أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية تشكل رافعةً للدور الأردني في المسجد يمكن الاتكاء عليه في رفض أية حلولٍ أو تغييرات وفي التمترس وراء الموقف الرافض لاقتحامات المتطرفين اليهود من حيث المبدأ بصفتها المصدر الأساس والوحيد للتوتر والمواجهات.
رابعاً: السناريوهات المحتملة لتطور موضوع الكاميرات:
الأول: أن يمضي الأردن في تركيب الكاميرات مدفوعاً بالرغبة في تجنب أي تأزمٍ سياسي مع إسرائيل في البيئة الحالية، مغفلاً ما قد يترتب على تركيبها من سلوكٍ إسرائيلي لتجييرها وتحويل الهدف منها، ومغفلاً الفرصة التي تتيحها الانتفاضة لتعزيز الموقف الرافض للاقتحامات من حيث المبدأ. سيؤدي هذا السيناريو في الغالب إلى تجاوز الاحتقان السياسي مع إسرائيل على خلفية التقسيم الزماني، وقد يتيح اطلاعاً شعبياً عربياً وإسلامياً أكبر على حقيقة ما يجري في المسجد، إلا أنه سيتيح لـ"إسرائيل" فرصة بناء رواية تكرس "حق" اليهود في الزيارة وتحمل المسلمين مسؤولية رفض ذلك، وهو ما سيجعل الأردن أمام بيئة دولية أقل قبولاً لخطابه ومواقفه في أية جولةٍ قادمة لمزيد من التغيير في المسجد الأقصى، كما أنه سيؤجل الاختناق السياسي إلى نقطةٍ قد تكون أصعب وأعمق أثراً وهي التقسيم المكاني الذي تعلنه الأوساط الصهيونية ولا تخفيه، علاوةً على أنه قد يلحق ضرراً طويل الأمد بصورة الرعاية الهاشمية للمسجد الأقصى والمقدسات، والتي ما تزال حتى الآن مرتبطةً في أذهان العرب والمسلمين بإنجازاتٍ عملية كبيرة في مجال الإعمار والترميم والصيانة.
الثاني: أن تمنع إسرائيل تركيب الكاميرات، وتواصل سعيها لفرض تركيبها ضمن شروطها وبطريقةٍ تخدم شبكة كاميراتها الأمنية الموجودة أصلاً وتجعلها مكملةً لها أو مساندة في إدانة سلوك المصلين والمرابطين، معولةً على استمرارية الدافع الأردني لتجنب أزمة سياسية معها. في هذه الحالة سيتجنب الأردن التداعيات المعقدة المحتملة لهذا الإجراء، وسيكون بإمكانه تحميل "إسرائيل" المسؤولية عن ذلك وأن يتوقف عن محاولة تركيب الكاميرات، خصوصاً وأن نقل صورة الاقتحامات الإسرائيلية ممكن عبر طاقم الحراس والموظفين الواسع، أسوةً بنماذج شعبية سابقة نجحت في توثيق الاقتحامات بشكلٍ فعال ارتكازاً على عدد محدود من المتطوعين. أما في حال واصل الأردن سعيه لتركيب الكاميرات، فسيبقى التعويل الإسرائيلي على إمكانية جره إلى فخ خدمة أجندة التقسيم والاقتحامات قائماً.
الثالث: أن يوقف الأردن سعيه لتركيب الكاميرات من جانب واحد اعتماداً على قراءة موضوعية للأخطار التي تحف تركيبها، ويبحث عن بدائل لتوثيق الاقتحامات، أو أن يترك الوضع على ما هو عليه –في الحد الأدنى- تاركاً الواجهة للرد الشعبي الفلسطيني القائم على محاولات التقسيم الإسرائيلية. سيترتب على ذلك قدر من تأزم العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وتجنب الأردن لأي تداعيات لتركيب الكاميرات لكنه سيعيده بعد فترة إلى خانة المطالب بإجراءات لحماية المسجد مع الاستمرار المتوقع والمنظور للعدوان الإسرائيلي عليه.
لعل السيناريو الأول والثاني هما الأقرب للتوقع، مع كون الثاني أقرب للحصول، رغم أن السيناريو الثالث هو المفضل لكونه الأكثر تحقيقاً للمصالح الأردنية والأكثر حفاظاً على الثوابت في المسجد الأقصى.
خامساً: توصيات:
1. توجيه نصحٍ موضوعي إلى الحكومة الأردنية قائم على الدعوة إلى الموازنة بين المصلحة قصيرة الأمد المتمثلة بتجاوز أزمة ممكنة مع إسرائيل في بيئة إقليمية صعبة ومتفجرة، وسلبيات طويلة الأمد من شأنها أن تمكن إسرائيل من تشكيل بيئة دولية أكثر تقارباً مع الرواية الإسرائيلية وأقل تفهماً لأي جهدٍ أردني لحماية المسجد، والعودة الحتمية إلى مربع أزمةٍ أشد وأكثر تعقيداً مع التطور المتوقع في السقف الإسرائيلي نحو التقسيم المكاني، خصوصاً وأن الإيجابية الأساسية المتمثلة في نقل صورة ما يجري في الأقصى على امتداد العالم العربي والإسلامي يمكن تحقيقها بأدواتٍ فعالةٍ أخرى.
2. دعوة الأردن لإبداء حذرٍ أكبر تجاه مشروع الكاميرات، والتداعيات الكبيرة التي لا يضمن درأها، أسوة بما أبداه من حذر في مختلف الملفات الإقليمية، وإذا كان الأردن يقرأ في الصراعات المشتعلة في الإقليم مصدر خطر عليه، فلا يمكن النظر إلى "إسرائيل" وسعيها المحوم لتقسيم المسجد الأقصى إلا بنفس المنظار.
3. رغم إدراك التفوق الإسرائيلي النوعي في بناء الرواية الإعلامية، فالجهات العربية والإسلامية مطالبة بالتحضير لليوم التالي لتركيب الكاميرات إن حصل، ببناء رواية إعلامية تركز على أن مجرد رصد الكاميرات لاقتحامٍ يهودي للأقصى هو مصدر العدوان الأساس، وأنه عدوان على هوية المسجد كمقدس إسلامي، وأنه محاولة لتغيير الوضع القائم في المسجد منذ عام 1967 ومنذ ألف وأربعمئة عامٍ قبله، ويشكل بالتالي الفتيل الحقيقي للتوتر والأزمة حول المسجد.
4. دعم حركة الرباط والتواجد الإسلامي الشعبي في المسجد بوصفها وسيلة الحماية الأفعل والأنجح في حماية المسجد.
5. الدفع لبناء تكامل بين الجهد الرسمي والشعبي، بشكلٍ يعزز السقوف الرسمية، ويحافظ على بقائها متماسكة غير مضطرةٍ للتراجع والتسويات.