مركز القدس:

الربع الأول من العام الجاري سجل تصعيداً احتلالياً غير مسبوق في الصراع الديموغرافي بالقدس

تاريخ الإضافة الإثنين 4 أيار 2009 - 11:18 م    عدد الزيارات 3198    التعليقات 0    القسم أرشيف الأخبار

        


أوضحت وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن الربع الأول من العام 2009 سجل تصعيداً احتلالياً غير مسبوق فيما يتعلق في الصراع الديموغرافي في مدينة القدس.
وقالت الوحدة في تقرير أصدرته، اليوم، إن سلطات الاحتلال تحاول حسم هذا الصراع لصالحها عبر سلسلة من الخطوات والإجراءات التي من أبرزها عزل تجمعات سكانية كبيرة يقارب عدد سكانها ال160 ألف مقدسي خارج حدود بلدية الاحتلال في القدس، وفق أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة.
 وبينت أن هذا العدد يزيد عن التقديرات الفلسطينية المحلية التي كانت تتحدث عن عزل 125 ألفا في أحياء وبلدات ألرام ، ضاحية البريد، كفر عقب، سمير أميس، مخيم شعفاط، ضاحية السلام، وبلدة عناتا، وهي أكثر التجمعات السكانية المقدسية كثافة.
وأشار التقرير إلى أن أبرز الإجراءات الاحتلالية التي سجلت حتى نهاية العام المنصرم 2008 بهذا الشأن هو  استكمال بناء الجزء الأكبر من جدار الفصل العنصري حول المدينة المقدسة، ما جعل هذه البلدات والأحياء بهذا العدد الكبير من سكانها معزولين عن القدس مركز حياتهم، وهو إجراء يهدد هؤلاء بفقدان حقهم بالإقامة في مدينتهم مستقبلاً، وبالتالي تكون سلطات الاحتلال قد نجحت في التخلص من هذا العدد الكبير من السكان دفعة واحدة، بعد أن كانت إجراءات الطرد الصامت والتطهير العرقي تستهدف أفراداً أو مجموعات صغيرة بذريعة عدم  إثبات مركز الحياة في المدينة المقدسة. لافتاً إلى أن إجراءات الهدم والتهديد بهدم مئات المنازل التي قررتها بلدية الاحتلال في القدس منذ مطلع العام الجاري 2009 تهدد بتشريد أكثر من خمسة آلاف مقدسي يقطنون في نحو 1100 وحدة سكنية تلقى أصحابها إخطارات بالهدم، ليضاف هذا العدد من السكان إلى نحو 500 نسمة غالبيتهم من الأطفال والنساء هدمت مساكنهم منذ مطلع العام الجديد.
وأورد التقرير بعض المعطيات الأساسية المتعلقة بالديموغرافيا الفلسطينية في القدس، وفق ما رصدته وحدة البحث والتوثيق التابعة له وبالحقوق الاجتماعية والاقتصادية ومنها، أنه في البلدة القديمة من القدس تشير المعطيات الحديثة المتوافرة إلى أن عدد المقدسيين داخل أسوار البلدة القديمة من القدس وصل حتى مطلع العام 2009 إلى نحو 36 ألفاً، بعد أن كانت معطيات سابقة تحدث عن عدد يتراوح ما بين 33 ألفاً إلى 34 ألفاً.
وتفسر هذه الزيادة في عدد السكان المقدسيين في جوانب منها انتقال عشرات العائلات المقدسية للسكن في البلدة القديمة بسبب الحواجز والجدار الذي فصل هذه العائلات عن مركز حياتها وتعرضها للتهديد المباشر بإسقاط حقها في الإقامة من قبل وزارة داخلية الاحتلال، رغم  ظروف السكن في البلدة القديمة الصعبة جداً حيث الازدحام الشديد في المساكن، واضطرار بعض الأسر إلى تحويل محلات ومشاغل إلى مساكن لإيواء أفرادها كما هو الحال في خان الأقباط أحد الأسواق الشهيرة دخل أسوار المدينة المقدسة.
وأشارت معطيات مركز القدس إلى وجود ما يقرب من ثلاثة آلاف مستوطن يقطنون 'حارة الشرف'، أو ما يسمى بالحي اليهودي الذي أقيم على أنقاض الحارة الفلسطينية بعيد سقوط القسم الشرقي من المدينة المقدسة عام 1967.
إضافة إلى نحو 1000 مستوطن آخر يقطنون في 70 بؤرة استيطانية موزعة على الحيين الإسلامي والمسيحي في البلدة القديمة، وتشمل هذه البؤر عقارات ومساكن حُول بعضها إلى مدارس ومعاهد تلمودية يلتحق بها سنوياً مئات الطلبة الجدد من سكان المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
وأوضح التقرير أن  الصهاينة يسعون إلى زيادة عدد المستوطنين في البلدة القديمة لمواجهة الكثافة السكانية الفلسطينية العالية، من خلال سيطرتهم على مزيد من العقارات المتاخمة للمسجد الأقصى والمجاورة للحي اليهودي، وبناء كنس يهودية ومدارس دينية جديدة تستوعب أعداداً أكبر من المستوطنين، ومن ذلك المخطط القاضي ببناء كلية جامعية في حي برج اللقلق تستوعب نحو 400 طالب ، وبناء مساكن وشقق لهم في ذات الموقع .
