52 عامًا على جريمة إحراق الأقصى.. من لهب الحريق إلى نار التهويد
السبت 21 آب 2021 - 9:50 ص 924 0 أبرز الأخبار، المسجد الأقصى، تقرير وتحقيق |
براءة درزي - موقع مدينة القدس l قبل 52 عامًا، أقدم المتطرف دنيس مايكل روهان على إضرام النار في المصلى القبلي بالمسجد القبلي، لتشتعل النار وتأتي على مساحة كبيرة من المسجد. وقد فاقم من الحريق وانتشاره امتناع سلطات الاحتلال عن إرسال سيارات الإطفاء لإخماده وقطع الماء عن المسجد فيما هبّ الفلسطينيون لإخماد الحريق بملابسهم وما تيسّر من ماء في آبار الأقصى.
كان تورّط الاحتلال في الجريمة واضحًا، عكسه تعمّدها تأخير إطفاء الحريق وعرقلته، ومن ثمّ الادعاء أنّ الحريق نتج عن تماس كهربائي، وصولاً إلى الزعم أنّ روهان معتوه وترحيله إلى أستراليا.
هذا التورّط الذي يؤكّد نيات الاحتلال حيال الأقصى جاء بعد عامين على احتلال الأقصى؛ وعلى الرغم من إخماد الحريق حينها فإنّ المسجد لا يزال هدفًا للعدوان المستمرّ في محاولة لتغيير الوضع القائم التاريخي وإخضاعه للسيادة الإسرائيلية.
ولعلّ أهداف الاحتلال يلخّصها عضو "الكنيست" إيتمار بن غفير الذي قال في تغريدة له على حسابه على تويتر في حزيران/يونيو 2021: "مطلبنا هو فرض السيادة الإسرائيلية على [الأقصى]، ورفع العلم الإسرائيلي فيه، وإبعاد كل سلطات الأوقاف التي تسعى إلى إيذاء اليهود".
مساعٍ لزيادة الاقتحامات وفرض أمر واقع جديد
تعمل جماعات المعبد منذ أعوام على زيادة أعداد المشاركين في الاقتحامات ليشكل ذلك مقدّمة لفرض أمر واقع جديد تصبح الاقتحامات متاحة بموجبه على مدار أيام الأسبوع وساعاته، إضافة إلى الضغط لتشريع الصلاة التلمودية في المسجد بعدما أصبح مشهد المقتحمين يؤدون الصلوات والطقوس التوراتية علنًا مشهدًا يتكرر تحت أعين شرطة الاحتلال وحمايتها.
وقد أطلق القيادي في جماعات المعبد أرنون سيغال كتابه الأول، واسمه "البيت"، من ساحات الأقصى، في 2021/3/30؛ ويورد سيغال في الكتاب خلاصة أفكاره التي كان يطرحها في مقالات له نشرها موقع "ميكور ريشون" العبري المقرب من المستوطنين. ويتضمّن الكتاب عددًا من المقترحات لزيادة أعداد المقتحمين، ويفترض ضرورة الوصول إلى ثلاثة ملايين مقتحم في المستقبل.
وحاولت جماعات المعبد تسجيل مكاسب جديدة مع انتخابات "الكنيست" التي جرت في 2021/3/23، فدعا نشطاؤها إلى اقتحامات واسعة للأقصى يوم الانتخابات، بما يمكن استخدامه كاستفتاء لجعل المسجد عنوانًا لبرامج عمل المرشّحين ولدعمهم على هذا الأساس. كذلك، سلّم عدد من أقطاب جماعات المعبد سلّموا عضو "الكنيست" عميت هاليفي، عشية انتخابات "الكنيست"، رسالة موجهة إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يؤكدون دعمه في المحاكمة مقابل السماح لهم بتقديم قربان الفصح العبري في الأقصى.
الأعياد العبرية محطّة لتصعيد العدوان على الأقصى
عمل الاحتلال في السنوات الأخيرة على تصعيد عدوانه على الأقصى بالتزامن مع الأعياد العبرية عبر السماح بالاقتحامات في هذه المناسبات عندما تتزامن مع مناسبات إسلامية، وذلك بهدف تكريس سمو الأعياد العبرية على تلك الإسلامية.
