الأقصى يتعرّض لاحتلال إسرائيليّ ثانٍ، ومصير المسجد يتحدد حسب مستوى تحرك الأمة

تاريخ الإضافة الإثنين 17 تموز 2017 - 4:32 م    عدد الزيارات 6272    التعليقات 0    القسم أخبار المؤسسة، أبرز الأخبار

        


أمعن الاحتلال الإسرائيليّ في اعتداءاته الظالمة على المسجد الأقصى وروّاده وحرّاسه في حملة استهداف لم يشهد لها المسجد مثيلًا منذ نحو خمسين عامًا، فأقدم على إغلاقه عدة أيام، ومارس التنكيل والبطش بحقّ المصلين الذين أدّوا الصلوات بالقرب منه، وفتّش كل مكاتب دائرة الأوقاف الكائنة في الأقصى وعبث بالوثائق والمستندات الموجودة، ودمّر بعض مرافق المسجد، واستولى على مفاتيح جميع أبواب المسجد، ونصب كاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية للتفتيش في أرجاء المسجد بما يوحي بأن المسجد الأقصى يتعرض اليوم لاحتلال إسرائيليّ ثانٍ بعد احتلاله الأول عام 1967. ولم تبدأ إجراءات الاحتلال ضدّ الأقصى منذ أربعة أيام فقط، إنما هي امتداد للتصعيد الخطير الذي تشتترك فيه جميع أذرع الاحتلال بهدف فرض السيطرة الكاملة على الأقصى، وكان من أبرز مظاهر ذلك التصعيد خلال الأسابيع القليلة الماضية: مصادقة حكومة الاحتلال على قرار يسمح لأعضاء "الكنيست" الإسرائيليّ بمعاودة اقتحام الأقصى بعد منعهم بُعيْد اندلاع انتفاضة القدس في بداية تشرين أول/أكتوبر 2015. تزامن ذلك مع تقديم أعضاء في "الكنيست" مشروع قرار يسمح لليهود بالصلاة داخل الأقصى، وفي وقت عادت الطبقة السياسية لتزعُّم حملات التحريض على اقتحام الأقصى. وقد تكثفت موجات اقتحام الأقصى حتى بلغ عدد المتطرفين الذين اقتحموه خلال شهر حزيران/يونيو الفائت نحو 1391 متطرفًا، مع ملاحظة أنّ جُلّ هذه الاقتحامات تمت في شهر رمضان بلا احترام لحرمة الشهر والمسجد، وقد رافق بعضَها استعمالُ مكبرات الصوت. وبلغ صلف المستوطنين الذين يقتحمون الأقصى بحماية شرطة الاحتلال أنْ أقدموا على تنفيذ عقد قِران داخل المسجد الشهر الفائت. كل هذه الاعتداءات الصارخة بحقّ الأقصى حرّكت مشاعر الإباء لدى ثلاثة شبان فلسطينيين من مدينة أمّ الفحم المحتلة عام 1948، فاندفعوا ليدافعوا عن مقدسات الأمة ونفّذوا عملية إطلاق نار أدت إلى استشهادهم، ومقتل جنديين إسرائيليين وإصابة آخرين. إننا في مؤسسة القدس الدولية، وأمام هذه الاعتداءات الخطيرة على المسجد الأقصى، نؤكد ما يأتي:

