بين منع اقتحامات الأقصى وعودتها: أيّ حسابات للاحتلال؟
الإثنين 24 أيار 2021 - 6:23 م 1273 0 أبرز الأخبار، المسجد الأقصى، انتفاضة ومقاومة، تقرير وتحقيق |
موقع مدينة القدس l بعد منع اقتحامات الأقصى على مدى 20 يومًا تخلّلها عيدان للمستوطنين، أحدهما من أعياد الحج المرتبطة باقتحام المسجد، أعادت سلطات الاحتلال يوم أمس الأحد 2021/5/23 السماح للمستوطنين بالاقتحامات إذ فتحت باب المغاربة بُعيد السابعة صباحًا وبحلول السابعة وعشر دقائق كانت أولى مجموعات المقتحمين وقوامها 20 مستوطنًا، تستأنف اقتحامات الأقصى. وكان الاحتلال استبق ذلك بالاعتداءعلى المصلّين في صلاة الفجر وتقييد وصولهم إلى المسجد، حيث بيّن الشيخ عمر الكسواني أنّ 400 مصلٍّ فقط تمكنوا من المشاركة في صلاة الفجر في الأقصى ومنع من هم دون الـ45 من دخول المسجد.
وقد اقتحم الأقصى يوم أمس الأحد 253 مستوطنًا وفرت لهم قوات الاحتلال الحماية والمرافقة، فيما بلغ عدد المقتحمين اليوم 123.
وكانت سلطات الاحتلال منعت الاقتحامات بدءًا من 23 رمضان، ضمن العشر الأواخر من الشهر، مع وعود بأنّ الأقصى سيكون مفتوحًا للاقتحامات في 2021/5/10، الموافق 28 رمضان، ليحتفل المستوطنون بـ "يوم القدس"، أو ذكرى استكمال احتلال القدس بالتقويم العبري. لكنّ المرابطين في الأقصى أجبروا الاحتلال على منع الاقتحام في مواجة استمرّت على مدى ساعات اليوم ثبت فيها المرابطون وعجزت قوات الاحتلال فيها حتى عن تأمين مسار مختصر لاقتحام سريع على نمط اقتحام الأقصى يوم عيد الأضحى في عام 2019.
ومع دخول المقاومة على خطّ المواجهة، أجبرت سلطات الاحتلال على الاستمرار في إغلاق الأقصى لتعود إلى السماح بالاقتحامات بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار.
نشطاء المعبد يضغطون لاستئناف الاقتحامات
بعد فشل اقتحام الأقصى في 28 رمضان الذي حشدت له جماعات المعبد وعقدت مؤتمرًا لإنجاحه وشارك في الدعوة إليه عدد من الحاخامات، وجّهت هذه الجماعات أنظارها إلى أيام "عيد الأسابيع" للتعويض عن الخسارة التي منيت بها في يوم "توحيد القدس" الذي كانت تسعى ليكون "محطة فاصلة" في تاريخ الصراع عبر تنفيذ اقتحام حاشد للمسجد يشارك فيه 2000 مستوطن.
وخصصت جماعات المعبد المتطرفة منشورات لتعبئة جمهورها دعت فيها إلى الاقتحام بأعداد كبيرة "وأداء الصلوات من هناك، وحثّت أنصارهاعلى المشاركة في الاقحامات ما بين 16 و18/5، مشيرة إلى أنّه ما من عذر لمنع الاقتحامات مع انتهاء شهر رمضان.
لكنّ معركة "سيف القدس" أجبرت سلطات الاحتلال على عدم السماح بالاقتحامات يوم الأحد 5/16، وذلك بناء على قرار من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أعلنه صباح اليوم ذاته ومفاده أنّ الأقصى سيظل مغلقًا حتى إشعار آخر على خلفيّة الأوضاع الأمنيّة.
ومع الاتفاق على وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّر التنفيذ فجر الجمعة 5/21، صعّدت جماعات المعبد من وتيرة مطالباتها بفتح الأقصى، تحت شعار "استمرار إغلاق [المسجد] يعني انتصار الإرهاب"، وكان عضوا "الكنيست" إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من المشاركين في الضغط لإعادة السماح بالاقتحامات. ومن مطالب الحملة كذلك إخراج الأوقاف الأردنية من الأقصى ونقل الوصاية على المسجد إلى هيئة يهودية ذات سيادة.
