مؤسسة القدس الدولية تصدر حال القدس (4)

الاستعدادات لانتخابات "الكنيست" ترخي بتطرفها على القدس والأقصى، والاستيطان يتصدر المشهد المقدسي

تاريخ الإضافة الخميس 17 كانون الثاني 2013 - 12:03 م    عدد الزيارات 2524    التعليقات 0    القسم أرشيف الأخبار

        



أصدرت مؤسسة القدس الدولية تقرير حال القدس عن الفصل الرابع والأخير لعام 2012، ويغطي التقرير أبرز التطورات في مدينة القدس في الفترة الممتدة بين تشرين أول/أكتوبر وكانون أول/ديسمبر 2012. وقد تصدّر التغوّل الاستيطاني المشهد المقدسي خلال هذه الفترة، خصوصًا بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إعطاء فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو، في وقت تتحضر دولة الاحتلال للانتخابات التشريعية المقررة في 22/1/2013. وبين الاثنين، مشروع تهويدي يطال المدينة وأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية. 
ويفنّد التقرير المخاطر المحدقة بالقدس والأقصى في المرحلة القادمة مع تمسك مرشحي الانتخابات التشريعية بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال والإصرار على استمرار الاستيطان في المدينة، علاوة على اتخاذهم الأقصى ورقة للترويج لبرامجهم الانتخابية.  
ويستعرض التقرير كذلك تطور المشروع التهويدي المتعلق بالأقصى من قبيل بناء الكنس وحفر الأنفاق التي تسعى إلى إضفاء طابع يهودي على المكان. وكان بارزًا خلال الفترة التي يغطيها التقرير مصادقة بلدية الاحتلال في القدس في 28/11/2012 على مخطط ترميم كنيس "تفئيرت يسرائيل" (جوهرة أو سوسنة إسرائيل) الذي سيقام على بعد 200 متر من المسجد الأقصى على أنقاض مصلى إسلامي مصادَر.
ويسلط التقرير الضوء على الممارسات الاحتلالية التي تستهدف المقدسات المسيحية وقد تجلّت بشكل خاص مع تفاقم قضية الديون التي طالبت بها شركة "جيحون" كنيسة القيامة والتي بلغت 9 مليون شيكل (حوالي 2.3 مليون دولار). كما يشير إلى استمرار حملات "جباية الثمن" التي تطال المقدسات المسيحية ومن ذلك كتابات مسيئة إلى السيد المسيح خطّها متطرفون على جدار دير المصلبة التابع للكنيسة الأرثوذكسية في 12/12/2012.
على مستوى التهويد الديموغرافي، يتطرق التقرير إلى موضوع الاستيطان الذي ما زالت تطوراته تحتل المساحة الأكبر على هذا الصعيد، خصوصًا بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو. فقد أتبع هذا التصويت بإعلان حكومة نتنياهو عن نيتها بناء 3000 وحدة استيطانية في الضفة الغربية وفي شرق القدس، بالإضافة إلى إحياء المشروع الاستيطاني في المنطقة المسماة E1، علاوة على موافقة اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء على بناء 1500 وحدة سكنية في "رامات شلومو".
يشير التقرير كذلك إلى أثر السياسات الاحتلالية على الاقتصاد المقدسي الذي يتعرض للمزيد من التآكل والتراجع بسبب هذه السياسات ولا سيما المعوقات المادية والإدارية التي يفرضها الاحتلال والتي تنسحب سلبًا على مختلف نواحي الاقتصاد، وتحديدًا التجارة. ويطل التقرير أيضًا على موضوع الأسرى المقدسيين ومعاناتهم من خلال الإضاءة على قضية الأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ 8/1/2012.
وعلى صعيد الموقف السياسي، يستعرض التقرير التفاعل مع قضية القدس حيث يقابل المشروع التهويدي بموقف عاجز، وقد عبّر عن ذلك أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، بالقول إن الجهود المبذولة من الأطراف المعنية كافة لإنقاذ مدينة القدس محدودة وغير كافية.

لتحميل التقرير بصيغة word ... اضغط هنا

لتحميل التقرير بصيغة pdf ...... اضغط هنا

الملخص التنفيذي للتقرير
تصدّر التغول الاستيطاني المشهد المقدسي خلال الفترة التي يغطيها التقرير حتى بلغ حدًّا لم يسبق له مثيل خلال العقود الماضية. الطفرة في إقرار الخطط الاستيطانية ألهبها حصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة في 29/11/2012 كما زاد من وتيرتها وقوف دولة الاحتلال على مسافة غير بعيدة من الانتخابات التشريعية حيث أظهر المتنافسون، ولا سيما من اليمين المتطرف، تمسكًا بالبناء الاستيطاني كحق وواجب، وكورقة لجذب الناخبين. الاستعدادات للانتخابات أرخت بثقلها أيضًا على الأقصى وكان ذلك بارزًا بشكل كبير في تعاطي المرشحين للانتخابات مع المسجد وصلاة اليهود فيه. حملة شرسة شهدتها المقدسات المسيحية، تجلت خصوصًا في الضغوطات التي تعرضت لها كنيسة القيامة من قبل شركة المياه الإسرائيلية التي طالبتها بدفع فواتير تفوق ملايين الشواكل تحت طائلة الحجز على حسابات الكنيسة. كما شهدت الفترة التي يغطيها التقرير إضرابات عن الطعام خاضها الأسرى المقدسيون وعموم الأسرى الفسطينيين لتحصيل بعض من حقوقهم القانونية، في وقت أظهرت التقارير أن نسبة الفقر بين المقدسيين ناهزت 70% فيما الاقتصاد متعثر بفعل السياسات الاحتلالية والتضييق على المقدسيين. وبين الجوع والتجويع انتهاكات تتوالى فصولاً وتلاحق المقدسيين في أدق تفاصيل حياتهم ترهقهم وتعزلهم وتحاول تركيعهم تحت واقع يجرهم إلى التماهي مع الاحتلال والتعايش معه. 
على صعيد التهويد الديني والثقافي، يرزح المسجد الأقصى تحت عبء تزايد الاقتحامات من قبل المتطرفين وعناصر المخابرات الذين لم تعد اقتحاماتهم للأقصى أمرًا نادرًا. تزايد وتيرة الاقتحامات يترافق مع ارتفاع في نسبة المؤيدين لصلاة اليهود في المسجد الأقصى كما أظهرت أرقام واستطلاعات نشرت مؤخرًا. أما الانتخابات التمهيدية فقد تمخضت عن لوائح ضمّت أشد المتطرفين تمسكًا بالصلاة في "جبل المعبد" (التسمية التلمودية للمسجد الأقصى) والداعين إلى بناء "المعبد" الثالث، لا سيما كما ظهر في لائحة الليكود. هذه الدعوات والتأييد المضطرد لصلاة اليهود في المسجد الأقصى والمرشحون الذين سيرسمون سياسة "الكنيست" والحكومة القادمتين، كل ذلك يدفع إلى التساؤل حول مستقبل المسجد الأقصى في المرحلة القادمة التي لا تبدو أقل خطرًا من سابقاتها.
وفي النشاط التهويدي الميداني، صادقت بلدية الاحتلال في القدس في 28/11/2012 على مخطط ترميم كنيس "تفئيرت يسرائيل"، الذي سيقام في "الحي اليهودي" (حارة الشرف المحتلة) على بعد حوالي 200 متر من المسجد الأقصى، على أنقاض مصلى إسلامي مصادر. الكنيس يتكون من ثلاث طبقات فوق الأرض وقبة ضخمة، وسيكون ارتفاعه عن الأرض نحو 23 مترًا، فيما تصل تكلفته إلى 50 مليون شيكل (حوالي 13 مليون دولار). وقد أنجزت بلدية الاحتلال المرحلة الأولى مما يسمى مخطط "استحداث ساحة البراق"  بتدشين شبكة الأنفاق على تخوم المسجد الأقصى وساحته دون مراسم احتفالية وفتحت بلدية الاحتلال شبكة الأنفاق أمام السياح الأجانب واليهود بينما حظرت على الفلسطينيين دخولها.
ولا تفرق السياسة الإسرائيلية في انتهاكاتها للمقدسات المقدسية بين مقدسات إسلامية ومسيحية، فجميعها في قلب التهويد والتهديد الإسرائيلي. وقد كان آخر التضييقات الإسرائيلية على المسيحيين، ولكن ليس آخرها، محاولات الضغط على كنيسة القيامة لدفع فواتير المياه التي تبلغ ملايين الشواكل. والكنيسة، كما سائر أماكن العبادة المسيحية، معفاة من دفع الضرائب منذ العهد العثماني وحتى منذ الاحتلال الإسرائيلي. ولكن شركة "جيحون" التي انتقلت إليها السلطة على شركة المياه، شاءت الانقلاب على هذه الثوابت ووصل الأمر إلى حد الحجز على رصيد الكنيسة الأرثوذكسية، وهي إحدى الطوائف الثلاث المعنية بخدمة كنيسة القيامة، من أجل الضغط عليها لدفع الفواتير. وإلى ذلك، لم تتوقف الاعتداءات التي ينفذها متطرفون على دور العبادة في شرق القدس وغربها على حد سواء تحت مسمى "جباية الثمن". وفي ظل الممارسات الاحتلالية المستمرة يبدو أن عدد المسيحيين في القدس يتجه إلى التناقص مع وصول عددهم إلى 5000 عام 2012.
