الحداثة الإسرائيلية العمرانية ... مسار تهويدي تتبعه بلدية الاحتلال في القدس المحتلة لتهويد المدينة
الأربعاء 18 تشرين الثاني 2020 - 8:35 م 1807 0 أبرز الأخبار، شؤون مدينة القدس، مشاريع تهويدية، تقرير وتحقيق |
إعداد وسام محمد
خاص موقع مدينة القدس
تزداد المخططات والمشاريع التهويدية التي تستهدف المدن الفلسطينية والمعالم والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة، لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية والمساعي الإسرائيلية لاكتساب الوقت وتنفيذ أكبر عدد من المشاريع لا سيما في مدينة القدس العربية.
ويمثل الصراع الديمغرافي في مدينة القدس المحتلة، المعضلة الكبرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك يسعى بشتى الوسائل إلى حسم معركته بالمدينة عبر استهداف الوجود الفلسطيني، وتقليص نسبة العرب لتحويلها إلى مدينة يهودية، لا يتجاوز نسبة العرب فيها 12%، علمًا أن عدد السكان العرب في مدينة القدس يبلغ نحو 350 ألف نسمة.
وتتعرض مدينة القدس المحتلة لمخططات استيطانية تهويدية ضخمة تشمل كافة القرى والبلدات والأحياء العربية في المدينة، بهدف طمس هويتها وتحقيق الرؤية الاستراتيجية عند الاحتلال الإسرائيلي .
مشروع مركز شرق المدينة التهويدي
يعتبر مشروع "مركز شرق المدينة" من أكبر المشاريع التي تسعى سلطات الاحتلال لتنفيذها في القدس المحتلة، وهو مشروع قديم أعدته ووزارة داخلية الاحتلال منذ 20 عامًا.
ويهدف المشروع إلى تغيير وجه المدينة العربية واستبداله بالعمران العبري التهويدي، الذي تزعم سلطات الاحتلال أنه جاء وفقًا لمتطلبات التطور العمراني، ويعمل المشروع على تدمير أحياء كاملة وتغيير معالم عديدة في المدينة، ويمتد من شارع السلطان سليمان ثم شارع صلاح الدين حتى شارع عثمان بن عفان في واد الجوز ثم حي الشيخ جراح، وصولًا إلى فندق "الأمريكان كولوني"، وإغلاق المربع حتى شارع رقم واحد الفاصل بين شطري المدينة المحتلّة الغربي والشرقي.
وأودعت اللجنة اللوائية الإسرائيلية بالقدس المحتلّة قبل نحو شهر ونصف المخطط التهويدي، وأعلنت عنه قبل أيام من خلال تعليق يافطات خضراء داخل المدينة للاعتراض عليه خلال 60 يومًا تنتهي بتاريخ 23 ديسمبر القادم.
المختص بشؤون التنظيم والبناء في القدس المحتلّة المحامي مهند جبارة حذّر من هذا المخطط التهويدي الضخم، قائلًا إنّ "هذا المخطط محاولة لتغيير ملامح القدس العربية والفلسطينية، ومحاولة خطيرة للحدّ من التكاثر الديمغرافي الفلسطيني في القدس، حينما يحددون إمكانية البناء في المنطقة فقط لخمس طبقات، ولا يمكن الفلسطينيين من التكاثر وبناء السكن".
ويؤكّد المحامي جبارة، في تصريحات صحفية، أنّ هذا المخطط الإسرائيلي يتعارض مع القانون الدولي، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، إذ يمنع المحتل من اتخاذ أي قرار يؤثر ويغير من شكل المنطقة المحتلة.
ويبيّن أنّ الخطورة من هذا المشروع تكمن في "تحديد إمكانيات البناء مستقبلًا، فمثلًا في حال تم تحديد البناء حتى 5 طبقات، لا يمكن لصاحب العقار تقديم طلب لبناء أكثر من 5 طبقات في العشرين سنة القادمة، ونحن نتحدث عن مركز المدينة في أهم المدن بالعالم".
وذكر أنّه في المقابل قامت وزارة الداخلية الإسرائيلية بالمصادقة على إمكانية البناء حتى 16 طابقًا في الشطر الغربي من نفس المدينة المحتلّة، مشدّدًا على انّ ذلك "أمر غير منطقي".
ويقول جبارة "كل من يدقق في هذا المشروع يكتشف أن هناك محاولة لتفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين، وهو جزء من مخطط كبير تسعى إليه الهيئة العامة الإسرائيلية والحكومة الإسرائيلية ممثلة ببلدية القدس والداخلية؛ للسيطرة على المدينة، وتهويد جزء كبير منها وربط شرقي المدينة بغربيها، وإزالة ملامحها العربية والفلسطينية والدينية، من خلال فرض طوق كامل من المخططات الاسرائيلية التي تربط الشطرين الغربي مع الشرقي".
ويؤكّد أنّ مخطط مشروع "مركز شرقي المدينة" يعتبر امتدادًا لمشروع ما يسمى "وادي السيلكون" في حي واد الجوز بالقدس، وهما المشروعان اللذان يهدفان إلى طمس الهوية الفلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية على شرقي القدس المحتلّة.
ويوضح أنّهم يتحدثون عن ملحق لهذا المخطط التهويدي يعنى بالشوارع وكيفية الدخول والعبور إليها، من بينها شارع صلاح الدين، حيث يوجد قرار بتحويل هذا الشارع إلى "شارع للمشاة"، دون أخذ رأي التجار، والأهم من ذلك دون تحديد بدائل للسيارات.
ويشير إلى أن أي مدينة حديثة تقوم بإغلاق شارع وتحويله لشارع للمشاة، يجب أن تؤمّن مواقف للسيارات أو مبانٍ خاصة مكونة من 10 طوابق.
ويبيّن جبارة أن المخطط الإسرائيلي لم يأخذ بالحسبان أنّ أعداد الوافدين إلى مدينة القدس المحتلّة في شهر رمضان المبارك يصل إلى مئات الآلاف، ولا توجد مخططات مدروسة لمواقف السيارات.
وذكر أنّ الاحتلال يهدف من هذا المخطط إلى منع هذه الأعداد من الوصول إلى مدينة القدس المحتلة "بحجّة التخطيط الحديث، ومحاولة فرض طوق حول المحلات التجارية لمنع المقدسيين والفلسطينيين من الخارج والداخل الفلسطيني من الوصول إلى القدس الشريف".
وأوضح أنّ المشروع التهويدي "يؤثّر عمليًا على 350 ألف شخص بشرقي القدس، ومع ذلك فقد أعدته البلدية دون التشاور مع السكان وأصحاب المحلات التجارية في الشوارع والأحياء التي يشملها المخطط".
في الخلاصة، تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأدرعها الحكومية والامنية والبلدية إلى استغلال جميع المسارات والطرق لتهويد مدينة القدس المحتلة وتغيير وجهها العربي الإسلامي التاريخي، ومن المؤكد أن هذا المشروع الاستراتيجي العمراني لا يخدم المقدسيين وإنما سيشكل عليهم عبئًا إضافيًا عليهم، فضلًا عن دوره في طمس الهوية العربية والإسلامية للمدينة.