العقارات التاريخية في القدس.. النهب والتهويد بأمر القضاء
الجمعة 14 حزيران 2019 - 9:08 م 2622 0 مشاريع تهويدية، استيطان، تقرير وتحقيق، أبرز الأخبار |
ما بين تسريب العقارات، وشرعنة القضاء، تواجه الممتلكات العربية التاريخية في مدينة القدس المحتلة، مقصلة تهويد ونهب شرسة لا تتوقف؛ لفرض أمر واقع في المدينة المحتلة.
أحدث هذه العمليات جاءت الاثنين الماضي عندما صدّقت المحكمة العليا الإسرائيلية على بيع أملاك للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في البلدة القديمة في القدس المحتلة لجمعية "عطيرات كوهانيم" الاستيطانية، بعد فشل محاولات بطريركية الروم الأرثوذكس بإلغاء البيع.
تآمر ثلاثي
وقال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، عصام العاروري: "للأسف خسرنا المعركة؛ فالقضية وصلت إلى خواتيمها، وصدر حكم نهائي غير قابل للاستئناف، والظروف العامة لا تسمح بممارسة ضغوط سياسية".
وأشار العاروري إلى أن الراهب المتورط في صفقة باب الخليل معروف منذ مدّة طويلة، وهو متواطئ مع "عطيرت كوهينم" التي هربته إلى بنما ليتهرب من المثول أمام المحكمة.
وأكد أن الدوائر الاسرائيلية تضافرت جهودها ما بين ما تسمى دائرة الأراضي، والنيابة، والقضاء، لتمرير هذه الصفقة.
وقال: "لو كان الظرف عادياً لتمكنّا من إبطال الصفقة؛ لأن من باع العقارات لا يملك حق البيع، فهي أوقاف لا يمكن بيعها".
تغليف قانوني للمصادرة
ومنذ عام 2004 بدأت تظهر رغبة جمعيات الاستيطان في الاستيلاء على الممتلكات التاريخية في البلدة القديمة بثوب قانوني بعد ظهور وثائق تزعم أن شركات إسرائيلية اشترت هذه الأصول، ومنها "الإمبريال" و"البتراء" و"بيت المعظمية"، لتحويلها إلى بؤر استيطانية.
وبني فندق "الإمبريال" عام 1884 وهو من أوائل الفنادق التي أقيمت شرقي القدس، وكان وجهة للكثير من السياح والمسؤولين الذين زاروا القدس بمن فيهم فيلهلم الثاني آخر قياصرة الإمبراطورية الألمانية، وملك بروسيا عندما زار فلسطين عام 1898.
وتمتلك بطريركية الروم الإرثوذكس الفندق الواقع في ميدان عمر بن الخطاب بمنطقة باب الخليل، وهو أحد أبواب البلدة القديمة في القدس التي تؤدي إلى حارة النصارى.
وبات الفندق الذي يوفر سطحه طلة جميلة على معالم القدس القديمة بما فيها المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة وسور القدس العتيقة، مهددا بالتسرب إلى الجمعية الاستيطانية الإسرائيلية "عطيرات كوهانيم" التي تنسق في وضع اليد على ممتلكات عربية في القدس بدعم من أثرياء يهود، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولا يهدد التسريب هذا الفندق، المكون من 50 غرفة فندقية فحسب، بل شمل أيضا فندق "البتراء" الملاصق له والمكون من 26 غرفة فندقية، وأيضا المملوك لبطريركية الروم الأرثوذكس في القدس.
وثائق وفساد
بدأت قصة" الإمبريال" و"البتراء"، ومعهما مبنى كبير في الحي الإسلامي في المدينة يسمى "بيت المعظمية"، تطفو على السطح في عام 2004 بعد أن قالت وسائل إعلام الاحتلال، مستندة إلى وثائق: إن شركات إسرائيلية مسجلة في دول غربية وتعمل لمصلحة الجماعات الاستيطانية اشترت هذه العقارات من بطريركية الروم الأرثوذكس.
وفجرت الوثائق موجة من المظاهرات في القدس والضفة الغربية وداخل أراضي 48 وفي الأردن، أدت في نهاية الأمر إلى الإطاحة ببطريرك الروم الأرثوذكس في القدس إيرينيوس الأول من منصبه في عام 2005.
وألقت هذه القضية بظلالها على البطريرك الجديد ثيوفيلوس الذي استهل عهده في العام ذاته بمحاولة إبطال الصفقة التي قال إنه شابها أعمال فساد ورشوة فضلا عن عدم تصديق الكنيسة عليها.
وتسعى جماعات استيطانية إسرائيلية، على رأسها "عطيرات كوهانيم"، إلى وضع اليد على أكبر عدد ممكن من الممتلكات العربية في البلدة القديمة من القدس في محاولة لمنع تحولها إلى عاصمة للدولة الفلسطينية مستقبلا.
وهذه الجماعات حظيت على مدى سنوات، بالدعم القانوني من المحاكم "الإسرائيلية"، وهو ما تكرر في قضية أملاك بطريركية الروم الأرثوذكس في الصراع الذي بدأ قبل سنوات.
صفقة مشبوهة
وآنذاك، قدمت البطريركية دعوى إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس دعت فيها إلى إبطال الصفقة بعد تأكيدها أنه شابها الفساد؛ حيث تمت دون علم الكنيسة وبعد تقديم جميعة "عطيرات كوهانيم" الرشوة المالية للمسؤول المالي في البطريركية الذي وافق على إتمامها بسعر زهيد، مقارنة بسعر السوق لهذه الممتلكات.
وبقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، الاثنين الماضي، هناك خشية من إقدام "عطيرات كوهانيم" الاستيطانية على طرد المستأجرين المحميين من المباني وتحويلها إلى بؤر استيطانية.
وقالت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس: إن المحكمة الإسرائيلية "اعتمدت صفقة عقارات باب الخليل التي أبرمت بشبهات في عهد البطريرك السابق إيرينيوس الأول بالرغم من تقديم البطريركية كل ما هو كافٍ لإبطالها على مدار معركة قانونية استمرت 14 عاما".
وقالت البطريركية في بيان لها إنها: "ستُكمل مشوار مقاومة عملية الاستيلاء على عقاراتها في باب الخليل بجميع السبل المشروعة، وإن طواقمها القانونية بالتعاون مع خبراء في القانون الدولي، تدرس كافة الاحتمالات المتاحة لإلغاء عملية الاستيلاء على عقارات باب الخليل".
وأشارت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس إلى أنها: "ستواصل تقديم دعمها للمستأجرين المحميين بهذه العقارات ليكونوا خط دفاع آخر أمام الهجمة الاستيطانية الشرسة على القدس عامة وعلى هذه العقارات خاصة".