دلالات السماح باستئناف الاقتحامات
تعليقًا على عودة الاقتحامات، قال الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى، في تصريحات صحفية، إنّ الاحتلال يريد أن تعود الأمور إلى نقطة البداية قبل العدوان على غزة، أي استمرار الاعتداء على المقدسات وإدخال المتطرفين إلى الأقصى والقضاء على فكرة ربط ما حدث في غزة بالقدس والمقدّسات الإسلامية. وأشار الكسواني إلى أنّ محاولة الاحتلال لتحقيق تلك الأهداف تشمل وسائل مثل إدخال أعداد كبيرة من المتطرفين واقتحام المسجد بحماية قوات الاحتلال، ومساعدتهم على استفزاز المرابطين وأداء صلوات تلمودية، بالإضافة إلى نزع السيادة من الأوقاف الإسلامية في القدس، وفرض السيطرة على كل من في الأقصى لإظهار أن له السيادة وسلطة المنع والمنح.
ووفق الباحث المتخصص في شؤون القدس والأقصى زياد ابحيص، فإنّ الإحلال الديني في الأقصى هدف مركزي لحكومة الاحتلال، وهي لذلك لا تتراجع عنه إلا لحظة اصطدامها بما يردعها مباشرة. والردع المباشر تجلّى في الإرادة الشعبية وفي المقاومة. واستئناف الاحتلال السماح بالاقتحامات صباح يوم الأحد 5/23 بعد 19 يومًا من توقّفها رغم أنفه محاولة منه ليقول إنّه عاد إلى المربع الأول وكأن شيئًا لم يكن.
لكن مع ذلك، يؤكّد ابحيص انتهاء الزمن الذي ينفّذ فيه الاحتلال الاقتحامات بقلب قوي لحسم مصير الأقصىـ وما يفعله الاحتلال اليوم بعد شهر رمضان ومعركة سيف القدس يأتي في سياق محافظة الاحتلال على "المكتسبات" وحتى لا يفرض عليه المزيد من التراجعات. ويدلّ على هذه الحقيقة، بحسب ابحيص، الطريقة التي استؤنفت بها الاقتحامات إذ لجأ الاحتلال إلى العدوان على المصلين من صلاة الفجر، وطوّق القدس القديمة وحوّل الأقصى إلى ثكنة عسكرية ليمرر اقتحامًا كان أقرب إلى الروتين اليومي قبل هذه المواجهة؛ ورغم كل ذلك فالمجموعة الثالثة للمقتحمين لم يكن فيها سوى ثلاثة متطرفين صهاينة يحرسهم المئات من قوات الاحتلال.
جماعات المعبد توجّه "نداء صحوة" لحكومة الاحتلال: "نحتاج إلى هدم بناء واحد في القدس"
وزّعت جماعات المعبد ملصقًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعملت على ترويجه بين أنصارها وجمهور المستوطنين، يحمل عبارات عنصرية استفزازية تحرّض على هدم المسجد الأقصى. وجاء في الدعوة المنشورة على خلفية صورة لقبة الصخرة: "نداء صحوة لحكومة إسرائيل، لا حاجة إلى إزالة أبراج في غزة. هناك حاجة إلى إزالة مبنى واحد في القدس".
وقد حذّرت الخارجية الفلسطينية، في بيان لها في 2021/5/24، من الدعوات التي أطلقتها هذه المنظمات المتطرفة لهدم الأقصى، ونقل الإشراف على المسجد من الأردن إلى دولة الاحتلال.
وحمّلت الخارجية حكومة الاحتلال المسؤولية كاملة عن دعوات تلك المنظمات ونتائجها وعن اعتداءاتها الاستفزازية ضدّ القدس ومقدساتها ومواطنيها، وطالبت العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي بالتعامل مع تلك الدعوات بمنتهى الجدية والخطورة، خاصة أن ما يتعرض له المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وسلوان وأحياء القدس وبلدتها القديمة يأتي وفقًا لتلك المنظمات كجزء من ما تسميه "حرب السيادة" على القدس في محاولة لحسم مستقبل المدينة المقدسة من جانب واحد ولمصلحة الاحتلال؛ ورأت أن استفزازات مجموعات المستوطنين الإرهابية في القدس تهدّد بتقويض الجهود المبذولة لتثبيت وقف إطلاق النار، وتؤدي إلى ترك الأبواب مفتوحة أمام مزيد من التصعيد والتوترات في الأوضاع إن لم تكن محاولة لشرعنة الحرب الدينية وجر المنطقة إلى مربعات الصراع الديني بهدف إخفاء الطابع السياسي للصراع.