  1. نُحيّي ثبات المقدسيين والفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، ونقدّر وقوفهم في وجه إجراءات الاحتلال الغاشمة، ونشدّ على أيديهم ليبقوا في الساحات والحارات والميادين ويستمروا في حالة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يفهم إلا لغة الضغط والقوة. وفي هذا السياق نثمّن المواقف المُشرِّفة للقوى والهيئات والمرجعيات المقدسية التي رفضت الانصياع للقرارات الإسرائيلية الجائرة بحقهم وبحق الأقصى، لا سيما خضوعهم للتفتيش عبر بوابات إلكترونية قبل الدخول لمسجدهم الأقصى. ونقول لأهل القدس والمرجعيات الإسلامية والوطنية فيها: إنّ صلابة مواقفكم كفيلة بأن تكسر كل قرارات الاحتلال، ونذكركم بالمواقف الشجاعة لكم ولأسلافكم بُعَيْد احتلال الأقصى في حزيران/يونيو 1967 حين رفضوا كل إجراءات الاحتلال، ووقفوا موقفًا موحدًا صلبًا تكسرت عليه مخططات الاحتلال الرامية لإخضاع المسجد لإدارته الكاملة، فاضطرت السلطات الإسرائيلية آنذاك إلى إعادة تسليم إدارة المسجد للجهة الوحيدة المعنية بإدارته وهي دائرة الأوقاف الإسلامية بعد عدة أيام من احتلاله.
  2. إنّ الاحتلال الإسرائيليّ لم يكن بحاجة إلى أيّ مبرر لتصعيد خطواته الهادفة للسيطرة على المسجد، وفرضِ نفسه كمرجعية وحيدة في إدارته، وإنّ تذرّعه بالعملية البطولية التي نفّذها الشبان الفلسطينيون الثلاثة صباح الجمعة في 14/7/2017 مرفوض بحكم الوقائع التي تؤكد أن الاحتلال لا يدّخر مناسبة لتعزيز تقدمه باتجاه هدفه في السيطرة على المسجد، وإخراج دائرة الأوقاف الإسلامية من معادلة إدارة المسجد أو تحويلها إلى مرجعية إدارية شكلية بينما يتحكم هو بكلّ شؤون المسجد. إن جنود الشرطة أو الجيش الإسرائيلي موجودون في باحات الأقصى وعلى أبوابه بقوة الاحتلال، ومن حقّ أصحاب هذا المسجد من العرب والمسلمين أن يقوموا بكلّ ما تكفله الشرائع السماوية والقوانين الدولية للدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم.
  3. ندعو أهلنا في القدس وكل فلسطين وكل أبناء الأمة وأحرار العالم إلى مواجهة أي خطوات إسرائيلية تهدف إلى الانتقام من أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948، أو فرض واقع احتلالي جديد على الأقصى يصبح بموجبه الاحتلال هو الجهة الوحيدة المتحكمة بمصيره وشؤونه، وندعو الجميع إلى بذل كل الجهود واستثمار فرصة المشاعر المتأججة في نفوس أحرار الأمة للضغط على الاحتلال وكل من يدعمه لإجباره على رفع يده بالكامل عن الأقصى، وعدم التدخل في عمل دائرة الأوقاف الإسلامية، الجهة الحصرية المشرفة عليه.
  4. نطالب الحكومات العربية والإسلامية بموقف عمليّ حازم يردع الاحتلال، ولا أقلّ من العمل على فرض عقوبات دولية على الاحتلال الإسرائيليّ الذي ينتهك المقدسات، ويقتل الأبرياء، ويتغوّل في الاستيطان والتهويد. إنّ الموقف الأردني الرسمي والشعبي في غاية الأهمية في هذا المنعطف الخطير الذي سيتحدد بعده مصير الأقصى، والمطلوب من الأردن قيادة وشعبًا رفع سقف المواقف والتحركات، وقد أثبتت التجارب أنّ الأردن يستطيع لجم الاحتلال بحكم وصايته على المقدسات في القدس، وامتلاكه أوراقًا قانونية ودبلوماسية قوية.
  5. إنّ الهيئات والأحزاب والقوى العربية والإسلامية أمام مسؤولية تاريخية، وإننا أمام هذا التهديد المصيريّ الخطير للمسجد الأقصى بما يمثل للأمة، ندعو هذه الجهات إلى تحريك الشارع، وتصدُّر الفعاليات الميدانية، والبدء بتحركات تعبوية وإعلامية وجماهيرية لا تتوقف إلا بإلزام الاحتلال بالتراجع، وكفّ يده عن مقدسات الأمة، وعدم التدخل أبدًا في أي شأن من شؤون الأقصى. إنّ آمالًا كبيرة نعقدها على القوى الشريفة في أمتنا، ونربأ بها أن تكتفي بمواقف الشجب والاستنكار على غرار المواقف الرسمية الباهتة، وآن الأوان لتستعيد هذه القوى التي نثق بحسّها الوطنيّ الأصيل دورها بين الشعوب التي فقدت الكثير من ثقتها بحكوماتها، ونطالب هذه القوى باستثمار رمزية القدس والأقصى لبثّ روح الوحدة بين أبناء الأمة، وتنسيق الجهود في ما بينها لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي في هذه اللحظة التاريخية الحرجة.
  6. نطالب المنظمات الدولية المختلفة باتخاذ كل الإجراءات التي تردع الاحتلال عن مواصلة خطواته لتغيير الوضع التاريخي القائم في المسجد الأقصى، والعمل على ملاحقة الاحتلال قانونيًّا وفرض عقوبات عليه بعد تمرّده على كل القرارات الدولية التي رفضت محاولات الاحتلال لتهويد الأقصى، وتغيير الوضع القائم فيه، واستمرار الحفريات أسفله وفي محيطه، وبناء المباني التهويدية في محيطه، وتشريعه أمام المتطرفين الذين يقتحمونه.
  7. نطالب وسائل الإعلام والإعلاميين بتكثيف تغطيتهم لقضية الأقصى خلال هذه الآونة، ونهيب بهم ألّا يتركوا المنابر الإعلامية للاحتلال ليُصدّر روايته المكذوبة للأحداث، ويسيء لنضال الشعب الفلسطيني، ويشوّه الحقائق التاريخية والسياسية والدينية المتعلقة بالأقصى. وندعو إلى أوسع تحرك إعلامي مناصر للأقصى على المساحات والمنابر الإعلامية المختلفة.
  8. ندعو الأمة العربية والإسلامية إلى اعتبار هذا الأسبوع "أسبوع التضامن مع الأقصى"، واعتبار يوم الجمعة القادم في 21/7/2017 يوم غضب ورفض لاعتداءات الاحتلال على الأقصى وروّاده، ونرجو من خطباء الأمة في المساجد تخصيص خطب الجمعة للمسجد الأقصى المبارك. وندعو أهلنا في القدس والأراضي المحتلة عام 1948 إلى النفير العام للصلاة داخل المسجد الأقصى أو أقرب نقطة إليه، وندعو أهلنا في الضفة الغربية وغزة إلى الخروج في الميادين والساحات رفضًا لسياسات الاحتلال بحق الأقصى.

إنّ مصير المسجد الأقصى لا يحدده الاحتلال، بل يحدده موقف الأمة بكلّ مكوناتها ومستوياتها، وإنّ هذا الاحتلال الغاشم لهو أضعف من أن يقف في وجه موجة رفض عارمة تنطلق من كل أنحاء الأمة، وتوصل رسالة واضحة للاحتلال بأنّ أولى القبلتيْن، وثاني المساجد التي وضعت على الأرض، وثالث المساجد قدسية في العالم، ومسرى النبيّ محمدٍ، عليه الصلاة والسلام، أبعد من أن يسيطر عليه الاحتلال ما دام في عروق أحرار الأمة دماء تنبض بالكرامة.

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »