الاحتلال رصد 4.5 مليار شيكل لعام 2014 لتهويد القدس
السبت 15 آذار 2014 - 9:20 م 2409 0 أرشيف الأخبار |
الاحتلال رصد 4.5 مليار شيكل لعام 2014 لتهويد القدس
غزة- عبد الله التركماني
أكدت الخبيرة في شؤون القدس عبير زيّاد، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل بصورة منتظمة ومستمرة في مخطط "2020" الاستيطاني والتهويدي في مدينة القدس المحتلة، والذي يهدف إلى تهويد أجزاء كبيرة من شرقي القدس المحتلة، من خلال الاستيلاء على أبرز المعالم الإسلامية المقدسية القديمة فيها وتحويلها إلى ممتلكات يهودية.
وبيّنت أن بلدية الاحتلال بالقدس رصدت موازنة تقدر بـ 4.5 مليار شيقل لتنفيذ المخططات الاستيطانية والتهويدية في المدينة المقدسة، مقابل أقل من 30 مليون دولار دعماً فلسطينياً للمقدسيين خلال ذات العام.
وكان آخر هذه المخططات الرامية لتحقيق هذا الهدف، تمكن جمعية "عطيرت كوهنيم" من شراء مبنى البريد القديم الذي يقع في موقع إستراتيجي وحساس في المدينة "في شارع صلاح الدين" لربطه بمستوطنة "باب الساهرة" المُخطط إقامتها منذ سنوات. حيث كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الخميس الماضي عن شراء مبنى البريد، لتحويل أجزاء منه لمدرسة دينية، إضافة إلى سكن لطلبة المدارس الدينية، ومطبخ وقسم صغير لرئيس المدرسة الدينية.
وقالت زيّاد في حوار مع "فلسطين" إن مبنى البريد أنشئ قبيل عام 1967، من قبل الحكومة الأردنية كمنشأة للاستخدام العام، حتى استولت عليه حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال شرقي القدس عام 1967 وحولت جزءاً منه إلى مخفر شرطة والباقي بريد للمدينة".
وأوضحت أنه ومع انتقال المخفر والبريد لمبنى آخر، قامت سلطات الاحتلال بعرض المكان للبيع بداعي أنه "أملاك غائبين" الذي يجيز لليهود تملكها والاستنفاع منها، الأمر الذي جعل جمعية "عطيرت كوهنيم" اليهودية وهي جمعية استيطانية ويقع مركزها في قلب الحي الإسلامي بالقدس، تشتري المكان وتهيمن عليه.
وبيّنت زياد أن هذه الجمعية تعمل على إصلاح المجرمين اليهود ودمجهم من خلال الدين اليهودي بالمجتمع الإسرائيلي، مشددة على أنها تعتدي على الوقف الإسلامي والمعالم الإسلامية بشكل مستمر وكبير.
وأضافت: "مبنى البريد يقع في شارع صلاح الدين على بعد أمتار قليلة من سور القدس من باب الساهرة، ويعد موقفاً متميزاً وإستراتيجياً للهيمنة والسيطرة على معالم مقدسية أخرى، ما يجعل هذه الجمعية اليهودية تسعى لإقامة مدرسة دينية أخرى لإعداد اليهود المتدينين للانخراط في جيش الاحتلال".
وحول مستوطنة "باب الساهرة"، بينت الخبيرة المقدسية أن هذه المستوطنة ستقام في المستقبل القريب ضمن مخطط "2020"، حيث يمضي الاحتلال قدماً في تنفيذ هذا المخطط دون توقف.
وأوضحت أن رئيس بلدية الاحتلال بالقدس نير بركات، يسعى منذ سنوات لتحويل القدس، إلى عاصمة روحية واقتصادية وثقافية لـ(إسرائيل)، لافتةً النظر إلى أنه من المتوقع أن تعقد بلدية الاحتلال الجمعة المقبلة الماراثون العالمي الذي يمر داخل بلدات القدس القديمة، محاولة إسرائيلية لإظهار القدس أنها يهودية وعاصمة للكيان الإسرائيلي.
وتابعت زيّاد: "هذا الماراثون خطير ويجب مواجهته دبلوماسياً وفي الصعد كافة، وإطلاق مارثون فلسطيني مقدسي يجمع جنسيات من كافة دول العالم من أجل مواجهة هذا الماراثون التهويدي".
ولكنها نوهت إلى أن المؤسسات المقدسية التي تواجه هذه المخططات تعاني من عدم وجود أي تمويل، وكثير منها أغلقت بسبب ممارسات الاحتلال وحججه الباطلة، فيما عشرات البيوت هدمت بحجج عدم الترخيص وخاصة في حي الشيخ جراح وحي بستان في بلدة سلوان.
وأكملت زيّاد: "نتحدث عن مخططات ضخمة وكبيرة، حيث تبلغ ميزانية مخططات الاحتلال بالقدس خلال عام 2014، 4.5 مليار شيكل، يشمل إقامة القطار المزمع إنشاؤه من أجل ربط القدس بالكيان الإسرائيلي".
تمويل فلسطيني ضعيف
من جهة أخرى، تحدثت زيّاد أن الدعم الفلسطيني للمدينة المقدسة لا يتجاوز ما نسبته 1% من الميزانية الإسرائيلية المعدة، وقالت: "الميزانية الفلسطينية لا تصل إلى 3 مليون شيقل، فيما لم يصل أي شيء مما أقره العرب خلال المؤتمرات العربية السابقة، وهذا الأمر خلق نوعاً من اليأس في نفوس الفلسطينيين".
ولفتت النظر إلى عدم وجود رقابة حقيقية على الأموال التي تصل دعماً للمقدسيين ونصرة لهم وتقوية عزيمتهم لمواجهة الاحتلال، وقالت: "هناك جهات تجمع المال والمساعدات الدولية باسم القدس دون أن تقدم للمدينة الدعم المطلوب، بل تحوله لخدمة أحزاب سياسية في الداخل المحتل".
وأضافت الخبيرة المقدسية: "هناك أموال كثيرة تصل إلى القدس وخاصة من قبل تركيا، عبر مؤسسات تعمل في الداخل المحتل، ولكن هذه المؤسسات بدلاً من أن تقوم بتوظيف مقدسيين من أجل دعم صمودهم، تعين آخرين بدلاً عنهم".
وتابعت: "المقدسي يعاني من ندرة الحصول على فرصة عمل، وذلك لأنه لا يملك الجنسية الإسرائيلية وكذلك لا يملك جواز سفر فلسطيني، فليس لديه فرص عمل أو اقتصاد من أجل تعزيز صموده، لذلك كان من الأولى أن يتم تشغيل المقدسيين في هذه الأموال التي تصل باسم القدس".
وذكرت أن ما نسبته 90% من هذه الأموال، تصل كمساعدات للقدس تصرف لصالح تشغيل غير المقدسيين، بدلاً من أن تصرف للقدس رغم أنها تصل باسم القدس.
تقسيم الأقصى
وفيما يتعلق بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، والإجراءات التي تحاول بعض الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة اتخاذها عبر أروقة الكنيست الإسرائيلي، بيّنت الخبيرة المقدسية أن مثل هذا القانون لم يقر رسمياً في المؤسسات التشريعية الإسرائيلية، "ولكن سلطات الاحتلال تعمل بتنفيذه على أرض الواقع، خاصة خلال الفترات الصباحية التي تمنع فيها التواجد المقدسي في باحات المسجد، بسبب اقتحام المستوطنين لباحاته.
وقالت: "التقسيم الزماني موجود ومعمول به بشكل مستمر، ولكن التقسيم المكاني هي خطة موضوعة بهدف تقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين، وهناك مخططات معدة من أجل تحقيق هذا الهدف، والتي تقوم على مصادرة جزء من الجهة الشرقية من المسجد الأقصى يصل لحد قبة الصخرة والإبقاء على المبنى القبلي للمسلمين.
ولفتت زيّاد النظر إلى أن هناك اعتقاداً سائداً خاطئاً بأن المسجد الأقصى هو المسجد القبلي ذو القبة السكنية، ولكنها تشير إلى أن التاريخ يؤكد على أن المسجد الأقصى هي مساحة الحرم المقدسي بأكمله وهي 144 دونماً والتي تشمل المسجد القبلي وقبة الصخرة وغيرها من المرافق.
وبيّنت أن المقدسيين يواجهون مخططات التقسيم بكل ما لديهم من قدرات وإمكانيات وهم مصممون على حماية الأقصى لأنهم تربوا على قاعدة أنهم خلقوا من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى ولا يجدون أنفسهم ولا معنى لحياتهم دون الدفاع عن المسجد الأقصى، "ولكن رغم ذلك تبقى هذه القدرات ضعيفة أمام إمكانيات الاحتلال.
الوصاية والمفاوضات
وعن التهديد الإسرائيلي بسحب الوصاية الأردنية عن القدس المحتلة، ترى زيّاد أن مثل هذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى استفراد سلطات الاحتلال بشكل كامل ودون أي معيقات بالمقدسات الإسلامية وتهجير المقدسيين من بيوتهم دون أي عقبات.
وقالت: "الوصاية الأردنية تشكل حماية دولية للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية بشكل عام، وفي حالة سحب الوصاية ونقلها لـ(إسرائيل) فهذا هو فعلياً ما يسمى بالتقسيم المكاني الذي يريده الاحتلال ويسعى لتحقيقه بالقدس".
وفي ختام حديثها، أكدت الخبيرة المقدسية أن إخراج القدس من إطار المفاوضات بين السلطة والاحتلال، من شأنه أن يجعل عملية التفاوض برمتها غير شرعية، مؤكدةً أن أي مفاوضات تجري لا يتم فيها حل مشكلة القدس واعتبارها عاصمة للشعب الفلسطيني، "تعدُّ مفاوضات لاغية".
وأضافت: "هذا هو رأي المقدسيين الذين أعيش وسطهم، وأعتقد أن هذا هو رأي الفلسطينيين في كل مكان".
الكاتب: publisher