البيان الختامي لمؤتمر القدس السنوي الخامس

تاريخ الإضافة الخميس 29 آذار 2007 - 2:52 م    عدد الزيارات 9422    التعليقات 0    القسم أخبار المؤسسة

        


  بسم الله الرحمن الرحيم

في جو من الإحساس العالي بالمسؤولية في مواجهة الأخطار التي تواجه الأمة وخصوصاً قضيتها المركزية فلسطين، وعلى الأخص مخاطر تهويد القدس عاصمة فلسطين، وحاضنة مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وفي مناخ عابق بالثقة وبقدرات الأمة على مواجهة التحديات ومقاومة الاحتلال والعدوان والحصار في العديد من الأقطار، وفي رحاب الجزائر ذات التراث العريق في المقاومة والانتصار للقضايا العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين، وبرعاية سامية من رئيسها المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، وبضيافة كريمة من حكومتها وشعبها، وفي استجابة لدعوة رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس العلامة يوسف القرضاوي، وتحت شعار "الأقصى أمانة الأمة"، انعقد مؤتمر القدس السنوي الخامس ما بين 7 إلى 9 ربيع الأول 1428 هـ الموافق لـ 26 إلى 28 مارس/ آذار 2007 بحضور أكثر من 400 عضو من مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية والشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس.

وإذ استمع المؤتمر في جلسته الافتتاحية إلى كلمات لجمع من قادة الأمة ورجالها البارزين، وفي مقدمهم كلمة رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم، والعلامة الشيخ يوسف القرضاوي، فإنه ناقش في جلساته المتتالية جملة تقارير قدّمها رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والأمين العام في مؤسسة القدس وأعضاء الشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس ورؤساء الفروع ومندوبوها، كما تابع باهتمام جملة أوراق متخصصة قدّمها بعض أعضاء المؤسسة والشبكة في ندوات أغنت مناقشات المؤتمر وأضاءت جوانب مختلفة من التحديات التي تواجهها القدس وسبل مواجهتها، ولقد اكتسب التوقيت الذي انعقد فيه المؤتمر أهمية خاصة لتزامنه مع استمرار الحفريات الصهيونية في حي المغاربة وما ترمي إليه من تنفيذ مخطط صهيوني قديم جديد يستهدف المسجد الأقصى وهدمه لإقامة هيكل سليمان المزعوم مكانه وسط صمت عربي وإسلامي وعالمي مريب ومعيب، بما شجع الصهاينة على تماديهم في تهديد كافة المقدسات الإسلامية والمسيحية، إما بالهدم أو بشراء الأراضي أو بتقطيع أوصال المدينة المقدسة ومحاصرتها بالبؤر الاستيطانية والجدار العنصري والتهجير المنهجي لأهل المدينة الأصليين.

كذلك تزامن انعقاد مؤتمر القدس الخامس مع انعقاد مؤتمر القمة العربية في الرياض، بما يتطلب توجيه مناقشات الملوك والرؤساء والأمراء العرب لما يضمن قيام خطة عربية وإسلامية شاملة لإنقاذ القدس والحفاظ على الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وفي مقدمها حق العودة وقيام الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

ورأى المجتمعون أن الدفاع عن القدس ليس واجباً شرعياً ودينياً فقط، وليس مسؤولية وطنية وقومية فحسب، بل إنه مهمة إنسانية وثقافية أيضاً، لأن ما يشهده الأقصى من اعتداء صارخ إنما هو اعتداء على أبرز معالم التراث الروحي والحضاري والثقافي، والذي تعتبر حمايته أيضاً من جانب المؤسسات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالشأن الثقافي، والحضاري كاليونيسكو، أمراً ضرورياً ينبغي الشروع بتنفيذه في أسرع وقت ممكن، تماماً كما أن واجب حماية الإنسان في حقوقه الأساسية وحماية البيئة بشروطها المعروفة هو واجب كل الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والطبيعة، وهي الحقوق التي تشهد انتهاكاً يومياً في القدس وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة.

وإذ اعتبر المؤتمر العام الفائت (2006-2007) عام الانتقال بمؤسسة القدس من التأسيس إلى التوسع نتيجة تزايد الهيئات المشاركة في الشبكة العالمية وافتتاح عدد من فروع المؤسسة في عدة أقطار عربية وإسلامية في: اليمن، وإيران، وأندونيسيا، والسودان، وسوريا، وجنوب إفريقيا، فإنه يتطلع إلى أن يكون العام القادم عام التوجه عالمياً لتحقيق أوسع استقطاب لقضية فلسطين وعنوانها القدس، وذلك عبر إنجاح انعقاد المؤتمر العالمي للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني الذي يجري التحضير له ليضم الآلاف من مؤسسات المجتمع المدني في كل أرجاء العالم، ولقد تميز المؤتمر الخامس بالإعلان عن حصول مؤسسة القدس الدولية على ترسيم رسمي لافتتاح فرعها الجديد في الجزائر بقرار من رئيس الوزراء السيد عبد العزيز بلخادم، وبقيام مجموعة ورشات عمل تناولت مختلف جوانب قضية القدس، ونتج عنها مجموعة روابط مختصة هي: رابطة الإعلاميين، والبرلمانيين، والحقوقيين، ورجال الأعمال، والشباب، والنساء من أجل القدس، وبحصول مشاريعه على دعم مالي كبير، وبالإعلان عن أوقاف حكومية وشعبية في الجزائرلصالح القدس، وبإطللاق كتاب القدس السنوي، وجملة دراسات اعتبرت جزءاً من وثائق المؤتمر.

وبعد مناقشات موسعة أصدر المؤتمر جملة القرارات والتوصيات التالية:

أولاً: يشكرالمؤتمر لدولة الجزائر رئيساً وحكومةً وشعباً هذه الرعاية السامية والاستضافة المميزة التي تركت أثراً طيباً لدى جميع المشاركين، وهي ليست بغريبة عن بلد المليون ونصف المليون شهيد، هذا البلد الذي تفتخر الأمة بمواقف قادته وعلمائه وشعبه المجاهد، وفي هذا المجال نوّه المؤتمر بالجهد الكبير الذي بذلته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في مجالات الإدارة والضيافة والرعاية والتنظيم.

ثانياً: ناقش المؤتمر المشاريع التي جرى إنجازها حتى الآن والمشاريع المزمع القيام بها، وقد قدّر عالياً نجاح مشروع وقف الأمة من أجل القدس، لما يؤمنه هذا المشروع من استمرارية الدعم لنشاطات المؤسسة والشبكة، وشََكَر التجاوب الواسع مع هذا المشروع في عدة أقطار عربية كالبحرين وقطر واليمن والسودان وسوريا، فضلاً عن الجزائر التي قدمت خلال المؤتمر وقفاً خيرياً بقيمة تقديرية تبلغ 10 ملايين دولار، هو عبارة عن مجمع سكني ومرافق تجارية يستفاد من ريعها لمشاريع القدس، كما قدّرعالياً الوقف الشعبي في الجزائر الذي جرى الإعلان عنه أيضاً والبالغ قيمته 3 ملايين دولار، ليضاف إلى التبرعات النقدية والعينية التي تم التعهد بها والبالغة 4 ملايين دولار.

ثالثاً: دعا المؤتمرون القادة المجتمعين في القمة العربية في المملكة العربية السعودية لاتخاذ قرارات حاسمة لحماية القدس والأقصى ومنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ مخططها الرامي إلى تهويد مدينة السلام ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، كما دعا المؤتمرون القادة المجتمعين في القمة العربية إلى كسر الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني.

رابعاً: إن عنوان الجهاد المدني والإنساني الذي أطلقه الدكتور القرضاوي، واختارته المؤسسة والشبكة كشعار يوضح منهجها العملي، يحتاج إلى جهدٍ ضخم واستثنائي على كافة المستويات الاقتصاية والاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية والبيئية والإعلامية والإنمائية، والمؤسسة إلى جانب الشبكة، تعتبر أن ما قامت به إلى الآن بفضل الله أولاً ثم بجهود الجهات والشخصيات الداعمة، كان فوق مستوى الإمكانات المتوفرة، ولكنه كان دائماً دون مستوى الطموحات، غير أن المؤتمر لا يسعه إلا أن يشكرالمبادرات الهامة الصادرة عن المؤسسات والشخصيات المشاركة في تبني المشاريع المتنوعة التي تُعنى بالحفاظ على القدس ومقدساتها.

خامساً: إن نجاح مواجهة مخططات التهويد التي تقوم بها دولة الاحتلال الصهيوني يحتاج إلى وحدة الأمة، خاصة أن مواجهة هذا الاحتلال الخطر يعتبر نقطة إجماع بين العرب والمسلمين، وبالتالي فإن خلافاتهم تؤثر في إطالة أمد الاحتلال الصهيوني لأرضنا وتمكّنه من رقابنا، وهذا ما لا يُرضي الله ورسوله والمؤمنين.

سادساًً: استنكر المجتمعون قيام سلطات الاحتلال الصهيوني بتجريف تلة باب المغاربة واستمرارها في الحفريات والأنفاق تحت المسجد الأقصى المبارك، بما يهدد أساساته ضمن مشروع متكامل للاستيلاء على الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم، وهم عبّروا عن ذلك منذ بداية كيانهم الغاصب عندما قالوا: "لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل"، لذا فإن المطلوب هو مواجهة الخطر الذي يستهدف الأقصى وكنيسة القيامة وسائر المقدسات.

سابعاً: طالب المؤتمرون بالتصدي للممارسات والسياسات الصهيونية ضدّ أبناء القدس التي تستهدف تهديدها وتفريغها من سكانها عبر بناء الجدار، وسحب بطاقات الهوية الزرقاء، وهدم البيوت ومصادرتها، ومنع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى، وتكثيف الاستيطان في القدس وحولها، والتضييق على حركة التنقل، وزيادة الضرائب، وغير ذلك من الممارسات المجحفة.

ثامناً: لفت المؤتمر الأمة الإسلامية إلى أن المطلوب هو الحضور الدائم والمواجهة المستمرة مع المشروع الصهيوني الذي يتّبع أسلوب القضم التدريجي في القدس وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة، ويعلن بالمقابل أعلى درجات التضامن مع قضايا الشعوب الإسلامية في السودان وأفغانستان والصومال وكشمير وغيرها. 

تاسعاً: وجّه المؤتمر تحية مباركة للاتفاق الذي عقد في مكة المكرمة بين حركتي فتح وحماس وبرعاية من خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز، وتمنى على كافة الفصائل الفلسطينية وحدة الصف والعمل في مواجهه الأخطار المحدقة بالأمة، فهم رأس الحربة في مواجة هذه الأخطار، وعليهم إخضاع كل الخلافات والتعارضات للتناقض الرئيس مع المحتل.

عاشراً: يوجه المؤتمر تحية للشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة في التصدي للاحتلال الصهيوني، كما يوجّه التحية للإخوة في سجون الاحتلال خاصة الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي وعلى رأسهم الدكتور عزيز دويك.

حادي عشر: يطالب المؤتمر البرلمانات العربية والإسلامية بتشكيل لجنة للقدس وفلسطين، وتفعيل دور هذه اللجان للقيام بما يتناسب مع حجم المخاطر التي تحيق بالقدس وفلسطين.

ثاني عشر: يوّجه المؤتمر تحية للمقاومة الإسلامية في لبنان والشعب اللبناني بأسره على النصر التاريخي والاستراتيجي في مواجهة الحرب الصهيونية العدوانية التي خيضت ضد لبنان الصيف الفائت، وهو ما أثبت أن الكيان الصهيوني ليس قدراً لا يمكن مواجهته، بل هو أوهن من بيت العنكبوت.

ثالث عشر: وجّه المؤتمر تحية وتقديراً للمقاومة البطلة في العراق المحتل، وطالب كافة أطياف الشعبين العربي والإسلامي بالمشاركة في دعم هذه المقاومة التي أثبتت قدرتها وإمكاناتها رغم محاولات التشويه وإلصاق تهم الإرهاب بها، وأكد المؤتمر أن انتصار الشعب العراقي على الاحتلال الأميركي هو انتصار لفلسطين في مواجة الاحتلال الصهيوني، كما يعلن المؤتمر اعتزازه بالمقاومة العراقية لما قدمته وما زلت من تضحيات في سبيل تحرير بلدها وإسقاط المشروع الأميركي وحماية دول وشعوب المنطقة من طغيانه.

والحمد لله رب العالمين
الجزائر29-3-2007

 


الكاتب: mahmoud

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »