التقرير المعلوماتي العاشر: "منظمات المعبد: نشأتها وأهدافها ووسائلها"
الثلاثاء 22 تشرين الأول 2024 - 12:37 م 374 41 التقرير المعلوماتي |
تمهيد:
يُظهر سلوك الاحتلال وأذرعه المختلفة أنهم يسعون إلى حسم "معركة" المسجد الأقصى، والمضي قدمًا لإتمام مخططات تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، وما يتصل بتصعيد أداء الطقوس اليهوديّة العلنية في المسجد الأقصى، ضمن استراتيجيّة الاحتلال "للتأسيس المعنوي للمعبد"، ويظهر هذا الحسم من خلال جملة من الاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك ومكوناته البشرية، إذ وصلت أعداد مقتحمي الأقصى من المستوطنين إلى أرقامٍ غير مسبوقة، تجاوزت 50 ألف مستوطنٍ في عام 2023، ولم تعد هذه الاقتحامات تقف عند الجولات الاستفزازية فقط، بل أصبحت تتضمن أداءً علنيًا للطقوس التوراتيّة، وخاصة تلك المتعلقة بـ"المعبد" المزعوم، بالتوازي مع الاعتداء على المصلين والمرابطين، وعرقلة عمل دائرة الأوقاف الإسلامية، وما يتصل بتلك الاعتداءات من محاولات لفرض قوات الاحتلال سيطرتها الكاملة على أبواب المسجد وساحاته.
وأمام هذه المروحة الواسعة من الاعتداء، تصاعد حضور عددٍ من أذرع الاحتلال في مشهد الاعتداء على الأقصى ومكوناته البشرية، وأبرزها ما يُطلق عليه "منظمات المعبد" التي برزت لتكون واحدة من أبرز أدوات التحشيد ضد المسجد الأقصى، وتحقيق الوجود اليهوديّ داخله، بما يتضمنه من حضور بشري كثيف، وأداء الطقوس، ونقل كل ما يتعلق بـ"المعبد" المزعوم إلى الحيز الإسلامي في الأقصى، في سياق فرض النبوءات الدينية التوراتية.
وتؤمن هذه المنظمات المتطرفة بضرورة إقامة "المعبد" مكان المسجد الأقصى المبارك، وهي واحدة من أبرز أفكار اليمين الإسرائيلي، وقد أشار باحثون إلى أن انتشار هذه الفكرة في المجتمع الإسرائيلي، يأتي نتيجة تحولٍ مهم في الفكرة الصهيونية التي انتقلت من التفسير القومي والعلماني إلى التفسير الديني. وهو تفسير يريد أن يُفرض ليكون جزءًا أساسيًّا من تأسيس الكيان الصهيوني، لذلك شكل تأسيس "المعبد" وهو "بيت روح الرب"، أبرز القضايا التي عملت عليها المنظمات اليمينيّة[1]. ويدّعي من يحمل هذه الأفكار من المستويات الإسرائيلية كافة، أن المسجد الأقصى المبارك أُقيم على أنقاض "المعبد" الثاني الذي دمره القائد الروماني "تيطس"، مستندين إلى روايات توراتية وادعاءات آثاريّة لم تثبت تاريخيًّا وعلميًّا، وهكذا يغدو هدف المنظمات بعيد المدى هو هدم الأقصى وإقامة "المعبد" المزعوم، أما مرحليًا، فتسعى إلى تهويد المسجد الأقصى، وفرض الوجود اليهودي داخله، من خلال اقتحام الأقصى بشكلٍ شبه يومي، ورفع أعداد المشاركين في هذه الاقتحامات، وخاصة في الأعياد والمناسبات اليهوديّة، وما يتصل بهذه الأعياد من طقوسٍ وقرابين وغيرها.
ومع تنامي أعداد المنظمات التي تروج لبناء "المعبد" وتعمل على نشر التعلق به في مختلف المستويات الإسرائيلية، شهد عام 2012 تأسيس "ائتلاف منظمات المعبد"، ليكون الإطار التنسيقي لأنشطتها التي تهدف إلى تهويد المسجد الأقصى المبارك، وتشير بعض الدراسات إلى أن هناك 40 مؤسسة معنية بـ"المعبد" تعمل في المجتمع الإسرائيلي[2]، وقد شهدت هذه المنظمات إنشاء تشكيلات جديدة تزامنت مع تصاعد حضور اليمين الإسرائيلي في البيئة السياسية الإسرائيلية.
ونقدم في هذه الورقة إطلالة على نشأة هذه المنظمات المتطرفة، وجذورها الفكرية، وارتباطاتها بالمنظمات الاستيطانية، وعلاقاتها مع المستويين السياسي والأمني لدى الاحتلال، مع استعراض أبرز أهدافها، وما يرتبط بهذه المنظمات من تفاصيل تتصل بالتمويل والأذرع الإعلامية وغيرها، وتحاول الورقة تشكيل إحاطة وافية حول هذه المنظمات المتطرفة ومروحة الاعتداءات التي تقوم بها.
[1] هشام يعقوب (محرر) وآخرون، عين على الأقصى 16 – الملخص التنفيذي، مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2022، ص 10.
[2] هشام يعقوب (محرر) وآخرون، عين على الأقصى 15، مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2021، ص 61 – 62.