وبين التقرير أن الخطر الأكبر الذي يهدد الوجود الديموغرافي الفلسطيني في القدس القديمة هو استمرار تناقص الوجود المسيحي الفلسطيني العربي، حيث انتقل نشاط الجمعيات الاستيطانية اليهودية إلى الحي المسيحي، من خلال نقل قيادة الجمعيات الاستيطانية مقرها إلى حارة النصارى .
وتفيد المعطيات المتوافرة لدى مركز القدس كذلك إلى أن عدد المسيحيين الفلسطينيين داخل أسوار المدينة المقدسة يصل الآن إلى نحو 5000 نسمة، يضاف إليهم نحو 7000 نسمة يقطنون خارج منطقة الأسوار، علماً بأن إحصائيات فلسطينية صدرت عام  1997 تحدثت عن عدد إجمالي من المسيحيين في حدود "القدس الكبرى" كان وصل إلى 15000 نسمة، ما يشير إلى تقلص في أعداد هؤلاء بسبب انتقال أعداد منهم للسكن في رام الله وبيت لحم ، وحتى داخل الخط الأخضر سعياً وراء الأمن والتخلص من الضغوط الاقتصادية، وبحثاً عن فرص العمل التي لا تستطيع المؤسسة الفلسطينية في القدس  تأمينها لحملة الشهادات الجامعية من هؤلاء.
وكانت إحصائيات سابقة أشارت إلى أن عدد المسيحيين الفلسطينيين في القدس في الفترة الواقعة ما بين عامي 1944 و 1945 وصل إلى 30 ألفاً، وقد هاجر هؤلاء جميعاً في العام 1948، ولم يتبق منهم داخل أسوار البلدة القديمة سوى ألف مسيحي ، بينما تمسكت 5 عائلات ببيوتها في حي الطالبية ورفضت تركها، وبالتالي تقلصت أعداد المسيحيين الفلسطينيين إلى ما يقرب من ثلث عددهم.
أما فيما يتعلق بأعداد المقدسيين داخل الجدار الفاصل، فالمعطيات المتوافرة احتلالياً وفلسطينياً تشير إلى تراوحها ما بين 240 ألفاً إلى 260 إلفاً، والعدد هذا مرشح للارتفاع في غضون العام 2009 مع استمرار العودة العكسية إلى مركز القدس من قبل مئات العائلات الفلسطينية التي تقيم حالياً في مناطق عزلها جدار الفصل العنصري، حماية لحقوقها في الإقامة والسكن في مركز حياتها القدس، كما أن الزيادة الطبيعية الناتجة عن الولادة تشكل سبباً رئيسياً للزيادة المتصاعدة في أعداد المقدسيين بالرغم من إجراءات العزل التي يتبعها الاحتلال للتجمعات السكانية ومحاولة قطع تواصلها مع المدينة المقدسة.
وحسب معدل النمو السكاني كما ورد في دراسات "إسرائيلية"، فإن عدد المقدسيين سيصل حتى العام 2020 إلى 376 ألفا داخل حدود بلدية الاحتلال في  القدس، في حين سيرتفع عدد "الإسرائيليين" في شطري القدس إلى 650 ألفاً، منهم ما يقرب من 200 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات يهودية أقيمت على أراض فلسطينية مصادرة في شرقي القدس المحتلة.
ويرى خبراء فلسطينيون و"إسرائيليون" في مجال الديموغرافيا أن جميع الإجراءات والخطوات التي اتخذتها بلدية الاحتلال في القدس بإدارتها اليمينية الحالية والقاضية بهدم مئات منازل المقدسيين ستفشل في اقتلاع الأعداد الهائلة من المقدسيين، لأن معدل النمو السكاني الفلسطيني يصل إلى 3 أضعاف النمو السكاني اليهودي غير الديني، ونحو ضعفي النمو السكاني اليهودي الديني. وبالتالي فإن حسم الصراع السكاني الديموغرافي هو في استمرارية هذا النمو والتزايد في أعداد السكان.
ولمواجهة هذه المعضلة الديموغرافية الفلسطينية – كما يقول الخبراء – ستحاول دولة الاحتلال التخلص سياسياً من أكبر عدد ممكن من المقدسيين، باعتبار ذلك مصلحة عليا ، من خلال طرح تصورات سياسية تقطع القدس إلى أجزاء، حيث تطرح حالياً التخلي عن أحياء وبلدات داخل حدود بلدية الاحتلال، وتتمسك بسيطرتها على مركز المدينة، وبعض الأحياء فيها.
لكن هؤلاء الخبراء يتوقعون فشلاً "إسرائيلياً" بهذا الخصوص، أو كما قال ميرون بنفنستي في أحد مقالاته في الثمانينيات : "إن سياسة إسرائيل في القدس لن تمكن الساسة من فك التشابك  والتقاطع السكاني في القدس" .
وأورد التقرير أن 'معهد أورشليم للأبحاث'  نشر العام 2008 معطيات جديدة خلال مؤتمر "هرتسليا" أشارت إلى تراجع في ميزان الهجرة اليهودية إلى القدس بمعدل 6000 شخص منذ عام 1998، وحتى العام 2007، ما يعني تراجعاً في الأغلبية اليهودية التي وصلت في العام 1967 إلى 75% بعد ضم الشطر الشرقي من القدس ، وانخفضت إلى 66% فقط عام 2006 ، والمتوقع أن تنخفض في العام 2020 لتصل إلى 58% فقط ، ثم تنتهي إلى التعادل 50% مقابل 50% في العام 2030.
 
ووفقا لذات المعطيات، فقد ازدادت أعداد اليهود منذ العام 1967 ولغاية العام 2007 بقسميها الشرقي والغربي إلى أن وصلت إلى ما نسبته 143% في حين ازداد عدد الفلسطينيين بنسبة 268% .
وأشار إلى أن لجنة "إسرائيلية" شكلت بعد احتلال شرقي القدس عام 1967 أطلق عليها 'لجنة جفني' ، تقف وراء ما يسمى قانون التوازن السكاني الذي طبق في العام 1973، وكان الهدف من ورائه مراقبة التزايد السكاني الفلسطيني في القدس بحيث لا يزيد عن 22% - 24% من إجمالي عدد السكان.
وما يجدر تأكيده هنا هو أن المعضلة الديموغرافية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بقضية البناء الفلسطيني في القدس، حيث تبنت حكومات الاحتلال المتعاقبة سياسة خاصة فيما يتعلق بالتنظيم والبناء في القدس أخضعت لاعتبارات سياسية تحددها توجهات سياسية الاحتلال العليا القائمة على نهب أراضي المقدسيين وتقييد النمو الديموغرافي الفلسطيني ومكافحته من خلال مكافحة البناء الفلسطيني في المدينة المقدسة، وعلى هذا الأساس طبقت السياسة القائلة بمنع البناء على 70% من أراضي الضفة، وعلى 86% من أراضي القدس.
وقال "إن هذه القضية ارتبطت بسياسة "الترانسفير" الصامت التي بدأت تطبيقها سلطات الاحتلال في القدس منذ بداية التسعينيات  ضد المقدسيين القاطنين في ضواحي القدس خارج حدود بلدية الاحتلال من خلال سحب بطاقاتهم الشخصية وتجريدهم من حق الإقامة، وما نتج عن تطبيق هذه السياسة من فقدان ملا يقل عن 10 آلاف عائلة مقدسية حقها في الإقامة، ووفقاً لمعطيات وزارة داخلية الاحتلال فإن عدد فاقدي الإقامة في عام 2006 لوحده وصل إلى 1363 أي بزيادة مقدارها 500% عما كان عليه الوضع في العام الذي سبقه.


المصدر: خاص بالموقع - الكاتب: abdullah

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »