مؤسسة القدس الدولية تنظم ندوة سياسية حوارية في بيروت وتطلق تقرير حال القدس السنوي
الخميس 25 كانون الثاني 2018 - 3:23 م 5375 0 أخبار المؤسسة، أبرز الأخبار |
نظمت مؤسسة القدس الدولية ندوة سياسية حوارية تحت عنوان "القدس 2017: تحديات التهويد وخيارات التعامل مع قرار ترمب" بحضور مسؤولي الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية وعدد من الباحثين والإعلاميين والمهتمين بالقضية الفلسطينية.
وأدار الندوة المفكر العربي، عضو مجلس إدارة المؤسسة الأستاذ معن بشور الذي أكد أن القدس ليست فقط مدينة تتلاقى في رحابها نداءات الأرض ورسالات السماء فقط، ولا حتى هي مجرد عاصمة لفلسطين الأبدية تحتضن مقدسات إسلامية ومسيحية عزيزة على كل مؤمن في هذه الأرض وفي هذا العالم، إنما القدس أيضا هي جوهر قضيتنا الوطنية والقومية والدينية والانسانية، لذلك حين نبقى على العهد مع القدس، فإننا نبقى على العهد مع أنفسنا، مع حاضرنا، مع مستقبلنا، مع تطلعات أمتنا.
وقال بشور:" إن أفضل ما نقدمه للقدس هو أن نعيد اللحمة والوحدة إلى تيارات الأمة ومكوناتها، ونتذكر أنه حين كانت تيارات الأمة متكاملة متعاونة كان الشارع العربي ينبض بالمسيرات المليونية من المغرب الى المشرق، ومن طهران إلى اسطنبول، وحين حصل التشرذم والتفرق وجدنا أنفسنا أمام حالة عجز لا تعبر أبدا عن مشاعر المواطن العربي والمواطن المسلم في كل الديار".
وقدم رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في المؤسسة الأستاذ هشام يعقوب ورقة تحت عنوان "القدس 2017- التهويد وأشكال التفاعل، فيما قدم الورقة الثانية الباحث المتخصص في الشأن المقدسي الأستاذ زياد ابحيص تحت عنوان "قرار ترمب - تداعياته وخيارات مواجهته" .
وقال يعقوب في ورقته، قدّم عام 2017 صورة مصغّرة لتاريخ الصراع على القدس في العصر الحديث، ومن الصعب مقاربة تطور مشروع تهويد القدس خلال 2017 من دون استحضار هبة باب الأسباط في تموز/يوليو 2017 والتي مثلت نموذج الصمود والمواجهة لهذا المشروع الاستعماري الدولي الصهيوني. وقرار ترمب الذي جاء لتحقيق الشرعية للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة الذي تبنّى استراتيجية واضحة المعالم تجاه القدس، تتمثل بتهجير المقدسيين وتدمير معالم المدينة وتزوير هويتها، بهدف تغيير معالم المدينة وتهويدها، لكن الحقائق السكانية والحضارية والتاريخية في الأرض واجهت الاحتلال الإسرائيلي ومنعته من تحقيق شرعية وجوده في المدينة".
وأشار يعقوب إلى ظهور ملامح خطة أمريكية لما يسمى السلام تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تقزيم ما يسمى قضايا الحل النهائي كالقدس واللاجئين والمستوطنات والحدود حتى لا تشكل حجر عثرة أمام خطة ترمب، ثم خفض سقف التوقعات الفلسطينية، والضغط على الفلسطينيين ليأتوا إلى طاولة المفاوضات تحت سقف منخفض التوقعات وبالتالي فرض الرؤية الأمريكية الإسرائيلية للحل.
وفي الأرقام، قال يعقوب :" سجّل عام 2017 أعلى عدد لمقتحمي المسجد الأقصى منذ احتلاله عام 1967، فقد اقتحم المسجد نحو 25630 مقتحمًا، وبالمقارنة مع عام 2016 (اقتحم الأقصى فيه 14806 مقتحمين) أي زادت نسبة مقتحمي الأقصى بـ 73%، وتواصلت التصريحات السياسية والدينية والأمنية والقضائية العدائية ضد الأقصى من قبل مسؤولي الاحتلال ومؤسساته، وزعمت هذه التصريحات أن الأقصى أقدس مكان لليهود ولا يحق لأحد أن يمنعهم من الصعود إليه والصلاة فيه".
وأكد يعقوب إبعاد 170 فلسطينيًّا عن القدس والأقصى خلال 2017 من بينهم: 14 قاصرًا، و15 سيدة، فيما اعتقل الاحتلال 2466 فلسطينيًا في القدس خلال 2017، من بينهم، 720 قاصرًا، و26 مُسنًّا، و54 طفلًا دون الـ12 عامًا، و88 امرأة بينهنَّ 6 قاصرات، و4 سيدات مسنّات، قيما هدمت سلطات الاحتلال نحو 116 منزلًا ومنشأة في القدس حسب معطيات مركز وادي حلوة، وصادقت على بناء 16252 وحدة استيطانية في القدس المحتلة بالإضافة إلى 1330 وحدة استيطانية فندقية على جبل المكبر، و12 مصنعًا استيطانيًّا في قلنديا.
وفي أحداث انتفاضة القدس، قال يعقوب:" استطاعت انتفاضة القدس إثبات الفعل المقاوم في وجه اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى، وتمكنت من خلال قرارٍ فردي وأدوات بسيطة من تكبيد الاحتلال خسائر فادحة. وخلال عام 2017 شكلت هبة باب الأسباط والهبة بعد القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، محطتين لتجدد الانتفاضة، حيث ارتفعت فيهما حدة المواجهات مع الاحتلال ونوعيتها، وأظهرت معطيات تقارير جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" حدوث نحو 1464 عملية خلال 2017، من بينها 368 عملية جرت في القدس المحتلة تتضمن رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات النارية".
وأضاف يعقوب:" وصل عدد العمليات الفردية في مجمل القدس المحتلة حسب المعطيات الفلسطينية نحو 116 عملية، أسفرت عن مقتل 11 إسرائيليًا، وتضمنت هذه العمليات الدهس والطعن وإطلاق النار وتفجير العبوات الناسفة".
وفي الورقة الثانية التي قدمها الباحث المتخصص في الشأن المقدسي زياد ابحيص ضمن خمسة عناوين تبدأ من خلفيات وأبعاد القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ردود الفعل الشعبية، والمواقف الشعبية والرسمية، السيناريوهات المحتملة وكيفية استدامة المواجهة.
وأكد ابحيص أن قرار الرئيس الأمريكي دونالدو ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمةً للكيان الصهيوني قد شكّل غطاءً دوليًا للاحتلال الصهيوني للقدس من خارج مظلة الأمم المتحدة، وهو بذلك يحاول التعويض عن غياب المشروعية الدولية للاحتلال من خلال قوة عظمى، بهدف منح الكيان الصهيوني فائض قوة ليُجري تغيرات أكبر وأسرع وتيرةً، دون أن يخشى الإدانة أو العزلة الدولية، وهو يعبّر عن نظرة أمريكية مفادُها أن التسوية النهائية يفرضها الطرف القوي من جانبٍ واحدٍ وأن على الفلسطينيين والعرب أن يتكيفوا مع ما يُفرض، وأن النقاش التفاوضي ينبغي أن يدور حول شكل التكيف العربي وليس حول جوهر القضايا الخلافية.
وفي سياق ردود الفعل الشعبية العربية والإسلامية، قال ابحيص:" إن رد الفعل الشعبي لم يُكذِّب ظنَّ المتخوفين منه، فخرجت الملايين في العواصم العربية والإسلامية في مشهد وقوفٍ مع القدس لم تشهد مثلَه منذ اندلاع الصراع قبل مئة عام؛ بل إن هذا الغضب اكتَسبَ بُعداً شعبياً دولياً فامتدَّ إلى جنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، ووصل حتى إلى حديقة البيت الأبيض. وأدت العفوية الجماهيرية دورَها، فمَنحَت القدسَ التفافاً جماهيرياً يتناسب مع مكانتها الدينية والقومية والتاريخية، وأثبتت أن بوصلة الشعوب نحو القدس ما تزال صحيحةً كامنةً تنتظر اللحظة المناسبة بعد مئة عامٍ من الصراع، فيما كان الرد الشعبي الفلسطيني أقل من المتوقع، مرتكزًا على اعتصاماتٍ ومظاهراتٍ محدودة، ما اضطرّ حركات المقاومة المحشورة في غزة إلى استدامة المواجهة على السياج الحدودي رغم ثمنه الدموي الباهظ كي لا تسمح بموتٍ سريع للرد الشعبي الفلسطيني، وحاول الحراك الشعبي في القدس أن يبني له نقطة ارتكازٍ في المساحة العامة لا سيما عند باب العامود، لكن الخشية الصهيونية من تكرار مشهد باب الأسباط دفعت إلى قمعها بشكلٍ سريع ومتكرر، وإلى إغلاق ساحة باب العامود بالحواجز الحديدية. وفي الضفة الغربية كانت المواجهات مركزةً عند حاجز بيت إيل وبعض نقاط المواجهة في الخليل وبيت لحم".
وأوضح ابحيص أن السقف الذي تحركت ضِمنَه السلطة الفلسطينية كان بالضغط على الولايات المتحدة للتراجع عن القرار حتى تعود وسيطاً تُستأنفُ المفاوضات تحت ظِلّه، مع طرحِ بدائل تمنعُ حشر القيادة الفلسطينية وراء هذا الموقف إذا ما أصرت الإدارة الأمريكية على قرارها، وذلك من خلال الحديث عن وساطةٍ دوليةٍ مكان الوساطة الأمريكية، في مناورةٍ سياسيةٍ شكلية لعلَّها تُقلل من خسائرها الشعبية المترتبة على قرار ترامب، فيما تبنت الدولة الأردنية سياسةَ الاتفاقِ الشعبي والرسمي على رفض القرار لتمتين الساحة الداخلية وتقوية الموقف الأردني، لكن هذا الدعم انتهى بموافقة الأردن على استئناف عمل السفارة الإسرائيلية في عمان.
وختم ابحيص ورقته بقراءة الاتجاهات الممكنة لتطور المشهد ضمن أربعة سيناريوهات، مرجحًا استمرار المواجهات المتقطعة في الضفة الغربية والقدس المحتلة لتُراكِمَ في مجموعها خسارةً مشابهة لما يمكن للانتفاضة الشاملة أن تُلحِقه فتفرض على الصهاينة استنزافاً يُلجِئُهم للبحث عن مخرج.