ويبدو الاستيطان سيد المشهد على صعيد التهويد الديموغرافي. ففي ظل عجز بنيامين نتنياهو عن منع الفلسطينيين من التوجه إلى الأمم المتحدة بطلب الحصول على صفة دولة مراقب غير عضو كان الرد الإسرائيلي عبر إيقاظ مارد الاستيطان في المنطقة E1 من قمقمه. ففي 30/11/2012، أي اليوم التالي للتصويت على رفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو وإعطائها صفة مراقب في الأمم المتحدة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إحياء خطط البناء في المنطقة المسماة E1 الواقعة بين مستوطنة "معاليه أدوميم" وشرق القدس. كما أردف بهذا القرار قرار آخر يتضمن بناء 1500 وحدة استيطانية في مستوطنة "رامات شلومو"، وهذا المخطط بدوره كان مجمدًا منذ عام 2010. مخططات البناء في E1 و"رامات شلومو" كانت الأبرز، ولكن ليست الوحيدة، خلال الفترة التي يغطيها التقرير. الموقف الدولي الرافض والشاجب والمتخوف من هذه المخططات قابلته تصريحات إسرائيلية تفيد بالإصرار على البناء الاستيطاني في القدس وأن موضوع الاستيطان غير قابل للتفاوض.
وإلى جانب تغيير ديموغرافيا القدس بزرع مزيد من الوحدات الاستيطانية لاستيعاب المزيد من اليهود في شرق المدينة حيث يزيد عدد المستوطنين فيها على 200 ألف، فإن دولة الاحتلال لا تنفك تضيق على المقدسيين في كل مناحي حياتهم لتعرقلها وتشلها ولتحملهم على الرحيل بعد أن تضيق بهم سبل العيش. وتتبدى آثار السياسات الاحتلالية واضحة على الاقتصاد المقدسي الذي يبدو متعثرًا تحت وطأة الضرائب والجدار والمعوقات المادية والإدارية. وقد أظهرت أرقام نشرت مؤخرًا أن ما نسبته 70% من المقدسيين تحت خط الفقر، وهي نسبة عالية تلخص أوضاع العائلات المقدسية المتردية. وفي إطار الاقتصاد، تعيش التجارة واقعًا مترديًا تفرضه وتفاقمه الضرائب والغرامات التي تفرضها سلطات الاحتلال على التجار المقدسيين، علاوة على الجدار العازل وضيق السوق التصريفية ما انعكس سلبًا حتى على الحِرَف التقليدية التي اندثر منها الكثير بسبب هجرة أصحابها.
وضمن سلسلة التضييق الإسرائيلي على المقدسيين حلقة الأسرى الذين يعانون مرارة الاعتقال والحرمان من أبسط الحقوق التي كفلتها القوانين الدولية للأسرى والمعتقلين، وللإنسان بشكل عام. وبعد صفقة "وفاء الأحرار" التي أفرجت دولة الاحتلال بموجبها عن 1000 من الأسرى المعتقلين في سجونها، من بينهم عدد من الأسرى المقدسيين، استمرت سياسة التضييق على الأسرى المعتقلين كما طالت هذه السياسات عددًا كيبرًا من المفرَج عنهم. وقد عمدت سلطات الاحتلال إلى التضييق بشكل خاص على المفرَج عنهم من أسرى الضفة الغربية والقدس، وقد عملت في هذا الإطار على إعادة اعتقال الأسير المقدسي سامر العيساوي الذي يخوض إضرابًا عن الطعام يستمر منذ 1/8/2012، ما يهدد حياته بالخطر.
وفي الموقف السياسي، تتزايد التصريحات الإسرائيلية المتشبثة بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال بالإضافة إلى التعهد باستمرار الاستيطان في القدس، خصوصًا عشية الانتخابات التشريعية المقررة في 22/1/2013. وإذ تغلب الترجيحات باستمرار سيطرة اليمين المتطرف، بقيادة نتنياهو، على مفاصل الحياة السياسية بعد الانتخابات فإنه لا يمكن الاستخفاف بحجم الخطر المحدق بالقدس في المرحلة القادمة. وفي مقابل الصخب التهويدي هدوء عربي وإسلامي سواء في الموقف السياسي أو الدعم المادي، وقد عبّر عن ذلك أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، بالقول إن  الجهود المبذولة من الأطراف المعنية كافة لإنقاذ مدينة القدس محدودة وغير كافية.





الكاتب: publisher

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »