عين على الأقصى 2021
الأربعاء 15 أيلول 2021 - 11:28 ص 7880 611 عين على الأقصى |
ربما يمكننا القولُ إنَّ التطوراتِ والمواقفَ التي وثّقَها وحلَّلَها هذا التقريرُ الخامسَ عشرَ، ضمن سلسلةِ تقارير "عين على الأقصى"، تشكلُ بمجموعِها أوضحَ صورةٍ تمايزَت فيها الأجنداتُ، وتموضعَت فيها الأطرافُ كلٌّ حسب خياراتِه. أفرز هذا التقريرُ الخريطةَ الآتية: احتلالٌ مأزومٌ على المستوى الداخلي السياسيّ والاجتماعيّ، ولكنّه يجنح نحو مزيد من التطرّف، والاقتراب أكثر من فكرة "المعبد"، وقد تُوِّجَ هذا الجنوح بوصولِ المستوطن المتطرّف نفتالي بينيت إلى رئاسةِ الحكومة الإسرائيلية، وهو من أكثر الشخصيات السياسية الداعمة لفكرة "المعبد" علنًا.
وهذا الاحتلال بمنظماته المتطرفة عازمٌ على تحطيم "الوضع القائم" في الأقصى، وتجاوزِ كل الخطوط الحمراء التي كانت تمنعه من ذلك.
وقد وثّق هذا التقرير تقدمه على صعيد فرض الصلوات العلنية اليهودية داخل الأقصى، وتحكمه شبه الكامل بشؤون المسجد الإدارية والفنية والأمنية.
- أنظمةٌ عربيةٌ تخندقت في حضنِ الاحتلالِ الذي ترى فيه ظهيرًا ضدّ قوى إقليمية معينة، ومصدرًا للتكنولوجيا والسلاح، وسببًا لإرضاء سيدِ البيت الأبيض، وداعمًا في وجه أي حراكٍ شعبيّ يهزّ الكراسي تحتها. وقد تجاوزت هذه الأنظمة حدَّ التطبيع مع الاحتلال، وسعت إلى تحقيق اندماج كاملٍ معه، بما يعني أنها تبنت رؤاه وروايته، وقبلت أنْ تكون أداة وظيفية يسخرها الاحتلال لتحقيق ما عجز عن تحقيقه هو مباشرة. وقد بلغت بعض أنظمة التطبيع حدّ الاستعداد للمشاركة في تمويل مشاريع تهويدية في قلب القدس، والإسهام في تسريب عقارات المقدسيين للاحتلال.
شعب فلسطينيٌّ شهرَ "سيفَ القدس" في وجه "حارس الأسوار" دفاعًا عن القدس والأقصى، وفاجأ الاحتلال بمبادرةِ مقاومتِه، وبسالتها، وشجاعتها، ونجح في فرض معادلة غزة - القدس على الاحتلال، وتوحّد في ساحةِ المعركةِ، وأبدع في التصدي للاحتلال في كل أماكن وجوده، فكان بحقٍّ عينًا على الأقصى، تسهر من أجل حمايته، وتضحي من أجله.
هذه أبرز الأطراف التي جدّدت أو طورت في تموضعها في ميدان الصراعِ، وبقيت الأطراف الأخرى الدولية والإقليمية والفلسطينية في مكانها إجمالً، باستثناء انحراف أمريكيٍّ خطيرٍ قاده الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحت عنوان "صفقة القرن" واتفاقيات "أبراهام" التطبيعية، بهدف تصفية القضية الفلسطينية، ولكنه مضى مهانًا من البيت الأبيض، وبقيت القدس لا يهزها قرار اعترافه بها عاصمة للاحتلال. وحاولت السلطة الفلسطينية كذلك أنْ تغيِّر مكانها ولو ظاهريًّا، فأعلنت وقف علاقاتها مع الاحتلال، ولكنها سرعان ما عادت إلى المكان الذي أنشئت من أجله، وأعادت علاقاتها مع الاحتلال، وواصلت تأدية دورها في خدمته.
لقد توقف هذا التقرير عند مخططات الاحتلال التي تستهدف الأقصى، واستعرض مواقف الأطراف المختلفة، وقد تبدو هذه المخططات والمواقف شبيهة بما كان في السنوات السابقة، ولكنَّ الحدثَ الأبرز في هذا التقرير، والذي لا يشبه ما سبق هو معركة "سيف القدس"، هذه المعركة التي علّمت الأمة العربية والإسلامية كيف يكون الدفاع الحقيقي عن الأقصى، واختصرت عشرات التوصيات للجهات الفاعلة، وقالت لنا جميعًا: هذا هو الطريق إلى
الأقصى.
هشام يعقوب
رئيس قسم الأبحاث والمعلومات
في مؤسسة القدس الدوليّة