حال القدس (2) 2016
الإثنين 11 تموز 2016 - 2:39 م 32944 7189 حال القدس الفصلي |
الملخّص الّتنفيذي
على الرّغم من الحديث الإسرائيلي عن نجاح الإجراءات الأمنية وسلسلة العقوبات التي فرضها الاحتلال على الفلسطينيين في القضاء على انتفاضة القدس إلا أنّ عملية الثاني من رمضان والتي ضربت في العمق الإسرائيلي ووقعت على مقربة من وزارة الجيش في "تل أبيب"، أكّدت أنّ انخفاض وتيرة العمليات لم يكن ناتجًا عن "ارتداع" فلسطيني بل كان مرتبطًا بالقدرة على تخطّي الإجراءات الأمنيّة التي تفرضها "إسرائيل" وتعاونها فيها السلطة الفلسطينية كذلك. والعملية لم تكن فقط خرقًا لفترة "الهدوء" التي شهدتها الأراضي المحتلة لناحية العمليات ولكنها كانت أيضًا خرقًا نوعيًا في القدرة على "التّماهي" مع المظهر الإسرائيلي وعدم إثارة الشك والوصول إلى "تل أبيب" والسلاح المستعمل، ومحاولة الانسحاب من مسرح العملية. وأثارت العملية القلق في "إسرائيل" حيث إنّ تنفيذها في أول شهر رمضان الذي يشكل أرضية خصبة لتنفيذ العمليات كما تبيّن في سنوات سابقة، يعني احتمال تقليدها في وقت لاحق من الشهر.
على المستوى الدّيني والثّقافي، استمرت أعمال التّهويد التي تستهدف الأقصى والبلدة القديمة في القدس التي شهدت احتفال الاحتلال بمهرجان الأنوار الذي يمتدّ على مدى أسبوع تقام فيه العروض الضوئيّة والراقصة في إطار يسعى إلى تقديم رواية تلمودية وتوراتية وتعزيز الوجود الاستيطاني في البلدة القديمة. وفي الأقصى، استمرت الاقتحامات وبلغت ذروتها في "الفصح العبري" و"ذكرى استكمال احتلال القدس" بالتوازي مع استمرار الاحتلال في منع المرابطات من دخول المسجد وتدخله في عمل الأوقاف. وحاول الاحتلال أن يستكشف إمكانية السماح بالاقتحامات في العشر الأواخر من شهر رمضان حيث كان يمنعها في السنوات السابقة؛ ولكنّ حجم الاستعداد والاستنفار الذي أظهره المرابطون دفع الشرطة إلى تجميد الاقتحامات كما أجبر نتنياهو ووزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال على الإعلان على إبقاء الحظر المفروض على دخول أعضاء "الكنيست" إلى الأقصى بسبب الوضع الأمني.
ونتيجة لاستقالة وزير الجيش موشيه يعلون من "الكنيست" فقد حل محله الحاخام يهودا غليك، وهو من أبرز المدافعين عن "حق" اليهود بالصلاة في الأقصى. وقد صرح غليك أنه لن يخالف الحظر المفروض على أعضاء "الكنيست" لجهة منعهم من الدخول إلى الأقصى إلا أنه سيعمل بالطرق السياسية من أجل أن يتاح المجال أمام صلاة اليهود فيه. وقال غليك بأنه "قلق من سلوك الأوقاف في الأقصى والذي يعكس مسعى إلى السيطرة على كل شيء، وهو سلوك قد يؤدي إلى هدم قبة الصخرة والمسجد [القبلي]"، مشيرًا إلى إمكانيّة تقسيم المسجد على أساس زمني في حال كان المسلمون غير قادرين على رؤية اليهود يصلوّن فيه. وعقدت لجنة السلوكيّات في "الكنيست" (تتعلق صلاحيتها بحقوق النواب وواجباتهم) جلسة لمناقشة رفع الحظر المفروض على النواب حيث خلصت إلى إبقاء الحظر قائمًا استنادًا إلى تقييم من الشرطة التي قالت إن الوضع الأمني لا يزال غير ملائم.
وعلى مستوى التهويد الديموغرافي، صادقت اللجنة المحلية للبناء والتخطيط التابعة لبلدية الاحتلال في القدس على مخطط لإقامة مبنى من 3 طبقات في حي سلوان لمصلحة المستوطنين. وكانت اللجنة أجلت في 1/6/2016 المصادقة على المخطط بسبب ضغوطات سياسية. والتأجيل سياسة تتبعها سلطات الاحتلال لتسهيل تمرير مخططاتها، فالتأجيل الذي قد يمتد من أسابيع إلى سنوات ينتهي بالمصادقة على المشاريع الاستيطانية وتمريرها بعد أن تتأكد السلطات الإسرائيلية من أن ردّات الفعل، على المستوى العربي والإسلامي وحتى الدولي، لن تتخطى سقف التوقعات وهي غالبًا ما تكون محصورة في التحذير من مغبّة المصادقة على هذه المخططات، أو الشجب والاستنكار، أو مطالبة "إسرائيل" بالتّوقف عن خرق التزاماتها بموجب القانون الدولي.
كذلك صادقت اللجنة المحلية خلال مدة الرصد على مخطط طرحته بلدية الاحتلال في وقت سابق لتحويل المنطقة الخضراء المسماة "متسبي نافتواه" إلى منطقة غابات خاصة بالترفيه والسياحة في حين صرح مائير ترجمان، نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس، عن عزمه على بناء حي استيطاني يضم 15 ألف وحدة للحريديم في موقع مطار القدس (مطار قلنديا) الذي يطلق عليه الاحتلال اسم "عطروت". ودعا الوزير السابق جدعون ساعر (ليكود) كلاّ من مرشحي الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وهيلاري كلينتون إلى تبني دعم البناء في مستوطنات القدس بشكل علني. وحذر من أن خطورة السماح بالوضع الحالي الذي يستمر الفلسطينيون بموجبه بالبناء بشكل غير قانوني لخلق تواصل بين رام الله والقدس قائلاً إنّ عدم تدارك الوضع سيؤدي إلى أغلبية عربية في القدس خلال 15 عامًا.
وفي مقابل ذلك، كشف محامٍ يمثل الحكومة الإسرائيلية أن سبب تجميد البناء للفلسطينيين في جنوب القدس مرتبط بقرار سياسي سري للغاية، ويأتي هذا التصريح في معرض قضية مقدّمة من المركز الجماهيري في بيت صفافا وشركة "إخوان علي شقيرات" منذ تشرين أول/أكتوبر 2015 تشير إلى تجميد المصادقة على مخططات البناء العائدة لهم في حين تتمّ المصادقة على مشاريع مشابهة لمقاولين يهود في المكان ذاته.
أمّا على صعيد المواقف السياسية والتفاعل مع القدس، فكانت "إسرائيل" على موعد الاحتفال بالذكرى الـ49 لاستكمال احتلال القدس حيث يكون الاحتفال مناسبة لتتواءم التّصريحات والأفعال من أجل تكريس "القدس عاصمة لإسرائيل". وكانت في المناسبة تصريحات لرئيس حكومة الاحتلال قال فيها إنه سيحرص على عدم تقسيم القدس ضمن مسعاه إلى تطبيق حلّ الدولتين. وأعلن نتنياهو في جلسة خاصة للحكومة في المناسبة عن تخصيص 850 مليون شيكل (220 مليون دولار) لـ "تطوير" القدس ضمن خطة ستنفذ ما بين عامي 2016 و2021. أمّا وزارة التعليم فأعلنت عن أسبوع القدس فيما كان وزير التعليم أعلن في شباط/فبراير 2016 أن العام الأكاديمي 2016-2017 سيكون تحت عنوان "القدس الموحدة".
وبينما تعدّ سلطات الاحتلال العمليات لتؤكد انخفاضها مقارنة بعددها في تشرين أول/أكتوبر 2015 فاجأ الفلسطينيون الاحتلال، والمشاركين معه في محاولات القضاء على انتفاضة القدس، بعمليات استعمل فيها السلاح والعبوات المتفجرة بما يدل على محاولات لأخذ الانتفاضة إلى مستوى متقدم، في وقت استمرت فيه العمليات الأخرى من مواجهات يومية ورشق الحجارة وكذلك بعض عمليات الدهس والطعن والكثير من المحاولات التي قال الاحتلال إنه أحبطها قبل تنفيذها.