بين "جزّ العشب" ومحاولات "اقتلاع الجذور".. ما أبرز إجراءات الاحتلال للقضاء على انتفاضة القدس بعد اندلاعها عام 2015؟

تاريخ الإضافة الجمعة 9 تشرين الأول 2020 - 1:28 م    عدد الزيارات 1358    التعليقات 0    القسم أبرز الأخبار، شؤون المقدسيين، تقرير وتحقيق

        


براءة درزي - موقع مدينة القدس

 

على أثر اندلاع انتفاضة القدس في عام 2015 والضرّبات التي وجّهتها لأمن الاحتـــلال ومستوطنيه، عملت سلطات الاحتلال على فرض مجموعة من الإجراءات القائمة على الردع والعقاب، وعلى الترهيب والترغيب، في محاولة للقضاء على عمليات المـقـاومـة الشّعبية، وهدفت هذه المحاولات إلى معاقبة أيّ فعل مـقـاوم وكلّ المشاركين فيه والدّاعمين له، علاوة على ضرب البيئة الحاضنة للحراك الشّعبي، وتخويف الفلسطينيين من الانخراط في العمل المـقـاوم.

 

لم تكن الإجراءات التي فرضها الاحتلال جديدة في معظمها، لكن ما فعلته السلطات الإسرائيلية كان تصعيد سياستها ضد الفلسطينيين القائمة على القتل والإرهاب، والتنكيل. ووفق قائد فرقة الضفة الغربية في جيش الاحتـــلال العميد ليئور كرملي، في مقابلة مع صحيفة "ميكور ريشون" في آب/أغسطس 2017، فإنّ السياسة القمعيّة لجيش الاحتلال بحقّ الفلسطينيين تحوّلت من "جزّ العشب إلى اقتلاع الجذور".

 

هدم منازل منفذي العمليات وعائلاتهم

يعدّ هدم المنازل في القدس من المعالم الرّاسخة في سياسة الاحتلال، وغالبًا يستند إلى ذريعة غياب الترخيص، واعتمد الاحتلال هذه السياسة بعد اندلاع انتفاضة القدس فعمل على هدم منازل منفذي العمليات وعائلاتهم، كوسيلة عقاب ومحاولة ردع لمنع تنفيذ عمليات في المستقبل، وقد طلب نتنياهو إلى وزيرة القضاء أيليت شاكيد، في جلسة "الكابينت" المنعقدة في 2015/10/5، تسهيل إجراءات هدم منازل الفلسطينيين ممن ينفّذون عمليّات ضد الاحتلال. وفي عام 2018، صرّح مسؤول إسرائيلي أنّ 45 منزلاً تمّ هدمها منذ عام 2015 تعود لمنفّذي عمليّات فدائية.

 

تشديد العقوبات على راشقي الحجارة

في تشرين ثانٍ/نوفمبر 2015، صادق "الكنيست" على مقترح القانون الذي يطالب بفرض عقوبة حد أدنى على راشقي الحجارة من الشبان والأطفال الفلسطينيين، والذي يتيح أيضًا المجال لسحب مخصّصات اجتماعيّة من ذوي الطفل الذي أدين برشق الحجارة، ويفرض غرامة مالية على ذوي الطفل المدان برشق الحجارة تصل إلى 10 آلاف شيكل، وصادق "الكنيست"، في عام 2016، على مشروع قانون يقضي بسجن الأطفال دون الـ14 عامًا في حال القتل أو محاولة القتل. والهدف من هذه الإجراءات المشدّدة ليس معاقبة الأطفال وحسب، بل قتل أيّ حسّ بضرورة مقاومة الاحتلال، والضغط على الأهالي كي يبثّوا "الوعي" في نفوس أطفالهم حول ضرورة امتناعهم عن أيّ عمل ضد الاحتلال لأن كلفته ستكون باهظة.

