بين المصادقة على انتقال وزاراته إلى القدس ومعارضة إعادة فتح القنصلية الأمريكية فيها: كيف يعمل الاحتلال على تكريس المدينة عاصمة له؟
الخميس 18 تشرين الثاني 2021 - 3:48 م 1395 0 أبرز الأخبار، شؤون مدينة القدس، تقرير وتحقيق |
موقع مدينة القدس | صادقت حكومة الاحتلال، الأحد الماضي في 2021/11/14، على قرار نقل مكاتب شتّى الوزارات والوحدات التابعة لها إلى القدس، وفرض عقوبات على الوزارات المتأخرة بالانتقال إلى المدينة المحتلة.
وعلى الرغم من أنّ الاحتلال اتخذ هذا القرار في السابق، إلا أنّه هذه المرة يفرض عقوبات مالية كبيرة على الوزارات المتأخرة.
ووفق القرار، فإنّ أي وزارة لم تحصل في السابق على إذن خاص من لجنة الإعفاءات للبقاء خارج القدس عليها أن تتقدّم بخطة مفصّلة للانتقال إلى القدس في مهلة 120 يومًا، على أن تتوقف وزارة المالية في حكومة الاحتلال عن دفع ميزانية الأثاث والتجديد للوزارات التي لا تنتقل.
وعند تحديد موقع لتلك الوزارة في القدس، تحسم فورًا من ميزانية تلك الوزارة أموال الإيجار وضرائب الأملاك حتى في حال عدم استعمال المكتب في القدس، ما يعني أن الوزارة ستدفع رسوم إيجار مضاعفة.
وقال وزير القدس وشؤون التراث زئيف الكين إنّ قرار الحكومة بنقل المكاتب الحكومية إلى القدس خبر مهم للمدينة التي يمكن أن تتطور اقتصاديًا، وتجذب سكانًا جددًا، وأن تضع نفسها كمدينة حكومية حقيقية"، وقد "حان الوقت لتنتقل جميع المكاتب الحكومية إلى العاصمة الإسرائيلية".
وقالت وزيرة المساواة الاجتماعية ميراف كوهين إنّ القرار مهمّ لمستقبل القدس.
أمّا رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليون فبارك القرار وقال إنّه "جزء آخر من تصحيح وضع القدس كعاصمة ومدينة حاكمة لإسرائيل، وهو مهمّ للغاية"، مشيرًا إلى وجود بنية تحتية في القدس تسمح بنقل ما تبقى من دوائر حكومية إليها.
قرار قديم جديد
في عام 2007، قررت حكومة نتنياهو نقل الأقسام والوحدات التابعة للوزارات إلى القدس، على أن يتمّ الأمر مع حلول أيار/مايو 2015، ومددت الحكومة تنفيذ القرار حتى عام 2019.
لكن عددًا من الوزارات تقدّمت بطلبات لإعفائها من الانتقال، فيما كانت وزارات أخرى، منها وزارة الجيش، وبعض الوحدات في مكتب رئيس الحكومة، حصلت على إعفاء من الانتقال.
ووفق تقرير تشرته صحيفة غلوبس الإسرائيلية في كانون الأول/ديسمبر 2017، فقد أوكلت مهمة متابعة انتقال الوزارات إلى إلكين الذي أطلع لجنة الشؤون الداخلية والبيئة في "الكنيست" في تموز/يوليو 2017 أنّه من أصل 140 وحدة حكومة، انتقلت تسع وحدات فقط، فيما 28 وحدة تعتزم الانتقال، على أن تنتهي عملية الانتقال في عام 2025.
إصرار إسرائيلي على عدم إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس
في مقابل ذلك، تصرّ حكومة الاحتلال على منع إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، التي كانت تتولّى الاتصال مع الفلسطينيين، والتي قرّر ترامب إغلاقها عام 2019، في خطوة عدّها السفير الأميركي السابق لدى دولة الاحتلال، ديفيد فريدمان، خطوة مهمّة لمنع قيام عاصمة للدولة الفلسطينية مستقبلاً في القدس المحتلة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2021، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنّ إدارة بايدن "ستمضي قدمًا في "عملية فتح القنصلية في إطار تعميق العلاقات مع الفلسطينيين"، فيما أشار نائبه نائبه لشؤون الإدارة والموارد براين ماكيون إلى رفض الاحتلال الأمر، وقال "ما أفهمه هو أننا بحاجة إلى موافقة الحكومة المضيفة لفتح أي منشأة دبلوماسية".
وقال رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت للصحفيين، في 2021/11/6، إنّ "موقفي الذي عرض على الأميركيين أنه لا يوجد مكان لقنصلية أميركية تخدم الفلسطينيين في القدس. نحن نعبّر عن رأينا بثبات وبهدوء ومن دون استعراض"، واقترح وزير الخارجية يائير لبيد، الذي كان واقفًا بجواره، إعادة فتح القنصلية في رام الله بالضفة الغربية، وقال "إذا أرادت (الولايات المتحدة) فتح قنصلية في رام الله فليس لدينا مشكلة في ذلك".
وكانت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية كشفت، في 2021/7/20، عن زيارة يقوم بها عضو "الكنيست" نير بركات إلى واشنطن حيث يقابل العديد من المشرّعين الأمريكيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري للحصول على دعم لمشروع القانون الذي طرحه في "الكنيست" لمنع إعادة فتح القنصلية. ونقلت الصحيفة عن بركات قوله إنّ "الأمر لا يتعلق بالإدارة الأمريكية، بل بحقيقة أنّنا لا نريد قنصليات فلسطينية في القدس".
قرار الاحتلال يهدف لترسيخ القدس عاصمة لـ"إسرائيل"
قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس دائرة شؤون القدس عدنان الحسيني للصحفيين في رام الله، في 2021/11/17، إن خطوة الحكومة الإسرائيلية بنقل الوزارات إلى مدينة القدس "تأتي في إطار تأكيد السيادة على أن القدس الشرقية جزء من عاصمة إسرائيل".
وأضاف الحسيني أن الحكومة الإسرائيلية ماضية قدمًا تجاه تصعيد عدوانها في القدس وإلغاء أي وجود وحضور فلسطيني رسمي أو سيادة فلسطينية تنفيذًا لقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس.
ودان عبد الله صيام، نائب محافظ القدس، القرار الإسرائيلي، وقال إنّه خطوة في إطار "توحيد مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل."، وأشار صيام في تصريح لوكالة (شينخوا) إلى أنّ الخطوة "مؤشر خطير تجاه تأخر الولايات المتحدة الأمريكية بالاستجابة للطلب الفلسطيني بإعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية".
وقال المختص في شؤون القدس جمال عمرو إنّ حكومة الاحتلال بهذا القرار، ماضية ومقررة بأن تنهي هذه المرحلة التي كانت تشهد حالة من الشكوك والمحاولات لاعتبار القدس "عاصمة الدولة اليهودية"، مؤكدًا أنّ أن دولة الاحتلال تستغل أي فرصة مواتية، خاصة في ظل التطبيع العربي، والظروف الإقليمية، وعدم اهتمام الرأي العام العالمي بالشأن الفلسطيني، وتنتهزها من أجل ترسيخ القدس عاصمة لها، وهذا شيء بات واضحًا.
ولفت إلى نقل بعض الدول الأجنبية مكاتبها وسفاراتها إلى مدينة القدس، ودعم حكومة الاحتلال هذا التوجه، محذرًا في الوقت نفسه من خطورة قرار الاحتلال على المدينة.
وقال المحامي المقدسي أحمد الرويضي إنّ أي إجراءات إسرائيلية في القدس تؤثر في "حل الدولتين"، ما يعني أننا أمام حرب على الشعب الفلسطيني ومقدساته وحقوقه المشروعة التي كفلها القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأوضح أن القدس مدينة محتلة، كبقية الأراضي الفلسطينية، و"حل الدولتين" قائم على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وهو مقبول من قبل المجتمع الدولي وعلى أساسه فإن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في عهد بايدن تدعم هذا الاتجاه.
وأضاف الرويضي: "هذه سياسية إسرائيلية، ونحن مستمرون في نضالنا ضد هذه الإجراءات في القدس، وتحركاتنا تقوم على أساس ذلك، وعلى العالم تحمل مسؤولياته في اتجاه حماية مشروع حلّ الدولتين".