ولم يكن الأمر مختلفًا هذا العام، فقد شهدت الأيام الأولى من الفصح العبري جملة من الاعتداءات، من بينها تقديم شروحات تلمودية بثّت عبر مكبر صوت في باحات الأقصى قبالة البائكة الشمالية، والتقاط الصور التذكارية أمام قبة الصخرة المشرّفة، واقتحام منطقة القصور الأموية، جنوب المسجد، والرقص فيها والغناء بأصوات عالية جدًا، وأداء صلوات تلمودية في المنطقة الشرقية من الأقصى وعند أبواب المسجد. طقوس توراتية علنية في المسجد، و"السجود الملحمي" وترداد صلوات "الشماع" التوراتية في المنطقة الشرقية من الأقصى.
وكان اقتحام الثامن من ذي الحجة محطّة العدوان الأبرز على الأقصى في 2021/7/18، وذلك لمناسبة ذكرى "خراب المعبد"، وترافق مع دعم رسمي واضح وصريح ومع تصريحات لرئيس حكومة الاحتلال حول "حرية العبادة لليهود" في الأقصى، عاد وتراجع عنها بعد انتقادات واسعة. واستبقت قوات الاحتلال اقتحامات المستوطنين باستباحة المسجد، والانتشار الواسع في مرافقه وساحاته وبواباته الرئيسة الخارجية، ومنعت الكثير من المصلين من الدخول، واضطروا لأداء صلاة فجر اليوم في الشوارع والساحات القريبة من بوابات الأقصى. علاوة على ذلك، فقد سمحت سلطات الاحتلال للمستوطنين باقتحام المسجد في التاسع من ذي الحجة، الموافق ليوم عرفة.
لكن على الرغم من ذلك، فقد سجل شهر أيار/مايو 2021 نكسة للمستوطنين الذين كانوا يحشدون لاقتحام الأقصى في 28 رمضان للاحتفال بيوم "توحيد القدس" أو استكمال احتلال القدس وفق التقويم العبري، لكن جماهير القدس الذين اعتكفوا في المسجد ورابطوا فيه منعوا الاقتحام.
الحفريات.. طريق الاحتلال إلى تغيير التاريخ
تعدّ الحفريات واحدة من الطرق التي يتبعها الاحتلال لتهويد الأقصى وطمس هويته، وتجاوز عدد مواقع الحفريات تحت المسجد وفي محطيه 50 موقعًا، إضافة إلى مواقع لم تكشف نظرًا إلى أنّ الاحتلال يحيط تنفيذها بالكتمان.
وقد كشفت القناة العبرية الرسمية في نيسان/أبريل 2021 أن الاحتلال استغلّ فترة جائحة كورونا لإنشاء مركز سياحي تحت حائط البراق، وقال أحد القائمين على المشروع إنه وبسبب تعطل السياحة في القدس خلال فترة كورونا، تم تسريع بناء المركز السياحي.
ودعا المرشد السياحي للمشروع المستوطن أفيتار بناي المستوطنين لزيارة المكان، مشيرًا إلى أن التجول في المركز السياحي يعزز المعلومات التاريخية مرورًا بما تسمى "المحرقة" إلى إقامة دولة الاحتلال.
ومؤخرًا، كشف الباحث المقدسي فخري أبو دياب عن حفريات سرية يقوم بها الاحتلال في المنطقة الملاصقة لحارة الشرف، بهدف إقامة نفق أرضي بطول 159 مترًا، يصل من منطقة "حارة الشرف" إلى بداية جسر باب المغاربة المؤدي إلى داخل الأقصى، وتستخدمه قوات الاحتلال والمستوطنون في الاقتحامات.
وتتزامن الحفريات في ساحة البراق مع دعوات إسرائيلية إلى بناء جسر خرساني مسلّح مكان جسر باب المغاربة الخشبي بزعم أنّه مهدّد بالانهيار.
صدّ العدوان بالفعل المقاوم
على مدى الأعوام السابقة، كان الفعل المقاوم الرد الأنجع لفرملة هجمة الاحتلال على الأقصى وعدوانه على المسجد، وكانت هبتا باب الأسباط وباب الرحمة محطتين بارزتين في هذا السياق. وفي عام 2021، كانت الإرادة الشعبية حاضرة بقوة لتمنع اقتحام 28 رمضان، ورفدتها معركة سيف القدس التي أجبرت الاحتلال على إلغاء مسيرة الأعلام ومنع اقتحامات الأقصى على مدى 19 يومًا، بما في ذلك في "عيد الشفوعوت" الذي يعدّ من أعياد الحج بالنسبة إلى المستوطنين.