مؤسسة القدس الدولية تصدر تقرير حال القدس السنوي لعام 2020
حال القدس 2020: الاحتلال وصفقة القرن والتطبيع وكورونا، أوبئة فتكت بالقدس، في مقابل تصاعد المقاومة وتجدد المبادرات الشعبية
الأربعاء 31 آذار 2021 - 11:34 م 3620 0 أبرز الأخبار، العيساوية، أسرى القدس، المسجد الأقصى، شؤون المقدسيين، مواقف وتصريحات وبيانات، التفاعل مع القدس، أخبار فلسطينية، التطبيع خيانة، شؤون مدينة القدس، مشاريع تهويدية، استيطان، انتفاضة ومقاومة، شؤون المقدسات، شؤون الاحتلال، أخبار المؤسسة |
مؤسسة القدس الدولية تصدر تقرير حال القدس السنوي لعام 2020: قراءة في مسار الأحداثِ والمآلات تواصل مشروع التهويد على وقع المقاومة، وتفشٍ لوباءي كورونا والتطبيع
أصدرت مؤسسة القدس الدولية، الأربعاء، 31 آذار/ مارس 2021، تقريرها السنوي "حال القدس 2020"، الذي يتناول أبرز الأحداث التي جرت في القدس عام 2020، محاولاً استشراف المآلات والتطورات خلال عام 2021 مع تقديم التوصيات المناسبة للجهات المعنية.
وأكدّ التقرير بأنّ عام 2020 يُعد من أسوأ السنوات على الصعيد العربي والإسلامي فيما يتعلق بالتفاعل مع القضية الفلسطينية، ويقول التقري: " لم يسبق للمواقف العربية والإسلامية الرسمية من القضية الفلسطينية أن كانت بهذا المستوى من الانحدار والخذلان، مع استمرار حالة الضّعف في مواقف جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مع تصاعد موجات التطبيع مع الاحتلال، وبشكل خاص من بعض دول الخليج العربي ".
وأشار التقرير أيضاً إلى أنّ عام 2020 قد شهد ازدياداً في الانفتاح الخليجي على الاحتلال الإسرائيلي، تزامناً مع فقدان الجامعة العربية لدورها وأهميتها ووظيفتها، وتمثل ذلك بعجزها عن اتخاذ موقف من التطبيع.
أما على الصعيد الفلسطيني فقد ذكر التقرير أنّ الأداء الفلسطيني العام قد أظهر تمسّكاً بالقدس والمقدسات والمسجد الأقصى، ورفضًا لـ(صفقة القرن) الأمريكية، ومخططات الضمّ الإسرائيلية، ولكن السلطة الفلسطينية حافظت على الدور الذي أنشئت من أجله، متشبثةً بالتنسيق الأمني، عاجزةً أمام اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على القدس ومقدساتها، ولم يرق خطابها إلى مستوى الهجمة الأمريكية الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بواقع المسجد الأقصى المبارك خلال عام 2020، فقد وثق التقرير عدم وجود تغير مركزي فيما يتعلق في مسار محاولات تهويد المسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم فيه، إلّا أنّ، الإجراءات الوقائية من فايروس (كورونا) قد شكلت بوابة الاستهداف الرئيسة للمسجد، خلال عام 2020، وبحسب التقرير فقد حاول الاحتلال تحقيق "سيادته" على المسجد الأقصى من بوابة الوباء العالمي، عبر فرضه إغلاقات متكررة، ومساواته بين المصلين أصحاب الحق وبين المقتحمين من المستوطنين، وشهد الأقصى زيادةً في مدد الإغلاق، والمزيد من محاولات التدخل في إدارة المسجد، واستهداف مكوناته البشرية، بل وصل الأمر إلى حدّ تركيب أجهزة صوتية في سياق التحضير لمنظومة إسرائيلية للتحكم بإدارة المسجد الأقصى المبارك.
وكشف التقرير أن 18526 مستوطناً قد اقتحموا المسجد الأقصى في عام 2020 بحمايةٍ من قوات الاحتلال ، في مقابل 29610 مستوطنين اقتحموا الأقصى في عام 2019، وهو أقل عددٍ للمقتحمين في السنوات الأربع الأخيرة، كما رصد التقرير.
وفي سياق الحديث عن أبرز المحطات التي مرت بالمسجد الأقصى المبارك خلال وباء (كورونا)، تحدث التقرير عن سعي الاحتلال استغلال الجائحة لفرض وقائع جديدة على المسجد الأقصى، وتكريس نفسه جهة مرجعية لإدارته، وتكثيف تدخلاته في شؤونه.
ورصد التقرير315 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى أصدرتها سلطات الاحتلال خلال عام 2020، وتراجعت نسبة قرارات الإبعاد بنحو 10% فقط عن تلك القرارات الصادرة في عام 2019، الذي سجل 355 قرار إبعاد. وشملت قرارات الإبعاد عدداً من رموز القدس، من بينهم رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري، ونائب رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ ناجح بكيرات، والشيخ إسماعيل نواهضة إمام وخطيب المسجد الأقصى.
