مواجهات واعتداءات واعتقالات.. لماذا يصرّ الاحتلال على استهداف باب العامود؟
الأربعاء 20 تشرين الأول 2021 - 12:35 م 1105 0 أبرز الأخبار، تقرير وتحقيق |
موقع مدينة القدس || منذ ما يزيد على أسبوع، يتصدّر باب العامود مشهد الأحداث في القدس المحتلة مع اعتداءات الاحتلال على الأهالي في المنطقة، والمواجهات التي تنشب بين قوات الاحتلال والمستوطنين من جهة والمقدسيين من جهة أخرى.
واعتدت قوات الاحتلال أمس الثلاثاء على الأهالي في المنطقة، وأطلقت قنابل الغاز والصوت تجاه المحتفلين بذكرى المولد النبوي الشريف لتفريقهم، واستعملت مركبة المياه العادمة لرشّ الشوارع، واعتقلت 25 مقدسيًا وأصابت أكثر من 90، من بينهم نساء وأطفال.
كذلك، شهد يوم الإثنين 2021/10/18، توترًا شديدًا في باب العامود بعدما حوّل المنطقة ومحيطها إلى ساحة حرب، والاعتداء على المقدسيين بوحشية، وإصابة واعتقال العشرات منهم، والعمل على قمع التجمعات المقدسية في باب العامود وباحته ومحيطه، واستقدام تعزيزات عسكرية، وفرق الخيالة في ظلّ حركة نشطة في المنطقة بهدف إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، أو التوجه الى المسجد الأقصى عبر هذه المنطقة للغاية ذاتها.
وتجدّدت المواجهات في باب العامود عقب اعتداء جنود الاحتلال على طفل قاصر لم يتجاوز العشر سنوات، وصفعه بقوة؛ ما أثار مشاعر الشبان، فيما رفع طفل آخر علم فلسطين بوجه جنود الاحتلال، ودارت مواجهات بين المقدسيين وقوات الاحتلال التي اعتدت بوحشية على الموجودين واعتقلت ثلاثة مقدسيين بعد الاعتداء عليهم، بينهم المصور الصحفي أحمد أبو صبيح، والمصورة الصحفية نسرين سالم، وقد أفرج الاحتلال عنهما بشروط تضمّنت الإبعاد عن منطقة باب العامود.
ونتج عن الاعتداءات إصابة 49 مقدسيًا، فيما أفاد المحامي محمد محمود، في تصريح مقتضب للصحافيين، من أمام أحد مراكز الاحتلال بالقدس المحتللة، أنّ قوات الاحتلال اعتقلت عشرة مقدسيين، بينهم فتاتان وقاصرون، مشيرًا إلى أنه "في حال استمرار هذا السلوك لقوات الاحتلال في منطقة باب العامود، فإنّ الأوضاع ستنفجر في مدينة القدس"، وأضاف: "من حقّ الفلسطينيين أن يجلسوا في منطقة باب العامود، لكن قوات الاحتلال تقوم باستفزاز يومي للموجودين هناك".
وبيّن محمود أنّ "وتيرة الاعتقالات ارتفعت بشكل كبير منذ بداية الشهر الجاري في مدينة القدس عامة، ومنطقة باب العامود خاصة".
وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة تجاه مجموعة من الفتيات والشبان في محيط باب العامود، وأجبرتهم على إخلائه بالقوة، واعتدت على المسعفين الذين حاولوا تقديم العلاج الميداني للشبان الذين تعرضوا لاعتداءات الاحتلال.
هذه الاعتداءات تتكرّر منذ أكثر من أسبوع، ففي 10/13، لاحقت قوات الاحتلال الشبان والفتية في باب العامود، واعتدت عليهم بالضرب والقنابل الصوتية ورشت المياه العادمة بكثافة، فيما تجمع عشرات المستوطنين في سوق المصرارة قبالة باب العامود، ووجهوا الشتائم والكلمات النابية للمقدسيين والصحفيين، على مرأى من قوات الاحتلال.
وأصيب فتى بكسور بالقدم، جراء إصابته بقنبلة صوتية كما أفادت طواقم الهلال الأحمر، واعتقلت قوات الاحتلال فتى من المكان واعتدت عليه بالضرب، واحتجزت ما يزيد عن 5 آخرين في غرف المراقبة الميدانية وأخضعتهم للتفتيش الجسدي واعتدت على بعضهم بالضرب.
مواجهات باب العامود توقف نقليات المستوطنين إلى حائط البراق المحتلّ
أدّت المواجهات في باب العامود إلى إصابة باصات تقلّ مستوطنين في أثناء مرورها في المنطقة.
فيديو نشره إعلام الاحتلال يوثق إصابة مباشرة بأحد باصات المستوطنين لحظة مرورة من منطقة باب العامود بالقدس المحتلة pic.twitter.com/wPMLi9GpQK
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) October 19, 2021
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية قالت إن شركة "إيجد" الإسرائيلية للحافلات، أصبحت تمتنع عن الوصول ونقل المستوطنين إلى حائط البراق، وذلك بسبب المواجهات في باب العامود التي تتكرر بشكل يومي.
ونقلت الصحيفة العبرية عن الشركة الإسرائيلية أنّ شرطة الاحتلال هي من أعطتها الأوامر بمنع الوصول إلى باب العامود ثم إلى حائط البراق المحاذي للمسجد الأقصى، في الوقت الذي نفت فيه الشرطة هذه الادعاءات.
وقال المتحدث باسم شركة "إيجد" إن حافلات الشركة تتعرض بشكل يومي خلال الأسابيع الماضية لهجمات من قبل الفلسطينيين، مضيفًا أنّ الشبان الفلسطينيين يقومون برشق الحافلات بالحجارة بشكل كثيف عند وصولها إلى باب العامود، وهذا ما يعرض حياة الركاب للخطر.
وبيّن المتحدث باسم الشركة الإسرائيلية أن وزارة المواصلات لدى الاحتلال قدمت لشرطة الاحتلال توصية بتأمين طريق بديل عن باب العامود حتى لا تضطرّ الحافلات المتجهة نحو حائط البراق من المرور بالمكان.
محاولة السيطرة على الحيّز المكاني وكسر رمزيّة المكان
لا يمكن فصل استهداف الاحتلال المتكرّر لباب العامود عن محاولات الاحتلال السيطرة على الحيّز المكاني في القدس وتهويده، وباب العامود في المقدّمة نظرًا لموقعه الاستراتيجي كأهمّ أبواب القدس القديمة ونقطة تجمّع للمقدسيين ومركز لحياتهم الاجتماعية والثقافية وميدان لمختلف الفعاليات والأنشطة، ونقطة وصول إلى المسجد الأقصى.
والمشهد في باب العامود يعيد إلى الأذهان هبّة باب العامود والمشهد الذي تبلور في شهر رمضان المنصرم، حين عمدت قوات الاحتلال إلى وضع حواجز حديدية لمنع تجمع المقدسيين وفرض سيطرتها على المكان والتّحكم فيه، وقد أدّت محاولات الاحتلال منع المقدسيين من المكوث في باب العامود بعد صلاة التراويح إلى مواجهات، استعملت فيها قوات الاحتلال قنابل الصوت الحارقة والغازية المُدمعة، والمياه العادمة والهراوات، لكنّ الاحتلال اضطر في نهاية المطاف إلى إزالة السواتر والحواجز الحديدية.
إصرار الاحتلال على استهداف باب العامود ليس بالأمر الجديد، وكان الاحتلال صعّد من وتيرة اعتداءاته على المكان بعد اندلاع انتفاضة القدس عام 2015 عبر تعزيز الوجود الشرطي وأبراج وكاميرات المراقبة، بهدف إحكام السيطرة على المكان. وبعد هبّة باب العامود والإنجاز الذي حقّقته جماهير القدس في الهبّة عندما تمكنت بفعل الصمود والمقاومة الشعبية من إجبار الاحتلال على التراجع، ومن ثمّ منع اقتحام 28 رمضان الذي ارتكز إلى الإنجاز في هبة باب العامود، فإنّ الاحتلال سيكون أكثر تمسّكًا بالاعتداء على المنطقة ومن يرتادها من الفلسطينيين.