الشيخ جراح.. ماذا بعد رفض أهالي الحي "التسوية" التي طرحها الاحتلال؟
الخميس 4 تشرين الثاني 2021 - 6:29 م 870 0 أبرز الأخبار، تقرير وتحقيق |
موقع مدينة القدس | أعلن أهالي حي الشيخ جراح، في بيان في 2021/11/2، رفضهم مقترح التسوية الذي قدّمته محكمة الاحتلال العليا، القاضي بجعلهم "مستأجرين محميين" يدفعون إيجارًا سنويًا لشركة "نحلات شمعون" الاستيطانية التي تدّعي ملكية الأرض التي يقيم فيها الأهالي منذ عام 1956 وفق اتفاق مع الحكومة الأردنية.
وجاء في البيان: "رفضنا بالإجماع التسوية المقترحة من قِبَل محكمة الاحتلال التي كانت ستجعلنا بمثابة مستأجرين محميين" عند الجمعية الاستيطانية "نحلات شمعون" وتمهد تدريجيًا لمصادرة حقّنا في أراضينا".
ومن المنتظر أن تصدر المحكمة العليا للاحتلال قرارها بعد رفض الأهالي للتسوية بين لحظة وأخرى.
الاحتلال يوسّع جبهات الاستهداف في الشيخ جراح
لا يحصر الاحتلال محاولات الاستيلاء على حي الشيخ جراح في إطار واحد، بل يعمل على تشعيب الجهات وتوسيعها. ففي 2021/10/31، قررت المحكمة العليا للاحتلال مصادرة أرض بمساحة 4700 متر مربع في حي الشيخ جراح لمصلحة بلدية الاحتلال لإقامة حديقة عامة لمصلحة المستوطنين. والأرض تعود لأربع عائلات هي عبيدات، ومنصور، وعودة وجار الله، وتستخدم كموقف للمركبات والحافلات إلى جانب منشأة تجارية عبارة عن مغسلة للسيارات.
وفي 2021/11/3، أفادت وسائل إعلام محلية أنّ محكمة الاحتلال سلمت 7 عائلات مقدسية قرارات إخلاء من منازلهم في كبانية أم هارون غرب الشيخ جراح.
ووفق المحامي محمد دحلة، فقد أقامت شركة "فيلبين إينك" الاستيطانية قضية ضدّ العائلات، زاعمة أنّ العقار مسجل على اسمها في الطابو، وأن العائلات اقتحمتها واستعملتها من دون وجه حق، ومن دون دفع بدل إيجار والدفعات المختلفة المستحقة عن الماء والكهرباء.
والعائلات المستهدفة هي: أمال شريتح، ولبيبة الخطيب، وأحمد الغزاوي، وفاطمة البشيتي، ومصطفى الخطيب، وأمين أبو دولة، وعاصم البشيتي.
وفي 2021/11/3، أعلن موقع "كيباه" العبري أنّ بلدية الاحتلال في القدس عن نيّتها فتح روضة أطفال يهودية بمبادرة من نائبة رئيس البلدية حجيت موشيه وبدعم من رئيس البلدية موشيه ليون، وذلك ردًا على رفض عائلات الشيخ جراح التسوية.
هنية لأهالي الشيخ جراح: المقاومة معكم
أشاد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بأهالي الشيخ جراح الذين عبروا عن موقف وطني عروبي برفضهم التسوية، وقال في 2021/11/2، "أهلنا في الشيخ جراح، وخاصة أصحاب البيوت المهددة بانتزاع الملكية، عبّروا عن تمسّكهم بالأرض وكانوا على قدر المسؤولية التاريخية"، مؤكدًا أنّ المقاومة بكلّ فصائلها والشعب الفلسطيني والأمة تقف خلف هذه الثلّة المرابطة في الشيخ جراح والقدس.
وبين هنية أن ذراع المقاومة كانت طويلة ومقدّسة في معركة "سيف القدس" ووصلت إلى كلّ شبر من جغرافيا فلسطين عبر الصواريخ التي صنّعتها الأيادي الطاهرة.
وكان هنية قال لأهالي مع أهالي حي الشيخ جراح في اتصال هاتفي في 2021/10/26: "إنكم لستم وحدكم، وإن شعبكم معكم، وأمتكم معكم، ومقاومتكم معكم، وإن الاحتلال لم يكن ليستشعر عمق أزمته، ولم يكن ليضطر إلى طرح التسويات عبر محاكمه لولا أنه ذاق ما يمكن أن تصنعه الإرادة الشعبية حين تنفجر دفاعًا عن الشيخ جراح، وما يمكن أن تذيقه إياه المقاومة الباسلة في نصرتها للقدس وأهلها".
ولفت هنية إلى أنّ "هذه المحاكم التي تحاول فرض الصلاة اليهودية في الأقصى، والتي هي أداة المحتل في قضم المقبرة اليوسفية، هي ذاتها المحاكم التي هجّرت من قبل عائلات أم كامل الكرد والغاوي وحنون من بيوتها، وهي ذاتها التي سلمت نصف منزل الأخ نبيل الكرد ووالدته الحاجة المرابطة الراحلة رفقة الكرد ظلمًا وعدوانًا لسارق مارق يسرق عن إصرار ووقاحة، ولم تكن لتلجأ للتسويات لولا صمودكم ونضالكم والتفاف الناس من حولكم واستجابة المقاومة لندائكم؛ وهي تحاول اليوم أن تستفرد بكم لعلها تجركم للتعويل عليها، حتى نلقي أوراق القوة الحقيقية التي في أيدينا جميعًا".
وأضاف: "أتحدّث إليكم اليوم وكلّي ثقة بأنّ شعبنا من حولكم سيلبّي النداء كما لبّاه من قبل، وكذلك أمّتكم وكل حر في هذا العالم، ولنؤكد لكم بأننا في المقاومة لن نسمح لمحاكم الاحتلال أن تنتزع بالحيلة ما عجزت عن انتزاعه في حرب، فلستم بحاجة لأن تتعاطوا مع عروضها، فهي كيان غير شرعي على أرضنا، ولا نرتجى منها العدالة والإنصاف، وقد جاء الزمان الذي تتغير فيه هذه الموازين".
وكانت قضية تهجير أهالي حي الشيخ جراح في مقدّمة الأسباب التي كانت وراء إطلاق المقاومة الفلسطينية معركة "سيف القدس" من غزة في 2021/5/10.
المحامي زبارقة: المطلوب عدّة خطوات عمليّة
قال المحامي المختص في شؤون القدس خالد زبارقة، في تصريح له اليوم، "إنّ دعم قرار أهالي الشيخ جراح في القدس يحتاج إلى عدة خطوات عملية مهمة، أولها أن تبقى قضيتهم حية، وعلى سلم الأجندة الإعلامية وبكل قوة، لأن الاحتلال يُعوّل كثيرًا على تغييبها عن الرأي العام".
وأضاف: "إن الاحتلال يتهيأ الآن ويستعد لضرب الشيخ جراح وسكانه، بسبب رفضهم لمقترح التسوية الإسرائيلي، ويريد أيضًا أن يُعطي رسالة للمجتمع الفلسطيني بعدم جدوى الرفض".
وجسب زبارقة، فإن الخطوة الثانية هي العمل على دعم الشيخ جراح على المستوى الرسمي، من خلال تفعيل الضغط الدولي على حكومة الاحتلال لمنع تهجير سكان الحي، باعتبارها مسألة جدية، وخطر التهجير يتهددهم بقوة.
وأكد زبارقة أنّ أي تفريط أو تسوية أو تراجع في قضية الشيخ جراح سيكون له تبعات خطيرة على قضايا أخرى داخل القدس، لأن هذه القضية ليست الوحيدة الساخنة، وإنما هي الأبرز، وقد أخذت اهتمامًا كبيرًا، خاصة في الأشهر الأخيرة.
ولفت إلى أن أهالي الشيخ جراح حققوا بصمودهم الأسطوري إنجازًا في مواجهة سياسات الاحتلال، وتمكنوا من إفشال مخططاته بشكل كبير، لذلك لابد من دعم هذا الصمود وتقويته.
وتتمثل الخطوة الثالثة، وفق زبارقة، في الإرادة الشعبية، باعتبارها الأداة الأبرز في مواجهة صلف الاحتلال وسياساته العنصرية.
وشدد على أن القضايا المصيرية بحاجة إلى حراك شعبي جاد وإرادة قوية لأجل إفشال مخططات الاحتلال في القدس. وشدّد في الوقت ذاته أنّه لا بدّ من حماية الإرادة الشعبية وتعزيز قوتها، والحفاظ على وعي المقدسيين في استمرار مواجهتهم وصمودهم وثباتهم بالمدينة المقدسة.
وبين أن الاحتلال يستهدف الوعي الفلسطيني والمقدسي من أجل إقناعهم بالقبول بما يعرضه عليهم، مطالبًا بحماية هذا الوعي وتعزيزه في تحدي سياسات الاحتلال، والصمود في وجه مخططاته.