كيف استقبل أهل القدس "رمضان" في ظل جائحة كورونا؟
الثلاثاء 28 نيسان 2020 - 9:44 م 1401 0 شؤون المقدسيين، تقرير وتحقيق، أبرز الأخبار |
خاص موقع مدينة القدس
راسم عبد الواحد
وجهٌ عبوس، وآهات عميقة تصدر من المواطن محمد محيسن (58 عامًا) من سكان حارة باب حطة في القدس القديمة؛ وهو يتحسر لعدم المقدرة للوصول الى الأقصى وأسواق القدس العتيقة، في الوقت نفسه يقارن بين استقبال أهل القدس لشهر رمضان الفضيل في العقود الماضية، وهذا العام، مستذكرا حرص المقدسيين على الاحتفاظ بالكثير من العادات والتقاليد الموروثة الخاصة في هذا الشهر، وكيف أصبح الحال في ظل جائحة كورونا، وغياب النكهة الخاصة بالشهر الفضيل.
يقول المقدسي محيسن لموقع مدينة القدس إن "أهل القدس اعتادوا الاستعداد لشهر رمضان الفضيل بشهور وأسابيع متفاوتة قبل مجيئه، ولا تجد حارة أو شارع أو بلدة في القدس إلا وتعمل فيها اللجان كخلايا نحلٍ للترتيب والاستعداد للشهر الكريم، في الوقت الذي تستنفر فيه دائرة الأوقاف الإسلامية لجانها وأقسامها ولجانها وتتواصل مع مختلف اللجان المُساندة: الكشفية، والصحية، والتطوعية، والخيرية، لاستقبال مئات الآلاف من المصلين الصائمين الوافدين من مختلف المناطق الى المسجد الأقصى المبارك".
ويضيف "أن تجار المدينة يستعدون، بشكلٍ لافت، بتكديس وعرض السلع لتعويض الخسائر المتلاحقة، خاصة لأصحاب المحال في البلدة القديمة".
ويتابع محيسن:" كما أن العديد من أصحاب المقاهي والمطاعم يحوّلون عملهم لبيع حلوى القطايف الرمضانية، وتنتشر بسطات الفلاحات لبيع النعناع والبصل الأخضر والزعتر والميرمية والفجل والبقدونس وسلات التين، وقطوف العنب، وينشغل آخرون من باعة البسطات في بيع الكعك المقدسي المشهور، وسلع رمضانية متنوعة، فضلا عن العصائر؛ وفي مقدمتها الخروب واللوز والسوس والتمر، لكن هذا العام انعدمت كل هذه المظاهر في ظل حالة الطوارئ المُصاحبة للفيروس، وما تبع ذلك من إغلاق المدينة والمحال التجارية، فضلا عن اغلاق المسجد الأقصى؛ وهو مصدر الجذب الرئيسي للمصلين والوافدين الى القدس، ومن خلاله تنشط الحركة التجارية وينتعش الاقتصاد في البلدة القديمة.
أمّا الحاج وليد أحمد موسى فلفت إلى لجان الأحياء والحارات، خاصة في البلدة العتيقة، والتي تتنافس فيما بينها حول أشكال ونوع الزينة الرمضانية للشوارع، وإضفاء بهجة بنكهة مقدسية على الوضع العام؛ فتتدلى الفوانيس الرمضانية وأحبال الزينة الملونة والمتنوعة، ولافتات ترحيب بالوافدين الى الأقصى، كما تنشغل هذه اللجان في محاولاتها للتسهيل على الوافدين بمختلف الصور والأشكال، لكن لم تعمل هذه اللجان هذا العام وبات الحزن يلفها وشوارعها وأسواقها ومقدساتها.
وقال المواطن خليل الحلواني "إن المقدسيين استقبلوا الشهر الفضيل بكثير من الحزن والحسرة، وهم ممنوعون من التعبّد في مسجدهم الأقصى".
وقال لـ"مدينة القدس" "إن عيوننا تدمع وهي تسمع صوت الأذان من مآذن المسجد الأقصى ولا تستطيع تلبية النداء والوصول إليه والصلاة في رحابه الطاهرة؛ فلا طعم للحياة في القدس بدون الصلاة في المسجد الأقصى، خاصة في شهر رمضان".
وأضاف: للأسف الشديد فإن القدس ومسجدها ومقدساتها تقع أسيرة لإجراءات الاحتلال، ويأتي رمضان كل عام، لتزحف الجماهير من كل مكان وعلى مدار الأيام والليالي حرصا على قضاء أكبر وقت في رحابه الطاهرة، وللتأكيد للاحتلال وللجميع بأن الأقصى مسجدنا وهو أغلى ما نملك، مشيرا إلى أن الاحتلال يتنفس الصعداء بعد انتهاء شهر رمضان.
القدس بشوارعها وأسواقها فارغة من المتجولين والزبائن، وبين استسلامٍ للأمر الواقع وللأصوات المنادية للتماشي مع خطة الطوارئ يشعر المقدسي بالحزن والشجن، ويدعو الله تعالى بأن تزول أساب هذه الاجراءات ويعود أهل القدس ومعها أهل الوطن لشدّ الرحال الى القدس والمسجد الأقصى، وإحياء ليلة القدر وختم القرآن الكريم في رحاب الأقصى المبارك.