30 أيلول/سبتمبر - 06 تشرين الأول/ أكتوبر 2015
الأربعاء 7 تشرين الأول 2015 - 2:27 م 15083 1382 القراءة الأسبوعية |
قراءة أسبوعية في تطورات الأحداث والمواقف في مدينة القدس
تصدر عن إدارة الأبحاث والمعلومات
30 أيلول/سبتمبر - 06 تشرين الأول/ أكتوبر 2015
إعداد: علي إبراهيم
حراك القدس يعيد خلط أوراق الاحتلال
ظن الاحتلال بأن محاولاته لتقسيم المسجد الأقصى قد نجحت وأن اعتداءاته ستمر من غير عقاب، ولكن عودة العمليات الفردية لمسرح الأحداث في القدس خلطت أوراق الاحتلال الذي كشر عن أنيابه وبدأ يحاول قمع هذا الحراك بكل أساليب القمع الممكنة لديه.
التهويد الديني:
يُصعد الاحتلال من استهداف الأقصى، فبعد تجريم المرابطين والمرابطات فيه واستهدافهم بكل أساليبه الهمجية والإقصائية، تابع خلال هذا الأسبوع حصاره المطبق على المسجد بالتزامن مع "عيد العرش" العبري. وتتنوع أوجه هذا الحصار، فإضافة للإجراءات المختلفة التي تقيّد دخول المصلين ممن هم دون الخمسين عامًا، تلاحقت الاقتحامات للمسجد الأقصى ضمن فترتي الاقتحامات قبل الظهر وبعده، وينتهج الاحتلال الإفراغ القسري للمسجد خلال اقتحامه حيث يلاحق الموجودين فيه، ويخرجهم من المسجد بالقوة، ليصبح الأقصى خاليًا أمام ممارسات المستوطنين.
يضاف إلى ذلك الاعتداءات المتكررة على المرابطين التي تحصل على أبواب الأقصى، فبعد منعهم من دخول المسجد المبارك يرابط المصلون أمام بوابات الأقصى مما يعرضهم للضرب والاعتقال، خصوصًا أمام باب المجلس. وقد ذكر مراقبون بأن الاحتلال رفع من وجوده في محيط الأقصى عبر نشر العديد من الحواجز ورفع عديد الشرطة في أزقة البلدة القديمة، يما يهدف إليه ذلك من عرقلة وصول المصلين للأقصى، كما يتخوف ناشطون من أن تتحول هذه النقاط لنقاط دائمة للاحتلال، حيث تم تزويدها بأجهزة مسح إلكترونية وهو مؤشر خطير يحاول الاحتلال من خلاله الإطباق على البلدة القديمة وحصار المقدسيين والأقصى أكثر وأكثر.
لم يخفف الاحتلال من إجراءاته يوم الجمعة 2/10 بل بقيت على حالها وسُمح لستة آلاف مصل فقط بأداء صلاة الجمعة في الأقصى، وأدى الآلاف من الشباب والنساء الصلاة في شوارع وأزقة القدس، وفي فجر 3/10 منعت قوات الاحتلال دخول المصلين لأداء صلاة الفجر، فأداها العشرات قرب باب الأسباط. ويستمر الاحتلال بمنع دخول قوافل البيارق إلى القدس، الأمر الذي يمكن تصنيفه في إطار محاولات تفريغ المسجد الأقصى من المصلين والمرابطين.
الحراك المقدسي:
يعوّل على الحراك المقدسي بشكل كبير لإجهاض مخطط الاحتلال تجاه الأقصى، ودفع عدوانه عن المقدسيين. ففي 3/10 نفذ الشاب مهند شفيق حلبي عملية نوعية استطاع فيها قتل مستوطنين أحدهما من حاخامات جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية، وأصاب ثلاثة آخرين. وقد بشّر حلبي قبل استشهاده بأن "الانتفاضة الثالثة قد انطلقت" عبر منشور له على حسابه في فيس بوك، وقام الاحتلال بُعيدها بحملة اعتقالات واسعة، كما حطمت قواته محلات لمواطنين في المنطقة. وذكر ناشطون بأن الاحتلال ترك الشهيد مهند ينزف حتى الموت من دون أن يسمح بتقديم المساعدة الطبية اللازمة له. وفي صباح 4/10، أطلقت الشرطة النار على الشاب فادي علوان بدعوى طعن مستوطن بالقرب من باب العمود في القدس المحتلة، فاستشهد فورًا على أثرها.
هذه العمليات النوعية تأتي ضمن سياق الحراك المتنامي الذي تشهده القدس، فلا يمر يوم من دون مواجهات مع شرطة الاحتلال، واستهداف للقطار الخفيف بالحجارة، ورشق عناصر الاحتلال بالزجاجات الحارقة. هذه النقاط المشتعلة تمتد لمناطق العيسوية وقلنديا وجبل المكبر وأبو ديس والعيزرية وشعفاط إضافة لأزقة البلدة القديمة، هذه المواجهات التي يخوضها الشبان يواجهها الاحتلال بكل أدوات القمع المتوافرة لديه من المياه العادمة وقنابل الغاز وصولًا للرصاص الحي، فلا يخلو يوم من عدد من الإصابات والجرحى، الأمر الذي حدا بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لرفع حالة الطوارئ إلى الدرجة الثالثة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بعد وصول عدد الإصابات لأكثر من 160 حتى يوم الأحد 4/10.
أمام هذا الحراك المتنامي في القدس والذي امتد لمدن الضفة الغربية، يصعّد قادة الاحتلال من نبرة خطابهم ويتوعدون المقدسيين بدفع "ثمن باهظ"، وبعد اجتماع يوم الأحد 4/10 جمع نتنياهو بعدد من القيادات الأمنية، أصدر نتنياهو أوامر بتسريع هدم منازل منفذي العمليات في الأشهر الأخيرة، وأعلن أنه سيتعامل مع التطورات "بقبضة من حديد". ويوم الثلاثاء 6/10 قامت قوات الاحتلال بتفجير منزليّ الشهيدين محمد جعابيص وغسان أبو جمل، وأغلقت غرفة الشهيد معتز حجازي في القدس بالأسمنت المسلح، وهي خطوة يمكن أن تشعل فتيل المواجهة أكثر جراء حالة القمع الكبيرة.
التفاعل مع القدس:
يتنوّع التفاعل مع ما يحدث مع القدس بين حراك سياسي وآخر شعبي على أرض الواقع، فخلال هذا الأسبوع شهد عدد من مدن وعواصم العالمين العربي والإسلامي تظاهرات ووقفات احتجاجية نصرة للمسجد الأقصى المبارك.
وعلى الصعيد السياسي أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه "على الدولة العبرية إدراك أن ما تقوم به في الأقصى هو جريمة تضاف إلى جرائمها السابقة، وهي تلعب بالنار، وستدفع ثمن ما تقوم به"، مشددًا على أن المسجد الأقصى لا يخص الفلسطينيين وحدهم، "بل هو قضية كل المسلمين". وفي رصد لأهم مواقف حركة حماس فقد دعا القيادي في الحركة محمود الزهار المواطنين في القدس والضفة الغربية المحتلتين إلى "حمل السلاح" دفاعًا عن المسجد الأقصى، كما قال الدكتور موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن ما جرى في القدس المحتلة ليس إلا البداية، داعيًا كل القوى للتوحد في القدس ومن أجلها.
وقال بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية الأحد 4/10، إن التصعيد الحالي في الأرض الفلسطينية هو نتيجة مباشرة للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك، وأدان البيان "بشدة العدوان الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني"، كما حملت الوزارة بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة عن هذا "التصعيد المبيت والمدروس الذي بدأه الاحتلال قبل عدة أشهر بقرار رسمي يفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك وباحاته".
ووجه العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية، رسالة إلى ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية طالبهم فيها بضرورة السعي إلى حراكٍ سياسي ودبلوماسي أممي لفرض عزلة على الاحتلال بسبب ممارساته تجاه الأقصى، والتوجه للأمم المتحدة ومجلس الأمن بمشروعات قرارات تعيد التأكيد على هوية الأقصى وتنزع الشرعية عن محاولات تقسيمه. وأكّد العلامة القرضاوي على ضرورة تحرك الأمة جمعاء في وجه سلطات الإحتلال لإجبارها على التراجع عن إجراءات تقسيم الأقصى والإجراءات التعسفية بحق أهل القدس. وقد شدد على ضرورة وضع كل الخلافات في الأمة التي تبقى صغيرة مهما كبرت أمام قضية المسجد الأقصى المبارك والعدوان عليه.