"اسرائيل" تمارس التعذيب المتعمد بحق أطفال القدس لدى اعتقالهم
الخميس 26 تشرين الأول 2017 - 8:51 م 2596 0 شؤون المقدسيين، أبرز الأخبار |
كشفت منظمة "بتسيلم" في تقرير جديد لها بالاشتراك مع مركز الدفاع عن الفرد وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، أن سلطات الاحتلال تمارس التعذيب المتعمد والممنهج بحق الأطفال المقدسيين عند اعتقالهم. ويجري اقتياد الفتيان في القدس الشرقية من أسرّتهم في الليل، وتكبيلهم بالأصفاد دون أيّ مبرّر، وتركهم لفترات طويلة في انتظار التحقيق معهم.
وحسب التقرير فإنه وبعد هذا كلّه، حين يكونون متعبين ومنكسرين، يجري التحقيق معهم مطوّلاً – دون السماح لهم بالاتصال قبل ذلك مع محامٍ أو مع الأهل، ودون إبلاغهم أنّه يحقّ لهم الصمت أثناء التحقيق. بعد ذلك، يجري اعتقالهم في ظروف قاسية طيلة أيّام بل وأسابيع، حتّى إذا كان التحقيق معهم قد انتهى. في بعض الحالات يتمّ كلّ ذلك مرفقًا بالتهديد والشتائم والعنف الجسديّ، سواء قبل التحقيق أو خلاله.
ومنذ اللحظة التي يعتقل فيها هؤلاء الفتيان يتمّ إقصاء أهلهم عن مجريات الأمور. لا تنظر سلطات الاحتلال، في أيٍّ من المراحل، إلى الأهل كطرف في الموضوع، ولا كمن يحق لهم حماية أولادهم. المعلومات التي تبلغهم عمّا يجري مع ولدهم وعن حقوقه هي معلومات أولية وفي الحد الأدنى، وفقط في حالات قليلة جدًا يُسمح لهم بمقابلته، وهكذا يبقى الأهل عاجزين، يفتقدون إلى أية إمكانية لمساعدته.
وفي غياب الحماية من جانب الأهل أو أيّ بالغ آخر يثقون به، في تجاهل تام من سلطات الاحتلال لسنهم الصغيرة، يضطرّ هؤلاء الفتية إلى عبور محنة الاعتقال والتحقيق وحيدين تمامًا، بعيدا عن أسَرهم ومعزولين عن مجرى حياتهم اليوميّة وكل ما اعتادوه. يلقى بهم في أجواء مشبعة بالتهديد وتولّد البلبلة، إذ لا أحد من البالغين المحيطين بهم يكلّف نفسه عناء تزويدهم بأيّة تفاصيل عمّا يجري.
كما أن سلطات الاحتلال لا تشرح للأطفال إلى أين يأخذونهم، وما هي الشبهات الموجّهة إليهم، ما هي حقوقهم، ممّن يُسمح لهم تلقّي الاستشارة، كم من الوقت سيستغرق الأمر ومتى سيعودون إلى عائلاتهم. والأسوأ من ذلك: يتبيّن من وصف الفتيان أنّ البالغين المحيطين بهم – عناصر الشرطة والمخابرات والسجّانون والقضاة – يتعاملون معهم وكأنهم مجردين من أي حق. كل استجابة لطلب يطلبونه "شرب أو أكل، منشفة، دخول المرحاض، التحدّث مع الأهل" ينظر إليها هؤلاء كحسَنة تقدم بشكل تعسفي وفقًا لأهواء المسؤولين.
وتمكن هذه الممارسات حسب التقرير سلطات تطبيق القانون "الاحتلال" من ممارسة الضغط على هؤلاء الفتيَة لكي يعترفوا. وفعلاً، كثيرون منهم يوقّعون على اعترافات رغم إرادتهم "بعضها اعترافات مختلقة، وبعضها بلغة لا يفهمونها". هذه الاعترافات تصبح لاحقًا مستندًا لتجريمهم في لائحة الاتهام المقدمة ضدهم.
ويتحدث التقرير عن 60 تصريحًا سجلتها منظّمتا «بتسيلم» و»مركز الدفاع عن الفرد» من فم فتيان سكّان القدس الشرقية، كان قد جرى اعتقالهم خلال سنة ونصف «منذ أيّار 2015 وحتى تشرين الأوّل 2016». بعض هؤلاء تمّ الإفراج عنه بعد انتهاء التحقيق، وبعضهم قُدمت في حقهم لوائح اتهام.
وحسب المعلومات المستقاة من تصريحات الأطفال ومن معطيات كثيرة جمعها مركز الدفاع عن الفرد وبتسيلم ومنظمات أخرى، فإن الممارسات التي يصفها الفتيان الذين أدلوا بتصريحات لغاية إعداد هذا التقرير هي الطريقة المتّبعة لدى سلطات الاحتلال في التعامل مع المشتبهين في رشق الحجارة: أي لا يتم الحديث عن محقّق أو سجّان خالف التعليمات، وإنما عن سياسة واضحة وعلنية تتبعها سلطات الاحتلال، بدءًا بالشرطة التي تنفّذ الاعتقالات، مرورًا بمصلحة السجون التي تحتجز الفتيان في ظروف قاسية، وانتهاءً بالقضاة الذي يمددون اعتقالهم بجرة قلم وبشكل شبه روتيني – أيضًا حين لا يكون هنالك أي داعٍ للاعتقال أصلاً، وأيضًا بعد أن يكون قد انتهى التحقيق، وفي الحالات التي اشتكى فيها الفتيان في شأن عنفٍ تعرّضوا له.
ويؤكد التقرير ان جميع السلطات "الإسرائيلية" في القدس الشرقية بوصلتها دفع السكّان الفلسطينيين إلى مغادرة المدينة: لذلك فُرضت قيود مشدّدة على بناء منازل جديدة، وحُكم على السكّان العيش في ظروف كثافة خانقة أو في خوف من هدم منازلهم التي بنوها دون ترخيص حين لم يتوفّر لديهم خيار آخر. ولذلك رُسمت سياسة لمّ شمل صارمة، تمنع سكّان القدس الشرقية من السكن هناك مع أزواجهم إذا كان هؤلاء من سكّان الأراضي المحتلّة؛ لذلك أيضًا يُنتهج تمييز دائم ومؤسس في توزيع ميزانيات البلدية والدولة، ما يفرض على سكّان القدس الشرقية العيش في معاناة جرّاء المستوى المتدني لمرافق البنى التحتية والنقص الدائم في المؤسسات العامة.