 

إطلاق النار بهدف القتل

اعتمدت قوات الاحتـــلال إطلاق النار على منفذي العمليات، وعلى من حاولوا تنفيذ عمليات، حتى على من اشتبهت بنيتهم تنفيذ عملية، وكان واضحًا أنّ الهدف من إطلاق النار هو القتل على الفور وليس العرقلة أو التعطيل. ومن هذه الحالات، على سبيل المثال، إعدام الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في الخليل في 2016/3/24، برصاص الجندي أليؤور أزاريا وهو ملقى على الأرض جراء إصابته بطلق ناري.

 

وحظيت عمليات الإعدام الميداني بغطاء سياسي ودعم ديني، فكان نتنياهو من أول المدافعين عن الجندي أزاريا فدعا إلى العفو عنه، فيما دعا الحاخام الأكبر يتسحاق يوسف جنود الاحتلال إلى قتل منفذي العمليات من دون الخوف من القيادة والمسؤولين وأباح الحاخام العسكري إيال كريم قتل المصابين الفلسطينيين، وأدلى بتصريحات تفيد بعدم التّعامل مع منفذي العمليّات كبشر، ووجوب قتلهم من دون شفقة، وإطلاق النار لتأكيد قتل المصابين منهم.

 

الاعتقال الإداري

صعّد الاحتـــلال وتيرة الاعتقالات الإدارية بحق الفلسطينيين بعد اندلاع انتفاضة القدس للضغط عليهم وتقييد أي نشاط مقاوم، وهذه الاعتقالات تنفذ من دون لائحة اتهام بل استنادًا إلى أمر إداري، ومدة الاعتقال 6 أشهر تمدّد من دون محاكمة. ووفق تقرير صادر عن مركز فلسطين لدراسات الأسرى، في 2020/10/5، فقد نفّذ الاحتلال 30 ألف حالة اعتقال لفلسطينيين من مختلف الشرائح منذ اندلاع هبة القدس في تشرين أول/أكتوبر 2015، وشملت الاعتقالات الأطفال، والنساء، والمرضى، وكبار السن، والناشطين، والإعلاميين، والصيادين، ونواب التشريعي وقادة الفصائل.

 

وقد عمد الاحتلال إلى تصعيد الاعتقال الإداري منذ انتفاضة القدس، وقد رصد تقرير مركز فلسطين لدراسات الأسرى 6000 قرار إداري صادر عن محاكم الاحتلال الصورية، بما في ذلك 41 قرارًا إدرايًا بحق نساء، و85 بحقّ أطفال قاصرين.

 

استهداف الأحياء بالحصار والدّهم والتفتيش

ويركّز الاحتـــلال بشكل خاص على العيسوية، ومخيم شعفاط، وحزما، وهي أحياء تشهد مواجهات شبه يومية، فيعتمد الحصار والحواجز وإغلاق مداخل الأحياء بالمكعبات الأسمنتية ودهم المنازل، لا سيما في الليل، وإلقاء القنابل الغازية والمطاطية والمسيلة للدموع، والهدف إرهاق المقدسيين ولتكون الأحياء والقرى المستهدفة عبرة لغيرها من الأحياء المقدسية. وفرض الاحتلال حصارًا مشددًا على حزما بالترافق مع اقتحامات ليلية وإلقاء القنابل الغازية والمطاطية والمسيلة للدموع، واستهدف بالحصار والعقاب كلّاً من مخيم شعفاط والعيسوية، وكلاهما لا يزال محطّ استهداف مستمر من الاحتلال.

 

وأنشأ الاحتلال حواجز جديدة ووضع مكعبات أسمنتية وسواتر ترابية، ونقاط تفتيش مستحدثة، وفي 2015/12/14 أمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بوضع حواجز أسمنتية في مئات محطات الحافلات في القدس المحتلة بعد ساعات من عملية دهس أدت إلى إصابة 14 مستوطنًا.

 

سحب الهويّات المقدسيّة

اتخذ الاحتـــلال من تنفيذ العمليات ذريعة لسحب الهويات المقدسية (بطاقات الإقامة الدائمة) من المقدسيين، وعملت سلطات الاحتـــلال على اختصار إجراءات سحب الهويات. وفي كانون ثان/يناير 2016، أصدر الاحتـــلال قرارات بسحب الهوية من 4 أسرى مقدسيين هم: محمد أبو كف، ووليد الأطرش، وعبد دويات، وبلال أبو غانم على خلفية تنفيذهم عمليات.

 

احتجاز جثامين الشـهـداء

أمر نتنياهو في 2016/3/27 بوقف تسليم جثامين شهداء انتفاضة القدس، فيما صادق "الكنيست"، عام 2018، على مشروع قانون يوسّع صلاحية سلطات الاحتـــلال لجهة احتجاز جثامين منفّذي العمليات، وفرضت سلطات الاحتـــلال قيودًا مشدّدة على جنازات منفّذي العمليات لجهة عدد المشاركين ووقت التّشييع لمنع تحوّل هذه الجنازات إلى تجمّعات تحرّض ضدّ الاحتـــلال وتتعهّد بالثّأر للشــهـداء، وللتضييق على أهالي الشهداء بما يساهم في إضعاف البيئة الحاضنة للحراك الشّعبي.

 

ووفق تقرير صادر عن مركز عبد الله الحوراني في تشرين أول/أكتوبر 2020، فإنّ عدد الجثامين التي يحتجزها الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة القدس في عام 2015 هو 67 جثمانًا.

 

تشديد المراقبة على وسائل التّواصل الاجتماعي

شددت سلطات الاحتـــلال رقابتها على وسائل التواصل الاجتماعي، لمراقبة المنشوارت التي يكتبها الفلسطينيون وتعبّر عن تأييدهم للمـقـاومـة أو رفضهم لاعتداءات الاحتـــلال، أو تفيد احتمال توجّههم إلى تنفيذ عملية، واعتقالهم على خلفيـّتها لإحباط عملية محتملة. وشكّلت السلطات الإسرائيلية فريقًا خاصًا لمراقبة محتوى المنشورات الفلسطينية على فيسبوك فيما وجهت تهمًا إلى بعض الفلسطينيين بنشر محتوى تحريضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والتقى وزير الأمن الإسرائيلي، جلعاد أردان، ووزيرة القضاء الإسرائيلية، أييلت شاكيد، في أيلول/سبتمبر 2016، مع مسؤولين في شركة فيسبوك للتوصل إلى ترتيبات حول إزالة "المحتويات التحريضيّة" ومنها طلبات بإزالة مضامين تشتمل على عبارات مثل "انتفاضة" و"شهـيد" و"الموت لليهود". وفعلاً، أغلق موقع فيسبوك عقب الاتفاق حسابات عشرات الناشطين الفلسطينيين ومديري الصّفحات الفلسطينيّة، ولا تزال شركة فيسبوك في حرب على المحتوى الفلسطيني إذ تعمد إلى إقفال صفحات وإقصاء ناشطين ومنعهم من النشر ومن البثّ الحي، والذريعة "مخالفة القواعد المجتمعيّة".

 

سياسة العصا والجزرة

أعلن وزير جيش الاحتـــلال أفيغدور ليبرمان في آب/أغسطس 2016 عن خطّة أمنية وسياسية لمواجهة انتفاضة القدس تقوم على إقامة حوارات مباشرة مكثفة مع شخصيات اقتصادية ورجال أعمال وأكاديميين فلسطينيين عبر منسق شؤون المناطق في الحكومة الإسرائيليّة بالإضافة إلى إنشاء موقع إنترنت باللغة العربية موجّه إلى المجتمع الفلسطيني. وفي المقابل، تفرض الخطة معاقبة المناطق التي تنطلق منها عمليات ضد الاحتـــلال فيما تكافأ بـ "التسهيلات" المناطق التي ينكفئ شبابها عن المشاركة في العمليات والمواجهات. وقسمت الخطة المناطق الفلسطينية إلى حمراء "مشاغبة" وأخرى خضراء "مهادنة" حيث تعاقب الأولى وتكافأ الأخرى بالامتيازات وفقًا لمدى الالتزام بعدم مواجهة الاحتلال.

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »