لفتا في مهداف الاستيطان.. كيف يسعى الاحتلال إلى منع أهل القرية من العودة إليها؟
الأربعاء 30 حزيران 2021 - 11:57 ص 1541 0 أبرز الأخبار، مشاريع تهويدية، استيطان، انتفاضة ومقاومة، تقرير وتحقيق |
موقع مدينة القدس | في 2021/5/10، بالتزامن مع يوم "توحيد القدس، أو استكمال احتلال القدس وفق التقويم العبري، أعلنت "سلطة أراضي إسرائيل" عن استعدادها لإطلاق عطاءات لبيع أراضي لفتا المهجرة ضمن المخطّط 6036، على أن تنشر تفاصيل العطاء في 2021/7/4.
يعود طرح المخطط 6036 إلى عام 2004 عندما كلّفت لجنة التخطيط في بلدية الاحتلال في القدس مكتبين هندسيين إسرائيليين تحضير المخطط الذي اقترح إنشاء حي تجاري وسكني فخم مخصص لليهود حصرًا، يضمّ 259 وحدة سكنية، ومركز تسوق ضخم، ومركزًا سياحيًا ومتحفًا، علاوة على فندق مكوّن من 120 غرفة.
عدّلت سلطات الاحتلال المخطط لاحقًا لكن من دون أن تؤثّر التعديلات في جوهره كمخطّط يقفز عن الإرث الحضاري والسياسي لقرية لفتا التي لا تزال شاهدًا على النكبة، ويطمس تاريخ القرية وذاكرتها الفلسطينية، ويستبدل بهويتها العربية هوية يهودية استيطانية تخدم الاحتلال وروايته.
مخطّطات استيطانية لطمس تراث لفتا منذ تهجيرها عام 1948
ليس المخطّط 6036 المخطط الاستيطاني الأول أو الوحيد الذي يستهدف به الاحتلال لفتا المهجّرة، فعلى أثر تهجير القرية عام 1948، بدأت مخططات الاحتلال لتهويد القرية مع توطين 63 عائلة من مهاجرين يهود من أصول يمنيّة وكردية، وذلك في خمسينيات القرن العشرين، في بيوت لفتا المهجّرة، وازدادت أعداد العائلات إلى 300، إلا أنّ جذر القرية (لفتا التحتا) بقي مهجورًا عمومًا باستثناء عدد من البيوت المميزة التي جرى استيطانها.
وبعد تحديد معظم المنطقة المبنية في لفتا محمية طبيعية في المخطّط التنظيمي لعام 1959 وتصنيفها موقعًأ أثريًا في عام 1964، جرى اقتراح تدمير القرية كاملة في عام 1965، أسوة بسائر القرى الفلسطينية التي هجّرتها العصابات الصّهيونية عام 1948، لكنّ سلطات الاحتلال رفضت المخطّط.
وفي عام 1984، قدّم مكتب هندسي اقتراحًا لتأهيل لفتا يحمل الرقم 2351، لكن تيدي كوليك، رئيس بلدية الاحتلال في القدس آنذاك، رفض المخطط نظرًا إلى أنّه كان له تفكير مغاير بخصوص لفتا ويعدّ مشاريع واسعة لاستغلال أراضيها وتدميرها.
واستهدفت لفتا بمخططات استيطانية أخرى، منها المشروع رقم 4930/أ لتطوير الطريق المعروف باسم طريق بن غوريون عند المدخل الغربي للقدس، والمشروع 2860 لتطوير طريق بوابات القدس – راموت.
وقد أقام الاحتلال على أراضي لفتا وحولها عددًا من المستوطنات، منها "كريات موشيه" و"روميما" و"جفعات شاؤول".
فعاليات مستمرّة للدفاع عن القرية في مواجهة مخطّطات الاستيطان
لم يتوقف أبناء لفتا وأحفادهم عن الدفاع عن قريتهم في وجه مخططات الاستيطان والتهويد، وكان لصمودهم وثباتهم دور في إجبار الاحتلال على وقف تنفيذ عدد من مخططاته الاستيطانية في القرية، ومنها المخطط 6036 الذي أعاد الاحتلال طرح تنفيذه في مطلع أيار/مايو الماضي.
ويتحدث رئيس هيئة حماية الموروث الثقافي لقرية لفتا يعقوب عودة في كتاب "لفتا: سجل شعب" (صادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية عام 2020، وهو من تحرير نظمي الجعبة) عن أوجه النضال المتعددة التي خاضها اللفتاويون للمحافظة على قريتهم، ومن ذلك الكتابة عن لفتا وتوثيق الحياة فيها وتصويرها كما كانت قبل التهجير، ويشمل التوثيق مقالات وأفلامًا وثائقية، ولوحات تشكيلية وقصائد ونصوصًا مسرحية، ومقالات وتحقيقات وتقارير وغيرها. كذلك، توزّعت جهود اللفتاويين في مجالات مختلفة منها العمل القانوني والجماهيري والإعلامي، ومن ذلك الاعتراض على مخططات الاستيطان أمام محاكم الاحتلال، وهو ما نجح في عرقلة بعض المخططات، وظهور لفتا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وإجراء مقابلات مع عدد من أهلها، وتنظيم مؤتمرات صحفية والمشاركة في مؤتمرات متعلقة بشأن حقّ العودة واللاجئين، والمشاركة في فعاليات ونشاطات متعدّدة، وتوجيه رسائل إلى المؤسسات الدولية.
يضاف إلى ما تقدّم تنظيم زيارات إلى لفتا وتكريس الزيارات تقليدًا وطنيًا ولفتاويًا لإحياء يومي الأرض والعودة، وغيرهما من المناسبات، وتنظيم مسيرات يشارك فيها أهالي لفتا وفلسطينيو الداخل المحتل عام 1948، ووفود من شرق القدس، ورفع الأعلام الفلسطينية وترداد الأغاني الوطنية الفلسطينية.
وفي إطار الحملة التي أطلقت لإنقاذ لفتا مؤخرًا، بعد إعادة طرح المخطط 6036، شارك المئات يوم الجمعة 2021/6/18، في زيارة إلى لفتا، ونفذوا فيها جولة واسعة وفعاليات متعددة، ورفعوا العلم الفلسطيني. وأدى المشاركون في الزيارة صلاة الجمعة في القرية، واستمعوا عقبها لشروحات عن القرية وتهجير أهلها قسرًا عام 1948.
وفي إطار المواقف المتضامنة، استقبل المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، في 2021/6/23، وفدًا من مهجّري بلدة لفتا، وقد أعرب المطران حنا عن رفضه للمخطط الاحتلالي الهادف إلى إزالة ما تبقى من الهوية الفلسطينية في هذه القرية، موجّهًا التحية لأبناء لفتا المقيمين في القدس وفي الضفة الغربية وفي بلاد الانتشار على تعلقهم ببلدهم الذي شردوا منه عام 1948، وهذا ما يقوم به الفلسطينيون كافة الذين هجّروا قسرًا في النكبة.
وأكّد حنا دعمه أبناء لفتا للمحافظة عليها، وعلى ما تبقى فيها من أبنية تاريخية عريقة تشير إلى تاريخ مجيد وحضور عريق، مؤكّدًا أنّ مخطط إزالة ما تبقى من آثار الهوية الفلسطينية في لفتا إنما أمر مرفوض ومستنكر جملة وتفصيلاً.
أهالي لفتا يرفضون محاولات الاحتلال تهويد القرية
أكّد أهالي لفتا رفضهم القاطع لمحاولات الاحتلال لتهويد قريتهم التي تعدّ جزءًا لا يتجزأ من محاولات تهويد مدينة القدس، وقال بيان صادر في 2021/6/27 موقّع من لجنة الدفاع عن الحقوق التاريخية والقانونية لأهالي لفتا، المخطط الاستيطاني الذي يحمل الرقم (6036) والذي هو جزء لا يتجزء من محاولات تهويد مدينة القدس في انتهاك جديد لكل الأعرف والقوانين الدولية ومخالفة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2253) الصادر في 1967/7/4 وقراره رقم (2254) الصادر في 1967/7/14 اللذين تضمّنا معارضة الأمم المتحدة لعملية ضم القدس وعدّاها إجاء باطلاً ودعيا إلى إلغاء جميع التدابير التي اتخذت والعدول عن اتخاذ أي عمل من شأنه تغيير وضع القدس التي تعدّ ارضًا محتلّة، وفي انتهاك لكل قرارات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة.
وقال البيان إن الاحتلال، وعبر محاولته إقامة هذا المشروع الاستيطاني والاعتداء على الأراضي المملوكة لأهلها الفلسطينيين العرب وتدمير المعالم القائمة، إنما يجدد تحدّيه لكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية وقررات الأمم المتحدة ويمعن في محاولاته لتهويد المدينة المقدسة، وإن أهالي لفتا الفلسطينين يعلنون رفضهم القاطع لهذا المشروع الاستيطاني وكلّ محاولات تهويد قريتهم ومحاولات تهويد مدينة القدس ويعلنون تمسّكهم بحقهم القانوني والتاريخي والإنساني بأرضهم وحقّهم بالعودة إلى قريتهم المحتلة المهددة واستمرار نضالهم، ويناشدون كلّ أصحاب الضمائر الحية، وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة وحكومات العالم وبرلمانته وشعوب العالم كافة وجمعيات حقوق الإنسان وهيئات التراث العالمي التدخل السريع والضغط لإيقاف هذا المشروع الاستيطاني.