ووثق تقرير حال القدس 2020 عدداً من المشاريع التهويدية التي خطط لها الاحتلال، ونفذها، في محيط مدينة القدس المحتلة، ومن أبرز تلك المشاريع: مشروع القطار الخفيف (التلفريك)، وجسر المشاة "السياحيّ" بين حيّ الثوري ومنطقة النبيّ داود، ومشروع وضع مجسم "المعبد" المزعوم عند باب المغاربة.
ووصف التقرير اعتداءات الاحتلال على المسيحيين في القدس المحتلة بأنها نهجٌ ثابتٌ لدى الاحتلال، إذ تتعرض الكنائس والأملاك المسيحية إلى اعتداءاتٍ مستمرة، بالتزامن مع استمرار محاولات الاحتلال السيطرة على الأملاك والأوقاف المسيحية التي تتعرض لمحاولات تسريبٍ، تسهلها أذرع الاحتلال القانونية".
وأكد التقرير استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتوظيف سياسة الاعتقال لإرهاب المقدسيين، والتضييق عليهم، وتقييد حركتهم وفعالياتهم المناهضة لوجوده. ورصد التقرير وعلى مدار أشهر عام 2020 نحو 1979 حالة اعتقال، في مقابل اعتقال 2078 مقدسيًا في عام 2019. وأشار حال القدس 2020 إلى انخفاض حالات الاعتقال بنسبة 4.7% بالمقارنة مع عام 2019، وهو انخفاض طفيف جدًا سببه الرئيس قرارات الإغلاق العام لمواجهة كورونا.
وتصدرت مناطق العيساوية، وسلوان، ومحيط المسجد الأقصى المبارك، أرقام وحالات الاعتقال في القدس، إذ توزعت بين: 645 حالة اعتقال في العيساوية، 365 حالة اعتقال داخل المسجد الأقصى المبارك، و298 حالة اعتقال في سلوان.
وأوضح التقرير جوانب من سياسة الاعتقال الإسرائيليّة بحقّ المقدسيّين في عام 2020، فقد بلغ عدد الأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال نحو 450، بينهم عشرات الأطفال والنساء والفتيات، ومنهم 8 أسرى ضمن قائمة عمداء الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 سنة متواصلة في السجن، أقدمهم عميد الأسرى المقدسيين سمير أبو نعمة، والمعتقل منذ أكثر من 33 عاماً، كما أشار التقرير إلى وجود 7 أسرى من القدس ممن تحرروا في صفقة (وفاء الأحرار)، وأعيد اعتقالهم وأعيدت لهم الأحكام السابقة.
وفي مسار عملية الهدم، فقد تصاعدت مجزرة الهدم في القدس، عبر ما نفذته سلطات الاحتلال من هدمٍ لعقارات المقدسيين خلال عام 2020، سجلت عمليات الهدم في القدس رقماً قياسياً جديداً بلغ 193 منشأة، في حين بلغ العدد نحو 173 منشأة عام 2019، وبهذا يكون عام 2020 الأعلى من حيث عدد البيوت التي هدمها الاحتلال في القدس منذ عام 2004.
أما مسار الاستيطان الإسرائيلي في القدس، فقد عملت سلطات الاحتلال على الاستفادة من العام الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، فصعدت العطاءات الاستيطانية في مختلف مناطق القدس المحتلة، ووثق التقرير تخطيط أذرع الاحتلال وإقرارها نحو 12000 وحدة استيطانية في مدينة القدس المحتلة.
وفي سياق استهداف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع التعليم في القدس، ووفقاً لما جاء في تقرير حال القدس، فقد شهد العام 2020 تطوراً نوعياً، تمثل في إعلان بلدية الاحتلال في 1/1/2020 عن إنشاء مجمع مدارس يتبع لوزارة التعليم في حكومة الاحتلال، سيقام التجمع في مخيم شعفاط وعناتا، ليكون بديلًا عن مدراس وكالة الأونروا، وبكلفةٍ تبلغ نحو 2 مليون دولار أمريكي.
ولم يتوقف توظيف الاحتلال لوباء (كورونا) عند ملف تهويد المسجد الأقصى المبارك، بل أنّ الاحتلال قد استغل (كورونا) لضرب قطاع التجارة في القدس، فبحسب التقرير وعلى أثر فرض الاحتلال الإغلاق الشامل بسبب تفشي كورونا، تفاقمت معاناة التجار المقدسيين في البلدة القديمة، انخفض عمل التجار المقدسيين بنسبة 90%، وتضررت قطاعات على غرار محال الملابس والعطور وغيرها، وبعد مرور عدة أشهر من انتشار (كورونا) في المناطق المحتلة، ارتفع عدد المحال التجارية المغلقة في القدس من نحو 350 محلاً إلى نحو 800 محل، وهذا ما يؤشر إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين في المدينة، خاصة أن إغلاق المحل الواحد يمكن أن يؤثر في عددٍ كبيرٍ من العائلات المقدسية ومصادر دخلها.
