التأسيس المعنوي للمعبد: أولوية الاحتلال المستجدة في الأقصى
الخميس 2 أيلول 2021 - 7:15 م 1881 0 أبرز الأخبار، المسجد الأقصى، شؤون المقدسيين، انتفاضة ومقاومة، شؤون المقدسات، تقرير وتحقيق |
إعداد كمال الجعبري - خاص موقع مدينة القدس l قد يتبادر لذهن المتابع لتطورات الأحداث في المسجد الأقصى المبارك، منذ أكثر من 5 سنوات، أنّ جماعات "المعبد" ومن دعمها في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، تتبع استراتيجتين فقط في مسار محاولات تهويد المسجد الأقصى، وهما التقسيم المكاني والزماني، لكن مع هبة السكاكين 2015 وهبة باب الأسباط 2017 اصطدم التقسيم المكاني بجدارٍ صلب، ثم في هبة باب الرحمة 2019 اصطدم التقسيم المكاني بجدارٍ مثله بعد أكثر من 16 عاماً من التخطيط والانتظار؛ فكيف تكيفت جماعات المعبد؟
شعرت تلك الجماعات أن الظروف ما تزال مواتية لتهويد الأقصى إبان التأييد الكبير من الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ومع قراءتها للوضع العربي المواتي في ظل الهرولة للتطبيع؛ فقفزت إلى الامام من جديد وبلورت في عام 2019 "التأسيس المعنوي للمعبد" كاستراتيجية تهويدية جديدة؛ فما هو؟
التأسيس المعنوي للمعبد
بحسب تقرير (عين على الأقصى 2021) الذي تصدره مؤسسة القدس الدولية للعام الخامس عشر على التوالي، فإنّ التأسيس المعنوي للمعبد هو محاولة فرض كافة الطقوس التوراتية المزعومة التي يفترض أن يمارسها اليهود في المعبد المزعوم، قبل تأسيسه فعلياً، وقد تصدر فرض تلك الطقوس أجندة جماعات المعبد المركزية طوال عام 2020، الماضي، ولا يقتصر العمل على محاولات فرض أجندة "التأسيس المعنوي للمعبد" على جماعات المعبد، بل إنّ أطرافاً مؤثرة في حكومة الاحتلال السابقة والحالية تتبنى تلك الأجندة، وتضع إمكانات حكومة الاحتلال بتصرفها حيث استطاعت.
محطات مهمة
رصد ووثق تقرير (عين على الأقصى 2021) محطاتٍ تاريخية مهمة في مسار محاولات فرض طقوس "التأسيس المعنوي للمعبد" منذ العام 2019، وهو العام الذي بدأت فيه جماعات المعبد محاولاتها لفرض تلك الطقوس في المسجد الأقصى المبارك، ولعل باكورة تلك المحاولات كانت دعوة جماعات المعبد لإعلان بداية العام العبري الجديد بالنفخ بالبوق في الأقصى، ولكن جائحة كورونا وما فرضته من إغلاقات صارمة حالت دون ذلك.
ويوثق التقرير جهود الأطراف الداعمة لجماعات المعبد لتكريس طقوس "تأسيس المعبد المعنوي" رسمياً لدى الكيان الصهيوني، ففي 14 كانون أول/ديسمبر 2020، كتب منتدى المعبد في حزب الليكود الحاكم، آنذاك، رسالةً إلى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال، في ذلك الوقت، مطالبةً إيّاه بإشعال "شمعدان الأنوار في المسجد الأقصى المبارك"، وذلك في عيد الأنوار العبري في شهر 12-2020.
تزامن عيد الفصح العبري في 27 مارس 2021 وعلى مدى سبعة أيام، مع رفع القيود التدريجية في الكيان الصهيوني على الحركة والتنقل والتجمع بفعل فايروس كورونا، وعلى مدى تلك الأيام نفذت جماعات المعبد اقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى المبارك، أدوا خلالها الطقوس التوراتية العلنية في المسجد الأقصى، ووصفت تلك الجماعات ما سمّته بـ "صمت" شرطة الاحتلال والأوقاف الإسلامية بالتطور النوعي والمهم.
