الجزء الثاني| معركة تعريب الكنيسة الأرثوذكسية في القدس

تاريخ الإضافة الخميس 15 كانون الأول 2016 - 10:20 ص    عدد الزيارات 5187    التعليقات 0    القسم تقرير وتحقيق، أبرز الأخبار، شؤون المقدسات

        


معركة تعريب الكنيسة

إعداد: محمد أبو طربوش 
أبناء الكنيسة العرب لم يدّخروا جهداً للتخلص من السيطرة اليونانية على كنيستهم، وقد أجبروا حكومة الانتداب البريطاني على تشكيل لجنة تحقيق لهذه الغاية، اللجنة اعترفت في تقريرها بحقوق العرب ومطالبهم، لكن تحيّز الحكومة البريطانية ضد كل ما هو عربي عطّل التنفيذ.


بعد النكبة بات الإشراف على الضفة الغربية والقدس منوطًا بالحكومة الأردنية، فوضعت في العام 1957 قانوناً جديداً باسم "قانون البطريركية الأرثوذكسية" ينص على إقامة مجلس مختلط من رجال الدين وممثلي الطائفة من العلمانيين، للإشراف على كل ممتلكات وأموال الكنيسة، والمعهد التعليمي لرجال الدين، وكان تمثيل العلمانيين العرب في هذا المجلس 12 ممثلاً، ولأسباب غير مفهومة عادت الحكومة إلى وضع قانون جديد عام 1958 سيطرت بموجبه جمعية القبر المقدس في شكل كامل.


إثر النكسة عام 1967 ازداد الأمر سوءاً، حيث لا تزال دولة الاحتلال ترى أن من مصلحتها الإبقاء على السيطرة اليونانية في إطار مشروع التهويد المستمر، ويأخذ المسيحيون العرب اليوم على السلطة الفلسطينية حيادها السلبي، في حين كان الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس وزعيم الحركة الوطنية الفلسطينية يقود التظاهرات المطالبة بحقوق العرب الأرثوذكس باتجاه مبنى البطريركية الأرثوذكسية في الثلاثينيات من القرن الماضي .

الأوقاف الأرثوذكسية
تمتلك الكنيسة الأرثوذكسية ربع القدس القديمة البالغة قرابة كليومتر مربع، كما تمتلك أراضي شاسعة، وأديرة، ومقابر، خارج البلدة القديمة في القدس، فضلاً عن عقارات في مدن فلسطينية كبرى، لكن قسماً لا بأس به من هذه الأملاك سُرّبت إلى اليهود المحتلين، عن طريق البيع أو الإيجار طويل الأمد لمدة 99 سنة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، باعت الكنيسة الأرثوذكسية مقبرتها، وأراضي دير مارسابا في بيت لحم، وباعت أيضاً أراضي جبل أبو غنيم في القدس، التي تحولت إلى مستوطنة صهيونية كبيرة، باسم "هارحوما" تكمل فصل القدس عن بيت لحم، وباعت أو أجّرت لأجل طويل أكبر مأوى لحجاج القدس من "المسكوب" أو أهل موسكو، وعليه يقوم اليوم معتقل المسكوبية سيء الذكر، وأراضي جبل أبي طور، وأخيراً ساحة عمر بن الخطاب في البلدة القديمة في القدس.


أما كيف أصبحت هذه الأملاك وقفاً للكنيسة، فيقول بعض المؤرخين إنها كانت ممتلكات أوقفها العرب المسيحيون في فلسطين حتى يستفاد منها لمصلحة الكنيسة خلال حقبة الإمبراطورية العثمانية، خوفاً من مصادرة هذه الأراضي واعتبارها أراضي دولة من قبل العثمانيين، ووفقاً لسجلات الكنيسة فإنها تمتلك نحو 18% من مساحة غربي القدس و17% من مساحة القسم الشرقي من المدينة، أي 35% من المساحة العامة للقدس بشطريها . المسيحيون كانوا يوقفون الأملاك للكنيسة في القدس بكثرة، بعد فقدان البطريركية لأملاكها الموقوفة في رومانيا بعدما ضمتها روسيا عام 1812 بموجب معاهدة بوخارست، وقد تكاثرت الأوقاف بشدة بعد هذا التاريخ، ولا يزال باب الوقف مفتوحاً إلى اليوم.


رئاسة الكنيسة
اختيار البطريرك يكون من قبل أعضاء المجمع المقدس "السينودس" في الكنيسة، الذي يضم 18 أسقفاً أو أرشمندريتاً كلهم من اليونان حاليًّا، ويجب أن يكون البطريرك المنتخب واحداً من هؤلاء بحيث يرّقى إلى رتبة بطريرك، على أن يكون حاملاً للجنسية الأردنية ، ووفقاً للقانون الذي يحكم الكنيسة الأرثوذكسية اليوم، يصادق على هذا الانتخاب كل من الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية ، باعتبار أن بطريركية القدس تشمل فلسطين المحتلة في العام 48 والعام 67 والأراضي الأردنية، وقد جرت العادة أن ترحب اليونان بانتخاب البطريرك باعتباره يحمل جنسيتها، كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتفظ لنفسها بحق الاعتراف بالبطريرك المنتخب، وهي غالباً ما تستعمل هذا الحق لابتزازه وحمله على تقديم تنازلات.


ولاية البطريرك المنتخب تكون مدى الحياة، حيث لا يجوز تنحيته إلا في حال شذوذه عن العقيدة الأرثوذكسية أو إصابته بمرض يمنعه من القيام بواجباته الدينية، أو بتصويت ثلثي أعضاء المجمع المقدس على تنحيته.


ويتّهم المسيحيون العرب رئاسة البطريركية صراحة بأنها لم تكن أمينة على أملاك الكنيسة حيث تم اكتشاف عمليات بيع وتأجير أراضٍ كنسية فلسطينية لمدة طويلة الى السلطات الإسرائيلية منذ قيامها وخاصة أيام البطريرك "فينادلتوس" في الخمسينيات من القرن الماضي، فضلاً عن مضايقة الشخصيات الوطنية داخل الكنيسة مثل الأب عطا الله حنا، ويطالب المسيحيون العرب اليوم السلطتين الفلسطينية والأردنية بتعديل القانون الخاص بكنيستهم، بما يتيح رفع الهيمنة اليونانية عنها.
 

 

للاطلاع على الجزء الأول من التقرير ... اضغط هنا
 

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »