23 - 29 كانون الأول/ديسمبر 2015
الأربعاء 30 كانون الأول 2015 - 3:09 م 12748 1590 القراءة الأسبوعية |
قراءة أسبوعية في تطورات الأحداث والمواقف في مدينة القدس
تصدر عن إدارة الأبحاث والمعلومات
23 - 29 كانون الأول/ديسمبر 2015
إعداد: علي إبراهيم
الأقصى على طاولة الكنيسيت مجددًا والانتفاضة تفرض معادلة الرعب
يعود تهويد الأقصى مادة في "الكنيسيت" الإسرائيلي في محاولةٍ لتشريع صلاة المقتحمين فيه، بالتزامن مع محاولة الاحتلال تجريم أي ردة فعل من قبل المرابطين والحراس، وعلى صعيد مقابل أحدثت انتفاضة القدس حالة رعب في الأوساط العبرية، كما استطاعت شل السياحة في دولة الاحتلال.
التهويد الديني:
يدفع الاحتلال أكثر باتجاه فرض الطابع اليهودي على مدينة القدس، ولا يترك حيزًا منها من غير تدخل وتهويد، ومع تدنيس المسجد الأقصى عبر الاقتحامات شبه اليومية ووجود قوات الاحتلال وجنوده في داخل المسجد برفقة المقتحمين، طالبت منظمة "طلاب من أجل المعبد" المفتش العام الجديد للشرطة برفع العلم الإسرائيلي على المبنى الذي تحتله الشرطة داخل أسوار المسجد الأقصى، وقد ردت الشرطة بأن الموضوع شديد الحساسية وسوف يتم الرد على الطلب مباشرةً وليس على وسائل الإعلام، وقد أشار تقرير عين على الأقصى التاسع لهذه المراكز في فصله الثاني.
ومع إصرار أذرع الاحتلال على تدنيس المسجد الأقصى، عبر الاقتحامات وما يرافقها من أداء للصلوات التلمودية، شهد هذا الأسبوع تطورًا جديدًا، عبر إقدام عضو "الكنسيت" عن حزب "البيت اليهودي" بتسلال سموطريتس، بتقديم مشروع قانون ينص على السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، وقد وقع على مشروع القانون 5 من أعضاء "الكنيسيت"، اثنان عن حزب "البيت اليهودي" وثلاثة عن "حزب الليكود". وقد اعتبر مراقبون بأن الانتفاضة ستحول دون تطبيق مثل هذه القرارات، مع أن تكرار هذه المشاريع دليل على أن الأحزاب اليهودية متفقة حول قضية الأقصى ولو تفرقت في السياسة الإسرائيلية الداخلية.
محاولات التشريع القانوني في "الكنيسيت" لاقتحام الأقصى أو للسماح لليهود بالصلاة في أرجائه، تجري بالتزامن مع محاولات قضائية بالغة الخطورة من حيث التضييق على المقدسيين وحالات الإبعاد والسجن ورفع حدة الأحكام. ومن هذه المحاولات تقديم النيابة الإسرائيلية طلبًا من المحكمة الإسرائيلية تجريم "التكبير" داخل المسجد الأقصى، وهو تعدٍّ سافر على حقوق العبادة وأداء المسلمين لشعائرهم الدينية، وقد قدمت النيابة ذريعة "إثارة الشغب" في الأقصى لهذا الطلب، وقد شرح حقوقيون أبعاد هذا القرار بأن حالات الاعتقال السابقة على أثر التكبير لم يكن يعتبرها الاحتلال جرمًا، ويكتفي الاحتلال بالتحقيق أو الإبعاد أيامًا قليلة عن الأقصى، ولكن في حال نُفذ هذا الطلب سيصبح استهداف المرابطين وحراس الأقصى أكثر سهولة ويطبق الاحتلال في حقهم عقوبات جرمية.
التهويد الديمغرافي:
يشكل الاستيطان جزءًا مهمًا من مشروع الاحتلال منذ قيامه على أرض فلسطين، وبعد تسريبات الأسابيع الماضية التي تناولت تمويل المستوطنات، كُشف خلال هذا الأسبوع عن وثائق لوزارة البناء الإسرائيلية، تفيد أنه خلال في تشرين ثانٍ/نوفمبر من عام 2014 تم تحويل 3.6 مليون شيكل إلى "مخطط مدن"، لبناء 3200 وحدة سكنية في المنطقة E1، وبذلك يربط الاحتلال بين شرقي القدس المحتلة ومستوطنة "معاليه أدوميم". هذه الوثائق تأتي بعد إلغاء رئيس حكومة الاحتلال لخطط مشابهة بعد ضغوطات دولية، وكونها مررت بهذا الشكل فهو مؤشر جديد على الهجمة الاستيطانية الكبيرة التي يقودها الاحتلال، فقد كشفت هذه الوثائق بأن وزارة البناء وضعت بين الأعوام 2012 – 2015 خططًا جديدة لبناء 55 ألف وحدة سكنية، لتحويل مستوطنات صغيرة إلى "مدن" في العقود القادمة.
الانتفاضة:
تستمر انتفاضة القدس على الرغم من هجمة الاحتلال الكبيرة ومحاولاته احتواء الانتفاضة، ومن أبرز هذه العمليات خلال الأسبوع تلك التي حدثت الأربعاء 23/12 والتي أدت لمصرع مستوطنين في عملية طعن عند باب الخليل في القدس المحتلة، وراح ضحيتها شابان من مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة هما عيسى ياسين عساف (21 عامًا)، وعنان محمد أبو حبسة (21 عامًا). وفي يوم الأحد 27/12 أصيب جندي إٍسرائيلي في عملية طعن في المحطة المركزية في القدس المحتلة، فيما اعتقلت قوات الاحتلال المنفذ بعد إصابته بجراح خطيرة. وعلى الرغم من تعامل الاحتلال الوحشي مع هذه العمليات والاعتداء على الشهداء جسديًا بعد مفارقتهم الحياة، تظل العمليات الفردية تشكل حالة رعب للجنود والمستوطنين على حدٍ سواء.
هذا الرعب الكبير وعدم إدراك متى ومن سينفذ العمليات القادمة، ينعكس على الحالات النفسية التي أصيب بها الإسرائيليون خلال الانتفاضة، ففي إحصاء رسمي صادر عن "الرابطة الإسرائيلية لعلاج الصدمات النفسية"، أظهر أن 8 آلاف إسرائيلي بينهم 1500 في القدس وحدها، أصيبوا بالصدمة النفسية والخوف الشديد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، على خلفية الانتفاضة. كما أظهر بأنه مقابل كل قتيل أو مصاب في صفوف الاحتلال هناك 27 إصابة بالصدمة والهلع بحاجة للعلاج. ومن المفارقات بأن عددًا من هذه الإصابات وقعت بعد مشاهدة العمليات على التلفاز ولم يكن المصابون متواجدين في أماكن العمليات.
ولا يقف أثر الانتفاضة على حالة الرعب التي أحدثها في المجتمع الإسرائيلي ، بل تعدتها لواقع السياحة في الدولة العبرية بشكل عام والقدس بشكل أخص، ففي تقرير لصحيفة "معاريف" أشارت فيه لواقع العديد من المؤسسات السياحية الإسرائيلية والخسائر التي تتعرض لها بفعل الإقبال الضعيف وتراجع الحجوزات في الفنادق، وقد أشارت الصحيفة بأن التراجع بدأ مع شهر تشرين ثانٍ/نوفمبر، وبالنظر لأرقام الحجوزات أشار "اتحاد جمعيات الفنادق" في الدولة العبرية إلى أن الأزمة الحالية أخطر بكثير مما كان عليه الوضع خلال فترة العدوان على قطاع عزة. وهي من المؤشرات المهمة عن أثر الانتفاضة الاقتصادي والذي أشرنا إليه في قراءة سابقة عبر تسليط الضور على التراجع في سوق الأسهم الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة أن الاحتلال يحاول دعم هذه المؤسسات، فقد تم توقيع اتفاق بين بلدية الاحتلال في القدس ووزارة المالية وما يسمى بوزارة "شؤون القدس"، حول تقديم مساعدات مالية للجهات المتضررة من قطاع السياحة، ولكن هذه المبالغ لم يتم تحويلها بعد.