التأسيس المعنوي للمعبد ومعركة سيف القدس
عقب ما وصفته جماعات المعبد بالتطور النوعي في مسار فرض عباداتها في الأقصى، بدأت بالاستعداد لتنفيذ اقتحام مركزي للمسجد الأقصى تؤدي فيه الطقوس التوراتية الجماعية علناً في ذكرى احتلال القدس بالتقويم العبري الذي كان سيحل في 10 آيار/مايو 2021 متزامناً مع يوم 28 رمضان، وفي سبيل تحقيق ذلك عقد ائتلاف منظمات المعبد مؤتمراً في القدس المحتلة في 4 نيسان/إبريل 2021، وأعلنت خلاله عن حشد على أكبر مستوى، وبالتنسيق مع شرطة الاحتلال لتنفيذ هذا الاقتحام.
مع اقتراب يوم 28 رمضان، بدا أنّ هناك إصراراً رسمياً من الاحتلال على ضرب التواجد البشري في المسجد الأقصى، وتُرجم ذلك عبر تنفيذ قوات شرطة الاحتلال بتنفيذ اقتحامات مصحوبة بقمع شديد للمرابطين في المسجد الأقصى، يومي 26 و27 رمضان، بتاريخ 8 و6 آيار/مايو 2021.
ولكن، وفي صباح يوم 28 رمضان، الموافق ل 10 آيار/مايو 2021، جوبهت شرطة الاحتلال بمقاومةٍ شديدة من المرابطين المستعدين للمواجهة في باحات المسجد الأقصى، وفشل اقتحام 28 رمضان، وتفجرت معركة سيف القدس لتؤسس معادلة ردع جديدة في المسجد الأقصى المبارك.
أجندة فرض الطقوس التوراتية عنوان انفجار مستمر
على الرغم من فشل اقتحام 28 رمضان مع ما كان مخططاً له من تنفيذٍ للطقوس التوراتية الجماعية؛ إلّا أنّ أجندة "التأسيس المعنوي للمعبد" لدى الاحتلال الإسرائيلي ستبقى عنواناً للانفجار والتصعيد في المسجد الأقصى المبارك، خلال العامين المقبلين، إذ أنّ تناظراً أشدّ حدةً مما كان عليه في السنوات الثلاثة الماضية سينشأ ما بين عيد الفصح بأيّامه الـ 7 والنصف الثاني من شهر رمضان، ما يشير إلى مواسم مقبلة من المواجهة المحتدمة في المسجد الأقصى بين عامي 2022 و2023، كما يستقرئ تقرير عين على الأقصى 2021.
وفي الحديث عن تفاصيل تلك المواسم المقبلة من التصعيد خلال السنوات المقبلة، قال زياد ابحيص، الباحث المختص في الشأن المقدسي، ومعد الفصل الأول من تقرير (عين على الأقصى 2021)، بأنّ السنوات الثلاث الماضية شهدت تناظراً عبرياً- هجرياً في موسمين أساسيين هما: ذكرى احتلال القدس العبرية التي تسمى بـ"يوم القدس" مع يومي 28 و29 رمضان، والثاني تناظر ذكرى خراب المعبد اليهودية مع عيد الأضحى ثم يوم عرفة ويوم التروية، ويقول ابحيص: "كان لهذا التناظر دور مهم في مراكمة أسباب المواجهة ثم كانت السبب المباشر في اندلاعها في 10 أيار/مايو2021 مع انطلاق معركة سيف القدس بعد شهرٍ ملتهبٍ شعبياً في القدس".
"كان لهذا التناظر دور مهم في مراكمة أسباب المواجهة ثم كانت السبب المباشر في اندلاعها في 10 أيار/مايو2021 مع انطلاق معركة سيف القدس بعد شهرٍ ملتهبٍ شعبياً في القدس".
ويضيف زياد ابحيص: "اليوم، وإذ تقبل الرزنامة العبرية على (سنة كبيسة) لإعادة التوافق بين شهورها القمرية وسنواتها الشمسية؛ فإن التناظر السابق سينتهي وسندخل إلى تناظر عبري-هجري جديد سيضع عيد الفصح بأيامه السبعة في مواجهة رمضان، وتحديداً الأيام ما بين 15-22 من رمضان".
وبحسب ابحيص فإنّ السنتين المقبلتين 2022-2023 ستشهد تناظراً بين الأيام السبعة لعيد الفصح مع رمضان؛ وعيد الفصح من الناحية الدينية اليهودية أحد أعياد "الحج" الأربعة، وجماعات المعبد تحاول منذ سنوات بناء زخمٍ لتقديم القربان الحيواني في الأقصى خلاله.
ويختم زياد ابحيص مداخلته قائلاً:"هذا التناظر من شأنه أن يشكل عنوان مواجهةٍ متكررة على الأقصى خلال العامين المقبلين".