دراسة تفند مغالطات زيدان في التشكيك بقدسية الأقصى
الثلاثاء 5 كانون الثاني 2016 - 7:33 م 3432 0 أبرز الأخبار، شؤون المقدسيين |
ردَّ الأستاذ بجامعة عين شمس، الدكتور أسامة الشاذلي، على مغالطات المفكر المعروف الدكتور يوسف زيدان بخصوص تاريخ المسجد الأقصى، وقدسيته، التي زعم فيها أنها أُقحمت على الفكر الإسلامي في عام ٧٣ هجريا، بدراسة حديثة تحمل عنوان: “مغالطات حول قدسية الأقصى”.
وخلصت الدراسة إلى أن الفتح الإسلامي لبيت المقدس حقق ما لم يحققه التواجد اليهودي والمسيحي لتلك المدينة المقدسة على مدار عشرات القرون منذ نشأتها عام ٣٠٠٠ ق.م. وحتى عام ٦٣٦ م. إذ صد عنها بطش الفرس والرومان، وأعطى الأمان لأهل إيلياء، وأعاد الي المقدسات قدسيتها.
وفي البداية قال الشاذلي إن زيدان ذكر أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان قام ببناء المسجد كمناورة سياسية لصرف الناس عن السفر إلى الحجاز، وأن المسجد الأقصى الموجود حاليا في بيت المقدس لم يكن له وجود وقت أن نزلت آية “سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”، لأن المسجد ببساطة بُني عام ٧٣ هجريا أي بعد نزول الآية بستة عقود.
وكشف الشاذلي في الدراسة، أن “زيدان” استدل على رأيه برواية ذكرها أبو عبد الله الواقدي -وهو مؤرخ عاش في القرن الثاني الهجري -تتحدث عن مسجد آخر اسمه المسجد الأقصى موجود في مدينة تسمي بالجعرانة تقع على بعد ستين كيلومتراً من المدينة المنورة، ثم ربط في بين هذا المسجد والمسجد الأقصى المذكور، ليدلل على رأيه.
وكشف الشاذلي أن “زيدان” استدل استدلالا خاطئا، وغير مفهوم على رأيه بالحديث المرفوع عن الواقدي.. فالواقدي لم يشر من قريب أو بعيد إلى أن مسجد الجعرانة هو المسجد المقصود في سورة الإسراء. وكل ما ذكره أن الرسول صلي الله عليه وسلم أحرم في عمرته الثالثة من مسجد أقامه في منطقة الجعرانة عند العدوة القصوى سماه الناس باسم المسجد الأقصى تمييزا له عن مسجد بني لاحقا عند العدوة الدنيا وبناه رجل من قريش اسمه عبد الله بن خالد الخزاعي، وأطلق عليه الناس اسم المسجد الأدنى.
وأضاف الشاذلي أن كل ما ذكره الواقدي عن هذين المسجدين -الأقصى والأدنى -إنما كان يتعلق بتحديد مكان الإحرام الذي أحرم منه النبي صلي الله عليه وسلم في تلك العمرة.. متسائلا: من أين أتي زيدان بهذا الاستدلال؟ وماذا وجد في هذا النص كي يفترض أن الرسول قد أسري به إلى الجعرانة بدلا من بيت المقدس؟
10 نقاط مختلفة
وأورد الكاتب مفارقات عدة تخص الفتح الإسلامي لإيلياء تتمثل في نقاط عشر من بينها:
أولاً: المدينة التي كانت تسمي بمدينة السلام أو “أور-سالم” قبل الفتح اليهودي لم تنعم بالسلام قط على مدار التاريخ اليهودي باستثناء فترة وجيزة هي فترة حكم الملك سليمان عليه السلام، التي لا تزيد على ٤٤ عاما، طبقا لنصوص التوراة. وفيما عدا تلك الفترة فإن أديم هذه الأرض قد صنع من دماء وأجساد ملايين البشر والأبرياء.
ثانياً: المدينة المقدسة التي وصفها القرآن الكريم بالأرض المقدسة، وأمر اليهود بأن يقيموا فيها بيتا للرب قد انتهكت قدسيتها على مدار التاريخ اليهودي. تارة بالوثنية وعبادة الاله “بعل” داخل الأرض المقدسة، وتارة بالانقسام والتعاون مع الأعداء وانتهي الأمر ببيت مُقدّس دنسه الغزاة من الآشوريين والبابليين والبطالمة والرومان والفرس وتركوه خرابا.
ثالثاً: لم تشفع العقيدة المسيحية -التي تعتبر العهد القديم جزءا أساسياً من الكتاب المقدس -في السماح لليهود بإعادة بناء بيت الرب. وظل مكان البيت خراباً مطموراً بالحجارة ومدنساً بروث الخيل طيلة الحكم المسيحي للمدينة المقدسة.
رابعا: لم تسلم المقدسات المسيحية من الاعتداء والتدمير، ولم يسلم المسيحيون أنفسهم من القتل والتعذيب على أيدي الرومان في بادئ الأمر، ثم الفرس لاحقا. ولم يكن اليهود ببعيد عن إلحاق الأذى بالمسيحيين حتى إن أذاهم قد طال المسيح عيسى بن مريم عليه السلام نفسه.
وشدد الشاذلي على أنه “جدير بمن يتأمل هذه النقاط أن يشعر بحتمية ظهور طرف آخر بعيد عن أطراف الصراع يمكنه أن يعيد الأمور إلي نصابها. فيعيد السلام إلى أرض السلام ويعيد القدسية إلي الأماكن المقدسة، ولا تستباح في عهده كنيسة ولا معبد. وكان هذا الطرف هو الفاتحين المسلمين”، وفق قوله.