القدس تشهد حراكًا مسيحيًّا.. صلوات احتجاجية في شوارع المدينة
الإثنين 26 شباط 2018 - 10:47 ص 2987 0 مواقف وتصريحات وبيانات، شؤون المقدسات، شؤون المقدسيين، أبرز الأخبار |
في مشاهد أعادت للأذهان هبّة المقدسيين وصلواتهم الحاشدة في الشوارع والطرقات بالقرب من أبواب المسجد الأقصى المبارك، شرع مسيحيو القدس وخارجها من الوافدين الأجانب أداء صلواتهم منذ يوم أمس، في الشوارع والساحات خارج كنيسة القيامة التاريخية في القدس القديمة، بعدما أغلق بابها احتجاجاً على ضرائب فرضتها سلطات الاحتلال بأثر رجعي على أملاك الكنائس في المدينة المقدسة.
وفي قرار جريئ وتاريخي وغير مسبوق، قرّر بطاركة ورؤساء كنائس القدس -عبر مؤتمر صحفي أمس، إغلاق كنيسة القيامة أمام المصلين والسياح الأجانب احتجاجاً على حرب الضرائب الجنونية التي يفرضها الاحتلال على كنائس مدينة القدس والممتلكات الكنسية والتي تصل الى عشرات الملايين من الدولارات.
قرار رؤساء كنائس القدس أدى الى ردات فعلٍ واسعة، محلية واقليمة ودولية، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشاطاً واسعاً مؤيداً للقرار الاحتجاجي للكنائس والمُطالبة بالمزيد من الخطوات والفعاليات لكسر قرارات الاحتلال بهذا الخصوص.
وأكد عدد كبير من النشطاء أن أيا من وسائل الاحتلال لن تنجح في إزالة الوجود المسيحي من القدس، وأكدوا ثباتهم وبقاءهم في المدينة حتى لو فرض الجوع على السكان، ولفتوا الى "انه يتوقع من الاحتلال كل شيء لأنه لا يعير القيم الدينية والانسانية أي اهتمام".
وقال المسؤول عن فتح كنيسة القيامة يعقوب نسيبة (مُسلم) "إن الكنائس للصلاة وليست لجمع الأموال"، واصفاً إغلاق الكنيسة بـ"اليوم الحزين".
في حين أكد أمين مفتاح كنيسة القيامة أديب جودة (مُسلم) أن إغلاق الكنيسة في هذا الوقت مأساوي بالنسبة للحجاج، خاصة آلاف الوافدين القادمين من الخارج مع قرب حلول عيد الفصح.
ولفت جودة إلى أن الوضع القائم منذ عهد السلطان العثماني عبد الحميد عام 1852 يمنع تدفيع الكنائس أي ضرائب، مؤكداً أن فرض الضرائب على الكنائس وممتلكاتها وضع اخترقته دولة الاحتلال التي تسعى لتغيير الوضع المعمول به.
من جهته، أكد الناطق باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود أن فرض سلطات الاحتلال الضرائب على دور العبادة ومنها الكنائس، يعتبر عدوانا جديدا يستهدف مدينة القدس وجميع أبناء شعبنا العربي الفلسطيني ويمس مقدساته، وينذر بعواقب خطيرة قد تقود إلى الاستيلاء على الأراضي التابعة للكنائس.
وطالب المحمود بتدخل دولي عاجل لوقف تلك الممارسات "الإسرائيلية" التي تعد اعتداء فاضحا على كافة الاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية التي تضمن حرية العبادة وتحترم قداسة المكان الديني تحت كافة الظروف.
وناشد سفير فلسطين لدى الفاتيكان عيسى قسيسية دول العالم وعلى رأسها الفاتيكان، والدول التي تعتبر نفسها حامية للأماكن المقدسة منذ العهد العثماني وغيرها من كنائس العالم، التدخل لحماية الوضع التاريخي القائم في القدس ولجم السياسات الأحادية وغير القانونية لحكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، التي تستهدف ما تبقّى من الحضور الكنسي المسيحي الممتد منذ ألفي سنة، في القدس.
وقال قسيسية، في بيان له، إن التصعيد الخطير والمدروس من قبل حكومة الاحتلال اليمينية، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي ترمب اعترافه بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، يهدف إلى تقويض وإنهاء الوجود الكنسي المسيحي في المدينة المقدسة، من خلال سياساتها التي تسعى للسيطرة على عقارات ومباني الكنائس من خلال الحركات الاستيطانية، أو من خلال بلدية الاحتلال في القدس، وذلك بفرض الضرائب على عقارات وأملاك الكنائس، وتجميد حسابات الكنائس في البنوك بخرق للوضع التاريخي والقانوني القائم "Status Quo"، وتجاوز للخطوط الحمراء، مشيرا إلى أن آخر هذه السياسات كانت تمرير مشروع قانون أراضي الكنائس في الكنيست "الإسرائيلي"، الذي يسمح للحكومة "الإسرائيلية" بمصادرة أراضي وأملاك وأوقاف الكنيسة والتصرف بها. وأكد أن الإجراءات "الإسرائيلية" تعدّ خرقاً فاضحاً للستاتسكو الذي ينظم العلاقات بين السلطات المدنية والكنسية منذ عام 1757.
بدورها، دانت الحكومة الأردنية إجراءات الاحتلال الأخيرة ضد كنائس القدس وممتلكاتها معتبرة أنها تخالف القانون الدولي. وطالبت "تل أبيب" بالتراجع الفوري عن القرارات التي تم اتخاذها ضد الكنائس، واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي كقوة قائمة بالاحتلال في القدس الشرقية.
وعبر وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، عن إدانة الأردن ورفضه المطلق للإجراءات الممنهجة التي تقوم بها السلطات "الإسرائيلية" لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، بما في ذلك الأملاك المسيحية والأوقاف الإسلامية.واستنكر في تصريح رسمي اتخاذ خطوات لزيادة التضييق على الكنائس في القدس، والتي كان آخرها قيام ما يسمى ببلدية القدس بالحجز على ممتلكات الكنائس وحساباتها البنكية بحجة عدم دفع مستحقات مالية متعلقة بضريبة المسقفات.
وشدد الوزير الأردني على أن هذه الخطوات تستهدف بشكل واضح الوجود المسيحي التاريخي في مدينة القدس، الذي يُعد جزءا أساسيا من تاريخ المدينة المقدسة وإرثها التاريخي والإنساني والديني والحضاري.