وفي سياق قراءة الفعل المقاوم خلال عام 2020، تحدث تقرير حال القدس عن استمرار أعمال المقاومة في القدس المحتلة، متجاوزةً إجراءات الاحتلال وإغلاقاته المتكررة بذريعة جائحة " كورونا".
وأشار التقرير إلى عددٍ من استطلاعات الرأي، التي أكدت أن نحو ثلثي الشعب الفلسطيني يختار المقاومة خيارًا لمواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وهذا يؤكد رسوخ خيار المقاومة في وجدان الشعب الفلسطيني وممارسته.
ورصد تقرير حال القدس 2020، تنفيذ 336 عملية فدائية في القدس المحتلة وضواحيها، خلال العام 2020، مقابل تنفيذ 250 عملية في عام 2019، و184 عملية في عام 2018، ما يعني أن العمليات الفدائية ونقاط الاشتباك مع العدو الإسرائيلي في القدس قد ارتفعت بنسبة 34.4%.
وبعد تقديم جملة من المآلات والتوقعات لمستقبل التطورات والمواقف المتعلقة بالقدس، ختم التقرير بسلسلة من التوصيات إلى الجهات المعنية، فدعا منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، إلى الإسهام في تشكيل بيئة حاضنة للمقاومة في الضفة الغربية، والتخلي عن ملاحقة المقاومين، وتكميم أفواه المنادين بإشعال المواجهة مع الاحتلال، استثمار مختلف الأدوات التي تمتلكها لدعم الفلسطينيين في القدس المحتلة، مع استمرار جائحة "كورونا" للعام الثاني على التوالي.
فيما دعا التقرير الفصائل الفلسطينية وقوى المقاومة إلى رفع مستوى العمل المقاوم في القدس والضفة الغربية المحتلتين، مع الاستفادة من دروس المقاومة الشعبية، وآخرها حملة (الفجر العظيم) في القدس المحتلة، فعلى الفصائل رفد هذه المبادرات الشعبية ودعمها، في سياق تحويل المبادرات هذه إلى حالة مجتمعية عابرة لكل الأطياف والانتماءات في المناطق المحتلة، وتطوير الأدوات التي يمتلكها المقدسيون لمواجهة الاحتلال وأدواته الأمنية.
أما الأردن، فقد دعاها تقرير حال القدس 2020، وضمن توصياته، إلى عدم الخضوع لإجراءات الاحتلال بحق المسجد الأقصى ودائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، والوقوف بوجه قرارات الاحتلال التي تستهدف صلاحيات الدائرة وتتدخل في عملها، في إدارة شؤون المسجد الأقصى، فالحفاظ على الوصاية يتطلب إرادة وسرعة واستجابة عالية، وعدم الخضوع لابتزاز الدول العربية المطبعة التي تسعى إلى دمج الأردن في مشروع تطبيعي كبير في المنطقة العربية، بُغية استهداف ملفي اللاجئين والمقدسات اللذين للأردن صلة قوية بهما.
ودعا التقرير الأردن إلى احتضان الأردن المبادرات والجهود الشعبية في القدس المحتلة، خاصة المبادرات التي تعمر المسجد الأقصى بالمصلين، وهذا ما سيسمح للأردن بهامش أكبر للعمل على حماية المقدسات، تحصين دور الأوقاف الإسلامية في القدس عبر التحامها مع الجماهير المقدسية، إذ يستطيع التكامل بين الأوقاف والجماهير أن يشكل جبهة صلبة في وجه الاحتلال، والاستفادة من السقف الشعبي العالي الذي ترسمه الجماهير المقدسية بمقاومتها للاحتلال.
وضمن توصياته، دعا تقرير حال القدس 2020 الدول العربية والإسلامية إلى عدم المضي خلف السياسة الأمريكية وقراراتها في المنطقة، بل بلورة أحلاف جديدة تعيد تموضع القضية الفلسطينية في أولويات الأنظمة العربية، وتسمح بتقديم المزيد من الدعم للقدس والمقدسيين، كما دعا التقرير تلك الدول إلى تقديم الدعم المباشر للمقدسيين، وفتح قنوات لدعم القطاعات الصحية والاقتصادية والتعليمية، لإنقاذها من براثن الاحتلال.
أمّا القوى والأحزاب والهيئات الشعبية والمؤسسات الإعلامية والدينية فقد دعاها التقرير إلى البناء على التفاعل الافتراضي الداعم للقدس والأقصى، وإطلاق المزيد من المبادرات الشعبية لدعم المقدسيين وحماية المسجد الأقصى، والتشبيك مع المؤسسات والروابط العالمية، لتصدير قضية القدس إلى أطر أوسع وفضاءاتٍ جديدة، والانتقال إلى المناصرة الميدانية والعملية الفاعلة للقدس.