منذ ما يزيد عن 450 عاما لا زال مجمع خاصكي سلطان خلية لاعمال الخير في مدينة القدس العتيقة سواء في الايام العادية او في شهر رمضان الفضيل من خلال مساعدة الاسر الفقيرة وإطعام المحتاجين ويعتبر مجمع خاصكي سلطان من اكبر العمائر في البلدة القديمة بالقدس.. وهو متحف للعمارة المملوكية والعثمانية ويمتاز بتنوع الاشكال والزخارف الهندسية كما يحتوي على عدد من الساحات الداخلية وينحصر المجمع بين شارعين يمتدان بشكل متوازي من الغرب الى الشرق وللمجمع بوابتين ضخمتين شمالية واخري جنوبية , تم الانتهاء من بناءه سنة 1556م بأمر من " خاصكي سلطان" أي الى روكسلانة زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني ( 1520-1566) والتي تعرف ايضا بإسم خُرم أي الضاحكة او المرحة ويعرف المجمع باللهجة المحلية بـ" التكية"ويقصد منها مكان تقديم الاكل المجاني كما يسمي احياناً بـ" الشوربة"، واما وظيفتها الاصلية تقديم الطعام للفقراء والمحتاجين في المدينة المقدسة والزوار الوافدين من الضفة الغربية لاداء صلاة الجمع والتراويح في رحاب المسجد الاقصى المبارك، واستمر مطبخ التكية حتى يومنا، وقد جري في السنوات الماضية ترميم المجمع وتحديث معداته، وعن ذلك رصدت عدسة مراسلتنا بالقدس المحتلة ( ديالا جويحان) اقبال الوافدين من اهلنا من القدس لتكية خاصكي سلطان مع بداية شهر رمضان المبارك لعام 2012 من اجل جلب وسد احتياجات اسرهم الفقيرة التي تعيش اوضاع اقتصادية صعبة .

الطباخ : يوم الجمع تزداد الوجبات الساخنة بسبب وجود اهلنا من الضفة الغربية...

قال الطباخ الحاج احمد بحيص في حديث خاص مع مراسلتنا بالقدس:" اعمل منذ 23 عاماً في تكية خاصكي سلطان، وعن اختلاف شهر رمضان عن العام الذي سبقه يزداد ارتفاع الفقر في مدينة القدس وطوال السنة يتم تقديم وجبة ساخنة فترة الظهيرة، ويزداد في شهر رمضان المبارك والتكية مفتوحه امام جميع المواطنين الفلسطينيين في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها ابناء شعبنا الفلسطيني.

واضاف الحاج، بانه يقوم يومياً وتحديداً في شهر رمضان المبارك بزيادة كمية الاكل عن الايام العادية حيث يتم طبخ رز 75 كيلو ، ودجاج 250 كيلو، ولحم 200 كيلو، وزهر 100 كيلو ، وبطاطا، وفاصولياء، ويتم زيادة كمية الاكل خلال شهر رمضان والمصاريف تكون باهظة ايضاً من اجل سد احتياجات المواطن الفقير، ويومياً يقدم نحو 900 وجبة غذائية للمواطنين الفلسطينيين ويرتفع ايام الجمع بسبب وجود اهلنا من الضفة الغربية اثناء اداءهم لصلاة الجمعه والتراويح في المسجد الاقصى المبارك.

المواطنة المشعشع: تعيش ظروف اجتماعية واقتصادية صعبه

بدورها قالت المواطنة نهى المشعشع من سكان البلدة العيسوية في القدس، ام لثلاث اولاد، تعيش ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة وحالة من ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة ، حيث تتقاض مخصصة (ضمان الدخل) وتعيش في منزل تدفع اجار شهري ،عدا عن دفع فواتير الكهرباء والمياه، واول سنة لها تتوجه لتكية خاصكي سلطان من اجل جلب الوجبات الساخنة الرمضانية لسد احتياجات اسرتها الفقيرة

وشكرت ادارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية- القدس، لمساعدة العائلات الفقيرة في مدينة القدس، وتضيف:" بان الوجبات الساخنة تقدم لأسرتها بكميات كافية.

ام عمر: زوجي يحمل هوية الضفة الغربية ويمنع من العمل

أما المواطنة ام عمر:" ام لخمس اطفال وتقطن في مدينة القدس وضعها الاقتصادي صعب بسبب عدم عمل زوجها لانه يحمل هوية الضفة الغربية، وانها كل عام بشهر رمضان وغيرها تتوجه لتكية خاصكي سلطان من اجل سد جوع ابنائها .

الطفلة : والدي معتقل ونعيش اوضاع صعبه...

بدورها قالت الطفلة أيات المغربي 11 عاماً من سكان بلدة سلوان، والدي معتقل منذ شهر بسبب نقله مواطنين من الضفة الغربية (بمركبته الخاصة)ونقطن بالمنزل 8انفار، وحضرت اليوم من اجل احضار وجبة افطار لجدتي التي تقطن بالبلدة القديمة ولاسرتي في بلدة سلوان، وليست المرة الاولي التى اجلب بها الوجبات لعائلتي لاننا نعيش اوضاع اقتصادية صعبه بعد غياب والدي.

الخطيب.. 3 آلاف دنيار يومياً تزداد مع ايام شهر رمضان لسد حاجات الاسر المحتاجة والفقيرة..

وقال محمد عزام الخطيب مدير الاوقاف الاسلامية في القدس في حديث خاص معه:" ان تكية خاصكي سلطان التابعة مباشرة لدائرة الاوقاف الاسلامية سوف تقوم بتقديم وجبات افطار خاصة يوميا وتوزيعها على الوافدين اليها من العائلات لنقل هذه الوجبات الى بيوتهم خاصة البيوت المستورة والفقيرة .

وتقدم دائرة الاوقاف شكرها لكافة المحسنين الذين يساهمون مساهمة فعالة في تقديم العون للتكية وتخص جمعية الهلال الاحمر الاماراتية حيث تكفلت الشيخة شمسة ال نهيان بتغطية نفقات التكية طوال العام .

وثمن الجهود الخيرة للهلال الاحمر الامارتي القائم بكل امانة على دعم هذه التكية التاريخية في قلب الاقصى المبارك.

ويضيف الخطيب:" بان تكلفة الطعام يومياً يقدر بـ 3 آلاف دينار،علما بأن عمل التكية يزداد ويتضاعف في شهر رمضان ليستوعب اكبر عدد من العائلات التي تتناول الوجبات في بيوتها، بالإضافة ليزداد الاعداد والإقبال على التكية يوم الجمعه بوجود المصلين من ابناء الضفة الغربية الكبار بالسن، لتناول وجبة الافطار في رحاب المسجد الاقصى

خلفية تاريخيه عن مجمع خاصكي سلطان....

يقع مجمع خاصكي سلطان الضخم في قلب القدس القديمة وبالتحديد في وسط الجهة الجنوبية من طريق عقبة التكية ... أوقفت خاصكي سلطان على مشروعها الخيري هذا العديد من الاوقاف، لتكفل له دوام البقاء والاستمرارية، وكانت من السخاء بحيث ان جميع الدخل ناتج لحوالي 30 بلدة وقرية في فلسطين وخارجها كان يحول الى ميزانية هذا المشروع، واضيف الى هذه الوقفية باربعة قري اضافية من وقف السلطان سليمان القانوني لدعم الوقف بعد وفاة وزوجته خاصكي سلطان مباشرة، لقد كانت هذه القرى موزعة على عدة مناطق وولايات في غزة ونابلس والقدس وصيداً وطرابلس الشام.

 يتالف المجمع من عدة اقسام بعضها لا زال قائما وبعضها اندثر مع مرور الزمن ومن هذه الاقسام خان كبير لنزول المسافرين والتجار، ومسجد لاقامة الصلوات وقراءة القران، ورباط مؤلف من 55 غرفة لاقامة الصوفية والفقراء والمجاورين في بيت المقدس، ومطبخ كبير وفرن وطاحونة وعدة مخازن وسبيل لتوفير المياه للمقيمين وكذلك لاستعمالات المطبخ، ولا يزال المطبخ يقدم الشوربة يوميا في الصباح والارز واللحم في شهر رمضان، رغم ان كل اوقا هذه المؤسسة قد ضاعت وظلت دائرة الاوقاف الاسلامية الممول الوحيد بالاضافة الى بعض المحسنين.

يستخدم مجمع خاصكي سلطان بكل مكوناته خاصكي سلطان ودار الست طنشق ودار العدلية (كدار للايتام الاسلامية بما فيها منامة).

وهي عبارة عن مدرسة صناعية على درجة عالية من الاهمية، حيث تعلم الطلاب فيها على حرف التجارة والتنجيد والطباعة وأعمال الخيزران حيث تخرج منها اعداد كبيرة من الحرفيين، كما استخدم جزء منها بعد العام 1967 كمدرسة يومية عادية، وألحق بها مدرسة مملوكية مجاورة هي المدرسة الرصاصية.

 

لمشاهدة الفيديو اضغط هنا