«باب الشمس» إذ تتحول إلى قرية فلسطينية تتحدى تهويد القدس

تاريخ الإضافة الإثنين 14 كانون الثاني 2013 - 6:24 ص    عدد الزيارات 2939    التعليقات 0    القسم أرشيف الأخبار

        


 

في روايته الملحمية الكبيرة «باب الشمس» استعاد الروائي والكاتب اللبناني البارز إلياس خوري فلسطين في الحكاية، جاعلاً من سرد الحكايات الصغيرة التي تشكّل نتفا من المأساة الفلسطينية سبيلا لقيامة المناضل الفلسطيني الذي يرقد في حالة موت إكلينيكي. كان المناضل، الذي يمثّل في «باب الشمس» جمّاع الحكايات الفلسطينية، راقداً بلا حراك يستمع إلى ما يرويه صديقه وابنه الروحي الذي يحاول استعادته ببلسم الحكاية. كأنما الراوي هو شهرزاد في ألف ليلة وليلة تحاول تأخير سيف شهريار الزاحف في ليل أعمى إلى نحرها ونحور بنات جلدتها من النساء.

لربما أراد إلياس خوري أن يقول في «باب الشمس» إن الحكايات الكثيرة التي رواها الطبيب الفلسطيني، الذي لم يكن طبيبا حقيقيا، ولم يكن في الوقت نفسه ابنا للرجل الراقد في غيببوته، إننا إن تمسكنا بحكاية فلسطين قد نستعيد فلسطين، فالصراع بين الفلسطينيين والعرب من جهة والإسرائيليين من جهة أخرى هو في بعض وجوهه صراع حكايات وليس مجرد التحام في معركة تحسم فيها المصائر كما قال غسان كنفاني في روايته «ما تبقى لكم».
لقد وعى إلياس خوري، كما وعى مفكر وناقد كبير مثل إدوارد سعيد وشاعر عظيم مثل محمود درويش، أن الحكاية هي جوهر هذا الصراع المرير القائم بين الفلسطيني والإسرائيلي؛ حكاية الفلسطيني الواقعية، أي حكاية اللحم والدم والتراب، وأسطورة الإسرائيلي القادمة من جبّ التاريخ لكي تتحوّل إلى واقع ودولة ومصير.

المدهش أن رواية إلياس خوري قد تحولت في اليومين الماضيين إلى واقع من لحم ودم على الأرض. لقد تجسدت الرواية، أو المغارة التي كان الزوجان بطلا الرواية يلتقيان فيها ليصنعا استمرارية الحكاية الفلسطينية، إلى قرية فلسطينية مكوّنة من خمسين خيمة تتحدى واقع الاستيطان الصهيوني الذي قضم القدس من كل الجهات. وقد أقيمت القرية على عجل في ساعات الفجر الأولى من يوم أول أمس على واحدة من التلال الممتدة شرقاً والتي استولت عليها إسرائيل لإقامة مستوطنة جديدة عليها تسمى «إي 1». وقد أطلق على القرية اسم «باب الشمس» نسبةً إلى رواية إلياس خوري عن تهجير الفلسطينيين وتشريدهم وحرمانهم من العودة إلى وطنهم. و»باب الشمس» هي القرية الأولى التي يقيمها الفلسطينيون منذ الاحتلال عام 1967. لكن السلطات الإسرائيلية أصدرت أمراً بهدمها وإزالتها، فقام الناشطون الفلسطينيون بتقديم استئناف فوري على القرار لمحكمة العدل العليا التي أصدرت، كما هو عليه الأمر في مثل هذه الحالات، قراراً بوقف التنفيذ لحين بحث القضية.

بهذا المعنى فإن حكاية إلياس خوري تجسدت واقعا على الأرض؛ حكايتُه الرمزية الخيالية تحولت إلى جغرافيا مقاومة للاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، ما يشير بالفعل إلى قوة الحكاية وقدرتها على المقاومة والوقوف في وجه محو الهويّة وتجريد القدس من وجهها العربي. يشكّل الأدب والخيال، في هذه الحالة، قوة دافعة ووسيلة من وسائل الصراع ضد قوة الاحتلال الغاشمة. ولعل رحلة «باب الشمس» من رواية عن فلسطين إلى قرية رمزية يقيمها النشطاء الفلسطينيون، الآتون من كلّ مكان في أرض فلسطين التاريخية، هو تعبيرٌ مدهش وخلاق عن طاقة الخيال الذي ينقلب بين يوم وليلة إلى واقع.


المصدر: الدستور - الكاتب: publisher

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »