الملخص التنفيذي| عين على الأقصى 2017
الإثنين 21 آب 2017 - 3:39 م 27261 1922 عين على الأقصى |
المقدمة:
أعادت المحاولة الإسرائيليّة لفرض وقائع جديدة في الأقصى بعد عملية "اشتباك الأقصى" في 14/7/2017 المسجدَ إلى صدارة المشهد الإعلاميّ والجماهيريّ؛ وشكّلت هذه المحاولة نموذجًا مصغَّرًا عن طبيعة المواجهة في الأقصى: احتلال يستغلّ أيّ ظرفٍ وفرصةٍ لفرض سيادته الكاملة على الأقصى، وتصدٍّ فلسطينيّ بدعم جماهيريّ خارجيّ موسميّ لمخططات الاحتلال. حضرت الجهود الشعبيّة والإعلامية في صميم هذه المواجهة، وغابَ الجهد الرسميّ السياسيّ عربيًّا، وإسلاميًّا، ودوليًّا، ولكنّ هذا الغياب الرسميّ رغم أنّه يؤدّي إلى فقدان الأقصى إحدى أوراق الضغط، إلا أنّه أبرزَ بوضوح لا لَبْس فيه أنّ الضغط الشعبي الفلسطينيّ، والعربيّ، والإسلاميّ، والدوليّ حاسم في تقرير مصير المسجد الأقصى، ومنع الاحتلال من فرض رؤيته على المسجد.
نجح المقدسيون ومعهم الفلسطينيون في كلّ مناطق وجودهم، وخلفهم الجماهير التي هبّت في عشرات بلاد العالم في كسر إرادة الاحتلال، ودفعه للتراجع مرحليًّا، ولكنّ هذا الانتصار وإنْ كان محدودًا في الزمان والمكان إلا أنه يفتح باب التساؤل: كيف يمكن استثماره؟ وكيف يمكن تأسيس حركة تفاعل دائمة مع الأقصى بما يمنع الاحتلال من الاستفراد به وبروّاده؟
لم تحقق هبة نصرة الأقصى هدفها في هزيمة الاحتلال، ودفعه للتراجع عن إجراءاته التي حاول فرضها بعد 14/7/2017 وحسب، بل حققت مكسبًا في فتح الأعين على حقائق صادمة في واقع تهويد الأقصى، فقد كان العام المنصرم من 1/8/2016 إلى 1/8/2017 عامًا حافلًا بالاعتداءات الأقصى: تهويد مستمر، وسعي إسرائيليّ حثيث لفرض السيادة الكاملة على المسجد، واقتحامات تتجه لتصبح أمرًا واقعًا في ظلّ إزاحة جُلّ العراقيل التي تعترض تدفقها، وحفريات يتبنّاها علنًا أعلى الهرم السياسيّ في دولة الاحتلال بعدما لجأ إلى سياسة المراوغة في تبنِّيها في السنوات الماضية خوفًا من ردة فعلًا تشبه تلك التي هزّت أركان الاحتلال عقب افتتاح رسميّ لنفق في الحائط الغربيّ أسفل الأقصى في أيلول/سبتمبر 1996 في عهد نتنياهو، رئيس الحكومة آنذاك.
في تقريرنا السنويّ الحادي عشر "عين على الأقصى" نسلِّط الضوء على خطورة الأشواط التي قطعها الاحتلال لتهويد المسجد الأقصى، وفيه رسالة إلى كلّ من تحرّك نصرة للأقصى، ورفضًا لأيّ واقع احتلاليّ جديد: إنّ جهودكم اليوم مُجدية في كبح جماح آلة التهويد الإسرائيليّة للأقصى، ولكنّ هذه الجهود إنْ غابتْ أو ضعفتْ فإنّ الاحتلال سيرسّخُ واقعًا يتحكم فيه بالمسجد بصورة تجعل جهود استعادته في غاية الصعوبة، وإنّ الجهود المُشرِّفة التي بُذلت لمنع الاحتلال من فرض وقائع جديدة بعد 14/7/2017 هي حُجّة على الجميع بأنّ بوسعهم فعل الكثير لنصرة الأقصى بعيدًا عن الموسميّة، والعشوائيّة في العمل.
لقد رصدنا في تقريرنا هذا حجم التراجع الكارثيّ في المواقف الرسميّة العربية والإسلامية المتعلقة بالأقصى، فجامعة الدول العربية اجتمعت بعد انتهاء أزمة محاولة الاحتلال فرض وقائع جديدة في الأقصى بعد 14/7/2017، وعلى نهجها سارت منظمة التعاون الإسلامي وأخطر ما يمكن استخلاصه في هذا الشأن هو أنّ لدى غالبية الحكومات العربية والإسلامية استعدادًا للتنازل عن حق الأمة بالأقصى، أو على الأقل التنحّي جانبًا وترك الأقصى وحيدًا يواجه مصيره، وهو ما يجب أن تتنبّه له الشعوب والمنظمات الأهلية والشعبية العربية والإسلامية، وتسعى إلى تكثيف جهودها في اتجاهيْن: الأول هو الضغط على الحكومات للقيام بواجبها ورفع سقف موقفها المناصِر للأقصى، والثاني هو التكامل والتنسيق من أجل تشكيل جبهة دعم بديلة للأقصى والمجتمع المقدسي.