تجمّع الخان الأحمر شرق القدس في مواجهة التّهجير


تاريخ الإضافة الخميس 12 تموز 2018 - 5:52 م    عدد الزيارات 9271    التحميلات 1056    القسم أوراق بحثية

        


إعداد: براءة درزي

إصدار: قسم الأبحاث والمعلومات
مؤسسة القدس الدولية

12/8/2018

تجمّع الخان الأحمر شرق القدس في مواجهة التّهجير 

 

إلى الجنوب والشّرق من تجمّع الخان الأحمر البدوي تتمدّد مستوطنتا "كفار أدوميم" و"معاليه أدوميم" لتقدّما واحدًا من المشاهد التي أسّس لها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة: مستوطنات تشقّ قلب الضفة الغربية المحتلّة على أراضي الفلسطينيين، ثمّ تتوسّع على حساب الفلسطينيين وما تبقى من أراضيهم ضمن مخطّطات لتهجيرهم وتنفيذ مشروعات استيطانيّة كبرى تخدم المشروع الصّهيوني في فلسطين المحتلّة. 


تتلاحق التّطورات في الخان الأحمر كواحد من التّجمعات البدوية التي يستهدفها الاحتلال بالهدم والترحيل في الضفة الغربية المحتلة. ففي 4/7/2018، اقتحمت قوات الاحتلال تجمع الخان الأحمر بهدف هدمه، ثم أعلنت منطقة الخان الأحمر منطقة عسكرية مغلقة بعد الاعتداء على أهله الذين تصدوا لقوات الاحتلال وتظاهروا ضد قرار هدم التجمّع. 


وفي 8/7، عمدت قوات الاحتلال إلى تركيب بيوت متحرّكة (كرافانات) بالقرب من أبو ديس بعدما كان الجيش أعلن الخان الأحمر منطقة عسكرية مغلقة ومنع الدخول إليها . لكن في 9/7/2018، قرّرت المحكمة العليا تجميد قرار الهدم والترحيل بناء على التماس قدّمه محامو الأهالي مدعومًا بمستندات جديدة تثبت أن الأراضي التي أقيمت عليها القرى في مطلع خمسينيات القرن الماضي هي أراضٍ بملكية فلسطينية خاصة ومسجلة، أُجِّرت للسكان البدو، وليست أراضي عامّة؛ بالإضافة إلى أنّ إجلاء السكان يعدّ مخالفًا للقانون الدولي الذي يمنع التهجير القسري. وأمهلت المحكمة الحكومة حتى 16/7/2018 للردّ على الالتماس . وبالتزامن، فإنّ موظفي الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال أعلنوا عن استعدادهم لتنفيذ إضراب بدءًا من 15/7/2018 وذلك "بعد مماطلة وزارة المالية وتعاملهم مع الإدارة المدنية باستخفاف من دون أي جدية"، ولن يعملوا خلال الإضراب على تنفيذ قرار هدم الخان الأحمر .
 

ومع ذلك، جدّدت قوات الاحتلال اقتحامها الخان في 11/7/2018، وحاصرت المدرسة حيث يجتمع المعتصمون ضد القرار والمتضامنون معهم، واحتجزت عددًا من المعتصمين ومنعتهم من التّحرك. وتمنع قوات الاحتلال أهالي الخان من التجوّل ما بين الثامنة صباحًا والرابعة عصرًا يوميًا، فيما لم تتوقف آليات الاحتلال عن أعمال شقّ الطرق وغيرها من الإجراءات الممهدة لهدم التجمع منذ الأسبوع الماضي . وفي 12/7/2018، قررت المحكمة العليا استمرار تجميد أوامر هدم الخان الأحمر الفلسطينية لحين النظر بالالتماس المقدم ضدّ الهدم في 15/8/2018، إلى حين سماع الأطراف المعنية، أي حكومة الاحتلال وهيئة المحامين التي تمثل أهالي القرية .


وكانت المحكمة العليا للاحتلال صادقت في 24/5/2018 على قرار هدم الخان الأحمر، وقالت المحكمة في قرارها إنها لا تجد سببًا كي تتدخّل في قرار وزير الجيش لتنفيذ أوامر الهدم الصّادرة ضد الخان الأحمر، وقد بنيت القرية من دون ترخيص فيما سيُنقل السكّان إلى مكان آخر . وكانت حكومة الاحتلال أبلغت المحكمة العليا، في 24/9/2017، بأنّها سترحّل سكان الخان الأحمر بحلول منتصف عام 2018، وذلك في معرض نظر المحكمة في التماسين مقدّمين لها: واحد من المستوطنين في "معاليه أدوميم" يطالب بتنفيذ الهدم، وآخر من أهالي الخان اعتراضًا على القرار. وعلاوة على أنّ الاحتلال يعمد إلى التّهجير القسري بحقّ التجمعات البدوية في محيط القدس فإنّ المكان البديل الذي اقترحته الحكومة لتهجر إليه بدو الخان الأحمر يبعد حوالي 12 كم عن مكب النفايات في أبو ديس، التي تطرح لتكون عاصمة للفلسطينيّين. 


 
الخان الأحمر هو أحد التّجمّعات البدوية المستهدفة بالتهجير في المنطقة (ج) من الضفة الغربية المحتلة وهي تخضع لسيطرة الاحتلال الأمنية والإداريّة، ويقع شمال شرق القدس على بعد 15 كم منها. يؤوي التجمع 50 عائلة بدوية من عشيرة الجهالين، تضمّ حوالي 180 شخصًا. وقد استقرّ في الخان في عام 1953 فلسطينيون هجرهم جيش الاحتلال من النقب. والتّجمّع جزء من المنطقة المستهدفة بالمشروع الاستيطاني المعروف بـE1، الذي يهدف إلى ربط الكتل الاستيطانية في الضفة بالقدس المحتلّة، بالتّوازي مع فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. أقيم في الخان الأحمر مدرسة عام 2009 بدعم إيطالي، وهي تعرف بمدرسة الإطارات إذ إنها مبنية من الطوب والإطارات المطّاطية، وهي واحدة من 44 مدرسة مهدّدة بالهدم الكلّي أو الجزئي في الضفة الغربية. ويقصد المدرسة طلاب التجمعات البدوية الذين كانوا يضطرون إلى قطع مسافات بعيدة للوصول إلى مدارس الضفة. وفي ما عدا هذه المدرسة المبنية بأقل الإمكانات والتجهيزات فإن الخان يفتقر إلى الخدمات الأساسية كالطرقات والكهرباء ونظام الصرف الصّحي، وغيرها من الخدمات. ووفق جمعية "بتسيلم" الحقوقية فإنّ سلطات الاحتلال ترفض ربط التجمّع بشبكة الكهرباء والمياه والصّرف الصحي والطرق، وتمنع بناء المنازل والمباني العامّة، وتقلّص مساحات المراعي، بما يجبر أهل التّجمّع على مغادرته، طوعًا أو كرهًا .
 

يمتدّ مشروع E1 على مساحة تزيد على 12 ألف دونم من أراضي العيزرية وعناتا والطّور وأبو ديس، ويخطّط الاحتلال لإقامة 4000 وحدة استيطانية في المنطقة، و10 فنادق، ومناطق صناعية وتجاريّة. وكان إسحاق رابين، رئيس حكومة الاحتلال الأسبق من حزب العمل، هو من طرح المخطط عام 1994، وأقرّه عام 1997 إسحاق مردخاي، وزير جيش الاحتلال في ذلك الحين. وقد أيّدت كلّ حكومة من بعد رابين مخطّط E1 كمخطّط استراتيجي لدولة الاحتلال عبر ربط القدس بمستوطنة "معاليه أدوميم" وجوار البحر الميت، كجزء من حزام أمني من المستوطنات المحيطة بالقدس. وبالمقابل، تخشى دولة الاحتلال في حال عدم إحكامها السّيطرة على المنطقة من أن تواجَه بزحف فلسطيني من البناء على الجهة الشّرقية من القدس وتضعف سيطرتها على طريق القدس-أريحا الذي تنظر إليه كشريان حيوي يفيد في حال الحرب لنقل الجنود والعتاد باتجاه الشّرق والجنوب عبر غور الأردن . ومخطط E1 يدور في فلك خطة آلون (1967-وأدخلت عليها تعديلات لاحقًا) الهادفة إلى إعطاء دولة الاحتلال حدودًا آمنة وحسم مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 عبر ضمّ غور الأردن و"القدس الكبرى"، فيما أُخرجت غزة وجنين من الخطّة نتيجة عمليات المقاومة.   


ما بين محاكم الاحتلال وأحكامها، وسعي السلطات الإسرائيليّة إلى تهجير تجمّع الخان الأحمر يقف أهل الخان، ومعهم بعض المتضامنين، في وجه هذه المحاولات لمنع تنفيذها. وتمعن دولة الاحتلال في محاولة كسر الصّمود البدوي وفرط عقد التضامن مع أهالي الخان، بالاعتقالات وبمنع المتضامنين من الوصول إلى التجمّع. ويمكن القول إنّ الضغط الأوروبي قد يفلح في دفع المحكمة العليا إلى الحكم بتجميد قرار الهدم، وكذلك خوف الاحتلال من استمرار التّظاهرات في الخان الأحمر واكتسابها المزيد من الزخم، ما يجعل الأرضية خصبة لعودة العمليات خصوصًا في ظلّ اعتداءات الاحتلال المتصاعدة على المسجد الأقصى؛ وهذا قد يدفع الاحتلال إلى التّراجع قليلاً استعدادًا لجولة جديدة من المعركة.


 
 

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »