بعد 24 عاماً.. "دماء الإبراهيمي" تؤجج روح المقاومة

تاريخ الإضافة الأحد 25 شباط 2018 - 8:55 م    عدد الزيارات 3367    التعليقات 0    القسم تقرير وتحقيق، أبرز الأخبار

        


كانت الساعة تقارب الخامسة فجرا يوم الخامس والعشرين من شباط عام 1994، الموافق 15 رمضان، كنت إماما للمصلين في حرم المسجد الإبراهيمي، بدأت في الركعة الثانية، وانتهيت منها، وركعت وانتهيت من الركوع، وهممت بالنزول للسجود.

وما أن وضعت رأسي على السجادة للسجود حتى انهمر الرصاص فوق رؤوس المصلين وأجسادهم، وعلت التكبيرات والصراخ.. هكذا وصف إمام المسجد الإبراهيمي الشيخ عادل إدريس (أبو أنيس) صباح يوم المذبحة المشهد المروع.

ويضيف الشيخ إدريس في حديث خاص لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": "الأشلاء من حولي تتطاير.. أدمغة أحد الشهداء انتثرت على عباءتي .. الدماء تنهمر فوق السجاد، صرخات التكبير جلجلت في المكان .. مذبحة مروعة قام بها المستوطن الطبيب العنصري باروخ غولدشتاين أدت إلى استشهاد 29 مصليا، وإصابة 15 جريحا، فيما انقض أحد المصلين على المستوطن فقتله".

وفجر الجمعة الـ 25 من فبراير/شباط 1994 الموافق الـ 15 من رمضان 1415 للهجرة، وقف المستوطن باروخ غولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد، وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش عليهم وهم سجود، في نفس الوقت قام آخرون بمساعدته في تعبئة الذخيرة التي احتوت "رصاص دمدم" متفجر، واخترقت شظايا القنابل والرصاص رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم.

وبعد انتهاء المذبحة، أغلق جنود الاحتلال الموجودون في الحرم أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى.

وأثناء تشييع ضحايا المجزرة، أطلق الجنود الإسرائيليون رصاصا على المشيعين، فقتلوا عددا منهم، مما رفع عدد الضحايا إلى خمسين قتيلا و150 جريحا.

 

الصراع على المكان
المسجد الإبراهيمي يقع في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وهو محط أنظار اليهود الصهاينة الذين عملوا على تحويل جزء منه إلى كنيس يهودي، وسمي المسجد بهذا الاسم نسبة إلى نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام الذي يعدّه اليهود يهوديا، فيما أكد القرآن أنه نبي مسلم "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما".

انعكست آثار المذبحة على المسلمين وليس على اليهود الصهاينة الذين كانوا من ورائها، وهم القتلة المنفذون والمتسببون، ومع ذلك طالت العقوبات المسلمين.

الحاج حفظي أبو اسنينة مدير المسجد الإبراهيمي والمنتدب إليه من وزارة الأوقاف الفلسطينية، يؤكد أن "لجنة شمغار التي شكلتها سلطات الاحتلال للتحقيق في المذبحة أغلقت المسجد طيلة ستة أشهر، ومنعت الصلاة فيه، وانتهت قراراتها بتقسيم المسجد إلى قسمين واحد لليهود حول كنيسا وآخر للمسلمين مسجدا، وفي أعياد اليهود يغلق المسجد أمام المسلمين، فيستباح جميعه من اليهود والمستوطنين، حيث سيطر اليهود على 60% من مساحة المسجد فيما بقي 40% للمسلمين".

 ويضيف الحاج أبو اسنينه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "لم يتوقف الأمر على التقسيم؛ بل تحولت ساحات المسجد إلى ثكنات عسكرية، ونصبت بوابات إلكترونية، لا يستطيع المسلم الدخول إلى الصلاة إلا منها، كما نصبت مئات الكاميرات، وأحيانا كثيرة يطلق جنود الاحتلال النار على الشبان والشابات العابرين من البوابات إلى الصلاة فيرتقوا شهداء".

ولعل من أخطر ما مارسته سلطات الاحتلال عقب المذبحة ضد المدينة، إغلاق شارع الشهداء، والسيطرة على سوق الخضار المركزي وسوق السهلة وخان شاهين وسوق القفاصين، الأمر الذي أدى إلى إغلاق مئات الدكاكين والحوانيت والمنازل للفلسطينيين، وباتت البلدة القديمة تحت سيف التهويد.

 

ثأر المقاومة  

انتقاما لشهداء المجزرة، نفذت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خمس عمليات استشهادية بين أبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول 1994 قتل فيها 36 صهيونيا وجرح أكثر من مائة آخرين.

  ولا زالت الدماء التي سالت في محراب المسجد الإبراهيمي وعلى عتباته تؤجج نار الانتقام من الجنود الصهاينة الذين قتلوا العشرات من الشبان والفتيات الفلسطينيين على أبواب المسجد وساحاته.

فقد قتل جنود الاحتلال الطالبة الطفلة كلزار عبد الحليم العويوي على بوابة المسجد الإبراهيمي بحجة محاولتها طعن جندي، كما قتلوا الشاب أنس الرجبي، ومحمد القواسمي، وخلود التميمي، وحسام عبد الله، وسعاد اخليل في ساحات المسجد الإبراهيمي بحجة محاولتهم قتل جنود ومستوطنين، ولم تتوقف المسيرة عن النزف.
 
كما وضع الاحتلال بعدها كاميرات وبوابات إلكترونية على المداخل كافة، وأغلق معظم الطرق المؤدية إليه بوجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات أمنية مشددة، إضافة لإغلاق سوق الحسبة، وخانيْ الخليل وشاهين، وشارعيْ الشهداء والسهلة. وبهذه الإجراءات فصلت المدينة والبلدة القديمة عن محيطها.

وعزز الإسرائيليون الإجراءات الأمنية عند مدخل الحرم، وما يسمى ببوابة القفص، ونقاط المراقبة على باب الأشراف، كل ذلك في مساحة لا تزيد على مائتي متر مربع، إضافة إلى وضع 26 كاميرا داخل الحرم، وإضاءات كاشفة، ومجسات صوت وصورة، وإغلاق جميع الطرق، باستثناء طريق واحد تحت سيطرة الاحتلال.

 

التداعيات 
ومنذ وقوع المجزرة، توالت الاعتداءات على المسجد الإبراهيمي وأغلقت البلدية القديمة في محيطه، وأغلق شارع الشهداء الذي يعد الشريان الرئيسي وعصب الحياة للفلسطينيين، ما أدى لإغلاق 1800 محل تجاري بالبلدة القديمة، كما منع رفع الأذان في الحرم عشرات المرات شهريا، وفصلت مدينة الخليل وبلدتها القديمة عن محيطها.

وكانت المجزرة بداية مخطط الاحتلال لتنفيذ تطهير عرقي للفصل والعزل، وتشريد الفلسطينيين من البلدة القديمة لبناء "مدينة الخليل اليهودية" إذ تعطلت حياة الفلسطينيين بالأزقة بعدما قررت حكومة الاحتلال إغلاق البلدة القديمة بشوارعها وأسواقها، وتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود.

ووظف الاحتلال "اتفاقية الخليل" المبرمة مع السلطة الفلسطينية عام 1997 لتعميق الاستيطان بالبلدة القديمة التي يسكنها نحو أربعين ألف فلسطيني، وهي المصنفة بـ "إتش 2" وتقع تحت سيطرة الاحتلال الأمنية، ويحتلها كذلك نحو 35 ألف يهودي موزعين على 27 مستوطنة وعشرات البؤر الاستيطانية والعسكرية بالبلدة القديمة، ومحيط محافظة الخليل التي يسكنها قرابة خمسمائة ألف فلسطيني.


المصدر:  المركز الفلسطيني للإعلام

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »