أبرز معطيات تقرير عين على الأقصى 2020
الثلاثاء 25 آب 2020 - 11:12 م 9326 694 عين على الأقصى |
أبرز المعطيات في تقرير عين على الأقصى - الرابع عشر
الفصل الأول: تطوّر فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى
كان موضوع تعزيز الوجود اليهودي في المسجد الأقصى أحد ركائز السياسة الداخلية الصهيونية خلال الأزمة السياسية الصهيونية التي دامت 18 شهراً وشهدت ثلاث محطاتٍ انتخابية، وقد استغلت كتلة "جماعات المعبد" الأزمة لتعزيز مواقعها ودفع مطالبها نحو الأمام، وأصبح وزن كتلتها في "الكنيست" 21 نائبًا، وفي الحكومة 9 وزارات من أصل 33.
شكلت "صفقة القرن" قفزة كبيرة لجماعات المعبد ولليمين القومي- الديني تحت قيادة نتنياهو، فقد تبنت رؤيته للحل تجاه جميع القضايا، وبات موقف جماعات المعبد العدواني تجاه الأقصى هو ذاته الموقف الرسمي الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المسجد لأول مرة في تاريخ الصراع.
جاء انتشار وباء كورونا ليكرس الصعود الصهيوني في السيطرة على الأقصى والتراجع الرسمي الأردني أمامه، فمع إغلاق الأقصى، أغلقت قوات الاحتلال جميع أبواب المسجد باستثناء بابين، حددت فيها عدد الموظفين الذين يوجدون فيه، وعزلت مبنى الأوقاف بإغلاق باب المجلس، وحصلت على قائمة بموظفيها ومهامهم وأماكن عملهم وأوقاتها من مصدر داخل الأوقاف؛ فباتت تدقق في دخول الموظفين وخروجهم، فوضعت نفسها في موضع الإدارة الأصيلة للمسجد.
حرص الاحتلال على مشهد الفتح المتوازي للأقصى أمام المسلمين والمقتحمين الصهاينة في اليوم نفسه، وبدأ بفرض إجراءات جديدة في الأقصى شملت تفريغ مسارات الاقتحامات، وتفريغ مصلى باب الرحمة، وتصعيد الطقوس اليهودية والسماح بها، ومحاولة تكريس الجهة الجنوبية الغربية للأقصى وباب السلسلة باعتبارها نقطة تجمع إضافية للمتطرفين الصهاينة.
أكدت محاكم الاحتلال "حق" اليهود المتساوي مع المسلمين في الأقصى، وهو ما بني عليه لاحقاً تعهد من شرطة الاحتلال بفتح الأقصى أمام المقتحمين الصهاينة في يوم فتح للمسلمين بعد إغلاقه 69 يومًا بسبب كورونا. وواصلت هذه المحاكم تأدية دورها الضاغط لإعادة إغلاق مصلى باب الرحمة.
حافظت المحاكم الصهيونية على دورها كأداة لإعادة إغلاق مصلى باب الرحمة ولتهيئة الأرضية للتقسيم المكاني، وقد جددت قرار إغلاق المصلى في مدة الرصد بقرار كل ستة أشهر، كان آخرها في 2/7/2020، الذي لم يعلن عن صدوره أو عن تسليمه إلا ببيانٍ للمرجعيات الإسلامية في 13/7/2020 أكدت فيه رفض المرجعيات المطلق له.
شكل فرض الطقوس اليهودية في الأقصى، واستهداف الأوقاف، وتفريغ مصلى باب الرحمة، الموضوع المركزي لشرطة الاحتلال على مدار مدة الرصد. وشنت شرطة الاحتلال حملة اعتقالات كبيرة شملت موظفي الأوقاف وكل من له صفة رسمية في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، والمصلين.
استجمع اليمين القومي- الديني كل ثقله الديني برسالة نشرها في 9/7/2020 وقع عليها 60 من حاخاماته الكبار، وذلك في إطار حشدهم لاقتحام يوم عرفة. وقد واصل حاخامات "السنهدرين" محاولتهم لفرض تقديم قربان الفصح في المسجد الأقصى المبارك.
الفصل الثاني: المشاريع التهويدية في المسجد الأقصى ومحيطه
تصدّرت مشهد تهويد الأقصى ومحيطه مشاريع تسعى إلى ربط محيط الأقصى بشبكة مواصلات بريّة، وجويّة، كمشاريع القطار السريع، والقطار الخفيف، والقطار الهوائيّ (التلفريك).
لم تتوقف ماكينة التهويد والحفر طوال مدة التقرير على الرغم من جائحة كورونا، وهي ماكينة أنفقت عليها وزارات الاحتلال ومؤسساته نحو 300 مليون دولار بين عامي 2006 و2019.
أقامت سلطات الاحتلال مقبرة يهودية ضخمة ابتداءً من نهاية أسفل المقبرة القديمة في جبل الزيتون حتى وادي سلوان على مساحة تبلغ 16 دونمًا، وبعمق 16 مترًا تحت الأرض.
أنشأت جمعيات استيطانية إسرائيلية متحفًا توراتيًّا في سلوان جنوب المسجد الأقصى، ويتألف المتحف من "ثلاث طبقات بمساحة 1390 مترًا مربعًا في منطقة العين الفوقا بسلوان.
كانت أرض المقدسيّ محمد العباسيّ محل استهداف مباشر في أثناء مدة الرصد، بهدف تنفيذ مشاريع تهويدية من ضمنها جسر المشاة "السياحي" الذي سيمتدّ فوق أراضي وادي الربابة من حيّ الثوريّ إلى منطقة النبي داود.
أعلنت "اللجنة الوطنية للبنية التحتية" الإسرائيلية عن مسار القطار الذي سينتهي عند نقطة ستُستحدث عند سور الأقصى الغربيّ تحت اسم "محطة ترامب". ويشمل مسار القطار شريطًا يمتد تحت عشرات المنازل الفلسطينية في حي وادي حلوة في سلوان جنوب الأقصى.
صادقت لجنة التخطيط والبناء في بلدية الاحتلال بالقدس، بصورة نهائية، على المخطط الهيكلي لمشروع استيطاني ضخم في منطقة المصرارة وباب الساهرة وباب العمود، ويتضمن إنشاء مركز تجاري استيطاني ضخم، ومبانٍ تجارية، وتشغيلية، وفنادق، ووحدات استيطانية، إضافة إلى مرافق لبلدية الاحتلال. ويستهدف المشروع توسيع نفق حيّ المصرارة الذي يسمى نفق "تساهل" شمال البلدة القديمة؛ إذ سيتم توسيعه على حساب شريط واسع من الأراضي الفلسطينية.
في 9/7/2020 وضعت "جماعات المعبد" مجسمًا لـ "المعبد" المزعوم عند مدخل باب المغاربة في السور الغربي للأقصى، وهو الباب المخصص لاقتحامات المستوطنين اليهود "والسياح".
أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية أن بلدية الاحتلال في القدس تنوي إنشاء دولاب ضخم في القسم الغربي من متنزّه "ارمون هنتسيف" الاستيطانيّ الذي يقع على طرف جبل المكبّر المطلّ على المسجد الأقصى من الجنوب، وسيكون بارتفاع 40 إلى 60 مترًا. الخطة تشمل إقامة مطاعم، وحديقة تماثيل، ومسارات للدراجات، ومركزًا للموسيقى، وأمام المتنزه على الطرف الثاني للشارع يُخطط لبناء ستة فنادق.
في 4/11/2019 صادقت "الهيئة الوزارية لشؤون السكن" الإسرائيلية، على خطة القطار الهوائي في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة. وطلبتْ المحكمة العليا الإسرائيلية في 26/7/2020 من دولة الاحتلال تقديم دليل على أن مشروع التلفريك سيشجع السياحة في المنطقة التي سيُبنى فيها، وحددت موعد 6/9/2020 لتلقّي الإجابات.
استكملت مجموعة من العمال الإسرائيليين في 5/1/2020 العمل في الحائط الجنوبي للأقصى (سور المدرسة الختنية) بمنطقة القصور الأموية، بزعم ترميمه.
كُشف النقاب عن فتحات مريبة في سور الأقصى الغربيّ تتوارى خلف سقالات الترميم الحديدية المنصوبة عليه. وحذّر مختصون من أن الاحتلال "قد يدخل أو أدخل عبرها أجهزة متطورة للاختراق والحفر والتصوير. وتكمن خطورة ما يقوم به الاحتلال في أنّ وراء سور الزاوية الجنوبية الغربية تقع تسوية كبيرة مجهولة الطبيعة بالنسبة إلى علماء الآثار المسلمين، وهي المنطقة التي يستهدفها الاختراق.
أشار تقرير صادر عن المكتب الوطنيّ للدفاع عن الأرض، يرصد الاستيطان والتهويد بين 24 و30/8/2019 إلى أنّ جمعية "العاد" الاستيطانية و"سلطة الآثار الإسرائيلية" تعملان على توسيع الحفريات وتعميقها في منطقة القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد الأقصى.
نشر موقع ما يسمى "شبيبة التلال" المتطرف مقاطع فيديو، تُصور حفر نفق يقع أسفل باب المغاربة في سور البلدة القديمة الجنوبي، وتُظهر المقاطع ثلاثة مستويات من الحفر أسفل بعضها.
تواصلت عمليات الحفر في نفق "طريق الحجاج" بوتيرة عالية. وزعم علماء آثار يهود أنهم اكتشفوا سوقًا تاريخية في محيط منطقة حفر النفق. وعرض هؤلاء العلماء قطعة آثار هي حسب زعمهم سطح طاولة حجري يُستخدم لقياس أحجام السوائل، وأوزان السلع المتداولة.
نفذت "سلطة الآثار الإسرائيلية" بالاشتراك مع "جامعة تل أبيب" حفريات مشتركة في "موقف جفعاتي" على بعد أمتار من سور الأقصى الجنوبي، حيث اكتُشف ختم من فخار يعود إلى حقبة الحكم الفارسي. وأفادت شهادات بعض علماء الآثار الإسرائيليين حول الاكتشاف المزعوم أنّ الحفريات كانت حثيثة ومتواصلة في تلك المنطقة قبل الإعلان عن هذا الاكتشاف بأشهر قليلة.
أعلنت "سلطة الآثار الإسرائيلية" اكتشاف نظام غرف غامض تحت الأرض، بالقرب من مدخل النفق أسفل الحائط الغربي، يعود إلى الحقبة الرومانية المبكرة. وقالت "سلطة الآثار" إن النظام يتألف من فناء مفتوح وغرفتين مرتبة على ثلاثة مستويات، واحدة فوق الأخرى، متصلة بواسطة سلالم محفورة. وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن أعمال التنقيب تسارعت في الموقع قبل عام.
أظهرت صور نشرها موقع "تايمز أوف إسرائيل" في 1/7/2020 أنّ حفريات ضخمة تجريها "سلطة الآثار الإسرائيلية" و"مؤسسة تراث الحائط الغربي" تحت سور المسجد الأقصى الغربيّ، وأسفل ساحة البراق، وتحت مجمّع "بيت شتراوس" التهويديّ الذي يبعد عشرات الأمتار من سور الأقصى الغربيّ، وهذه الحفريات بعمق 7 - 10 أمتار.
نفذت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ حفريات قرب باب الخليل الواقع في سور البلدة القديمة الغربيّ، وأسفل السور في المنطقة نفسها بحجة الترميم.
واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ حفرياتها في المنطقة المتاخمة لمغارة القطن تحت الأرض قرب باب العمود وأسفل سور البلدة القديمة. وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية في 5/9/2019 أنّ الحفلات الفنية والعروض الموسيقية لا تتوقف في المغارة على مدار العام، وأنّ "شركة تطوير القدس الشرقية أضافت مؤخرًا العديد من التحسينات إلى الكهف، بما في ذلك مدخل محسّن، وعتبات مطورة، وإضاءة داخلية جديدة، ودرابزين.
افتتحت "شركة تطوير القدس الشرقية" ووزارة القدس والتراث الإسرائيليتان في 9/2/2020 ما يدّعي الاحتلال أنها الساحة الرومانية الموجودة تحت باب العمود في السور الشمالي للبلدة القديمة.
ظهرت آثار حفريات الاحتلال جليّةً على صورة تشققات، وانهيارات، وأضرار ماثلة للعيان في بيوت المقدسيين. وتركزت الانهيارات في سلوان، وخاصة حي وادي حلوة، وكذلك في حي باب السلسلة الملاصق للأقصى الذي أخطر الاحتلال 22 منزلًا مقدسيًّا فيه بإخلاء منازلهم نتيجة تشققها بفعل الحفريات التهويدية أسفلها.
الفصل الثالث: تحقيق الوجود اليهوديّ في المسجد الأقصى
بلغ عدد الاقتحامات السياسية للأقصى 8 اقتحامات، مقابل 20 اقتحامًا في التقرير السابق. وشارك فيها عضوا "الكنسيت" آفي ديختر وشارين هاسكل، إضافةً إلى وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية أوري أرئيل، وأخيرًا أميت هليفي الذي لم يكن قد أدى "اليمين الدستورية" بعد عند اقتحامه المسجد.
بلغ عدد مقتحمي الأقصى في مدة الرصد نحو 28674 مقتحمًا، وهو أقل من العدد الذي سجّله تقرير العام الماضي بـ 2410 مقتحمين.
أظهرت مدة "عيد العُرْش" تضافر جهود أذرع الاحتلال لحشد أكبر أعدادٍ من المستوطنين، فما بين 14 و20/10/2019 اقتحم الأقصى نحو 3700 مستوطنين، وفيه أدى المئات من المستوطنين صلوات وطقوسًا تلموديّة في ساحات الأقصى.
أطلقت "منظمات المعبد" حملة لتمويل أنشطتها واقتحاماتها، وركزت هذه المنظمات نشاطها على التمويل الإلكتروني بالتزامن مع موسم اقتحام الأقصى، وأشارت المعطيات إلى أن هذه الحملات تهدف إلى جمع التبرعات من المستوطنين، بهدف توفير مصاريف اقتحاماتها للأقصى، وتغطية رواتب العاملين والمقتحمين المتفرغين.
شكل اقتحام الأقصى في 30/7/2020 نموذجًا لتعامل أذرع الاحتلال الأمنية مع المصلين والمرابطين، ففيه أدخل الاحتلال قوات أمنية كبيرة جدًا لحماية المقتحمين، ونشر قواته الخاصة داخل الأقصى وخارجه. وقبيل الاقتحام اعتقلت شرطة الاحتلال 5 شبان من باحات الأقصى، وحاولت تفريغ باحات المسجد القبلي من المصلين لفتح الطريق أمام جولة المستوطنين.
أشارت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إلى أن سلطات الاحتلال تمنع أعمال الترميم الضرورية في الأقصى، من بينها ترميم فسيفساء مصلى قبة الصخرة، إضافةً إلى مشاريع الإنارة والتبليط، والفرش بالسجاد وغيرها. ومنذ إعادة فتح مصلى باب الرحمة، تعمل سلطات الاحتلال على منع أي أعمال ترميم داخله، في سياق إبقائه على حاله، ومحاولة أذرع الاحتلال الالتفاف على نصر هبة باب الرحمة.
تابعت سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة استهداف موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية وكوادرها، إذ يتعرض حراس الأقصى إلى انتهاكات جسيمة، وتستهدفهم قوات الاحتلال بالاعتقال والاعتداء الجسدي والنفسي، وتحاول ثنيهم عن أداء مهامهم، من خلال الاستدعاء المتكرر للتحقيق، وإبعادهم عن الأقصى مددًا متفاوتة تصل إلى عدة أشهر، وتأتي سياسة الاحتلال هذه لثني حراس الأقصى عن أداء واجبهم، للدور الكبير الذين يؤدونه في حماية المسجد.
مع أزمة "كورونا" صعدت سلطات الاحتلال استهدافها لدائرة الأوقاف الإسلامية وموظفيها، ففي 18/3/2020 استدعت شرطة الاحتلال مدير الأقصى الشيخ عمر الكسواني للتحقيق. وفي 21/3/2020 غرّمت سلطات الاحتلال رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب مبلغ 5 آلاف شيكل (نحو 1440 دولارًا أمريكيًا)، لعدم منعه المصلين من أداء صلاة الجمعة في الأقصى.
بلغ عدد المبعدين عن المسجد الأقصى نحو 306 مبعدين، وشملت قرارات الإبعاد مصلين وموظفين في دائرة الأوقاف.
يهدف الاحتلال من إبعاد الفلسطينيين إلى ترهيب المصلين في الأقصى، ووضعهم أمام خيارين، إما القبول بما يجري فيه، وأداء الصلاة فقط، من دون أي التفات لما يجري فيه من اقتحامات واعتداءات، وفي هذه الحالة لا يبعد عن الأقصى، ولا يُعتقل، أو مواجهة المستوطنين، وعمارة المنطقة الشرقية ولا يسمح بتدنيس مصلى باب الرحمة، وسيكون مصيره الإبعاد وما يسبقه من اعتقال واعتداء.
الفصل الرابع: ردود الفعل على التطورات في المسجد الأقصى
أولاً: المستوى الفلسطيني
أ- الفصائل الفلسطينية
دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى انتفاضة عارمة وإطلاق يد المقاومة بالضفة الغربية دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى.
أظهرت هذه القوى والفصائل موقفًا موحدًا من "صفقة القرن"، وطالبت بضرورة وضع استراتيجية وطنية ترتقي إلى مستوى مجابهة المخاطر.
سعت الفصائل الفلسطينية إلى إنهاء الانقسام الداخلي، لمواجهات مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.
دعت معظم الفصائل قيادة السلطة وأجهزتها الأمنية إلى مغادرة مربع الكلام، ووقف التنسيق الأمني، وإطلاق حالة نضالية شاملة لمواجهة تهويد الضفة وضمّها، ووقف الاتفاقيات مع الاحتلال، وإطلاق يد المقاومة.
شكّلت مسيرات العودة الأسبوعية في قطاع غزة، والتي كانت القدس والأقصى حاضرة فيها، واحدة من أهم التطورات التي أقلقت الاحتلال.
ب- السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية
عجز القيادة الفلسطينية بدا واضحًا في خطابتها ومواقفها وأدائها، بالمقارنة مع حجم الهجمة الإسرائيلية. وكانت الخطوات التي قامت بها شكلية، لم تلامس حجم الاستهداف الإسرائيلي، المدعوم أمريكيًا.
أكدت القيادة الفلسطينية رفضها "صفقة القرن"، وخطة الضمّ الإسرائيلية لأراضٍ في الضفة الغربية، وأكدت قراري تجميد اتصالاتها مع سلطات الاحتلال، وعدم اللقاء بالمسؤولين الأمريكيين. ولكنها، بالمقابل، أكدت تمسكها برؤيتها السلام عبر المفاوضات.
قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "إنهاء العمل بالاتفاقيات والتفاهمات التي تنكرت لها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال وإدارة الرئيس ترامب، بما في ذلك التنسيق الأمني".
واقعيًّا، استمر التنسيق الأمني مع الاحتلال، في مشهد يعكس أن القيادة الفلسطينية معزولة عن تطلعات الشعب الفلسطيني ومقاومته.
ج. المقدسيون وفلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948
سجل فلسطينيو القدس وفلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948 علامة فارقة في مقاومة عمليات التهويد للمدينة المقدسة، وشكّلوا خطّ الدفاع الأول في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى، ما أسهم بالحدّ من تنفيذ البرامج الصهيونية التهويدية التي تستهدف الأقصى، وعرقلوا مخططات تقسيمه زمانيًا ومكانيًا.
أفشل فلسطينيو القدس وفلسطينيو الأراضي المحتلة علم 1948 محاولات الاحتلال فرض واقع جديد، عبر إغلاق المسجد الأقصى، وأجبروا قوات الاحتلال على فتح أبوابه.
عمل نشطاء مقدسيون على نقل مبادرة "الفجر العظيم" من المسجد الإبراهيمي في الخليل إلى المسجد الأقصى المبارك، وأدى آلاف المقدسيين صلاة الفجر في الأقصى، أيام الجمعة من كل أسبوع، وجابوا، بعد الانتهاء من الصلاة، أحياء البلدة القديمة مهللين مكبرين.
غاب للسنة الرابعة على التوالي مهرجان "الأقصى في خطر" السنوي، بعد مسيرة استمرت على مدى عشرين عامًا، بمبادرة من الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة سنة 1948.
ثانياً: الأردن
ارتكز موقف الأردن إلى مطالبة الاحتلال بـ"وقف ممارساته" في المسجد الأقصى، مع إعادة تأكيد تمسك الأردن بوصايته على المسجد المبارك.
أعلن المسؤولون الأردنيون عن رفضهم للانتهاكات الإسرائيلية للأماكن المقدسة، وللإجراءات الأحادية التي تهدد القدس وتمسّ هويتها العربية والإسلامية.
شددت المملكة الأردنية على رفضها الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وأكدت أنها ستستمر في بذل كل الجهود من أجل الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، ومواجهة أي محاولات تستهدف التقسيم الزماني أو المكاني في المسجد الأقصى.
تشير التقديرات الاستراتيجية الإسرائيلية إلى تراجع العلاقات الأردنية الإسرائيلية؛ وهو ما أكده الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء عمر الرزاز.
ثالثاً: المستوى العربي والإسلامي الرسمي
شهدت السنة التي يغطيها تقرير عين على الأقصى تراجعًا كبيرًا في مستوى الاهتمام العربي والإسلامي الرسمي بالقضية الفلسطينية، على الرغم من استمرار الانتهاكات والاقتحامات التي يتعرض لها المسجد الأقصى.
استمرت حالة الضّعف في مواقف جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وظلّ أداؤهما حبيس البيانات، مع غياب الخطوات العملية لمواجهة تلك التحديات والمخاطر.
لم يسبق للمواقف العربية والإسلامية الرسمية من القضية الفلسطينية أن كانت بهذا المستوى من الخذلان، لا سيما إن تعلق الأمر بالمسجد الأقصى. وبلغت من الانحدار قاعًا لم يكن متصوّرًا في السابق.
تصاعدت موجات التطبيع مع الاحتلال، وبشكل خاص من بعض دول الخليج العربي، التي تساوقت مع التوجّهات الأمريكية لحلّ القضية الفلسطينية.
برز الدور التركي الرافض لإجراءات الاحتلال داخل القدس والأقصى، وشكلت أنقرة علامة مهمة في تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وجرائم الاحتلال.
رابعاً: الموقف الدولي الرسمي
تراوحت ردود الأفعال الدولية من الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة داخل المسجد الأقصى المبارك بين القلق، والاستنكار، والتحذير، والمساواة بين الضحية والجلاد.
فشل مجلس الأمن الدولي في تحقيق الحدّ الأدنى من الآمال الفلسطينية، ولم ينجح في إصدار بيان يدين فيه الانتهاكات الإسرائيلية داخل الأقصى.
تباينت المواقف الدولية من "صفقة القرن" الأمريكية، التي أعلن عن تفاصيلها ترامب ولكنها في الغالب كانت ضد الصفقة.
خامساً: المستوى الشعبي
أبقت التحركات الشعبية - إلى حدّ ما – المسجد الأقصى حاضرًا على جدول اهتمامات الشعوب.
يرجع ضعف التفاعل في الشارع العربي مع ما يحدث في فلسطين والقدس والأقصى إلى أن مساحات الحرية ضاقت كثيرًا في البلدان العربية، وبشكل خاص بعد الربيع العربي.
على مستوى التّطبيع، فإنّ رفض العلاقات مع الاحتلال هو الموقف الغالب على الشارع العربي والإسلامي.