حذّرت الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس من تسارع وتيرة الهجمة الاستيطانية على المدينة المقدسة، وتحديداً منذ مؤتمر "أنابوليس"، مشيرين إلى أنّ الاحتلال الصهيونيّ شرع منذ شهرين بتنفيذ مشاريع استيطانية لبناء أكثر من عشرين ألف وحدة استيطانية.

وقالت اللجنة خلال مؤتمرٍ صحفاي عُقِد في مدينة القدس المحتلة أمس الإثنين (11/2)، إنّ السلطات الصهيونيّة صادقت مؤخّراً على بناء أكبر كنيس في العالم في ساحة البراق، ما يعني الاستيلاء على المزيد من أراضي المسجد الأقصى لصالح تنفيذ هذا المخطط.

وأكّد الشيخ تيسير التميمي قاضي القضاة "أنّ المخططات الإسرائيلية للاستيلاء على مدينة القدس المحتلة وتهويدها تسير بوتيرة متسارعة من خلال مجموعة من المخططات التي صادقت عليها السلطات الإسرائيلية مؤخراً".

وأوضح التميمي "أنّ مصادقة السلطات الإسرائيلية على مشروع (واجهة القدس) تهدف إلى السيطرة الكاملة على المدينة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية على حدّ سواء"، لافتاً إلى أنّ الاحتلال استولى على نحو 2 مليون متر مربع من أراضي القدس.

وقال: "لقد جرى مؤخراً استحداث إدارة تضم حاخامات وأعضاء في الأحزاب اليهودية المتطرفة بغية إدارة المدينة"، مؤكّداً في الوقت ذاته "أنّ العمل جارٍ لبناء أكبر كنيس في العالم على ساحة البراق، بعدما صادقت السلطات الإسرائيلية على المخططات المتعلقة بهذا المشروع".

وأشار إلى أنّ دائرة الآثار الصهيونيّة وافقت على حفر نفقٍ يمتدّ من حائط البراق ويرتبط بشبكة من الأنفاق تحت البلدة القديمة في القدس، ما يعني تعريض أساسات الأبنية التاريخية لخطر حقيقي".

كما أكّد التميمي أنّ سلطات الاحتلال تقوم بتوزيع إخطارات بهدم عددٍ من المنازل والمساجد بشكل يتجاوز المنطق، مشيراً إلى أنّ آخر أوامر الهدم استهدف المسجد العمري في قرية أم طوبا الملاصقة للقدس بذريعة عدم الترخيص، علماً أنّ هذا المسجد كان شُيّد قبل سبعة قرون.

وقال إنّ هناك جهوداً صهيونيّة محمومة لبناء المزيد من البؤر الاستيطانية في الأحياء الإسلامية، حيث وصل عدد هذه البؤر إلى 70 بؤرة استيطانية، مضيفاً أنّ حمّى الاستيطان والاستيلاء على المزيد من الأراضي وهدم المنازل تتزامن مع اقتحامات متكرّرة للمسجد الأقصى من قِبَل المتطرفين اليهود، حيث شهد الشهر الماضي فقط 80 محاولة اقتحام نفّذها المتطرفون تحت حماية الشرطة الصهيونيّة.

من جهته، أشار المطران عطا الله حنا -رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس- إلى أنّ دولة الاحتلال الصهيونيّ تتحدث عن السلام أمام العالم، بينما الوقائع على الأرض تشير إلى تصاعد عمليات تهويد القدس والاستيلاء على المزيد من أراضي الفلسطينيين وإحكام الحصار.

وأكّد المطران حنا استحالة تحقيق سلام مع دولة الاحتلال في ظل استمرار سياستها الرامية إلى تكريس الاحتلال وعدم اعترافها بالحقوق الشرعية الفلسطينية ومواصلة الاستفراد بالقدس وتهويدها.

وشدّد حنا على أنّ الخلاف الداخلي أضر بالقضية الفلسطينية بدرجة كبيرة، خصوصاً لجهة تراجع مستوى التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني وقضيته بعد سلسلة أعمال القتل والانتهاكات التي وقعت في إطار الاحتراب السياسي الداخلي.

وناشد المطرن حنا الرئيس محمود عباس إطلاق مبادرة لتوحيد الشارع الفلسطيني لأنّه الوحيد القادر على فعل ذلك، مطالباً في الوقت ذاته حركة "حماس" بتجاوز الخلافات والاستجابة للمبادرات الداعية لرأب الصدع في الساحة الداخلية.

بدوره، قدّم الدكتور حسن خاطر -أمين عام الجبهة الإسلامية المسيحية- ملخّصاً عن التقرير الحادي عشر حول أوضاع القدس والمقدسات، وجاء تحت عنوان "القدس بين تجميد السلام وتنشيط الاستيطان".

وأكّد خاطر، بناءً على معلومات ومعطيات نشرتها وسائل إعلام ومؤسسات حقوقية صهيونيّة، أنّ وتيرة النشاطات الاستيطانية تصاعدت بشكلٍ غير مسبوق منذ مؤتمر "أنابوليس".

وأوضح "أنّ السلطات الإسرائيلية أعلنت بشكلٍ رسمي عن بدء العمل في بناء عشرين ألف وحدة استيطانية تقدّر مساحتها الإجمالية بأكثر من 2 مليون متر مربع فوق أراضٍ تمّ الاستيلاء عليها في كلٍّ من: منطقة جبل أبو غنيم، وجبل المكبر، وجنوب القدس بالقرب من قرية الولجة، ومستوطنة (جيلو)، ومستوطنة (تل بيوت)، ومستوطنة (معالي أدوميم)، ورأس العمود، والشيخ جراح، وسلوان ، ووادي حلوة، وشمال القدس بالقرب من مطار قلنديا.

وأكّد "أنّ هذه الأرقام تتعلّق فقط بالاستيطان المنظم الذي يتم الإعلان عنه من قِبَل السلطات الإسرائيلية بشكل رسمي، بينما لا يمكن حصر الاستيطان غير المنظم الذي يتواصل يومياً في المستوطنات الإسرائيلية في القدس".

وحذّر خاطر من تصاعد وتيرة هدم المنازل العربية في القدس، حيث يتم هدم نحو 97 مبنى في العام الواحد، بينما تتم جباية غرامة مخالفات بناء بقيمة 35 مليون دولار سنوياً، موضّحاً أنّ سلطات الاحتلال قامت العام الماضي بهدم 140 مسكناً، إضافةً إلى 43 منشأة أخرى.